- الرئيسية
- الصوتيات
-
خطب الجمعة
-
عام 1442هـ
-
08- شعبان
-
إكْمالاً: لقِصَّةِ قَومٍ ظَنُّوا أَنَّهُمْ احْتَالُوا على رَبِّهِمْ 20/8/1442هـ
إكْمالاً: لقِصَّةِ قَومٍ ظَنُّوا أَنَّهُمْ احْتَالُوا على رَبِّهِمْ 20/8/1442هـ
إكْمالاً: لقِصَّةِ قَومٍ ظَنُّوا أَنَّهُمْ احْتَالُوا على رَبِّهِمْ 20/8/1442هـ
الحمدُ للهِ جَعَلَ كِتَابَهُ لِكُلِّ خَيرٍ هَادِيًا، وَعَمَّا سِواهُ مُغْنِيَاً وكَافِياً، أَشهدُ ألاَّ إِلهَ إلاَّ اللهُ وحدَه لا شَريكَ لَه المَلِكُ الوَهَّابُ، (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ). وَأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، بَعثَهُ اللهُ بَخيرِ دِينٍ وأَصدَقِ كِتَابٍ، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وَبَارِكْ عَليهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، والتَّابعينَ لهم بإحْسَانٍ إلى يومِ الحِسَابِ. أمَّا بعدُ. فاتَّقُوا اللَّهَ يَا مُسْلِمُونَ حَقَّ تُقَاتِهِ. عبادَ اللهِ: لا زِلْنَا نَعْتَبِرُ بِقِصَّةِ أصْحَابِ السَّبْتِ حينَ احتَالُوا على أوَامِرِ اللهِ وَشَرْعِهِ وَكَيفَ أنَّ أُنَاسًا وَافَقُوا ذَاكَ الفَاسِقَ وَسَوَّقُوا لَهُ وَشَجَّعُوهُ! وَكُنَّا نَتَسَاءَلُ عَنْ أَحوَالِ النَّاسِ تُجَاهَ عِصْيَانَ بَنِي قَومِهِمْ لِأَوَامِرِ اللهِ تَعالى؟!فَالجَوابُ مَا ذَكَرَهُ اللهُ بِقَولِهِ: (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللِّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ*فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ). عِبَادَ اللهِ: افْتَحُوا مَعِي قُلُوبَكُمْ وَتَفَكَّرُوا بَمَا تَسْمَعُونَ. لَقَد انْقَسَمَ النَّاسُ فِي القَريَةِ تُجَاهَ المُنْكَرِ وَالعُصَاةِ إلى ثَلاثَةِ أقْسَامٍ. أَوَّلُهُمْ: فِرْقَةُ الْعَادِينَ التي فَكَّرَتْ فِي الحِيلَةِ وَخَطَّطَتْ وَمَارَسَتْ خِفْيَةً، ثُمَّ أَعْلَنَتْ! وَاستَمَرَّتْ عَلَى المَعْصِيَةِ رَغْمَ تَحذِيرَاتِ المُخْلِصِينَ مِنْ قَومِهِم! هَذِهِ الطَّائِفَةُ مَاذَا حَصَّلَتْ؟ وَمَا مَصِيرُهَا؟ هَل انْتَصَرَتْ فِعْلاَ وَتَمَتَّعُوا بِتِلْكَ الَّلذَّةِ المُحَرَّمَةِ؟ الجَوَابُ لا. ثُمَّ واللهِ لا! فَحِينَ عَصَوا أَمْرَ رَبِّهِمْ, وَتَخَلَّوا عَنْ الإنْسَانِ المُتَّقِ لِرَبِّهِ المُتَّبِعِ لِأَمْرِهِ, وَانْغَمَسُوا فِي شَهْوَةِ بُطُونِهِم وَفُرُوجِهِم, صَيَّرَهُمُ اللهُ تَعَالى إِلى حَيثُ أَرَادُوا لِأَنْفُسِهِم:(فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ). قَالَ الشيخُ السَّعدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: لَمَّا قَسَوا فَلَمْ يَلِينُوا، وَلا اتَّعَظُوا، قَلَبَهُمُ اللهُ بِإذْنِهِ قِرَدَةً خَاسِئِينَ، وَأَبْعَدَهُم مِنْ رَحْمَتِهِ! اللهُ أكْبَرُ: لَقَد عَذَّبَهُمُ اللهُ عَذَابًا نَفْسِيَّاً وَبَدَنِيَّاً حَقِيقِيَّاً! وَليسَ هَذاَ بِمُسْتَغْرَبٍ فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، قَالَ في آخِرهِ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" وَعَنْ أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" يُمسَخُ قَومٌ مِن أُمَّتِي في آخِرِ الزَّمَانِ قِرَدةً وَخَنَازِيرَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَيَشْهَدُونَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ وَيَصُومُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: فَمَا بَالُهم يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: يَتَّخِذُونَ الْمَعَازِفَ وَالقَيْنَاتِ وَالدُّفُوفَ وَيَشْرَبُونَ الأَشْرِبَةَ فَبَاتُوا على شُربِهم وَلَهْوِهِمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ مُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ". صَحَّحَهُ الإمَامُ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ, نَسْألُ اللهَ العَافِيَةَ وَالسَّلامَةَ. وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ. وأستَغفِرُ اللهَ فاستَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ, وَأَشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ يعلمُ مَا في الأَرْضِ وَمَا في السَّماءِ، وأَشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ إمامُ الأنْبِيَاءِ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وتَزَوَّدُوا لِرَمَضَانَ فإنَّ خَيرَ الزَّاد التَّقوى. عِبَادَ اللهِ: أَمَّا القِسْمُ الثَّانِيِ مِن أَهْلِ تِلكَ القَرْيَةِ: فَهُمُ العُلَمَاءُ وَالمُصْلِحُونَ, الآمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ والنَّاهُونَ عَنْ المُنْكَرِ, الَّذِينَ أَزْعَجَهُمُ الحَالُ, فَقَامُوا بِوَاجِبِ النُّصْحِ وَالتَّوجِيهِ وَالإنْكَارِ. يَدْفَعُهُم إِلى ذَلِكَ غَيرَتُهُمْ عَلى دِينِ اللهِ أَنْ يُنْتَقَصَ! وَلَمَّا سُئِلُوا لِمَا هَذا الإنكَارُ؟ قَالَوا: {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} أَي: لِنُعْذَرَ أَمَامَ اللهِ, فَقَد أَدَّينَا مَا وَجَبَ! {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} فَلَعَلَّهُم يَتْرُكُونَ المَعْصِيَةَ فَلا يَأْسَ مِنْ هِدَايَتِهِمْ، فِي صَحِيحِ مُسلِمٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ». وَهُمُ الذين نَجُوا مِنْ عَذَابِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ, وَمَنْ عَنَاهُمُ اللهُ بِقَولِهِ:(أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ). عِبادَ اللهِ: أمَّا ثَالِثُ الأقْسَامِ: فَهُم أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أنْفُسِهِمْ, وَقَدْ كَرِهُوا فَعَل قَومُهُمْ مِنْ مُنْكَرَاتِ، وَلَكِنَّهُم لَمْ يُحَرِّكُوا سَاكِنَاً وَلَمْ يَقُومُوا بِوَاجِبِهِمُ الشَّرْعِيُّ. بَلْ مِنْ شِدَّةِ يَأْسِهْمُ حَاوَلُوا تَثْبِيَطَ المُصْلِحِينَ! فَقَالوا:(لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) فَصَارُوا يَلُومُونَ الْوَاعِظِينَ. وَيَقُولُونَ أتْرُكُوهُم لا فَائِدَةَ مِن نُصْحِهِمُ! وَقَدْ اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ فِي نَجَاةِ هَؤُلاءِ أَو هَلاكِهِم، وَقِيلَ سَكَتَ الرَّبُّ عَنْهُمُ تَحْقِيرَاً لِشَأْنِهِمُ وَفِعْلِهِمْ! يا مُؤمِنُونَ: لِلقِصَّةِ دُرُوسٌ وَعِبَرٌ فَتَأَمَّلُوها وَتَدَارَسُوهَا. خَاصَّةً وَأنَّنا بِأَمَسِّ الحَاجَةِ لِكَيفِيَّةِ التَّعامُلِ مَعَ مُتَغَيِّراتِ حَيَاتِنَا وَمُجْتَمَعَاتِنَا. أيُّها المُؤمِنونَ: عَشَرَةُ أيَّامٍ على رَمَضَانَ فَهْلْ مِنْ تَوبَةٍ صَادِقَةٍ؟ وَدَمْعَةٍ مُخْلِصَةٍ؟ خَاصَّةً وأنَّنا مُثْقَلُونَ بالأوزَارِ نَسْألُ اللهَ أنْ يَتَدَارَكَنا بِرحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ, وَمَنْ كانَتْ عليهِ أيَّامٌ مِن رَمَضَانَ المَاضِي, فَليُبادِرْ بِقَضَائِها وَلْيُذَكِّرَ أهلَ بَيتِهِ بِذلِكَ. اللهم اجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا وتوفَّنا وأنتَ راضٍ عنا. اللهم أصلح شبابَ المسلمينَ وَنِسَاءَهُمْ وأهدهم سُبَلَ السَّلام وجَنِّبهم الفواحشَ والآثامَ. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، ودمِّر أعداءَ الدِّينِ. اللهم وفِّق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى. ربَّنا ظَلمْنَا أَنفُسَنا، وإنْ لَم تَغفِرْ لَنا وَتَرْحمْنا لَنَكُونَنَّ مِن الخَاسِرينَ. ربَّنا آتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً، وفي الآخرةِ حَسَنَةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 06:42 مساءً الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024.