مُخَدِّرٌ مِنْ نَوعٍ غَرِيبٍ 13/6/1444هـ
مُخَدِّرٌ مِنْ نَوعٍ غَرِيبٍ 13/6/1444ه*ـ
الحمدُ للهِ خلَقَنَا فِي أَحْسَنِ تَقْويمِ, بِيَدِه الخَلقُ والأمر، ابتلَى العِبَادَ فَأَسْعَدَ وَأَشْقَى، أَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ تعبُّدًا لهُ ورِقًّا، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ الله وَرَسُولُهُ، أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقًا وَأَقْوَمُهمْ خَلْقا، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ، وَعلى آلهِ الأَخيارِ وَأصحابِهِ الأَبرارِ، وَالتابعينَ وَمَنْ تَبِعهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى يومِ القرارِ.
أمَّا بعد: فيا أيُّها الناسُ، اتقوا الله تعالى حقَّ التَّقوى واستمسِكُوا من الإسلامِ بالعروةِ الوثقى واحذروا سخطَ اللهِ فإنَّ أجسادَكُم على النَّار لا تقوى!
يقولُ الْمَولى جَلَّ وعَلا: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا .
هذا التَّكريمُ عِبَادَ اللهِ: تمثَّل في خَلْقِ اللهِ لَنَا في أَحْسَنِ تَقْويمٍ وَأَكْمَلِهِ، ثُمَّ كَرَّمَنَا بِعَقْلٍ نُميِّزُ بِهِ النافعَ مِنَ الضَّارِ, والخيرَ مِنَ الشَّرِ!
لِذاَ وَجَّهَنَا دِينُنَا الحنِيفُ إلى الْمُحَافَظَةِ على عُقُولِنا، وَأَمَرَنَا بِصِيَانَتِهَا وَحِمَايَتِهَا عن كُلِّ مَا يُخلُّ به أو يَتَسبَّبُ في إزالَةِ عُقُولِنَا! وإذا حُفِظَ العقلُ , حَافَظْنَا على الدِّينَ، والأَنْفُسِ وَالأَعْرَاضِ، وَحَرِصْنَا على إنْفَاقِ أَمْوَالِنا فِيمَا شُرِعَ لَنَا فيهِ.
العَقْلُ يا عُقَلاءُ: جَوهَرَةٌ ثَمِينَةٌ، فَإنْ أُهْمِلَ انْحَرَفَ الْمَرْءُ وَضَاعَ, وَوقَعَ في الرَّذائِلِ وَالآثَامِ.
وَسُبْحَانَ اللهِ مَعَ تِلْكَ الحَقِيقَةِ فَقَدْ أَبَى بَعْضُ التَّائِهِينَ إلاَّ الانْحِطَاطَ إلى دَرَكِ الذِّلَّةِ, والانْحِدَارَ إلى الْمَهَانَةِ وَالقِلَّةِ، فَوَضَعُوا العَقْلَ تَحتَ أَقْدَامِهِم، وَاتَّبَعُوا شَهَواتِهِمْ، وَأَعْمَوا أَبْصَارَهُم, فَأَزَالُوا عُقُولَهم، في كَأْسَةِ خَمْرٍ، أَو جُرْعَةِ مُخدِّرٍ وَمُفَتِّرٍ، فَانْسَلَخُوا مِنْ الإنْسَانِيَّةِ، وَلَبِسُوا ثَوبَ الإجْرَامِ وَالبَهِيِميِّةِ!
عِبَادَ اللهِ: تُطالِعُنا وَسَائِلُ الإعْلامِ بِكَثْرَةٍ عَنْ إحبَاطِ رِجَالِ الأَمْنِ البَوَاسِلِ تَهريبَ كَميَّاتٍ مَهُولَةٍ من الْمُخدِّراتِ والْمُسكراتِ بأشكَالِها وأعدادِها وكَمِّياتِها وَالقَبْضِ عَلى عَدَدٍ هَائِلٍ من الْمواطنينَ وَالْمُقِيمِينَ الذين مُسِخَتْ نُفُوسُهُم، وَسَفُلَتْ أُمُورُهُم ,فَبَاعُوا دِينَهُمْ وَأَهْلَهُمْ وَوَطنَهُمْ بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَكَانُوا فِيهَا مِنَ الزَّاهِدِينِ!
فَيا تُرَى كَمْ سَتُفسِدُ تِلكَ الْمُخدِّراتُ من الشَّبابِ وَتَهدِمُ مِنَ الأُسَرِ؟ يَا تُرى مَنْ وَرَائَها؟ وَمَنْ هم ضَحَايَاهَا؟
فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرُدَّ كَيدَ الأَعدَاءِ في نُحورِهِمْ وَأَنْ يَفْضَحَهُمْ على رُؤوسِ الأَشْهَادِ, وَأَنْ يَحمِيَ بِلادَنَا وَشَبَابَنَا وَجَمِيعَ الْمُسلِمِينَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَمَكْرُوهٍ. وَأَنْ يَجَزىَ اللهُ خَيراً رِجَالَ أَمْنِنَا الْبَوَاسِلَ, وَرِجَالَ الْحُدُودِ وَكُلَّ مَنْ شَارَكَ وَأعَانَ, وَفَضَحَ وَأَحْبَطَ هَذِهِ الأَوْكَارِ.
أيُّها الْمُؤمِنُونَ: ألا تَعْلَمُونَ أَنَّ آفَةَ الْمُجْتَمَعَاتِ اليومَ, هِيَ الْمُسكِراتُ وَالْمُخَدِّرَاتُ؟! لأَنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ, وَأَصْلُ الشُّرُورِ، وَهِيَ لُغْمٌ خَطِيرٌ، يُفْسِدُ الشُّعوبَ وَيُهَدِّدُ أَمْنَهَا وَقِيَمَهَا وَأَخْلاقَهَا! الْمُسْكِرَاتُ وَالْمُخَدِّرَاتُ: دَوَّامَةُ الضَّيَاعِ، وَنَزْعُ الْحَيَاءِ, وَبَابُ الجَرَائِمِ! كَفَانَا اللهُ شَرَّهَا. نَسِيَ السَّكرانُ وَالْمُخَدَّرُ رَبَّه، فَظَلَمَ نفْسْهُ، وَأَضْعَفَ إيمَانَهُ, وَأَيْتَمَ أَطْفَالَهُ، وَهَرَبَتْ مِنْهُ زَوجَتَهُ, فَضَحَ أَهْلَهُ، وَحَطَّ مِنْ قَدْرِ نَفْسِهِ وَكَرَامَتِهِ, لأنَّه عَرْبَدَ وَلَهى, وَطَغَى وَلَغَا, هِيَ التِي قَالَ اللهُ عَنْهَا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ . فَالْخَمْرُ: كُلُّ مَا خَامَرَ العَقْلَ وَغَطَّاهُ مَهْمَا كَانَ نَوعُهُ وَأَيًّا كَانَ اسْمُهُ وَجِسْمُهُ وَجِنْسُهُ، فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُماَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ». وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ» أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
إنِّها نُصُوصُ زَجْرٍ وَوَعِيدٍ, يَقِفُ عِنْدَ حَدِّهَا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُحَاسَبٌ أَمَامَ العَظِيمِ الْمَجِيدِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ . بَارَكَ اللهُ لَنَا في القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُم وَلِلمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إنِّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمْدُ للهِ، وَأَشْهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ لا يَهْلِكُ على اللهِ إلَّا هَالِكٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الْمُحِبُّ النَّاصِحُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى جَمِيعِ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ إلى يَومٍ تُعْرَضُ فِيهِ السَّرَائِرُ.
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَوعَّدَ مُتَعَاطِي الْخُمُورِ وَالْمُخَدِّرَاتِ بِعُقُوبَاتٍ دُنْيَوِّيةٍ وَأُخْرَوِيَّةٍ, فَقَدْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُماَ، رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَعَنَ الْخَمْرَ، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَمُسْتَقِيَهَا" إسْنَادُهُ صَحيحٌ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
حُقَّ لِرسولِنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أَنْ لَعَنَ الْخَمْرَ والْمُخَدِّرَ لِأَنَّ نَتَائِجَهَا: اغْتِصَابٌ وَسَرِقَاتٌ! وَقَتْلٌ وَإجِرْامٌ! ونَصْبٌ واحتِيالٌ! وتَفَكُّكٌ أُسَرِيٌّ, وَطَرْدٌ مِنَ الوَظِيفَةِ، وَفَشَلٌ دِرَاسِيٌّ وَضَيَاعُ لِلْمُسْتَقْبَلِ، اكْتِئَابٌ وَهَمٌّ، وَقَلَقٌ وَغَمٌّ، وَأُسَرٌ مَظْلُومَةٌ لا تَعْرِفُ سِوَى الرُّعْبِ والبُكاءِ!
وَمَعَ الأَسَفِ تَفَنَّنَ الأَعْدَاءُ بِأَشْكَالِهِا وَأَسْمَائِهَا وَاسْتِعْمَالاتِهَا! وَمِنْ تِلْكَ الْمُخَدِّرَاتِ الحَدِيثَةِ الْخَطِيرَةِ حَفِظَنَا اللهُ وَذَرَارِينَا مَادَّةُ: الشَّبُو التي تُحوِّلُ الشَّابَّ الْمُتَعَاطِي إلى كَهْلٍ قَبِيحٍ بِلا أَسْنَانٍ!
وَقَدْ أَكَّدَتْ النِّيَابَةُ العَامَّةُ أَنَّ مَادَّةَ الشَّبُو مُدْرَجَةٌ في الفِئَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمُخَدِّرَاتِ, وَأَنَّهَا مِنْ أَصْلٍ اصْطِنَاعِيٍّ لَيسَتْ نَبَاتًا! وَأنَّهَا تَشْتَهِرُ بِعِدَّةِ أَسْمَاءَ مِثْلِ: «الآيس»، و«الثلج» وَأَضَافَتْ أَنَّ مُتَعَاطِي الشَّبْوِ يُصَابُ بِفُقْدَانِ النَّومِ، وَنَوبَاتِ غَضَبٍ حَادَّةٍ، وَهَلْوَسَةٍ سَمْعِيَّةٍ وَبَصَرِيَّةٍ، وَتَلَفٍ لِخَلايَا الْمُخِّ، وَطَرِيقٌ لِلسَّكَتَاتِ الدِّمَاغِيَّةِ, وَارْتِكَابِ سُلُوكِيَّاتٍ شَائِنَةٍ، وَاقْتِرَافِ جَرَائِمَ مُرَوِّعَةٍ. وَتَكْمُنُ خُطُورَتُهَا بِسُرْعَةِ الإدْمَانِ عَلَيها مِنْ أَوَّلِ اسْتِخْدَامٍ لَهَا!
عِبَادَ اللهِ: لقَدْ سَجَّلَتِ الأَجْهِزَةُ الأَمْنِيَّةُ عَدَدًا مِنَ الْجَرَائِمِ تَوَرَّطَ فِيهَا مُتَعَاطُو مُخَدِّرِ الشَّبْوِ، آخِرُهَا شَابٌّ قَبْلَ أَيَّامٍ أَحْرَقَ أُمَّهُ وَأَبَاهُ وَأُخْتَهُ في إحْدَى الْمُحَافَظَاتِ بِسَكْبِ البَانْزِينِ عَلَيهِمِ.
عِبَادَ اللهِ: مِنْ أَسْبَابَ انْتِشَارِ هَذَا البَلاءِ: ضَعفُ الإيمان , كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا . وَأَصْدِقاءُ السُّوءِ, لا كَثَّرَهُمُ اللهُ. وَكَذَلِكَ إهْمَالُ الوَالِدِينِ وَسُوءُ التَّربيةِ وَعَدَمُ الْمُتَابَعَةِ، وَمَنْ أَرَادَ الدَّلِيلَ فَلْيَنْظُرْ إلى شَبَابٍ وَفَتَيَاتِ يَجُوبُون الشَّوَارِعَ وَيَتَجَمَّعُونَ فِي الْمَقَاهِي إلى سَاعَاتٍ مُتَأَخِّرَةٍ, بِلا حَسِيبٍ وَلا رَقِيبٍ! وَلا نَاصِحٍ وَلا أَمِينٍ إلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ تَعَالَى.
نَاهِيكَ عَنْ وَسَائِلِ الإعلامِ التي تُزَيِّينُ الْبَاطِلُ وَتَعرِضُ مَنْ يُسمَّونَ بِالفَنَّانِينَ وَالنُّجُومَ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمْ كَأْسُ خَمْرٍ أَو سِيجَارَةُ مُخَدِّرٍ! وَلا تَنْسَوا أَنَّ بَعْضَ العَمَالَةِ الْفَاسِدَةِ السَّائِبَةِ الْمُهْمَلَةِ، سَبَبٌ فِي انْتِشَارِهَا لِرَغْبَتِهِمْ بِالأَمْوَالِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ!
أيُّها الكِرَامُ: إنَّنَا نَدْعُو اللهَ تَعَالى بِالتَّوفِيقِ لِرِجَالِ مُكَافَحَةِ الْمُخَدِّرَاتِ وَرَجَالِ الْحُدُودِ وَالهَيئَاتِ والشُّرَطِ وَمَنْ يُشَارِكُهُم بِجِدٍّ وَتَضْحِيَةٍ لِمُحارَبَةِ الْفَسَادِ وَالْمُفْسِدِينَ، وَالقَبْضِ عَلى الْمُجْرِمِينَ وَالْمُرَوِجِينَ, جَعَلَ اللهَ ذَلكِ في حَسَنَاتِهِمْ. وَبَارَكَ في جُهُودِهِمْ.
عِبَادَ اللهِ: إنَّنَا لَنَحْمَدُ اللهَ وَنَشكُرُهُ فَنَحْنُ في نِعَمٍ زَاخرةٍ, سَمَاؤُنَا تُمطِرُ, وَآبَارُنَا تَمتَلئُ, فَحَمْدًا لكَ ياربُّ وَشُكْرًا, فَلقد أَنزَلتَ علينا غَيثًا مُغِيثًا, عَمَّ الأَرَاضي رِيًّا, وَلَمْ تَزلْ بِنَا رَؤفًا حَفِيًّا, فَأصبَحنا وأَمسَينا مُستبَشِرِينَ وبِرَحمَتِكَ ورِزقِكَ فَرِحينَ: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ .
فَيَا إخْوَةَ الإسْلامِ: كُلَّما جَدَّدَ لَكم رَبُّكم نِعَمَاً فَجَدِّدوا لها حَمْدًا وشُكرًا, وكُلَّما صَرَفَ عنكُم الْمَكَارِهَ فَقُومُوا بِحقِّ طَاعَتِهِ ثَنَاءً لَهُ وذِكْرا, وَتَذَكَّرُوا: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ .
فاللهمَّ اجعلنا لِنِعَمِكَ من الشَّاكِرينَ وَلَكَ من الذَّاكِرينَ, اللهمَّ واجعل مَا أَنزلْتَهُ عَلينَا رَحمَةً لَنا وبَلاغَاً إلى حِينٍ, اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك من زَوالِ نِعمَتِكَ وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ وَجَميعِ سَخَطِكَ، اللهمَّ لا تَجعلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الأَبْدَانِ، وَالأَمْنَ فِي الأَوْطَانِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، اللهم وفِّق الآمِرِينَ بِالْمَعرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَن الْمُنْكَرِ وقَوِّى عَزَائِمَهُم. وَأَصْلِحْ شَبَابَنَا وَاحْفَظْهُم مِن كُلِّ مُنْكَرٍّ وَشَرٍّ, وَاحْفَظْ نِسَائَنَا مِن كُلِّ مُنْكَرٍّ وَشَرٍّ وَارْزُقْهُنَّ الْحِشمَةَ وَالْحَيَاءَ, اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ. اللهُمَّ وَانْصُرْ جُنُودَنَا وَاحْفَظْ حُدُودَنَا والْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .