الْزَمْ رِجْلَيهَا فَثَمَّ الجنَّةُ 20/6/1440هـ
الْزَمْ رِجْلَيهَا فَثَمَّ الجنَّةُ 20/6/1440هـ
الحمدُ للهِ أَمَرَنا بالبرِّ والإحْسانِ والقولِ للوالدينِ قولاً كَرِيمَاً، أَشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريك له ربَّاً رؤفاً رَحِيمَاً, وأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ وَسلَّمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، والتَّابعينَ لهم ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ وسلَّم تَسليماً مزيداً،
أمَّا بعدُ, عبادَ اللهِ: أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ والعمل ِعلى طَاعَتِهِ, وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.)وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
أيُّهَا المُبَارَكُ: دُونَكَ بابٌ من أبوابِ الجِنَانِ! بابٌ قَرنَهُ اللهُ بحقِّهِ وَطَاعَتـِهِ, وَجَعَلَ رِضَاهُ سُبحانَهُ بِرِضَاهَا, ودُخولَ الجنَّةِ مِنْ تحتِ قَدَمَيها! قَالَ عزَّ من قَائِلٍ كَرِيمًا:(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً(. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً (. وقالَ:) أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
نَعَمْ إنَّها الأُمُّ صَاحبةُ القَلْبِ الرَّحيمِ, والصَّدرِ الحَنُونِ، لها نَفْسٌ كَبِيرةٌ، فهيَ لا تُجازِي بِالسَّيئَةِ، ولا تُعامِلُ بالمِثلِ! بل يَجدُ المُسيءُ لَها يَجدُ مِنْهَا بِرَّاً وَرَحمَةً وَدُعَاءً ، أُمُّكَ: كَم حَزِنَتْ لِتَفرَحَ أَنْتَ، وَجَاعَتْ لِتَشبَعَ أَنْتَ، وَسَهِرَتْ لِتَنَامَ أَنْتَ، أَمَلُها الكَبِيرُ ودُعَاؤُها المُستَمِرُّ أَنْ تَحيَا سَعِيدَاً! أُمُّكَ: هيَ المَخلُوقُ التي تُعطِي ولا تَطلُب أَجْرًا، وتَبْذُلُ ولا تُأمِّلُ شُكْرًا،إنِّها الأُمُ وَكَفَى، بَابُ الجِنَانِ, وطريقٌ إلى المَلِكِ الدَّيَّانِ! تَأمَّل يا رَعَاكَ اللهُ كَيفَ عَظَّمَ اللهُ شَأنَهَا؟ وَكَيفَ أَعلى الرَّسولُ الكريمُ مَكَانَتَها؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :(رِضا الرَّبِّ فِي رِضا الوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُهُ فِي سَخَطِهِمَا). وَقَالَ: ابنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ فِى أَوَّلِ وَقْتِهَا» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». (رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
وعَنْ مُعَاوِيَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَ:« وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ارْجِعْ فَبَرَّهَا, والْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ».
وَلَمَّا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ:«أُمُّكَ, ثُمَّ أُمُّكَ, ثُمَّ أُمُّكَ».
أيُّها الأَوفياءُ: هل سَمعتم خَبَرَ رَجلٍ عَاشَ في عَهدِ رَسُولِ اللهِ ولم يَنَلْ شَرَفَ الصُّحبَةِ, وقد كانَ مُستَجَابَ الدَّعوةِ؟ وَقَد وصَفَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِأَدَقِّ الأَوصَافِ؛ ذَكَرَ اسمَهُ وقبيلَتَهُ وعلامةً في كَتِفِهِ وَبَرَصَاً أَصَابَهُ وبَرِئ منهُ! وَأَرْشَدَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطلُبُوا منه الدَّعاءَ. أَتَدرُونَ يا رَعَاكُم اللهُ بِمَ حَصَلَ على كُلِّ تِلكَ المَزَايا؟ إنَّهُ بسببِ بِرِّه وخِدمَتِهِ لأُمِّهِ! وقد كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا أَتَى أَهْلُ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ القرنيُّ؟ اسْتَمَرَّ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ يَمَلْ. وَفِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ فِي الحَجِّ صَعَدَ عُمَرُ الجَبَلَ وَنَادَى بِأَعْلَى صَوتِهِ: يَا أَهْلَ اليَمَنِ، أَفِيكُمْ أُوَيسٌ مِن مُرَادٍ؟ فَقَامَ شَيْخٌ مِنْهُمِ فَقَالَ: يا أميرَ المؤمنين، قد أكثرتَ السُّؤَالَ عَن أُوَيْسٍ هَذا، وَما أَعْرِفُ أَحَداً إلَّا ابْنَ أَخٍ لِي، وَضِيعُ الشَّأنِ، تَركتُهُ في عَرَفَةَ يَرعى إِبِلاً لَنا. ليسَ مِثُلكَ يَسأَلُ عنهُ, فَرَكِبَ عُمَرُ إليهِ! فَإذَا هُو بِرَجُلٍ يُصَلِّي والإِبلُ حَولَهُ تَرعَى، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ. قَالَ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ: اللهُ أَكْبَرُ، أَوْضِحْ عَن شِقِّكَ الأَيسَرِ؟ قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ إلى ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ وَصَفَكَ وَقَدْ وَجَدْتُّ الصِّفَةَ، وأَعلَمَنا أنَّ بِشِقِّكَ الأَيسرِ لَمْعَةً بَيضَاءَ. قَالَ عُمَرُ ألَكَ وَالِدَةٌ قَالَ نَعَمْ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ». وَأَمَرَنَا أنْ نُقرِئَكَ منهُ السَّلامَ، وَأَنْ تَسْتَغفِرَ لَنَا، فَقَدْ خَبَّرَنَا بِأَنَّكَ سَيِّدُ التَّابِعِينَ، وَأَنَّكَ تَشفَعُ يَومَ القِيامَةِ في عَدَدِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ. فَبَكَى أُوَيْسٌ، وَقَالَ: عَسَى أنْ يكونَ ذَلِكَ غَيرِي، وَلَكِنْ مَن أَنتَ يَرحَمُكَ اللهُ؟ فقالَ: عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَوَثَبَ أُويسٌ فَعَانَقَهُ وَرحَّبَ به، وقالَ: وَمِثلِي يَستَغفِرُ لِمِثلِكَ؟!قالَ عُمَرُ: نَعم، فاستَغفَرَ لَهُ. فَمَا أَعظَمَ بِرَّ الوَالِدَينِ!( رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم مِن كُلِّ ذَنبٍّ وَخَطِيئَةٍ, فَاسْتَغْفِرُوهُ، إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِن عِبادِهِ لِمَكَارِمِ الأَخلاقِ، وَهدَاهُم لِما فِيهِ فَلاحُهُمْ في الدُّنيا، وَيومَ التَّلاقِ، وَأَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاِّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لهُ المَلِكُ الكَريمُ الخَلاَّقُ، وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسولُهُ أَفضلُ خَلقِهِ على الإِطلاقِ، صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وباركَ عليهِ وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ وَمنْ تَبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ التَّلاقِ.
أمَّا بعدُ: فيا عبادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقوى، فَهيَ واللهِ العُروةُ الوُثقَى, والسَّعادَةُ الكُبرى, والنَّجاةُ العُظمَى, واللهِ لَيسَ أَعْظَمُ إحْسَاناً بَعْدَ اللهِ سُبحَانَهُ من الوَالِدَينِ بِوَلَدِهِمَا! فَقَدْ قَرنَ اللهُ حَقَّهُمَا بِحَقِّهِ، وشُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ، وَأَوصَى بِهَما إِحسَانَاً بَعدَ عبادَتِهِ فَقَالَ: (وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً). أيُّهَا المُؤْمِنُونَ: والبِرُّ بالوالِدَينِ لا يَلْزَمُ مِنْهُ حَاجَتُهُمَا أو عَجْزُهُما! حَتَّى ولو كانَا نَشِيطَينِ سَلِيمَينِ! فَهُمَا أَهْلٌ لِلبرِّ والرَّحمةِ والإحسانِ! أَيُّهَا الشَّابُّ النَّشْطْ تَأَمَّلْ! حَالَ صِغَرِكَ وَطُّفُولَتِكَ! حَمَلَتْكَ أُمُّكَ تِسعَةَ أَشهُرٍ وَهنًا على وَهْنٍ، تَزيدُها بِنُمُوِّكَ ضَعفَاً، وعِندِ الوِلادَةِ رَأَتْ مِنْكَ مَوتَاً، زَفَرَاتٌ وَأَنِينٌ، وَغُصَصٌ وآلامٌ، وهيَ تَتَحمَّلُ لِمَا تُؤَمِّلُهُ وَتَرْجُوهُ، وعِندَما أَبْصَرَتْكَ بِجَانِبِهَا وَضمَّتكَ إلى صَدرِها نَسِيت آلامَها وأَوجَاعَها, وَعَلَّقت فِيكَ آمَالَها وَرأَتْ فِيكَ حَيَاتَهَا, خَدَمتَكَ لَيلَها وَنَهارَهَا، أنَسيتَ أنَّ طَعَامَكَ هو دَرُّها, وَبَيتَكَ حِجْرُها، هَيَ بِكَ رَحِيمَةٌ، وَعَليكَ مُشفِقَةٌ، وإنْ قَسَتْ في بعضِ أيَّامِها, فهي تَعمَلُ لكَ ومِن أجلِكَ, فَقولُوا جَمِيعًا بِقُلُوبٍ حَاضِرَةٍ: (رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
يا مُؤْمِنُونَ: بِرُّ الوالِدَينِ خَيرُ مَا يُتَقرَّبَ بِهِ إلى اللهِ تَعَالَى، فَفِيهِ تَتَنزَّلُ الرَّحمَاتُ وتُكشَفُ الكُرُبَاتُ، بِرُّ الوالِدَينِ مِفتَاحُ كُلِّ خَيرِ ومِغْلاقُ كلِّ شَرٍّ، بِرُّ الوالِدَينِ سَبَبٌ لِدُخُولِ الجِنَانِ والنَّجَاةِ من النِّيرانِ، بِرُّ الوالِدَينِ سَبَبٌ في بَسطِ الرِّزقِ وطُولِ العُمُرِ، بِرُّهما سَبَبٌ في دَفْعِ المَصَائِبِ وإِجَابَةِ الدُّعاءِ، فَأينَ نَحنُ مِن هذهِ النَّفَحَاتِ؟! مَنْ بَرَّ والِدَيهِ بَرَّهُ أَبنَاؤُهُ جَزَاءً وِفَاقَاً! فيا أيُّها الكِرامُ: أوصِيكُم ونَفْسِي بِبِرِّ الوَالِدَين عُمُوماً والأُمهَاتِ خُصُوصَاً، وأنْ نَسعَى لإِرضَائِهِمَا وإِسعَادِهِمَا.
