وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي 15/2/1442هـ الحمدُ للهِ جعلَ الصلاةَ عمادَ الدِّينِ, وكِتَاباً مَوقُوتَاً على المؤمنينَ, حثَّنا المَولى عليها فَقالَ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ أَشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وَأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرسولُهُ, النَّاصِحُ الصَّادِقُ الأمينُ، آخِرُ وَصِيَّةٍ لَهُ :"الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" حَتَّى جَعَلَ نَبِيُّ اللهِ يُغَرْغِرُهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيصُ بِهَا لِسَانُهُ. الَّلهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ وَمَن تَبِعَهم بِإحسَانٍ إلى يومِ الدَّينِ. أمَّا بعدُ: أيُّها المسلمونَ، اتَّقوا اللهَ تعالى, وَتَذَكَّرُوا أَنَّ أَعْظَمَ نِعْمَةٍ عَلينَا هِي الإسلامُ والإيمانُ، حقَّاً: بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَـٰنِ إِنُ كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ . عِبَادَ اللهِ: الصَّلاةُ الْمَفرُوضَةُ, ركنُ الدِّينِ ومِعراجُ المُتَّقينَ وَفرِيضَةُ اللهِ على المُسلمينَ، لا دِينَ لمَن لا صلاةَ له، ولا حظَّ في الإسلامِ لمَن تَرَكَها وأهمَلَها, هي أَوَّلُ مَفرُوضٍ, وأَعظَمُ مَعرُوضٍ, مَنْ حَفِظَها حفِظَ دِينَهُ وأمانَتَهُ، وَمَنْ أَضاعَها فهو لِمَا سِواها أضيَعُ، هيَ رأسُ الأَمَانَةِ، يقولُ عنها النَّبيُّ :«رَأسُ الأمْر الإسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ الجِهادُ». كلُّ الفَرَائِضِ أَنزَلَهَا اللهُ تعالى على رَسولِهِ إلاَّ الصَّلاةَ، فإنَّهُ سُبحانَهُ أصعَدَ رسولَهُ إليها، فَعَرَجَ بهِ إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ، حتى رَفَعَهُ إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى, ثُمَّ فَرَضَ عَلَيه خَمْسينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وليلَةٍ, فَرَاجعَ رَبَّهُ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِهِ, فهيَ لا تُطيقُ ذَلِكَ! فَوَضَعَها اللهُ عَنه عَشْرَاً عَشْرَا, حتى أَمَرَهُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ, وخَمسُونَ في الثَّوابِ والأجرِ, فَلَمَّا جَاوَزَ رَسولُ اللهِ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى إذْ بِمُنَادٍ يقولُ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي. عبادَ اللهِ: أَوَّلُ ما يُحاسَبُ عليهِ العبدُ صَلاتُهُ قَالَ رَسُولُ اللهِ :«إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلاةُ، فَإِنْ صَلُحَتْ صَلُحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ». مَن تَركَ صلاةً مُكتوبةً مُتعمِّدَاً مِن غيرِ عُذرٍ فقد بَرِئت منه ذِمَّةُ اللهِ. ولقد كان أصحابُ النَّبيِّ لا يرَون شيئَاً مِن الأعمالِ تركُهُ كُفرٌ غيرَ الصَّلاةِ، وفي ذلِكَ قال النَّبِيُّ : «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ إِلاَّ تَرْكُ الصَّلاَةِ» الصَّلاةُ يا مؤمنونَ: عُنوانُ الفلاحِ وطريقُ النَّجاحِ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ .هِيَ أَكبَرُ وَسيلَةٍ لِحِفظِ الأَمنِ والقَضَاءِ على الجَرِيمَةِ، وأنفَعُ وَسيلَةٍ لِلتَّربيةِ على العِفَّةِ والفَضِيلَةِ, ألم يَقُلْ أَصدَقُ القائِلِينَ: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ . رَدَّدُوا رَبَّنَا اجْعَلْنَا مُقِيمِي الصَّلاةِ ومن ذُرِّياتِنَا رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ. وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولِسَائِرِ الْمُسلِمينَ, مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وتَقصِيرٍ، فاستغفِرُوه وتُوبوا إليه، إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ. الخطبةُ الثانية/ الحمدُ للهِ : يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَات أَشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، رَبُّ الأرضِ والسَّمواتِ, وأَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورَسُولُه، شَهادةً نَرجو بِها النَّجاةَ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ عليهِ وعلى آلِهِ وَأَصحابِهِ إلى يومِ المَمَاتِ. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مُسلِمونَ وأَطِيعُوهُ، وراقِبُوهُ ولا تَعصُوهُ، أَهْلُ الصَّلاةِ يا مُؤمِنُونَ لا خَوٌف عَلَيهم وَلا هُمْ يَحزَنُونَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ مَن أَردَ الحِفظَ والتَّوفِيقَ, فَليُحافِظ على الصَّلواتِ الخَمْسِ مع جَمَاعَةِ المُسلمينَ، فإنَّ رَسُولَ اللهِ قالَ: «مَنْ صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ فَهْوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ». أَهْلُ الصَّلاةِ لَهُمُ النُّورُ التَّامُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كما قَالَ نَبِيُّنا « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». أَهْلُ الصَّلاةِ: بُرَآءُ مِنَ النَّارِ ومن النِّفَاقِ، قالَ نَبِيُّنَا :«مَنْ صَلَّى أَربَعِينَ يَومَاً الصَّلَوَاتُ فِي جَمَاعَةٍ لا تَفُوتُهُ تَكبِيرَةُ الإِحرَامِ كَتَبَ اللهُ لَهُ بَرَائَتَينِ: بَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النَّارِ». عِبَادَ اللهِ: أَخْوَفُ مَا نَخَافُهُ أَنْ يَألَفَ بَعْضُ أَصْحَابِ المَحَلاَّتِ عَدَمَ الإغْلاقِ نَظَرَاً لِعَدَمِ إِقَامَةِ الصَّلاةِ في المَسَاجِدِ فِي الفَتْرَةِ المَاضِيَةِ, وَنَألَفُ نَحْنُ ذَلِكَ فَلا نُنْكِرُ عَليهِمْ ولا نُنَاصِحُهُمْ. لِذَا أطْلَقَتْ هَيئَةُ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهيِ عن المُنْكَر هذِهِ الأيَّام حَمْلَةً تَوعَوِيَّةً وَإرْشَادِيَّةً وَتَحْذِيرِيَّةً بِدَعْمٍ مِن كَافَّةِ القِطَاعَاتِ فَجَزَاهُمُ اللهُ خير الجَزَاءِ وَأَوفَاهُ. يا مُؤمِنُونَ: لا نَزالُ بِحمدِ اللهِ, نُشاهِدُ شَباباً, إذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ, أوقَفوا سيَّارَاتِهم وصَفُّوا مع المُصَلِّينَ! فَيَا شَبَابَ الإسْلامِ لا يُشْغِلَنَّكُمْ عن الصَّلاةِ أيَّ شَغْلٍ فَاجْعَلُوها هِيَ المُقَدَّمَةُ على كُلِّ الأشْغَالِ, وَلا تُجَامِلُوا فِي أدَائِهَا فِي وَقْتِهَا كَائِنَاً مَنْ كَانَ! فَحَافِظْ عليها مَهمَا قَصَّرتَ وَأَخْطَأْتَ, فَإنَّها سَتَنهَاكَ عن كُلِّ فَحْشَاءٍ ومُنكَرٍ, وَفَّقَنِي اللهُ وإيَّاكُمْ لِمَرَاضِيهِ، وَجَعَلَ مُستَقبَلَنا خَيرَاً مِن مَاضِيهِ. اللهمَّ أَقِرَّ عُيونَنا بِصلاحِ شَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا، اللهمَّ اجعلنا وذُرِّيَاتِنَا مُقيمِي الصَّلاةِ، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا، اللهمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات, اللهم اغفر لنا ولوالدينا, اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ, وَوفِّق ولاتَنَا وَوُلاةَ المُسْلِمينَ لِمَا تُحبُّ وتَرضَى أعنهم على البرِّ والتَّقوى أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداءِ الحقِّ والأمانة, اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .