بَعْضُ أَسْبَابِ شَرْحِ الصَّدُورِ 21/ 6/1439هـ
بَعْضُ أَسْبَابِ شَرْحِ الصَّدُورِ 21/ 6/1439هـ
الْحَمْدُ للهِ شَرَحَ صُدُورَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ لِلْهِدَايَةِ بِرَحْمَتِه, وَأَضَلَّ مَنْ شَاءَ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِه, نَشْهَدُ ألَّا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ في أُولوهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ,ونَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ ورسُولُهُ خَيرُ خَلِيقَتِهِ,صلَّى اللهُ وَسَلَمَ وَبَارَكَ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحابَتِهِ.أَمَّا بَعْدُ:فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجَاً وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجَاً.عِبَادَ اللهِ:مِمَّا كَثُرَت مِنْهُ الشَّكْوَى في زَمَنِنا: ضِيقُ الصَّدْرِ,وَالْقَلَقُ وَالأَرَقُ,وَكَثْرَةُ الهَوَاجِسِ,والتَّخَوُّفُ مِنْ المُستَقْبَلِ,والَخَوفُ على مُسْتَقْبَلِ الأولادِ!حَتَّى تَنَغَّصَتْ حَيَاةُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ!أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:الإسْلامُ يُريدُ مِنَّا أنْ نَعِيشَ بِهَنَاءٍ وَرَاحَةِ بَالٍ,فَاللهُ الذي خَلَقَنَا هُوَ الذي تَكَفَّلَ بِرِزْقِنَا وَلَنْ يُضَيِّعَنَا.مِصْدَاقَاً لِقَولِهِ تَعَالَى :)وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا).وَنَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا،أَلا فَاتَّقُوا اللَّهَ،وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ».فَوَاللهِ إنَّ أَعْظَمَ سَبَبٍ لِطِيْبِ الحَيَاةِ هُوَ تَوْحِيدُ اللهِ تَعَالَى وَذَلِكَ بِحُسْنِ الاعْتِقَادِ وَصِحْةِ العَمَل,فَالتَّوْحِيْدُ بِأَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الخَالِقُ لِهَذَا الكَوْنِ والْمُدَبِّرُ لَهُ وَالْمَالِكُ لِكُلَّ شَيْئٍ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ,حَقَّاً كَما قَالَ رَبُّنا:(وَمَنْ يُؤمِنْ باللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ).أنْتَ أيُّها المُؤمِنُ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى:تَرْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ,وَبِمَا قَدَّرَهُ عَليكَ,فَتَرْضَى بِالْمَصَائِبِ,وَتَصْبِرُ عَلَى أَلَمِهَا,فَإِنَّكَ إنْ تَسَخَّطْتَ حَلَّ بِكَ الْهَمُّ وَنَزَلَ بِكَ الْغَمُّ,وَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنَ الْمُصِيبَةِ شَيْئٌ,قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(عَجَباً لأَمْرِ المُؤمنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إِلاَّ للمُؤْمِن:إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ،وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ).وَحِينَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الإِيمَانِ قَالَ:(أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ).عِبَادَ اللهِ:ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى وَكَثْرَةُ دُعَائِهِ مِنْ أَعْظَمِ أَسبَابِ شَرْحِ الصُّدُورِ,فَيَا مَنْ ضَاقَ صَدْرُهُ,وَقَلَّتْ حِيلَتُهُ,ارْفَعْ أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ لِمَوْلاكَ،وَبُثَّ إِلَيْهِ حُزْنُكَ وَشَكْوَاكَ،وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ أَرْحَمُ بِكَ مِنْ أَبِيكَ وَأُمِّكَ,وَاسْتَمِعْ لِدُعَاءٍ عَظِيمٍ,بَشَّرَنَا بِهِ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: (مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حَزَنٌ:اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ،نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ،أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ،أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ،أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ،أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ،أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي،وَنُورَ صَدْرِي،وَجَلَاءَ حُزْنِي،وَذَهَابَ غَمِّي،إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا) قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ؟قَالَ:(أَجَلْ،يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ )صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.أيُّها الأخُ المُسْلِمُ:تُرِيدُ انْشِرَاحَ صَدْرِكَ؟ابْتَعِدْ عَنْ الْمَعَاصِي صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا, وَحَاسِبْ نَفْسَكَ وَعَاتِبْهَا!فَالْمَعْصِيَةُ ذُلٌّ وَهَمٌّ,وَقَلَقٌ وَغَمٌّ!ألَمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالى:(بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).إِحَاطَةُ الْخَطِيئَةِ:هُوَ حَصْرُهَا لِصَاحِبِهَا،وَأَخْذُهَا بِجَوَانِبِ إِحْسَاسِهِ وَوِجْدَانِهِ،كَأَنَّهُ مَحْبُوسٌ فِيهَا لَا يَجِدُ لِنَفْسِهِ مَخْرَجًا مِنْهَا،يَظُنُّ نَفْسَهُ حُرًّا طَلِيقَاً,وَلَكِنَّهُ أَسِيرُ الشَّهَوَاتِ،وَسَجِينُ الْمُوبِقَاتِ،وَإِنَّمَا تَكُونُ الْإِحَاطَةُ بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الذُّنُوبِ،وَالتَّمَادِي عَلَى الْإِصْرَارِ،قَالَ تَعَالَى:(كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).وَفِي كَلِمَةِ يَكْسِبُونَ مَعْنَى الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِمْرَارِ بِالمَعَاصِي!أَيُّهَا الأَخُ الْمُسْلِمُ: كَيْفَ تُرِيدُ مَخْرَجَاً مِمَّا أَنْتَ فِيهِ وَأَنْتَ تَرْتَعُ فِي الْمَعَاصِي؟عَجَبَاً لَكَ!أَلَمْ تَعْلَمْ قَولَ اللهِ تَعَالَى لَكَ:(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)؟!فَجَاهِدْ نَفْسَكَ عَلَى طَاعَةِ رَبِّكَ, وَتَرْكِ ْمَعْصِيَتِهِ,وَبَادِرْ بِالتَّوْبَةِ فَسَتَرَى مَا يَشْرَحُ صَدْرَكَ وَيُنِيرُ قَلْبَكَ وَدَرْبَكَ.(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).فالَّلهُمَّ اشْرَحْ صُدُورَنَا لِطَاعَتِكَ,وَأَسْعِدْنَا بالقُربِ مِنْكَّ يارَبَّ العالَمينَ.أَقُولُ قَوْلِي هذا,وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِلمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِروهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ/الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ,نَشْهَدُ الَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ المَلِكُ الحَقُّ المُبينُ,وَنَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ البَرُّ الأمِينُ صَلَّى وَسَلَّمَ وَبَارَكَ على نبيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أَجْمَعينَ أَمَّا بعدُ.فَاتَّقُوا يا عِبَادَ اللهِ,وَابْحَثُوا عَمَّا يَشْرَحُ صُدُورَكُمْ,وَيُزِيلُ هُمُومَكُمْ,تَجِدُوهَا واللهِ فِيمَا افْتَرَضَهُ اللهُ عَليكُمْ مِنْ صَلاةٍ وَصِيَامٍ,وَحَجٍّ وَزَكَاةٍ,فَإنَّ أرَدَّتَ زِيَادَةً فِي الانْشِرَاحِ والسَّعَادَةِ:فَأكْثِرْ مِنَ السُّنَنِ,وَالنَّوَافِلِ!فَقِيَامُ شَيءٍ مِنْ اللَّيْلِ, والمُحَافَظَةُ على الوِتْرِ,وَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ,وَصَلاةُ الضُّحَى,وَالمُدَاوَمَةُ عَلَى أَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَالنَّوْمِ,وَكَثْرَةُ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ مِمَّا يُرْضِي عَنْكَ رَبَّكَ,وَيَشْرَحُ لَكَ صَدْرَكَ!قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).أيُّها الأَخُ المُبَارَكُ:مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ذَهَابِ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ،كَثْرَةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ,ألمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالَى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ).فَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ وِرْدَاً تَقْرَأُهُ كُلَّ يَوْمٍ لا تُخِلُّ بِهِ أبَدَاً,وَسَلْ رَبَّكَ أَنْ تَكُونَ تِلاوَتَكَ لَهُ سَبَبَاً فِي شَرْحِ صَدْرِكَ،وَتَيْسِيِرِ أمْرِكَ,وَمَغْفِرَةِ ذَنْبِّكَ.فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ,وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ,وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ,اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ,اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ,اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْناَ اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا,الَّلهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشدٍ يُعزُّ فِيهِ أَهْلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر ياربَّ العالمين.اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا إتباعه والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى واجعلهم هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة ياربَّ العالمين.اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا,رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.