خَطَرُ الهَدر الغِذَائي! وَفَاةٌ أَمْ مَولِدٌ؟ 14/3/1445هـ
خَطَرُ الهَدر الغِذَائي! وَفَاةٌ أَمْ مَولِدٌ؟ 14/3/1445هـ
الحمدُ للهِ, وَأَشْهَدُ ألَّا الهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ, وَأَشهَدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَواتُ رَبِّي وسلامُهُ عَليهِ وَعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ.أمَّا بعدُ.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).مَعَاشِرَ الْمُؤمِنينَ:الحَدِيثُ عن رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَأسِرُ القُلُوبَ وَيُقَوِّيَ العزائمَ!فَمَولِدُه نُورٌ,وَهِجْرَتُهُ عِزٌّ لِلإسلامِ,وَفي وَفَاتِهِ اكْتِمَالٌ لِبَدْرِ الإسلامِ وَعَزَاءٌ لِلأَنَامِ!أَلا تَعْلَمُونَ: أنَّ تلكَ الأَحدَاثِ حَدَثَتْ في مثلِ شهرِكُمْ هذا؟أيُّها الْمُحبِّونَ للهِ ولِرَسُولِهِ كَثِيرٌ مِنْ الرِّوَايَاتِ تَقُولُ:أنَّهُ وُلِدَ في شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.وَحَقِيقَةُ الأمْرِ لَمْ يَثْبُتْ لِمًولِدِهْ تَأْرِيخٌ مُعَيَّنٌ لأنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَهْتَمُّوا بِتَأرِيخِ مَولِدِهْ,بَل بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ!فَقَدْ جَاءَ اللهُ بِرَسُولٍ نَقَّى الأُمَّةَ مِن الشَّرْكِ والضَّلالِ!كَمَا قَالَ:(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ). فالكونُ أَشرَقَ والفَضَاءُ تَعَطَّرَا والأُفقُ ظَلَّلَهُ السُّرورُ فَهل تَرَى؟ عِبَادَ اللهِ: وَالحَقِيقَةُ الثَابِتَةُ أَنَّ وَفَاتَهُ كَانَتْ في يَومِ الاثْنَينِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ لِلهِجْرَةِ الْنَّبَوِيِّةِ.فَحِينَ أَنزَلَ اللهُ عليهِ:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ).شَمَّرَ ثَلاثًا وعِشريِنَ عامًا بِكُلِّ عَزمٍ!لاقَى فِيها الْمَتَاعِبَ والْمَشَاقَّ, فَشَاءَ اللهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ أنْ يَجمَعَ الْمُسلِمينَ بَينَ يَدَيهِ على صَعِيدِ عَرَفَاتَ,فَأَلْقَى عليهم نَظرَةً أَخِيرَةً بعدَ ما أَنزَلَ اللهُ قولَهُ:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا).حينَها بَكى ابنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه وَقَالَ:(واللهِ لَيسَ بَعدَ الكَمَالِ إلَّا النُّقصَانُ) .لأَنَّ الْمُصْطَفَى كَانَ يُرَدِّدُ على الحُجَّاجِ: «لِتَأْخُذُوا عنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لاَ أَدْرِى لَعَلِّى لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ,لِعَلِّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا».مَعَاشِرَ الْمُؤمنينَ:الحَدِيثُ عن وَفَاةِ نَبِيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ عِظَاتٌ وعِبَرٌ، وتَثْبِيتٌ على الطَّرِيقِ الأَقْوَمِ!ألَمْ تَعْلَمُوا:أنَّهُ بِمُجَرَّدِ نَبَأِ وفاتِهِ خَرَجَ أُنَاسٌ عن الدِّينِ!وطَمِعَ الشَّيطانُ في القَومِ!فَنَتَعَلَّمُ قَولَ اللهِ حَقًّا:(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ).وَقَولَ نَبِيِّنَا صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى».عِبَادَ اللهِ:لَقَدْ عَادَ نَبِيُّنَا صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ إلى الْمَدِينَةِ النَّبَويَّةِ، وَقَدْ أَخَذَهُ وَجَعٌ فِي رَأْسِه وحَرَارَةٌ اشتَدَّتْ عليهِ! فَثَقُلَ بِه الْمَرَضُ فَانْتَقَلَ إلى بيتِ عائشةَ رَضِي اللهُ عنها فَمَكَثَ عِنْدَها, وفي يَومٍ وَجَدَ نَشَاطًا فَخَرَجَ إلى النَّاسِ فصلَّى بهم وَخَطَبَهُم وَقَالَ:«عَبْدٌ خَيَّرَهُ الله بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ».فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا,فَقَالَ لهُ رَسُولُ الله:لا تَبْكِ يا أَبَا بَكْرٍ:«إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً».وَأَمَرَهُ أنْ يُصلِّيَ بالنَّاس!ثمَّ اشتَدَّ بِهِ الوجعُ, فَكَانَ كُلَّما أفاقَ قالَ:(هَلْ صَلَّى النَّاسُ؟ هَلْ صَلَّى النَّاسُ؟).وفي فجرِ الاثنينِ من شهرِنَا هذَا والصَّحَابَةُ قَدْ اصطفُّوا خلفَ أبي بكرٍ يُصَلُّونَ إذْ رَفَعَ رَسُولُ اللهِ السِّترَ عن غُرفتِهِ وبَرَزَ للنَّاسِ فَكَادُوا يُفتَنُونَ عن صَلاتِهِم فَتَبَسَّم فَرِحًا وعادَ إلى مَنزلِهِ,وَفي الضُّحى جاءَتُهُ سَكَرَاتُ الْمَوتِ فَكانَ يُدخِلُ يَديهِ في الإناءِ ويُرَدِّدُ:(اللَّهُمَّ أَعنِّي على سَكَرَاتِ الْمَوتِ) ويقَولُ:«لَعْنَةُ الله عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ لا يجتمعُ دِينَانِ بِأَرْضِ العَربِ».(لا إلَهَ إلَّا اللهُ إنَّ لِلمَوتِ لَسَكرَاتٌ،بَلِ الرَّفِيقُ الأَعْلَى،مَعَ الذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.الصَّلاةَ الصَّلاةَ وما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم) حتى جَعَلَ يُلَجْلِجُها في صَدْرِه وما يَفِيضُ بِهَا لِسَانُه.فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله!قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:يَا أَبَتَاهُ،أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ!يَا أَبتَاهُ!جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأْوَاهُ!يَا أَبَتَاهُ,إِلَى جبْريلَ نَنْعَاهُ!وَعَائِشَةُ تَبْكِي وَتَخرُجُ وهيَ تَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ،مَاتَ خَيرُ خَلقِ اللهِ.عِبَادَ اللهِ:لَقَدْ أَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ على أهلِها,حتى جاءَ أبو بكرٍ فَدَخَلَ على رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسَجًّى فَكَشَفَ عن وجْهِهِ وأَكَبَّ يُقَبِّلُهُ ويَبْكِي ويقولُ:بِأَبي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ, إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ رَاجِعُونَ طِبْتَ حيًّا و ميِّتًا فَصَعَدَ الْمِنبرَ, فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عليه وقَالَ مَنْ كَانَ يَعبُدُ مُحمَّدًا فَإنَّ مُحمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعبُدُ اللهَ فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يَمُوتُ ثُمَّ قَرَأَ:(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئًا وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ). فَبَدَأَ النَّاسُ يُرَدِّدُونَها وكأنَّهم لمْ يَقْرَؤُهَا مِنْ قَبلُ!ورَاحُوا بِحُزنٍ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيهُم وَقَد وَهَنَت منهم ظُهُورٌ وَأَعضُدُ
وَهَلْ عَدَلَتْ يَومًا رَزِيَّةُ هَالِكٍ رَزِيةَ يَومٍ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ. لَقَد غَسَّلُوا رَسُولَ اللهِ وَعَليهِ ثِيَابُهُ, فَصاروا يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوقَ القَمِيصِ وَيَدلِكونَهُ!وَيُصَلِّيَ عليه الرِّجالُ والنِّساءُ والصبيانُ دُونَ أنْ يَؤُمَّهُم أَحَدٌ.لقد تُوفِيَ رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عن ثلاثٍ وستينَ سَنَةً قَضَاها في الدَّعوةِ والإصلاحِ, وَتَرَكَنَا على مَحَجَّةٍ بَيضَاءَ, لا يَزِيغُ عنها إلاَّ أَهْلُ الضَّلالِ والأهواءِ,
فَيا مُؤمِنُونَ:ما بَالنا لا نَتَّعِظُ بِموتِ إمامِ الْمُتَّقينَ فَلَعَلَّنَا نَظُنُّ أَنَّنا مُخلَّدونَ!لَقد كَانَ حَرِيصَاً علينا عَقِيدَةً وعِبَادَةً,وسُلُوكاً وَمَنْهَجَاً,فَمَا أصْدَقَهُ وأَنْصَحَهُ!حقَّاً:(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).مَعَاشِرَ الشَّبابِ:أَلَمْ تُدْرِكُوا حِرْصَ الرَّسولِ الأكْرَمِ على إقامةِ الصَّلاةِ والوصيَّةِ بها؟يَجودُ بِنَفْسِهِ وأَنْفَاسُهُ تُرَدِّدُ لَكُمْ:(الصَّلاةَ الصَّلاة).فَمَا بَالُ كَثِيرٍ مِن شَبَابِنا وَعُمَّالِنا عن صلاتِهم ساهونَ؟ألا يَظُنُّ أولئكَ أنَّهم مَبعُوثُون!ليومِ عَظيمٍ يومَ يَقومُ النَّاس لِرَبِّ العَالَمِينَ!أيُّها الْمُؤمِنُونَ:في وفاةِ نبيِّنَا تَسْلِيَةٌ لِكُلِّ مَكْرُوبٍ! فمن أُصيبَ بِمُصِيبةٍ فَلْيَذكُرْ مُصَابَ الأُمَّةِ بِرَسُولِها فإنَّها تَخِفُّ عليه كُلُّ الْمَصَائِبِ.عبادَ اللهِ:حَقِيقَةُ مَحَبَّتِهِتَكُونَ مَحَبَّةً قَلبِيَّةً, بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ,واجتِنَابِ ما نَهَى عنْهُ وَزَجَرَ وَأَلاَّ يُعبدَ اللهَ إلاَّ بِمَا شَرَعَ.هَذا هُو الحُبُّ الصَّادِقُ,ومعَ الأسَفِ أُنَاسٌ غَالَوا في حُبِّهم فَوَقَعُوا في الشَّركِ,فَادَّعُوا أنَّ رَسُولَ الله يَعلَمُ الغَيبَ!وَيَكشِفُ الضُّرَ! وَيَجلِبُ النَّفْعَ!وَهَذَا تَكْذِيبٌ لِرَبِّنا القائِلِ:(قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ( «فَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ،وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». فاللهُمَّ ارزُقنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّكَ واتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً,واحشُرنَا في زُمرتِهِ وارزقنَا شَفَاعتَهُ وأوردْنَا حَوضَهُ واسقِنَا مِنْ يَدِهِ شَرْبَةً لا نَظمَأُ بَعْدَها أَبَدًا.أقولُ ما تسمعونَ واستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروه من كلِّ ذَنْبٍ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَعَ وَأَعْطَى،أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى،صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى. أَمَّا بَعْدُ:أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:اتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَهَمِّ أَسَاسِيَّاتِ قِيَامِ حَيَاةِ النَّاسِ:الْغِذَاءُ وَالْمَاءُ،فَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِمَا مَسْؤُولِيَّةُ الْجَمِيعِ؛وَقَدْ شَرَعَ الإِسْلاَمُ عِمَارَةَ الأَرْضِ وَاسْتِثْمَارَهَا لأجْلِ الغِذَاءِ والْمَاءِ.وَلَنَا فِي تَأْوِيلِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِرُؤْيَا مَلِكِ مِصْرَ حِينَ قَالَ الْمَلِكُ: (إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ).فَحينَ عَبَرَهَا، نَصَحَهُ بِخُطَّةٍ مُحْكَمَةٍ جَمَعَ فِيهَا:الدِّقَّةَ فِي الْعَمَلِ،وَالْبُعْدَ عَنِ الْإِسْرَافِ الَّذِي يُهَدِّدُ أَمْنَ الْمُجْتَمَعِ الْغِذَائِيِّ؛ كَمَا قَالَ:(قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ خِلاَلِ هَذِهِ الْخُطَّةِ يَتَبَيَّنُ لَنَا:وُجُوبَ وَعْيِ الْمُجْتَمَعِ لِعِلاَجِ الْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ؛وَذَلِكَ بِشُكْرِ الْمُنْعِمِ الْمُتَفَضِّلِ كَمَا أَمَرَنَا رَبُّنَا بِقَولِهِ:(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ).كَيفَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا،أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا».وَمِنْ شُكْرِ اللهِ تَعَالَى:احْتِرَامُ نِعَمِهِ،وَالْبُعْدُ عَنِ الإِسْرَافِ وَالْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ؛فَمُخِيفٌ أَنْ تَكُونَ التَّكْلِفَةُ السَّنَوِيَّةُ لِلْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ فِي بِلاَدِنَا تُقَدَّرُ بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ مِلْيَارِ رِيَالٍ.وَهَذَا مُشَاهَدٌ فِي الْوَلاَئِمِ، وَحَفَلاَتِ الزِّوَاجِ وَغَيرِهَا!وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ:(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).فَعَلى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِطَعَامِهِ بِمَا جَاءَ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْقَائِلِ:«مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٍ يُقْمِنْ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ». وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(طَعامُ الرَّجُلِ يَكْفِي رَجُلَيْنِ،وطَعامُ رَجُلَيْنِ يَكْفِي أرْبَعَةً، وطَعامُ أرْبَعَةٍ يَكْفِي ثَمانِيَةً).فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاسْلُكُوا الاِقْتِصَادَ وَالاِعْتِدَالَ فِي أُمُورِكُمْ بِلاَ إِفْرَاطٍ أَوْ تَفْرِيطٍ، وَلاَ إِسْرَافٍ وَلاَ تَقْتِيرٍ.وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيرِ خَلْقِ اللهِ, فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ،وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.اللَّهُمَّ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ.اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا،وَانْصُرْ جُنُودَنَا،وَوفِّقْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى.اللَّهُمَّ وَفِّقْ جَمِيعَ وُلاَةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَمَلِ بِكِتَابِكَ، وَتَحْكِيمِ شَرْعِكَ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ﷺ.اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عبادَ الله:اذكروا الله يذكُركم، واشكروه على عمومِ نعمه يَزِدْكم،ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعونَ.