عَشْرٌ فَاضِلَةٌ وَيَومٌ عَظِيمٌ 2/12/1443هــ
عَشْرٌ فَاضِلَةٌ وَيَومٌ عَظِيمٌ 2/12/1443ه
ــ
الحمدُ للهِ أتمَّ علينا النِّعمَةَ وأَكملَ لَنَا الدِّينَ، أَشهَدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَبُّ العالَمِينَ، وَأَشهَدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُ الله وَرَسُولُهُ الْبَرُّ الأَمِينُ صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصحَابِهِ وأَتبَاعِهِ بِإحْسَانٍ إلى يوم الدِّينِ. أَمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
عِبَادَ اللهِ: أَيَّامٌ وَنُودِّعُ حُجَّاجَنَا الأَكَارِمَ, فَنَقُولُ لَهُمْ: نَستَودِعُ الله دِينَكم وأَمَانَاتِكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعمَالِكم, وَزَوَّدَكُمُ اللهُ التَّقْوى وَغَفَر ذُنُوبَكُمْ وَيَسَّرَ لَكُمُ الْخَيرَ حَيثُ ما كُنْتُمْ. وإنَّا مَعاشِرَ الحُجَّاجِ لَنَغْبِطُكُمْ أَنِ اصْطَفَاكُمُ اللهُ لِحَجِّ هَذَا العَامِ فَقَدْ جَاهَدتُمْ وَبَادَرْتُمْ بِالحَجْزِ رَغْمَ كُلِّ الظُّرُوفِ والتَّكَالِيفِ الْمَالِيَّةِ العَالِيَةِ إلَّا أَنَّكُمْ كُنْتُمْ سَبَّاقِينَ لِلخَيرِ, حَرِيصِينَ لأَدَاءِ رُكْنِ الْحَجِّ, حَقًّا: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). وَنُبَشِّرُكُم بِقَولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ». فاحْرِصْ أيُّها الحاجُّ الكريمُ: أنْ يكونَ حَجُّكَ كذلكَ بِأَنْ تَبتغِيَ بِهِ وَجْهَ اللهِ تَعَالى وَالدَّارَ الآخِرَةَ قُل عِنْدَ إحْرَامِكَ: «اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةً». احْرِص على إتباع سُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ الْمَنَاسِكِ فقد كانَ يُؤدِّيَ الْمَنَاسِكَ ويقولُ: «خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ». أَكْثِرُوا أيُّهَا الحُجَّاجُ: مِن ذِكْرِ اللهِ تَعَالى وَمِنَ التَّكبِيرِ والتَّلبِيَةِ, فَقَدْ قَالَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَجُّ». والعَجُّ: رفعُ الصَّوتِ بالتلبيةِ. والثَّجُّ: إرَاقَةُ دَمِ الهَدْي والنُّسُكِ. وَتَعلَّموا أَحكَامَ الحَجِّ حتى تَعبُدُوا اللهَ على عِلمٍ وَبَصِيرَةٍ. أَيُّهَا الحَآجُّ الْمُبَارَكُ: ابْتَعِدْ عَن الآثَامِ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ, وَتَحَلَّ بِالصَّبرِ الجَمِيلِ وَأَحسِنْ إلى عِبَادِ اللهِ بِكُلِّ مَا تَسْتَطِيعُ تَعلِيمَاً وإرشادَاً وإطعَامَاً وإيواءً, فَقَدْ سُئلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ: مَا بِرُّ الحَجِّ؟ قَالَ: «إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإفْشَاءُ السَّلامِ وَطِيبُ الْكَلاَمِ». نَسْأَلُ اللهَ لَكُمُ الْقَبُولَ والتَّيْسِيرَ وَأَنْ تَرْجِعُوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ.
عِبَادَ اللهِ: نَحْنُ الآنَ فِي أَفْضَلِ أَيَّامِ الدُّنْيَا على الإطلاقِ، فَفِي صَحِيحِ ابنِ حِبَّانَ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:"مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِندَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادَا فِي سَبِيلِ اللهِ".
أَفَلا يُمكِنُكَ أَيُّها الْمُسْلِمُ أنْ تَتَمَثَّلَ حياةَ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ ولو لِعَشَرةِ أَيَّامٍ فَقط؟ بَلَى واللهِ كُلُّنَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ بِعَونِ اللهِ خاصَّةً ونَحنُ فِي عَشْرٍ مُبَارَكَةٍ! جَلَسَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقَالَ لأصْحَابِهِ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. يَا لَهُ مِنْ عَمَلٍ يَسيرٍ وَوَعْدٍ كَرِيمٍ. أَلا تَستَطِيعُ أنَ تَصُومَ أَيَّامَنَا الفَاضِلَةَ؟ فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَصُومُ تِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَعَنْهَا قَالَ الإمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "صِيامُها مُستَحَبٌّ استحبَابَاً شًديدِاً". فَصَلِّ عَلى الْجَنَائِزِ فَلَكَ قِيْرَاطٌ عَنْ كُلِّ جَنَازَةٍ, وَعُدِ الْمَرْضَى, وتَتصَدَّق عَلى الْمَساكِينِ؟ لِتَفُوزَ بجنَّةِ نَعِيمٍ!
