الإسلامُ والسَّلامُ 2/6/1445هـ
الإسلامُ والسَّلامُ 2/6/1445هـ
الحمدُ للهِ؛ هُوَ السَّلَامُ وَمِنْهُ السَّلَامُ، أَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ الْمَلِكُ العَلاَّمُ، وَأَشهدُ أَنَّ مَحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ نَبِيُّ الهُدى والسَّلامِ، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِه الكِرَامِ، والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ على الدَّوَامِ. أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يَا مُؤمِنُونَ, وخُذُوا بِمَا يَنشُر الْمَوَدَّةَ وَالوِئَامَ, تَدخُلوا الجنَّة بِسَلامٍ!
عبادَ اللهِ: حَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، أي خَرَجُوا لانْتِظَارِهِ, فَجِئْتُ فِي النَّاسِ، لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ، عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».
اللهُ أَكْبَرُ عبادَ اللهِ: لقد أمرَنا الله بالسَّلام فَقَالَ سُبْحَانَهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً . بَلْ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ حَقًّا من حُقُوقِ الْمُسلِمِ عليكَ فَقالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» ومنها: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ».
عِبَادَ اللهِ: إفْشَاءُ السَّلامِ تَحِيَّةُ أَهْلِ الإسلام، وَتَحيَّةُ الْملائِكَةِ الكرامِ, تَحيَّةُ أهلِ الجنةِ يومَ يَلقَون رَبَّهم سَلامٌ. فَلتَفْخَروا يا مُسْلِمُونَ بِهذهِ الشَّعِيرَةِ العَظيمةِ، ولْتَعتَزُّوا بِها، وَلْتَنْشُرُوهَا فَإنَّ اليَهُودَ يَحْسُدُونَنَا عليهِ! فَعَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا حَسَدَكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدُوكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ». يَكفِي لَنَا فَخرَاً أنَّ السَّلامَ من أسمَاءِ اللهِ تعالى! كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَضَعَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».
عبادَ اللهِ: والسَّلامُ أَمنٌ وأَمَانٌ, ودُعاءٌ بالرَّحمَةِ والرِّضوانِ، ولهذا كانَ إفْشَاؤُهُ مَشروعًا على الصَّغيرِ والكَبِيرِ, والغنِيِّ والفَقِيرِ, وَالعَرَبيِّ وَالأَعْجَميِّ, سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ, أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ، عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».
فَيَا مُؤمنونَ: أَفشُوا السَّلامَ بَينَكُم! فعن ابْنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَكُونُوا إِخْوَانًا، كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». وقالَ: «أَفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا، وَالْأَشَرَةُ شَرُّ» يعني الكِبْرُ والغُرُورُ شَرٌّ! وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أيضًا: «أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ تَحَابُّوا». والْمُلاحَظُ يَا رَعَاكُمُ اللهُ أَنَّ الْبَعْضَ انْشَغَلَ بِالجَوالِ عَن السلامِ, أَو صَار يَقْتَصِرُ بِالسَّلامِ عَلى مَعَارِفِهِ. وَدِينُ اللهِ أَمَرَنَا بِنَشْرِهِ بَينَ أَوسَاطِ الْمُجْتَمَعِ! فَكُنْ يَا عَبْدَ اللهِ مَصْدَرَ أَمَانٍ وَسَلامٍ, وَمَودَّةٍ وَرَحْمَةٍ وَبَرَكَةٍ, وسَبَبًا لِكَسْبِ الْحَسَنَاتِ والدَّرَجَاتٍ! فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَنَسِ بنِ مَالِكٍ :«يَا بُنَيَّ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلَّمَ، يَكُونْ بَرَكَةً عَلَيْكَ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ». وَقَدْ كَانَ مِنْ هَدْي نَبِيَّنَا أنَّه إذا دَخَلَ بَيتَهُ ابْتَدَأَ أَهْلَهُ بِالسَّلامِ.
أيُّها الكِرامُ: إفْشَاءُ السَّلامِ مِفتَاحُ القُلُوبِ، ومُزِيلُ الضَّغائِنِ والإِحَنِ, وَإذَا أَرَدَّتَ طَرِيقَ الجَنَّةِ فعليكَ بكَثرَةِ السِّلامِ, والبشَاشَةِ في الوُجُوهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».
أَخي الكَرِيمِ: احْذَر أَنْ تَكُونَ بَخِيلاً بالسَّلامِ! فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ، وَالْمَغْبُونُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ، وَإِنْ حَالَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَخِيكَ شَجَرَةٌ، فَاسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ فَافْعَلْ».
عبادَ اللهِ: ومن آدابِ السَّلامِ وَسُنَنِهِ أنْ يُسَّلِّمَ الرَّاكبُ على الْمَاشي، وَالْمَاشِيَ على القَاعِدِ، والصَّغيرُ على الكبيرِ، والقليلُ على الكثيرِ؛ وأنْ يَكُونَ بِصَوتٍ مَسمُوعٍ, ولا يَكتَفِي بالإشارَةِ باليدِ أو الرَّأسِ فقط، إلَّا إذا كانَ بَعيدًا عنهُ فإنَّهُ يُسَلِّمُ بِلسَانِهِ وَيُشيرُ بِيَدِهِ اليمنى.
عبادَ اللهِ: ومن الآدابِ, السَّلامُ حينَ دُخُولِكَ الْمَجلِسَ وعندَ مُفَارَقِتِه, فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ، فَلْيُسَلِّمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ، فَلْيُسَلِّمْ، فَلَيْست الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْآخِرَةِ". فاللهم وَفِّقنَا لِفِعلِ الخَيراتِ, واكفِنَا شَرَّ أَنفُسِنَا والشَّيطَانِ والنَّزَغَاتِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . أَقُولُ مَا سَمِعتمْ وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُم وَلِلمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍّ فاستغفرُوهُ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ؛ هُوَ السَّلَامُ وَمِنْهُ السَّلَامُ، أَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ الْمَلِكُ العَلاَّمُ، وَأَشهدُ أَنَّ مَحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ نَبِيُّ الهُدى والسَّلامِ، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِه الكِرَامِ، والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ على الدَّوَامِ. أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوا رَبَّكُمْ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى.
أَيُّها الْمُسلِمُونَ: وَمِنْ أسْمَاءِ اللهِ العِظَامِ السَّلامُ , الدَّالُ عَلى تَنْزِيهِ الرَّبِّ وَبَرَاءَتِه مِن كُلِّ عَيبٍ. قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ). فَمِنْهُ سُبْحَانَهُ كُلُّ سَلامٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ هَديِ نَّبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمِ أَنَّهُ يُحقِّقُ هَذا الاسْمَ بِعْدَ كُلِّ صَلاةٍ مَفْرُوضَةٍ فَيَسْتَغْفِرُ اللهَ ثَلاثًا، ثُمَّ يَقُولُ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رواه مسلم. ولأَنَّهُ سُبْحَانَهُ السَّلامُ وَمِنْهُ كُلُّ سَلامَةٍ فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمِ: «لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ» رواه البخاري.
عِبَادَ اللهِ: وَلِفَضِيلَةِ السَّلامِ فَقَدْ سَلَّمَ اللهُ جَلَ وَعَلا كَما سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَليهِ السَّلامُ عَلَى أُمِّنا خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ حِيَن قَالَ جِبْرِيلُ: «يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ». متفق عليه. وَفي البُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ علَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يا عَائِشَةُ هذا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ، فَقالَتْ: وَعَلَيهِ السَّلَامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُسَلِّمُونَ: احْرِصُوا عَلى السَّلامِ بالَّلفظِ الوَارِدِ في السُّنَّةِ، بِأنْ تَقُولَ: السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ, وَعَدَمُ الزِّيَادَةِ أو النُّقصَانِ، أو الاستِبدَالِ بِألفَاظٍ مُحْدَثَةٍ! فَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ صَلَّى اللهُ علَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " عَشْرٌ". ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: " عِشْرُونَ". ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ صَلَّى اللهُ علَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثُونَ". يعني ثَلاثُونَ حَسَنَةً.
أيُّها الكِرامُ: أُنْشُرُوا السَّلَامَ بَينَ النَّاسِ وَسَلِّمُوا على الشَّبابِ والصِّبيانِ والعُمَّالِ, ولا تُهمِلُوا أَحَدًا فَسَلامُكُمْ سَيُؤَثِّرُ فيهم ولو بعدَ حينٍ! فقد كانَ ذلِكَ من هَديِ نَبِيِّنَا ,رَحمَةً بِهم, وَتَربيَةً لهم!
أيُّها الْمُؤمِنُونَ: أمَّا الكُفَّارُ فَتَحرُمُ بَداءَتُهم بالسَّلامِ، فَإنْ سَلَّموا علينا قُلنا لهم: وَعَلَيكُمْ، لِقَولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ علَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبْدَؤوا اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ». وقَالَ صَلَّى اللهُ علَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ». وَلا يَعْنِي ذَلِكَ الإسَاءَةَ لِلْكَافِرِ كَلاَّ فَنَحْنُ مَأمُورُونَ بِحُسْنِ التَّعَامُلِ مَعَ كُلِّ النَّاسِ. عِبَادَ اللهِ: ابتدَاءُ السَّلامِ عَلى الْمُسْلِمِ سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ والْمُسَلَّمُ عليهِ مَأْمُورٌ أنْ يُجِيبَ جَهرًا بِتَحيةٍ أَحْسَنَ مِنها أَوْ مِثلِهَا, كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً . أَيُّهَا الْمُؤمِنُ: أَمَا عَلِمتَ: أنَّ السَّلامَ وَالْمُصَافَحَةَ سَبَبَانِ لِمغفِرَةِ الذُّنُوبِ, وَحَتِّ الخَطايا كَمَا قَالَهُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ علَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ، إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا».
أَيُّهَا الأَخُ الْمُؤمِنُ: فِي اتِّبَاعِ تَعَالِيمِ الدَّينِ, السَّلامَةُ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ :(وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى). وَمَنْ أَرَادَ الأَمْنَ وَالسَّلامَ فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمُجْتَمَعِهِ فَعَلَيهِ بِدِينِ الإسْلامِ؛ كَمَا قَالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (. اللَّهُمَّ اهدنِا لأحسنِ الأخلاقِ والأقوالِ والأعمالِ لا يهدي لأحسَنِها إلا أنت, واصرف عنَّا سيئَها لا يَصرِفُ عنَّا سيئَها إلا أنت. اللَّهُمَّ زيِّنا بزينة التقوى والإيمان, رَبَّنَا أَعِنْ إخوَانَنَا في فِلَسْطِينَ ولا تُعِنْ عَلَيهم، وانصُرهم ولا تَنْصُرْ عَلَيهم، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الصَّهَايِنَةَ وجُنْدَهم، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ، وَانْصُر إخوانَنَا في فِلَسْطِينَ عَلَيْهِمْ. اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ. اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ والرَّخاءِ والاستقرارِ, وَوَفِّقْ وُلاتَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى, وَأعِنْهُمْ عَلى البِرِّ والتَّقوى. وانصر جُنُودَنَا واحفظْ حُدُودَنَا ياربَّ العَالَمِينَ, اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عَبْدِكَ وَنَبيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعينَ: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .