أَنْتَ الرَّجُلُ حَقَّاً 14/6/1439هـ
أَنْتَ الرَّجُلُ حَقَّاً 14/6/1439ه
الحَمْدُ للهِ خَلَقَنا فِي أَحْسَنِ تَقويمٍ،نَشْهَدُ ألَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ العَلِيمُ الحَكِيمُ, وَنَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ الله وَرَسُولُهُ أرْشَدَنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ,صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ،وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ رِجَالٌ صَبَروا وصابَروا في حِفْظِ هَذا الدِّينِ,أمَّا بعدُ:فَأُوصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوىَ اللهِ عزَّ وَجَلَّ وَطَاعَتِهِ: وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .في يَومٍ مِن الأَيَّامِ قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لأَصحَابِهِ:تَمَنَّوا،فَتَمَنَّوا أَمْوَالاً وَجَوَاهِرَ يُنفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللهِ،فَقَالَ عُمَرُ:لَكِنِّي أَتَمَنَّى رِجَالاً مِثلَ أَبي عُبَيدَةَ وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ وَحُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ،فَأَستَعمِلُهُم في طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ!رَضِيَ اللهُ عَن عُمَرَ وَأرْضَاهُ،مَا أَصوَبَ رَأيَهُ وَأَدَقَّ فَهمَهُ!لَقَد تَمَنَّى رِجَالاً لأنَّهُ يَعلَمُ أنَّهم الأساسُ الذينَ تَحيَا بِوُجُودِهِمُ الأُمَمُ وَالمُجتَمَعَاتُ؟!وَبِهْمْ تُدفْعُ الشُّرُورُ والفِتَنُ والمُهْلِكَاتِ !وإِنَّ رَجُلاً صَالِحَاً تَامَّ الرَّجُولَةِ,لَهُوَ عِمَادُ الأُمَّةِ وَرُوحُ نَهضَتِهَا,وَمُنطَلَقُ صَلاحِها وإِصلاحِهَا. عبادَ اللهِ:الرُّجُولةُ سِمَةٌ عَظِيمَةٌ,لَهَا صِفَاتٌ مَدَحَهَا اللهُ وَأَثنى عَلَى أَهلِهَا،اقرَؤُوا إِنْ شِئتُم قَولَهُ تَعَالى: في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ . اللهُ أكبَرُ:هُنَا في المَسَاجِدِ تجِدُ أَمَاكِنَ الرِّجَالِ،فَمنها انطَلَقَوا,وفيها ترَبَّوا,وبِها تَعَلَّقَتْ قُلُوبُهم! فَلا تُشغِلُهُمْ الدُّنيا عن الآخِرَةِ بِأيِّ حَالٍ من الأَحوالِ.الرِّجَالُ حَقَّاً:مَهَمَّتُهُمْ كَالمُرسَلِينَ,فَهُم أَهلُ الجُرأَةِ والحقِّ والدِّينِ,الآمرينَ بالمعروفِ النَّاصحينَ للخلقِ قَالَ اللهُ تَعالى عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: وَجَاءَ مِن أَقصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسعَى قَالَ يَا قَومِ اتَّبِعُوا المُرسَلِينَ .ولهذا كان النَّبِيُّ يَتَطَلَّعُ إلى رَجُلٍ يُناصِرُهُ وَيُعِزُّ دَعوَتُهُ،فَكَانَ يَقُولُ:(اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بَأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ؛بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،أَوْ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ:فَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ).فَلم تَكُن رُجُولَةُ عُمرَ في قوةِ بدنِه،أو رِفعَةِ نَسَبِهِ,ولكنَّها كَانَتْ فِي قُوَّةِ إيمَانِهِ,وَصَدْعِهِ بِالحَقِّ!عبادَ اللهِ:مِن صِفَاتِ الرِّجَالِ حَقَّاً: صِدقُ الحَدِيثِ,والوَفَاءُ بالعَهدِ,وردُّ الحُقُوقِ إلى أهلِها!وَمِنْ صِفَاتِهمْ:الثَّبَاتُ عَلَى المَنهَجِ الحَقِّ وَعَدَمُ التَّلَوُّنِ وَالنُّكُوصِ،فقد مَدَحَ اللهُ صِنفًا كَرِيمَاً مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ: مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضَى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلاً .فَلَمْ يَنحَرِفُوا أَو يَمِيلُوا،بَلْ ثَبَتُوا عَلَى الصِّرَاطِ.فَمَا أَجمَلَ المُسلِمَ إِذْ عَرَفَ الحَقَّ أَن يَلزَمَ ويَستَقِيمَ! فَقَدْ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لِمَنِ استَوصَاهُ بِحَدِيثٍ يَنْتَفِعُ بِهِ:(قُلْ:آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ). وَنَحنُ زَمَنٍ مُخِيفٍ كَثُرت فيهِ أُغلُوطَاتٌ وَشُبُهَاتٌ وَتَهْدِيدَاتٌ مِنْ أَطْرَافٍ شَتَّى!فَاسْتَقِمْ على الحَقِّ المُبِينِ,فَإنَّ النَّصْرَ للإسْلامِ والمُسْلِمِينَ.أيُّها المُؤمِنُونَ:وَمِن صِفَاتِ الرِّجَالِ في القُرآنِ أنَّهم قَوَّامُونَ عَلَى مَن وَلاَّهُمُ اللهُ أَمرَهُم مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ،قَالَ سُبحَانَهُ: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم قال ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ:القيِّمُ هُوَ الرَّئِيسُ،الذي يَحْكـُمُ أَهلَهُ وَيُقَوِّمُ اعْوَجَاجَهُم إذا اعْوَجُّوا،وهو المَسئُولُ عنهم يومَ القيامةِ، قالَ :(كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ,وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ). أيُّها الكِرامُ:وَإِنَّ اطِّلاعًا عَلَى حَالِ بَعضِ البُيُوتِ,وَجَولَةً في الأَسوَاقِ والمُتَنَزَّهاتِ والمِهْرَجَانَاتِ والمُدَرَّجَاتِ,لَتُرِيكَ كَم تُقتَلُ الرُّجُولَةُ وَتُذبَحُ عَلَى أَيدِي أُنَاسٍ أَسلَمُوا القِيَادَ لِنِسَائِهِمُ!وتَخَلَّوا عن قَوَامَتِهم!وَتَرَكُوا لَهُنَّ الحَبلَ عَلَى الغَارِبِ،يَطُفنَ في الأَسوَاقِ كَالهَمَلِ،ويَلبَسنَ مَلابِسَ الفِتنَةِ بلا حَيَاءٍ ولا خَجَلٍ!لا يَترُكنَ دُكَّانًا إِلاَّ دَخَلنَهُ،وَلا بَائِعًا إِلاَّ فَتَنَّهُ،وَلا شَابَّاً إلاَّ مَازَحْنَهُ وَصَوَّرْنَهُ!وَمَنْ تَابَعَ بَعْضَ المَقَاطِعِ المُنْتَشِرَةِ قَالَ:ذَاكَ مُحالٌ!وَضَرْبٌ مِن الخَيالِ!وَالحَقُّ أنَّهُنَّ بَنَاتُ مُسْلِمينَ! فَهَل هَذا مِنْ مُقتَضَياتِ الرُّجُولَةِ والقِوامَةِ؟فَالَّلهُمَّ أَعِنَّا جَمِيعَاً عَلى أَدَاءِ الأَمَانَةِ وَحَقِّ القِوامَةِ, أقولُ مَا سَمَعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِلمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍّ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخطبة الثانية / الحَمْدُ للهِ وَسِعَ كلَّ شَيءٍ بِرحمَتِهِ،وَعمَّ كُلَّ حَيِّ بِنعمَتِهِ،نَشهدُ ألَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شريك له في رُبُوبِيَّتِهِ وأُلُوهِيَّتِهِ، وَنَشهدً أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ الله وَرَسُولُهُ خِيرتُه من بَرِيَّتِهِ،صلَّى اللهُ وسلَّم وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحاَبَتِهِ،والتَّابعينَ لَهُمْ وَمَنْ تَبِعهُمْ على سُنَّتِهِ. أَمَّا بَعدُ:فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ,وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ،قِفُوا عِندَ حُدُودِهِ،وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ. في الصَّحِيحِ أنَّ النَّبيَّ قالَ:(إِنَّهُ لَيَأتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيَامَةِ فَلا يَزِنُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ،وَقَالَ:اقْرَؤُوا إِنْ شِئتُمْ: فَلاَ نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيَامَةِ وَزنًا ).نَعَمْ يَا كِرامُ:الرِّجالُ لا يُقَاسُونَ بِأَحسَابِهم وَلا بِأشكَالِهمِ,ولا بِحسَابَاتِهِم وَثَرائِهم,وَإِنَّمَا بِمَا وَقَرَ فِي قُلُوبِهم من الإِيمَانِ,وما حقَّقُوهُ من عَمَلٍ صالِحٍ. وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ .أيُّها الكِرَامُ:والعجيبُ أَنَّكَ تَرَى بعضَ النَّاسِ يُبَرِّرونَ أخْطَائَهُمْ بِأَنَّهَا مِن مُقتَضَياتِ الرُّجُولَةِ!فالكَذِبُ والتَّدليسُ, يَعُدُّونَها رُجولَةً!وَالتَّهَوُّرُ في القِيَادَةِ ومُخالفةُ الطُّرُقاتِ والتَّفْحِيطُ يَعُدُّونَها مَفخَرةً ورُجولَةً! والأَدْهى والأمَرُّ والمُحزِنُ والمُخْزِي أنْ يكُونَ الذَّكَرُ في البَيتِ مُتَسَلِّطَاً على زَوجتِهِ وَأَولادِهِ سَبَّاً وَشَتْمَاً,وَضَرْبَاً وَإهَانَةً,ويَعُدُّ ذلِكَ مَفخَرةً ورُجُولَةً!وَمَا عَلِمَ أنَّها الحَمَاقَةُ وَالسَّفهُ بِعَينِها!قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ مَا مَفَادُهُ:الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بإلزامِهِنَّ بِحقوقِ اللهِ،مِن المُحافَظَةِ على الفَرَائِضِ,وَكَفِّهِنَّ عن المَفَاسِدِ،وأنْ يُلزِمُوهُنَّ بِذَلِكَ،وَقَوَّامُونَ عَليهِنَّ بِالإنفَاقِ والكُسوَةِ والمَسكَنِ،فَهِيَ عِندَهُ عَانِيَةٌ أَسِيرَةٌ خَادِمَةٌ,فاتْرُكُوا مُعاتَبَتَها على الأُمُورِ المَاضِيَةِ،والتَّنقِيبِ عن العُيوبِ التي تَضُرُّ وتُحْدِثُ الشَّرَّ!فَوَظِيفَتُهُ أنْ يَقُومَ بِما استَرعَاهُ اللهُ بِهِ.انتهى. يامُؤمِنُونَ:الرِّجَالُ حَقَّاً:لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ!فَأَينَ مَن يتَهَاوَنُونَ عنِ الجَمَاعَةِ وَيتَشَاغَلُونَ عَنْهَا لأدْنَى سَبَبٍ؟هَلْ عَرَفَ الرُّجُولَةَ مَن غَلَبَهُ الفِرَاشُ عَن الفَجرِ مع الجَمَاعَةِ؟سُبْحَانَ اللهِ:صِنْفٌ مِن النَّاسِ تَشغَلُهُم عَنِ الصَّلاةِ قَنَاةٌ مَاجِنَةٌ،وَتُلهِيهِم عَن المَسَاجِدِ مَسرَحِيَّةٌ فَاجِرَةٌ،وَيُنسِيهِمْ عَنْ الذِّكْرِ مَقْطَعٌ سَافِلٌ!فَمَا أَبْعَدَهُم عَن رِجَالٍ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ.مَعَاشِرَ الشَّبابِ:أَنْتُمْ رِجَالُ المُسْتَقْبَلِ فَلا يَكُنْ أَحَدُكُمْ إمَّعَةً إنْ أَسَاءَ غَيرُهُ تَبِعهُ!وإنْ جَاءَت مَوضَةٌ أخَذَها,ألم يَلْعَنَ رَسُولُ اللهِ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ،بل قَالَ:(أَخرِجُوهُم مِن بُيُوتِكُم).الرُّجُولَةُ الحَقَّةُ ياكِرامُ:رأَيٌ سَدِيدٌ،وعَمَلٌ رَشِيدٌ,ومُروءُةٌ وَشَهَامَةٌ، وَتَعاونٌ وَتَضَامُنٌ،فَعلى كُلٍّ منَّا أنْ يُعِدَّ عُدَّتهُ لِلتَّحَلِّي بها،فَعَاقِبَتُها جَمِيلَةٌ وَثَمَراتُها عَاجِلَةٌ وآجِلَةٌ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا جَمِيعَاً مِن الرِّجَالِ التَّوابِينَ المُتَطَهِّرينَ القَائِمَينَ لِلذِّكرِ والمُقِيمِينَ الصَّلاةَ,وَمِنْ القَوّاَمِينَ عَلَى نِسَائِهِمْ, اللهمَّ وفقنا لِمَا تُحبُّ وَترضى وأَعنا على البِرِّ والتقوى,وأهدنا وأهد بنا ويسر الهدى لنا,أصلح نياتنا وذُرِّيَاتِنا وأقر أعيننا بصلاحهم,اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين خذ بنواصيهم للبر والتقوى ومن العمل ما ترضى ياربَّ العالمين, عباد الله أذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.