يا مُؤمِنُون: عَظِّمُوا هَذِهِ الأيَّامِ فَهِيَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ). اسْتَقْبِلُوهَا بِالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصوحِ, لِتَكُنْ أيَّامُنَا مَحطَّةً لِتَّخَلُّصِ من الإثمِ والعِصَيانِ, لِتَكُن زاداً لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ والإيمانِ. كَفَى أَيُّها الْمُضَيِّعونَ للصَّلواتِ فإنَّ وَرَائَكُمْ غَيَّا! احْذَرُوا يَامَنْ تَتَحَايَلُونَ بالدِّيونِ وَالْمُدَايناتِ فَأَيُّما لَحمٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ فالنَّارُ أَولى بِهِ! تَبَصَّروا يا مَنْ غَرقتُم في مُتابَعَةِ الْمَقاطِعِ الشَّائِنَةِ والقَنَواتِ الهَابِطَةِ فاللهُ مُطَّلِعٌ بِحالِكم: (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)
إخوانِي: سَمعنا بَعضَ فَضائِلِ العشرِ وَبَركاتِها, ألا وإنَّ شِعَارَ العَشْرِ وَأَعْظَمَ مَيْزَاتِهَا, التَّسبِيحُ والتَّهليلُ والتَّكبِيرُ والتَّحميدُ، فهيَ وَصِيَّةُ رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «فَأكْثِرُوا فِيهنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكبِيرِ والتَّسْبِيحِ». فَسُبحانَكَ رَبَّنا ما أَعظَمَكَ وَأَحْلَمَكَ وَأكْرَمَكَ, أقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَاسْتَغْفِرُ اللهَ, فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَاسِطِ الْخَيْرَاتِ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمٍ أَتَمَّهَا، وَبَلَايَا رَدَّهَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا شَرَعَ مِنَ الْمَنَاسِكِ، أَشهَدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ فَلَولاهُ مَا اهْتَدَينَا, وَأَشهَدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ مُعَلِّمُ الخَيرِ لأُمَّتِهِ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحَابَتِهِ وَمَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِهِ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يا مُؤمِنُونَ؛ فَإِنَّنَا فِي أَيَّامٍ تَأَكَّدتْ فِيهَا التَّقْوَى، وَفِي زَمَنٍ اشْتَدَّتِ فِيهِ الْفِتَنُ والبَلوى، وَلَا غِنى لَنا عَنِ اللَّـهِ تَعَالَى وَحِفْظِهِ وَتَثْبِيتِهِ طَرفَةَ عينٍ.
عبادَ اللهِ: لَئِنْ مَضَى الحُجَّاجُ بِالأَجْرِ وَالغَنِيمَةِ فَفَضْلُ الله وَاسِعٌ, فَقد شَرَعَ لَنَا رَبُّنا صِيَامَ يَومِ عَرَفَةَ! وجَعَلَهُ مُكفِّراً لِذُنُوبِ سَنَتَينِ كَامِلَتَينِ! كَمَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». فَيَومُ عرفةَ يومُ إكمالِ الدِّينِ وإتمامُ النِّعمةِ فما أعظَمَهُ من يومٍ أَقْسَمَ اللهُ فيهِ فَقَالَ: وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ،قَالَ : (الشَّاهِدُ يَومُ الجُمُعَةِ، وَاليَومُ المَشهُودُ يَومُ عَرَفَةَ)، حَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ. وما أَجَلَّهُ من يومٍ يُباهي اللهُ فيهِ ويَستَجِيبُ فيهِ! فَخَيرُ الدُّعاءِ, دُعاءُ يومِ عَرَفَةَ وَخَيرُ مَا قَالَهُ نَبِيُّنا مُحَمَّدٌ والنَّبيُّونَ قبلَه لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمُلكُ ولهُ الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قَديرٌ, فَعَظِّموا يومَ عَرفةَ وصومُوه, وحثُّوا أولادَكُمْ وَأَهلِيكُمْ, خاصَّةً أنَّهُ يَجتَمِعُ لَنَا فِيهِ فَضَلانِ يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ الجُمُعَةِ! وَيَجوزُ أنْ يُفرَدَ بالصِّيامِ وَحْدَهُ، وَلَو وَافَقَ يَومَ الْجُمُعَةِ وَحْدَهَا لأنَّ صَومَهُ سُنَّةٌ مُستَقِلَّةٌ، حَتَّى وَلَو كَانَ عَليكَ قَضَاءٌ مِن رَمَضَانَ, قَالَ شَيخُنَا ابْنُ العُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: "مَنْ صَامَ يَومَ عَرَفَةَ, وَعَليهِ قَضَاءٌ مِن رَمَضَانَ فَصِيامُهُ صَحِيحٌ، وَلَو نَوَى أَنْ يَصُومَ هَذَا اليَومَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ حَصَلَ لَهُ الأَجْرَانِ: أَجْرُ يَومِ عَرَفَةَ، وَأَجْرُ القَضَاءِ". وَأَبْشِرُوا: فقد شَرَعَ لَنا ربُّنا كَذَلِكَ مَا نُشارِكُ به حُجَّاجَ بيتِ اللهِ مِنْ ذَبْحِ الأَضَاحي فَهي مِن أَعْظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ وَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إبراهيمَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ, وَهِيَ مِنْ أَجَلِّ العِبَادَاتِ وأَحبِّها إلى اللهِ تَعَالَى ولَمَّا سُئِلَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَن الأَضَاحِي قَالَ: «سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ». وَقَدْ قَالَ بِوُجُوبِهَا عَدَدٌ مِنَ العُلَمَاءِ لِقَولِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ, فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». قَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: وَالقَولُ بِالوُجُوبِ أَظهَرُ بِشَرْطِ القُدرَةِ, أَمَّا الْمَدِينُ فإنَّه لا تَلزَمُهُ الأُضحِيَةُ، بل إنْ كان عليه دَينٌ فَينبَغي أنْ يَبدَأَ بالدَّين قبلَ الأضحيةِ.
عبادَ اللهِ: أَرْشَدَنَا نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِيَ أَنَّهُ لا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلا بَشَرَتِهِ شَيئَاً مِنْ حِينِ دُخُولِ العَشْرِ. وبَعضُ إخوانِنا يُكثرُ من السُّؤالِ هَلْ الأَخْذُ مِن الشَّعْرِ أو الأَظَافِرِ مُحرَّمٌ أو هُوَ مُجَرَّدُ سنَّةٍ فَقَط؟ وهل مَنْ أَخَذَ يَنقُصُ مِن أَجْرِ أُضْحِيَتِهِ أَمْ لا؟ فَقَبْلَ الإجَابَةِ: الوَاجِبُ عَليكَ أنْ تُعظِّمَ أَمْرَ اللهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ في نَفْسِكَ واعتِقادِكَ وعَمَلِكَ وَأَنْ تَقولَ: سَمِعنَا وَأَطَعْنَا آمَنَّا بهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا. لأنَّكَ قَدْ تَسْمَعُ مَنْ يُهَّوِّنُ مِنْ شَأْنِ الأَخْذِ! وَأَنْتَ مُطالَبٌ كَذَلِكَ أَنْ تَصْدُرَ عَمَّنْ تَثِقُ بِعلِمِهِ ودِينِهِ: قَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ رحمهُ اللهُ: وَالأَصَحُ أنَّ النَّهْيَ عَن أَخْذِ شَيءٍ مِنْ الشَّعْرِ أو الظُّفُرِ أو البَشَرَةِ أَنَّه لِلتَّحْرِيم؛ وَمَنْ أَخَذَ بِدُونِ عُذْرٍ فَقد خَالَفَ أَمْرَ النَّبَيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بالإمساكِ, وَوَقَعَ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الأَخْذِ، فَعَلَيهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللهَ وَيَتُوبَ إِليهِ وَلا يَعُودَ. انتهى كلامُهُ.
أيُّها الكرامُ: ولا علاقَةَ بينَ صِحَّةِ الأضحيةِ وَبينَ الأَخْذِ مِن الشَّعْرِ أو الظُّفُرِ مِنْ عَدَمِهِ, فَالْمَنعُ مِن الأَخْذِ مَسأَلَةٌ تَعَبُدِيَّةٌ! أَلا فاَتَّقُوا اللهَ رَبَّكم، وَاعْمَلُوا لِعَشرِكُم، بِما تَجِدُهُ ذُخرَاً لَكُم؛ فَإنَّ مَشَقَّةَ العَملِ الصَّالِحِ تَزُولُ وَيبْقَى الأَجْرُ، ولَذَّةَ الْمَعاصي تَزولُ وَيبقَى الوِزْرُ!
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَأصْحَابِهِ. الَّلهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والْمُسْلِمِينَ، وَدَمِّر أَعدَاءَ الدِّينِ وَاجْعَلْ بَلَدَنا آمِنًاَ مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسلِمِينَ. الَّلهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ المُؤمِنينَ. الَّلهُمَّ إنَّا نَسأَلُكَ الهُدى والتُّقَى والعَفَافَ والغِنَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ ذَاكِرينَ، لَكَ شَاكِرينَ، لَكَ مُخْبِتِينَ. الَّلهُمَّ سَهْل على الحُجَّاجِ حَجَّهم, وَيَسِّر لهم أمورَهم, وفِّقْ إِمَامَنَا لِمَا تُحِبُّ وَترْضَى، وَفِّقهُ لِهُدَاكَ, وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ, وانْصُرْ جُنُودَنَا واحفَظْ حُدُودَنا وَرُدَّ كيدَ أعدَائِنا يَارَبَّ العالَمينَ. (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ). (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وَاذْكُروا اللهَ يَذكُركُمْ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.