تَذْكِيرٌ بِفَضْلِ شَعْبَان 6/8/1442هـ
تَذْكِيرٌ بِفَضْلِ شَعْبَان 6/8/1442هـ
الحمدُ للهِ الكَبِيرِ المُتَعَالِ، أَشهدُ ألَّا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له تَسْجُدُ لَهُ الظِّلالُ، وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ ورسولُهُ طَيِّبُ الخِصَالِ, الَّلهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وبَارِك عليه وعلى جَمِيعِ الصَّحْبِ والآلِ ,وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ المَآلِ.أمَّا بعدُ: فَوَصِيَّةُ اللهِ لَنَا تَقْواهُ في السِّرِّ والعلانِيَةِ, (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِى ٱلألْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).عبادَ اللهِ: لَو حَدَّثْتُكُم عَن رَمضانَ, لَقُلْتُم أَينَ نَحنُ وإيَّاهُ! فَمِنْ تَعْظِيمِ اللهِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ, أَنْ هَيَّأَ قَبلَهُ شَهْرَ شَعبَانَ, وَلَهُ من الحَفَاوَةِ وَالعَمَلِ عندَ رَسولِنا ما يفُوقُ المَقَالَ! فَلْنُكْرِمْ سَفِيرَ حَبِيبِنا، فَمِن حَقِّ رَمَضَانَ عَلينَا أَنْ نَصِلَ قَرِيبَهُ وَسَفِيرَهُ! وَخَيرُ مَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ مَوسِمُ الطَّاعَةِ هُوَ كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ, فَمَا أَلْزَمَ عَبْدٌ قَلْبَهُ الاسْتِغْفَارَ إلَّا زَكى, وَهُوَ الأَمَانُ البَاقِيَ لَنَا بَعْدَ رَسُولِنَا فَهَنِيئًا لِلْمُسْتَغْفِرِينَ. أَيُّهَا المُباركُ: مِنْ جُمْلَةِ الوَصَايَا النَّبويةِ قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(اقْرَؤُوا القُرْآنَ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ). وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أجْرَانِ). متفقٌ عَلَيْهِ. فَتَغَانَم صِحَّتَكَ وَفَرَاغَكَ وأكثِر من تِلاوةِ كِتابِ رَبِّكَ, فَوَاللهِ لَيسَ شَيءٌ أنفعَ لَكَ فِي مَعَاشِكَ وَمَعَادِكَ وَأَقْرَبَ إلى نَجَاتكَ وسَعَادَتِكَ مِن تَلاوةِ وتدبُّرِ كِتَابِ ربِّكَ، وَهَلْ يُعذرُ أَحَدٌ مِنَّا فِي زَمنِ التَّقنياتِ والصَّوتياتِ والمرئيَّاتِ عن تِلاوتِهِ؟.فَاظْفَرْ وَلَو بِخَتْمَتَينِ قَبلَ شَهْرِ رَمَضَانَ, وَمَا أَدَقَّ فَهْمَ السَلَفِ وَأَحْرَصَهُمْ على تَحقيقِ التَّقوى والإيمانِ! فَقَدْ قَاَل أَنسُ بنُ مالكٍ رضي الله عنهما: "كانَ المُسلِمُون إذا دَخَلَ شَعبَانُ أَكَبُّوا على المَصَاحِفِ فَقَرَءُوهَا, وَأَخَرجُوا زَكاةَ أَموالِهم؛ تَقوِيَةً لِضَعِفِيهم على الصَّومِ". وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيلٍ: كَان يُقَالُ: شَهرُ شَعبَانَ شَهرُ القُرآنِ. عَن أَبِي مُوسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ: لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ).فاللهمَّ انفعنا وارفعنا بالقرآنِ العظيمِ, وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَتْلُوهُ حَقَّ تِلاوَتِه. وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولِلمُسلمينَ من كُلِّ ذَنبٍّ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية/ الحَمْدُ للهِ الذي فَضَّلَ شَهْرَاً عَلى شَهرٍ، أَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ لَه، يَعلَمُ السِّرَ والجَهْرَ. وأَشهدُ أنَّ نبِيَّنا مُحمَّداً دَائِمُ العَمَلِ والِبشْرِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه, وَعلى آلِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم إلى يَومِ المَقَرِّ. أمَّا بعدُ: فَأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بِتَقوى اللهِ تعالى. يا مُؤمِنُونَ: مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ, أَنْ هَيَّأَ قَبلَهُ شَهْرَ شَعبَانَ, فَلَقَدْ كَانَ رَسُولُنا يحثُّ المُسْلِمِينَ إلى زِيَادَةِ العمَلِ فيه! قَالَتْ أُمُّنَا عَائِشَةُ رَضِي اللهُ عنها: "كَانَ رَسُولُ اللهِ يَصُومُ شَعبَانَ، حَتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، وَمَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلاَّ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيتُهُ فِي شَهْرٍ أَكثرَ صِيَامَاً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ". وَعَن أُسَامَة بْنَ زَيْدٍ رَضِي اللهُ عنهما قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ! قَالَ: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ، بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ". فَاحْرِصُوا وَلَو على الاثنَينِ والخَمِيسِ والبِيضِ, وحُثُّوا أَبنَاءَكَم وَدَرِّبُوهم عليهِ؛ حتى لا يُصابُوا بِتَعَبٍ فِي رَمَضَانَ. وَلْتَبْشِرْ بِالأجْرِ الوَفِيرِ, فَنَبِيُّا قَالَ:"مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَاً"متفقٌ عَلَيْهِ. عِبَادَ اللهِ: ومِمَّا يَنبَغي أنْ نَتواصى بِهِ هَذِهِ الأيَّامَ أنْ نُعَوِّد أنفُسَنَا على قِيامِ الَّليلِ, ولو أنْ نَبدأَ بِثَلاثِ ركَعاتٍ, ثُمَّ بِخَمْسٍ، وَهَكَذَا, حتى نَنْشَطَ عليه لِرَمَضَانَ! يَا مُؤمنونَ: ومِمَّا يُؤكَّدُ عليهِ في شَعبَانَ صِلَةُ الأرحامِ, وتركُ التَّشَاحُنِ والبَغضَاءِ, وَمَن كَانَ عليه أيَّامٌ مِن رَمَضانَ المَاضي فَليُبَادِر بِقَضَائِها مِن الآن, وَذَكِّروا أهْلَ بَيْتِكُمْ وَتَفَقَّدُوهُمْ بالسُّؤالِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان وفقنا لما تحبُّ وترضى ووفق ولاة أمورنا وأعنهم على البرِّ والتقوى, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا ربَّ العالمين.اللهم اجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا,اللهم بلغنا رمضان،وارزقنا فيه حُسنَ القولِ والعملِ. اللهمَّ أعزَّ الإسْلامَ والمُسْلِمِينَ وانْصُرْ مَنْ نَصَرَ الدِّينَ, اللهم انصُرْ جُنُودَنا واحفَظْ حُدُودَنا, وَتَقَبَّلَ شُهَدَاءَنا فِي الصَّالِحِينَ, وَرُدَّ كَيدَ الكَائِدِينَ يَاربَّ العالمِينَ. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.