أَسأَلُكَ باللهِ العَظِيمِ: مَاذا يُرِيدَانِ مِنكَ إلاَّ كَلمةً حَانِيةً, وَإجْلالاً وَتَقدِيراً! فَتَواضَعْ لَهُمَا، واخفِض لَهما جَنَاحَ الذُّلِ والرَحمَةِ, والجَأ إلى اللهِ بالدَّعَاءِ لَهما حَالَ حَيَاتِهُما وبعدَ مَمَاتِهُما!) رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). ادفَع عَنهمَا الأَذَى فقد كانَا يَدفَعَانِهِ عَنْكَ، لا تُحدِّثهُما بِغِلْظَةٍ أو خُشُونَةٍ فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا غُضَّ الطَّرفَ عن أَخْطَائِهمَا وزَلاتِهما، ولا تَتَكبَّر عَلَيهِمَا بِمَالٍ أو مَنصِبٍ، اطلُبْ مِنهما دَوماً الصَّفحَ والدُّعاءَ فإنَّما هُمَا جَنَّتُكَ وَنَارُكَ.
يَا عَبْدَ اللهِ: قَابِلْهُما بِوجهٍ طَلْقٍ، وَقَبِّل رَأْسَيهِمَا، وَالثَمْ يَدَيهِمَا فَثَمَّ الجَنَّةُ،
لأمِّكَ حَقٌّ لَوْ عَلِمْتَ كَبِيْرُ كَثِيْرُكَ يَا هَذَا لَدَيْهِ يَسِيْرُ
فَكَمْ لَيْلَةٍ بَاتَتْ بِثُقْلِكَ تَشْتَكِي لَهَا مِنْ جَوَاهَا أَنَّةٌ وَزَفِيرُ
وَفِي الْوَضْعِ لَوْ تَدْرِي عَلَيْكَ مَشَقَّةٌ فَكَمْ غُصَصٍ مِنْهَا الْفُؤَادُ يَطِيرُ
وَكَمْ غَسَّلَتْ عَنْكَ الأذَى بِيَمِينِهَا وَمِنْ ثَدْيِهَا شُرْبٌ لَدَيْكَ نَمِيرُ
فَآهًا لِذِيْ عَقْلٍ وَيَتَّبِعُ الْهَوَى وَوَاهًا لأَعْمَى الْقَلْبِ وَهُوَ بَصِيرُ
فَدُوْنَكَ فَارْغَبْ فِي عَمِيْمِ دَعَائِهَا فَأَنْتَ لِمَا تَدْعُوْ إِلَيْهِ فِقِيرُ.
إنِّي أَدعُوكم يا كرامُ: ألاَّ تَخرجًوا مِن هذا المكانِ إلاَّ وقَد عَاهَدتُمُ اللهَ أنْ تَبذُلُوا وُسعَكُم بالبِّرِ والإحسانِ, وإصلاحِ أيِّ خِلافٍ أو شَنَآنِ, فَمنْ كَانَ بِهما بَرَّا فَليُحافِظ على ذَلِكَ ويَزدَادُ، ومَن كانَ غيرَ دَلِكَ فَلْيَخْشَ العَذَابَ والنَّكالَ! فَهَيَّا بِنَا جَميعاً نُسعِدهُمَا بِما يُحبَّانِ,
هَيَّا بِنَا جَميعاً نَدْعُو لَهمَا في كُلِّ وَقتٍ وآنٍ , وألاَّ نَرضَى بِمَنْ يُسيءُ إِليهِمَا, أو يُعَكِّرُ صَفوَهُما!
هَيَّا بِنَا جَميعاً نَطمَئِنُّ عَليهما وَنَرعَاهُمَا, فاللهمَّ أعنَّا على بِرِّهما أحياءً ومَيِّتينَ, اللهمَّ أسعِدنا بِدُعائِهما وبِرِّهما واجعلهم عنَّا راضينَ، اللهمَّ من أفضى منهما إلى ما قَدَّمَ فَنَوِّرَ لهُ قَبرَهُ، واجزهِ عَنَّا خَيرَ الجَزَاءِ وأوفاهُ، واجمَعنَا بهم في دارِ كرامَتِكَ يا رَبَّ العَالَمِينَ. اللهم فاغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أَسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منَّا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. رَبَّنَا آ ربنا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعونَ.