أَصْلِحُوا قُلُوبَكُمْ لِرَمَضَانَ, وَأنْظِرُوا الْمُعْسِرِينَ 25/8/1444هـ
أَصْلِحُوا قُلُوبَكُمْ لِرَمَضَانَ, وَأنْظِرُوا الْمُعْسِرِينَ 25/8/1444هـ
الحمدُ لله علاَّمِ الغُيُوبِ, الْمُطَّلعِ على أَسرَارِ القُلُوبِ, أَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ لَهُ, غَفَّارُ الذُّنُوبِ, وَسِتِّيرُ العُيُوبِ, وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إمامُ الْمُتَّقِينَ وسيِّدُ الْمُخلِصِينَ صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وَعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ, وَمَنْ تَبِعَهم بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدِّين. أَمَّا بَعْدُ: فَأوصِيكُم عِبَادَ اللهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تعالى حَقَّ التَّقْوَى، وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خيرَ الزَّاد التَّقوى.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: القَلْبُ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الجسدِ، فَقَد جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى وِعَاءً للخَيرِ، قَائِدًا للجَوَارِحِ، أَوْ لا قدَّرَ اللهُ وعَاءً للشَّرِّ، غَافِلاً عَنِ اللهِ، عَامِلاً للشَّيطَانِ، لِذَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أَعْظَمِ مَوطِنٍ في سُجُودَهَ:(يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ).
عِبَادَ اللهِ: لِلقُلُوبِ حَيَاةٌ أَعْظَمُ من حَيَاةِ الجَسَدِ، وَلَهَا أَمْرَاضٌ أَقْسَى من الجسَدِ وأَعْتَى، وَعَلَى قَدْرِ حَيَاةِ القَلْبِ تَكُونُ سعادةُ الجَسَدِ وَالرُّوحِ، وَبِقَدْرِ فَسَادِهِ وَأَمْرَاضِهِ تَكُونُ العِلَلُ والأَسْقَامُ! يَجْمَعُها قَولُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ).
أيُّهَا الْمُؤمِنُونَ: من أَخْطَرِ أَمْرَاضِ القُلُوبِ مَرَضُ القَسْوَةِ واللهُ تَعَالى تَوَعَّدَ فَقَالَ: فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ . قَسْوَةُ القَلْبِ يَا مُؤمِنُونَ مَعْنَاهُ: غِلْظَتُهُ وَبُعْدُهُ عَنِ إتِّبَاعِ الحَقِّ وَإِعْرَاضُهُ عَنْهُ، وَهِي عِقَابٌ مِنَ اللهِ للمُعْرِضِينَ عَنْ شَرْعِهِ الْمُبْتَعِدِينَ عَنْ هَدْيِهِ وَدِينِهِ. قَالَ مَالِكُ بنُ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللهُ: (مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بعُقُوبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ قَسْوَةِ قَلْبٍ). وَلْتَعْلَمُوا يَا رَعَا كُمُ اللهُ: أَنَّ سُنَّةَ اللهِ في قُلُوبِ العِبَادِ جَارِيَةٌ؛ بِأَنَّ مَنِ اسْتَغْرَقَ في الْمَعَاصِي وَالآثَامِ ونَقَضَ مَوَاثِيقَهُ مَعَ اللهِ طَرَدَهُ اللهُ مِنْ صُفُوفِ أَهْلِ التَّقْوَى وَأَبْعَدَهُ، حَتَّى يَقْسُوَ قَلْبُهُ ويَعْلُوهُ الرَّانُ والظُّلْمَةُ حَقًّا. كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ .وَرَبُّنَا تَعَالى لا يَظْلِمُ أَحَدًا. أَيُّهَا الكِرَامُ: نَحْنُ مُقْبِلُونَ عَلى شَهْرِ صِيَامٍ، وصَلاةٍ، وَدُعَاءٍ، وَإنْفَاقٍ. وَبَعْضُنَا يَشْتَكي وَيَقُولُ: أَنِّي لا أَجِدُ لَذَّةً في تِلْكَ العِبَادَاتِ! فَأُبَشِّرْ يَا عبدَ اللهِ أَنَّ إحْسَاسَكَ بِذَلِكَ وَضِيقُكَ مِنْهُ عَلامَةٌ على حياةِ قَلْبِكَ, وَأَنَّ فيكَ خيراً لأنَّ لَكَ نَفْساً لَوَّامَةً. عِبَادَ اللهِ: عَدَمُ خُشُوعِنَا لآيَاتِ اللهِ وَهِي تُتْلى عَلَينَا، مَظْهرٌ يَدُلُّ عَلى قَسوةِ قُلُوبِ بَعْضِنَا. عَدَمُ خُشُوعِنَا فِي صَلاتِنَا, وَعَدَمُ اسْتِشْعَارِنَا لِحَقِيقَةِ صِيَامِنَا, وَعَدَمُ تَفَاعُلِنَا مَعَ دُعَاءِ رَبِّنَا, دَلِيلٌ عَلى قَسوةِ قُلُوبِ بَعْضِنَا! نَسْاَلُ أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَنَا وَقُلُوبَنَا.
سُبْحَانَ اللهِ: صَارَ بَعْضُنَا لا يَتَأَثَّرُ بِآيَةٍ وَلا بِسُورَةٍ! ولا بِمَوعِظَةٍ, ولا بَوَعْدٍ ولا وَعِيدٍ! وَلا حَتَّى بِزَلازِلَ وَلا بَرَاكِينَ! أَلِهَذَا الْحَدِّ قَسَتْ قُلُوبُنَا فَصَارَتْ كَالْحِجَارَةِ أَو أَشَدُّ قَسْوَةً, فَالَّلهُمَّ الْطُفْ بِنَا وَأَصْلِحْ فَسَادَ قُلُوبِنَا.
عِبَادَ اللهِ: كَانَ مِنْ جُمْلةِ دُعَاءِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا).
إخْوَانِي: أَتُرِيدُونَ شَاهِدًا وَدَلِيلاً: مَا حَالُ بَعْضِنَا مَعَ صَلاةِ التَّرَاوِيحِ والْقِيَامِ؟ أَلَيسَ بَعْضُنَا يَبْحَثُ عَنْ الأَخَفِّ وَالأَسْرَعِ؟ فَهَلْ هَذَا مِنْ إتْقَانِ عِبَادَاتِنا، وتَلَذُّذِنَا بها؟ لَقَدْ كَانَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (يَا بِلَالُ أَرِحْنَا بالصَّلاةِ). ويقولُ: (وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ).
فَيَا مُسْلِمُونَ: وَيَا صَائِمُونَ بِمَشِيئَةِ اللهِ كُونوا مِمَّنْ عَنَاهُمُ اللهُ بِقَولِهِ: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ). واسْتَحْضِرُوا فِعْلَ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ-، حِينَ دَعَا بِطَهُورٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:"مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ"رواه مسلم. وَلَقَدْ ذُكِرَتْ السَّرِقَةُ عِنْد رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَقَالَ:"أَيُّ السَّرِقَةِ تَعُدُّونَ أَقْبَحُ؟ فَقَالُوا: الرَّجُلُ يَسْرِقُ مِنْ أَخِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَقْبَحَ السَّرِقَةِ, الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ! قَالُوا: كَيْفَ يَسْرِقُ أَحَدُنَا صَلَاتَهُ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا, وَلَا سُجُودَهَا, وَلَا خُشُوعَهَا"(رواه أحمد وهو حديث صحيح. نَحنُ مُقْبِلَونَ على شَهرٍ عَظِيمٍ, فَلنُبَادِرْ بِالتَّوبَةِ وَإصْلاحِ قُلُوبِنَا! وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .وَلا تَغْفُلُوا عَنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالى! فَالْمُؤمِنُونَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ. فاللهُمَّ اجْعَلْنَا مِن الذَّاكِرِينَ الشَّاكِرِينَ, اللهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَصُومُ رَمَضَانَ وَيَقُومُهُ إيمَانًا واحْتِسَابًا,وَاسْتَغفِرُ اللهَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحمد لله على نَعْمَائِهِ، أَشهدُ ألَّا إله إلا اللهُ وحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ تَعظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنا مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الدَّاعي إلى جنَّتِهِ وَرِضْوانِهِ صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ وَأعْوَانِهِ, وَمَنْ تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدِّينِ. أمَّا بعدُ: فَيَا عِبَادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِه ولا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنتم مُسلِمُونَ،
يَا مُؤمِنُونَ: أَقْبِلُوا على ربِّكم مع إقْبَالِ شَهْرِ الرَّحمَةِ والغفرانِ, وَاسْتَغْفِروا اللهَ قَولا وَعَمَلاً, وَاستَعِيذوا بِالله مِن شَرِّ الشَّيطَانِ وَشَرَكِهِ فلَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ. وَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْجُودَ والإنْفَاقِ, فَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ, فَإنَّهَا ثَالِثُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، شَرَعَهَا اللهُ طُهْرَةٍ لِلْمَالِ وَزَكَاةً لِلنَّفْسِ وَمُواسَاةً لِلْفُقَرَاءِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا). وَدَفْعُ الزَّكَاةِ دَلِيلٌ عَلى تَمَامِ إِسْلَامِكَ وَكَمَالِكَ وَانْقِيَادِكَ، فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَولَهُ: "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، وَمِنْهَا وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ
الزَّكَاةُ يَا مُؤمِنُونَ: نَمَاءٌ لِلْمَالِ وَبَرَكَتِهِ وَحِفْظٌ لَكَ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، أَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:"مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللهِ: الجُودُ والإنفاقُ مُرتَبِط بِرَمَضَانَ، فَقَد كَانَ نَبِيُّنَا أَجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجودَ ما يَكُونُ في رمضانَ. فَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ, وجُودُوا على الفُقَرَاءِ, وَأَغْنُوهُمْ عن الْمَسأَلَةِ, وَأَنْظِرُوا الْمُعْسِرِينَ, فَإنَّ اللهَ تَعَالى يَقُولُ: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ). وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ، فَتَوَارَى عنْه، ثُمَّ وَجَدَهُ، فَقالَ: إنِّي مُعْسِرٌ، فَقالَ: آللَّهِ؟ قالَ: آللَّهِ؟ قَالَ: فَإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عنْه".وفَطِّروا الصَّائِمينَ, وكونُوا مِن الْمُنفِقينَ ,وَلا تَسْمَعُوا لِقَولِ الْمُشَكِّكِينَ فِي كُلِّ عَمَلٍ خَيْريٍّ فَبَعْضُهُمْ والعِيَاذُ بِاللهِ يَنْطَبِقُ عليهِمْ أنَّهُمْ:(يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). فَمَنْ لِفُقَراءِ الْمُسلِمينَ وَأَيتَامِهِم وَأَرَامِلِهِم بَعْدَ اللهِ إلاَّ أَنْتُم! مَنْ لِشُعُوبٍ قهَرَتها الخُطوبُ وأوهَنَتها الحُرُوبُ والزِّلازِلُ، بعدَ الله إلاَّ أنتم فَيَأهلَ الكَرَمِ والجُودِ, مَنْ لأُسَرٍ تَتَحَسَّرُ تَنْتَظِرَ فَرجَ وَالِدِهِمْ إلاَّ أنتم فَجُودُوا على إخوانِكم: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). فَهَا هِيَ الجَمْعِيَّاتُ الخَيرِيَّةُ, والْمَنصَّاتُ الرَّسْمِيَّةُ بَينَكُمْ, فَلا تَبْخَلُوا على أنْفُسِكُمْ. فمن جَادَ على عِبادِ اللهِ جَادَ اللهُ عليهِ, وَأَخْلَفَ لَهُ خيرا. الَّلهُمَّ لا تَجعلِ الدٌّنيا أكبرَ همِّنا، ولا مَبلَغَ عِلمِنا، ولا إلى النَّارِ مَصيرِنَا، الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّن بَرَّ واتَّقى، وَصَدَّقَ بِالحُسنَى فَيَسَّرتَهُ لليُسرى، وجَنَّبتَهُ العُسْرَى. اللهم اجعلنا مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. اللهم ارحم ضعف إخواننا في كلِّ مكان, اللهم كن لهم ناصرا ومعينا ياربَّ العالمين, اللهم أعط مُنفقا خَلَفَا وأَعطِ مُمسِكَاً تَلَفَا الَّلهُمَّ أَحْفَظْنَا وَأحفَظْ علَينَا دِينَنَا وَأمْنَنَا وَبِلادَنَا وَأَخْلاقَنَا، اللهم أحفظ بلادَنا وشبَابَنا والمسلمينَ من كلِّ شرٍّ ومكروه. اللهم وفِّق ولاةَ أمرِنَا للقضاءِ على الفسادِ والمفسدينَ. اللهم قويِّ عزائِمَهُم على الْحقِّ والهدى والدِّينِ. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النَّار. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .