أَيَّامُ الْغَنَائِمْ حَلَّتْ 1/12/1445هـ
أَيَّامُ الْغَنَائِمْ حَلَّتْ 1/12/1445هـ
الحمدُ لله منَّ عَلَينَا بِمَوَاسِمِ الخَيرَاتِ، أَشْهَدُ ألاَّ إلَهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاسِعُ العَطايا وَجَزِيلُ الهِبَاتِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ سَبَّاقٌ لِلْخَيرَاتِ, صلَّى الله وسلَّمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ والتَّابِعينَ لهم بإحسانٍ إلى يوم الْمَمَاتِ. أمَّا بعدُ: فَاتَّقوا اللهَ يا مؤمنونَ، فمن اتَّقى اللهَ وَقَاهُ وحَفِظهُ ورَعَاهُ, وأَكرَمَ مَنزِلَهُ ومَثواهُ. عبادَ اللهِ: الْمُسلِمُ بِحمدِ اللهِ يَعيشُ مُباركَاً أَينَما حَلَّ, وفي أيِّ زَمَنٍ كَانَ! وَأَعْظَمُ عَمَلٍ تُقُومُ بِهِ طَاعَةُ اللهِ تَعالى، إذِ الطَّاعةُ برَكَةٌ وخَيرٌ ونَمَاءٌ، كَمَا قَالَ الْمَولَى: (مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا). فَالصَّلاةُ طُهْرَةٌ مِن الذُّنُوبِ، والصُّومُ طُهْرةٌ مِنْ الآثَامِ، والصَّدَقَةُ تُطفِئُ الخطيئةَ، ومَنْ حجَّ فلمْ يَرفثْ ولم يَفسُقْ رَجَعَ من ذُنوبِه كَيومَ وَلَدتُهُ أمُّهُ. اللهُ أكبرُ يَا مُؤمِنُونَ أيُّ فضلٍ هذا؟ وأيُّ إكرامٍ من الله لنا ؟ فَالحَمْدُ للهِ على نِعمَةِ الإسلامِ والإيمانِ والعملِ الصَّالِحِ! عِبَادَ اللهِ: أَيَّامٌ وَنُودِّعُ حُجَّاجَنَا الأَكَارِمَ, فَنَقُولُ لَهُمْ: نَستَودِعُ الله دِينَكم وأَمَانَاتِكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعمَالِكم, وَزَوَّدَكُمُ اللهُ التَّقْوى وَغَفَر ذُنُوبَكُمْ وَيَسَّرَ لَكُمُ الْخَيرَ حَيثُ ما كُنْتُمْ. وإنَّا مَعاشِرَ الحُجَّاجِ لَنَغْبِطُكُمْ أَنِ اصْطَفَاكُمُ اللهُ لِحَجِّ هَذَا العَامِ فَقَدْ جَاهَدتُمْ وَبَادَرْتُمْ رَغْمَ كُلِّ التَّكَالِيفِ الْمَالِيَّةِ إلَّا أَنَّكُمْ كُنْتُمْ سَبَّاقِينَ لِلخَيرِ, حَرِيصِينَ لأَدَاءِ رُكْنِ الْحَجِّ, حَقًّا: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). وَنُبَشِّرُكُم بِقَولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ: «الحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ». فاحْرِصْ أيُّها الحاجُّ الكريمُ: أنْ يكونَ حَجُّكَ كذلكَ بِأَنْ تَبتغِيَ بِهِ وَجْهَ اللهِ تَعَالى وَالدَّارَ الآخِرَةَ قُل عِنْدَ إحْرَامِكَ: «اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةً». احْرِص على إتباع سُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ الْمَنَاسِكِ فقد كانَ يُؤدِّيَ الْمَنَاسِكَ ويقولُ: «خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ». أَكْثِرُوا أيُّهَا الحُجَّاجُ: مِن ذِكْرِ اللهِ تَعَالى وَمِنَ التَّكبِيرِ والتَّلبِيَةِ, فَقَدْ قَالَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَجُّ». والعَجُّ: رفعُ الصَّوتِ بالتلبيةِ. والثَّجُّ: إرَاقَةُ دَمِ الهَدْي والنُّسُكِ. وَتَعلَّموا أَحكَامَ الحَجِّ حتى تَعبُدُوا اللهَ على عِلمٍ وَبَصِيرَةٍ. أَيُّهَا الحَآجُّ الْمُبَارَكُ: ابْتَعِدْ عَن الآثَامِ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ, وَتَحَلَّ بِالصَّبرِ الجَمِيلِ وَأَحسِنْ إلى عِبَادِ اللهِ بِكُلِّ مَا تَسْتَطِيعُ تَعلِيمَاً وإرشادَاً وإطعَامَاً وإيواءً, فَقَدْ سُئلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: مَا بِرُّ الحَجِّ؟ قَالَ: «إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإفْشَاءُ السَّلامِ وَطِيبُ الْكَلاَمِ». نَسْأَلُ اللهَ لَكُمُ الْقَبُولَ والتَّيْسِيرَ وَأَنْ تَرْجِعُوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ.
يا مؤمنون: لقد دَخَلَتْ علينَا أفضلُ أيَّامِ العَامِ على الإطلاق! فهل نتَّخِذُ مِنْها مَيدَانَاً لِلتَّنافُسِ؟ أَم تَمُرُّ عَلينا مَرَّ السَّحَابِ؟ إخْوَاني: يَومُنَا أَوَّلُ أَيَّامِ عَشْرِنَا فَجِدُّوا وَشَمِّرُوا: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ). عشرٌ كَثيرَةُ الحَسَنَاتِ عَالِيةُ الدَّرجاتِ مُتنوِّعَةُ الطَّاعَاتِ، فَضَائِلُها لا تُحصى! كَفَاها شَرَفَاً أنَّ اللهَ أَقسَمَ بها فَقَالَ: (وَالْفَجْر*وَلَيَالٍ عَشْرٍ). واللهُ تعالى لا يُقسِمُ إلاَّ بِأَعظَمِ مَخلُوقَاتِه! إنَّها عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ. فَوَقْتُهَا قَصِيرٌ لا يَحْتَمِلُ التَّسْوِيفَ وَلا التَّقْصِيرَ, كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَنْهَا غَافِلُونَ, فَكَانَ جَزَاءُ العَمَلِ الصَّالِحِ فِي وَقْتِ غَفْلَةِ النَّاسِ أَعْظَمُ أَجْرَاً! فِيهَا أَكْمَلَ اللهُ لَنَا الدِّينَ، وَأَنْزَلَ بِشَارِتَهُ لِلمؤمِنينَ فَقَالَ: (ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِينًا). حتى حَسَدَنَا اليَهُودُ عَلى هَذا الكَمَالِ والتَّمَامِ.
عبادَ اللهِ: ومن تَمَامِ النِّعمَةِ فِيهَا: مَنعُ الكُفَّارِ مِن دُخُولِ الحَرَمِ، فَتَوَّحَدَت بِذلِكَ صُفوفُ الْمُسْلِمِينَ وأَصبَحوا جَسَداً واحداً، ظَاهِرِينَ مُتَّحِدِينَ, وَأَهْلَ الكُفرِ أَحْزَابَاً مُتَفَرِّقينَ. ومن تَمَامِ النِّعمَةِ في عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أَنْ دَخَلَ النَّاسُ في دِينِ الله أَفواجَاً. فِيهَا تَجتَمِعُ أُمَّهاتُ العِبادَاتِ! صَلَوَاتٌ وَصَدَقَاتٌ، وَصَومُ تَطوُّعٍ، وَحَجٌّ لِلبَيتِ الحَرَامِ! فيها الذِّكرُ والتَّلبيةُ, والتَّكبيرُ والدُّعاءُ، فيها التَّقرُّبُ إلى اللهِ بِذَبْحِ الأَضَاحِي! وهذا شرفٌ لَها ولا يَتَأَتَّى في غِيرِها.و َمِنْ فَضَائِلِهَا أَنَّها أَفْضَلُ أيَّامِ الدُّنْيا عَلى الإطلاقِ، كمَا وَصَفَها الْمُصطَفى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حِينَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ». يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: «وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ». وَقَالَ :«مَا مِن عَمَلٍ أَزْكَى عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ ولا أَعْظَمَ أَجْرَاً مِن خَيرٍ يُعمَلُهُ في عَشْرِ الأَضْحَى». فِيها يَومُ عَرَفةَ وَكَفى, وَفِيهَا يَومُ النَّحْرِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: « إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللهِ تَعَالَى يَومُ النَّحرِ». فاللهم أعنَّا جميعاً على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسنِ عبادتك , أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنِّه هو الغفورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية/ الحمدُ للهِ على إحْسَانِهِ، وَالشُّكرُ لَهُ على تَوفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، أَشْهَدُ ألاَّ إله إلا الله وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةَ مُسْتَيقِنٍ بِهَا فِي جَنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ نَبِيِّنَا مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ بَلَّغَ الوَحْيَينِ سُنَّتِهِ وَقُرْآنِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ، وَعلى آلِهِ وأَصحَابِه وأَتبَاعِهِ أَمَّا بعدُ: فاتَّقُوا اللَّهَ ربَّكم ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ, وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ، وَحُجُّوا بيتَ رَبِّكُم, وصِلُوا أرحَامَكُم, تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ.
عِبَادَ اللهِ: أَحُثُّ نَفْسِي وَإخْوَانِي على الْمُسابَقَةِ فِي أَيَّمِنَا هَذِهِ لِلخَيرَاتِ, والْمُنافَسَةِ على الطَّاعاتِ. عَظِّمُوهَا فَهِيَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ). عَظِّمُوهَا فَهِيَ الأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ! اسْتَقْبِلُوهَا بِالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). كَفَى أَيُّها الْمُقَصِّرُونَ فِي الصَّلواتِ فَإنَّ وَرَائَكُمْ غَيَّا! احذروا يامن تَتَعَامَلُونَ بالدِّيونِ والْمُدَايناتِ وتَحتالونَ على ربٍّ يَعْلَمُ الخَفِيَّاتِ:(فَأَيُّما لَحمٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ فالنَّارُ أَولى بِهِ)! تَبَصَّروا يا مَنْ غَرقتُم في مُتابَعَةِ الْمَقاطِعِ الشَّائِنَةِ والقَنَواتِ الهَابِطَةِ فاللهُ مُطَّلِعٌ بِحالِكم!(سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ).
أيُّها الْمُسْلِمُ: كُلَّما أَذْنَبْتَ فَتُبْ, وَكُلَّمَا قَصَّرْتَ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ تَجِدِ اللهَ غَفُورَاً رَحِيمَاً. يَا مُسْلِمُ: أدِّ مَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيكَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ يَقُولُ اللهُ تَعَالى: «وَمَا تَقَرَّبَ إليَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبُّ إليَّ مِمَّا افْتَرضْتُهُ عَلَيهِ». أَكْثِروا فِي أيَّامِ العَشْرِ مِن النَّوافِلِ فَقَدْ بَشَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنَّ اللهَ تَعَالى يَقُولُ: «وما يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتى أُحبَّهُ». أكثروا فيها من ذِكرِ اللهِ وَمِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكبِيرِ والتَّحْمِيدِ وَقِرَاءَةِ القُرَآنِ وَكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ، فَقَدْ قَالَ فِيهَا: «فَأكثِرُوا فِيهنَّ من والتَّهليلِ والتَّكبِيرِ والتَّسْبِيحِ». قُولوا: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.أَحيُوهَا في بُيُوتِكُمْ, وَمِسِاجِدِكُمْ, وَطرُقَاتِكُمْ, وَمَكَانِ عَملِكُمْ! يا مُؤمنونَ: يُسنُّ في أيَّامِنا هَذِهِ الإكثارُ من الصِّيامِ, فقد كَانَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ. عبادَ اللهِ: وَمِن أَفْضَلِ أَعمَالِها التَّقرُّبُ إلى اللهِ بِذَبْحِ الأَضَاحِي، وَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِيَ أَنَّهُ لا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلا بَشَرَتِهِ شَيئَاً مِنْ حِينِ دُخُولِ العَشْرِ. وبَعضُ إخوانِنا صارَ يُكثرُ من السُّؤالِ هَلْ الأَخْذُ مِن الشَّعْرِ أو الأَظَافِرِ مُحرَّمٌ أو هُوَ مُجَرَّدُ سنَّةٍ فَقَط؟ وهل مَنْ أَخَذَ يَنقُصُ مِن أَجْرِ أُضْحِيَتِهِ أَمْ لا؟ فَقَبْلَ الإجَابَةِ: الوَاجِبُ عَليكَ أنْ تُعظِّمَ أَمْرَ اللهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ في نَفْسِكَ واعتِقادِكَ وعَمَلِكَ وَأَنْ تَقولَ: (سَمِعنَا وَأَطَعْنَا آمَنَّا بهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا). لأنَّكَ قَدْ تَسْمَعُ مَنْ يُهَّوِّنُ مِنْ شَأْنِ الأَخْذِ! فَأَنْتَ مُطالَبٌ أَنْ تُعَظِّمَ اللهَ أوَّلاً. وَأنْ تَصْدُرَ عَمَّنْ تَثِقُ بِعلِمِهِ ودِينِهِ.قَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ رحمهُ اللهُ: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ هَلْ النَّهْيٌ عَن أَخْذِ شَيءٍ مِنْ الشَّعْرِ أو الظُّفُرِ لِمَن أَرَادَ أَنْ يُضَحِي هَلِ النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ أَوْ لِلتَّحْرِيمِ؟ وَالأَصَحُ أَنَّه لِلتَّحْرِيم؛ لأنَّهُ الأصلُ في النَّهي ولا دَلِيلَ يَصرِفُهُ عنه، وَمَنْ أَخَذَ بِدُونِ عُذْرٍ فَقد خَالَفَ أَمْرَ النَّبَيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بالإمساكِ, وَوَقَعَ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الأَخْذِ، فَعَلَيهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللهَ وَيَتُوبَ إِليهِ وَلا يَعُودَ. انتهى كلامُهُ. أيُّها الكرامُ: ولا علاقَةَ بينَ صِحَّةِ الأضحيةِ وَأَجْرِها وَبينَ الأَخْذِ مِن الشَّعْرِ أو الظُّفُرِ مِنْ عَدَمِهِ, فالْمَنعُ مِن الأَخْذِ مَسأَلَةٌ تَعَبُدِيَّةٌ! وَعَلى الْمُسلِمِ السَّمعُ وَالطَّاعَةُ, أَلا فاتَّقُوا اللهَ رَبَّكم، واستَعِدُّوا لِعَشرِكُم، بِما تَجِدُوهُ ذُخرَاً لَكُم؛ فَإنَّ مَشَقَّةَ العَملِ الصَّالِحِ تَزُولُ وَيبقى الأَجرُ، ولَذَّةَ الْمَعاصي تَزولُ وَيبقَى الوِزْرُ! فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم اجعلنا ممن يستمعُ القولَ فيتبعُ أحسنَه، اللهم سهِّل على الحُجَّاجِ حَجَّهم, وَيَسِّر لهم أمورَهم, وَوَفِّقْ وُلاتَنا لِما تُحبُّ وترضى, وأعنهم على البر والعدلِ والتقوى, وَاجْزِهِمْ خَيرًا على خِدْمَةِ الإسْلامِ والمسْلِمينَ. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله: اذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.