- الرئيسية
- الصوتيات
-
خطب الجمعة
-
عام 1442هـ
-
10- شوال
-
2آدَابُ النَّاصِحِ وَالْمَنْصُوحِ ( 2 ) 16/10/1442هـ
2آدَابُ النَّاصِحِ وَالْمَنْصُوحِ ( 2 ) 16/10/1442هـ
2آدَابُ النَّاصِحِ وَالْمَنْصُوحِ ( 2 ) 16/10/1442ه
ـ
الحمدُ للهِ حَبَّبَ إلينَا الإيمانَ وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِنَا، وَكَرَّهَ إلينَا الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصِيَانَ وَجَعَلَنَا مِن الرَّاشِدِينَ، وَأَشْهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ شَهَادَةً تَعصِمُ مِنَ الزَّيغِ وَتَدْفَعُ النِّقَمَ، وَأَشهَدُ أَنَّ نَبيَّنَا مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الْمَبعُوثُ رَحمَةً للعُرْبِ وَالعَجَمِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إلى يومِ الدِّينِ.أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: سَعَادَةُ الْمُجتَمَعِ بِانْتِشَارِ النَّصِيحَةِ وَحُبِّهَا وَالعَمَل ِبِهَا، وَمَحَبَّةِ النَّاصِحِينَ وَقَبُولِهِمْ، مُنْطَلِقِينَ مِنْ قَولِ رَبِّنَا: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى). وَرَغْمَ أَنَّ النَّصِيحَةَ يُرَادُ بِهَا خَيرًا لِلمَنْصُوحِ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمَنْصُوحِينَ يَتَمَرَّدُونَ عَلَيهَا وَيَرْفُضُونَهَا! وَلِذَا كَانَ قَبُولُ النَّصِيحَةِ دَلَيلُ رُشْدٍ وَعَقْلٍ، وَالرُّجُوعُ إلى الْحَقِّ فَضِيلَةٌ، وَالعَاقِلُ إذَا وَقَعَ فِيمَا يَشِينُهُ فَنَصَحَهُ مُحِبٌّ لَهُ اتَّعَظَ وَانْتَهَى, وَأَسْرَعَ الإجَابَةَ وَأَظْهَرَ التَّوبَةَ وَالإنَابةَ وَقَالَ: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإليكَ المَصِيرُ). أَمَّا الغَافِلُ البَلِيدُ فَلا يُبالي ذَمًّا ولا يَخَافُ عَارًا، وَلا يَلْتَفِتُ إلى نَاصِحٍ وَواعِظٍ:(وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ). نَعَمْ هَذا حَالُ الْمُفْسِدِ فِي الأَرْضِ العَامِلِ بِمَعَاصِي اللهِ تَعَالى، إذَا أُمِرَ بِتَقْوَى اللهِ تَكَبَّرَ وَأَنِفَ، وأَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ، فَيَجْمَعُ مَعَ الْمَعَاصِيَ التَّكَبُّرَ عَلى النَّاصِحِينَ.{فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ} دَارُ العَاصِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ، وَلَهُ عَذَابٌ دَائِمٌ، عِياذًا بِاللهِ مِنْ حَالِهِمْ. يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "كفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَخُوهُ: اتَّقِ اللهَ. فَيَقُولُ: عَليكَ بِنَفْسِكَ، مُثْلُكَ يُوصِينِي!" حَقَّاً رَدُّ النَّصِيحَةِ واحتِقَارُ النَّاصِحِ دَأْبُ السُّفَهَاءِ، وَصِفَةُ الفُجَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى عَنْهُمْ: (وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ). وَقَالَ عَنْ اسْتِكْبَارِ قَومِ هُودٍ عَليهِ السَّلامُ: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ). أَي: لَنْ نَرْجِعَ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ. قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "مَا نَصَحْتُ أَحَدًا فَقَبِلَ مِنِّي إلَّا هِبْتُهُ وُوَدَدُّتَه، وَلا رَدَّ أَحَدٌ عَلَيَّ النُّصْحَ إلَّا سَقَطَ مِن عَينِي، وَرَفَضْتُهُ. انتهى. فَطُوبَى لِمَنْ أَطَاعَ نَاصِحًا يَهْدِيهِ، وَاجْتَنَبَ غَاوِيًا يُرْدِيهِ. أَنْتَ يَا مُسْلِمُ مُطَالَبٌ بِمَا أَمَرَ اللهُ تَعَالى بِقَولِهِ:(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى*سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى*وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى). وَشَقِيَ مَنْ اسْتَخَفَّ بعِظَة المُشفِق النَّاصِحِ، وَتَعَالَى عَنْ تَذْكِرَةِ الأَمينِ الصَّالِحِ، مُصِرَّاً على عَادَاتِهِ القَبِيحَةِ، وَمَاضِيًا في أَخلاقِهِ الرَّذِيلَةِ. فاللهُمَّ اجعلنَا هُدَاةً مُهتَدينَ، وَفِّقْنَا لِحُسْنِ القَصْدِ والقَولِ والعَمَلِ، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ فاسْتَغفِرُوهُ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية: الْحَمدُ للهِ أَوجَبَ عَلينَا النَّصِيحَةَ وَقَبُولَهَا, وَحَذَّرَنَا مِن الغِشِّ وَرَدِّ الحِقِّ، أَشْهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ جَمِيلُ الْهِبَاتِ, وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ, رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ، الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَليهِ, وَأَصْحَابِهِ, وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ بِكُلِّ الحَالاتِ.أَمَّا بِعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ, وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَتَقَرَّبُوا إليهِ بِالنَّصِيحَةِ وَقَبُولِهَا فِيمَا يُظْهِرُهُ أَحَدُكُمْ وَيُخْفِيهِ، فَإنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةَ. أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: مَنْ عَرَفَ الحقَّ وَجَبَ عَلَيهِ الْخُضُوعُ وَالرُّجُوعُ، وَهُوَ خَيرٌ مِن التَّمَادِيَ فِي البَاطِلِ، وَقُبولُ النَّصِيحَةِ لا يُنْقِصُ مِن قَدْرِكَ، فَاقْبَلْ قَولَ النَّاصِحِ, وَلا تَتَكَبَّرَ عَنْ قَبُولِ النَّصِيحَةِ, فَفِي حَدِيثٍ حَسَّنَهُ الألبَانِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا ذُكِّرْتُمْ بِاللهِ فَانْتَهُواْ). وَأَخْرَجَ الإمَامُ أحْمَدُ وَغَيرهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ. أَيُّهَا المُسْلِمُ العَاقِلُ: أُشْكُرْ مَنْ نَصَحَكَ وَادْعُ لَهُ بِخَيرٍ، فَإنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ». وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ مَنْ أَهْدَى إليَّ عَيْبًا. أَيُّهَا الأَخُ الكَرِيمُ: إذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ وَحَارَ فِكْرُكَ فيهِ فَاطْلُبْ نَصِيحَةَ أَهْلِ العَقْلِ والنُّصْحِ وَلا تَتَرَدَّدَ؛ فَلَنْ تَعْدِمَ خَيرًا مِن رَأْيٍ سَدِيدٍ أَو مَشُورَةْ نَافِعَةٍ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ نَبِيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ". عِبَادَ اللهِ: مَنْ أعْرَضَ عَنْ النَّصِيحَةِ وَأَبْعَدَ النَّاصِحِينَ هَلَكَ. فَقَارُونُ نَصَحَهُ قَومُهُ بِعَدَمِ التَّمَادِي في الطُّغْيَانِ وَالفَسَادِ، وَلَكِنَّهَ رَفَضَ، وَاغْتَرَّ بِأَمْوَالِهِ، وَانْخَدَعَ بِتَصْفِيقِ جُهَّالِهِ، فَخَسَفَ اللهُ بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ. وَفِرْعَونُ لَمْ يَسْتَجِبْ لِنَصِيحَةِ نَبِيِّ اللهِ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ، فَأَغْرَقَهُ اللهُ وَجَعَلهُ عِبْرَةً. وَثَمُودُ أَصَمُّوا آذَانَهُم عَنْ تَذْكِيرِ وَنُصْحِ نَبِيِّ اللهِ صَالِحٍ عَلَيهِ السَّلامُ، فَقَالَ لَهُمْ: (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ). (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ). فَاتَّقُوا اللهَ يا مُسْلِمُونَ، وَاخْضَعُوا لِلحقِّ تَسْعَدُوا، وَاقْبَلُوا نُصْحَ الأَمِينِ تُفْلِحُوا، ولا تَكُونُوا مِمَّنْ لا يُحبُّونَ النَّاصِحِينَ تَخْسَرُوا. فَالَّلهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأقْوَالِ والأَعمَالِ وَالأخْلاقِ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيَّئَها يَا ذَا الجلالِ والإكْرَامِ. اللَّهُمَّ زيِّنا بزينة التَّقوى والإيمانِ، وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِ المُسْلِمينَ عَامَّةً، وَولاتَنَا خاصَّةً لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى. اللَّهُمَّ اعز الإسلامَ والمُسلمين وانصُرْ جُنُودَنا المُرابِطِينَ. وَحَرِّرْ أقْصَانَا مِن اليَهُودِ الظَّالِمِينَ المُعْتَدِينَ واغْفِرَ لَنَا وَلِوادِينَا والْمُسْلِمِينَ أجْمَعِينَ، عبادَ اللهِ: اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 12:00 صباحًا الجمعة 20 جمادي الأول 1446 / 22 نوفمبر 2024.