خطبة الجمعة 22-12-1432هـ بعنوان إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ
الحمدُ لله الذي أنزل على عبدِهِ الكتابَ,تَبصِرَةً وذِكرى لأولي الألبابِ،نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَى وَأَعْطَى،وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا دَفَعَ وَكَفَى؛نشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،ربُّ الأربابِ ومُسَبِّبُ الأسبابِ,ونشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى بأفضلِ كتابٍ,لِيُبَشِّرَ النَّاسَ ويُنذِرَهُمْ يومَ الحسابِ,صَلََّى اللهُ وَسَلََّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ المآبِ.
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا الله عبادَ الله، وأعِدِّوا ليومِ المعاد عُدَّته ، أيُّها الكرامُ،لا ريبَ أنَّ قَصَصَ القرآنِ أَحْسَنُ الْقَصَصِ وأبلغُها, فإنِّها لم تُنَزَّلَ لإمتاعِ العقولِ،وإنَّما لغرَضٍ مَقصودٍ: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ وفي أنباءِ المرسَلينَ تقريرُ الإيمانِ بالله وتوحيدِه وإخلاصِ العملِ له،وفي أنباءِ المرسَلينَ تَتبيَّنُ قُبحَ الشِّركِ باللهِ وأنَّه سببُ الهلاكِ في الدُّنيا والعذابِ في الآخِرَةِ،وهي درسٌ للمؤمنينَ لِيقتدوا بهم في مقامِ الدَّعوةِ والصَّبرِ والثَّباتِ واحتِسابِ الثَّوابِ من اللهِ وحدَهُ لا يَطلبونَ من أحدٍ أجرًا ولا جزاءً ولا شُكُورًا.وفيها منَ البَشَارَةِ بالفَرَجِ مِن بعدِ الشِّدَّةِ،وتَيْسِيرِ الأمورِ بعدَ تَعَسُّرِها،وحُسنِ العواقِبِ بعدَ نَكَدِها،ما يكونُ زاداً للمتَّقِينَ وسُرُوراً للدَّاعينَ وَسُلوَةً للمخلِصِينَ.وإليكم يا مؤمنونَ قصَّةَ قَريةٍ أوغلت في الكفر والضَّلالِ والشِّركِ والانحلال,فأنذرهاَ نبيُّها العذابَ والنَّكالَ وخرجَ منها مُغَاضِباً لِفعلهم فتوعَّدهم بالعذابِ بعدَ ثلاثِ ليالٍ! فمن هؤلاءِ القومِ ؟ ومَنْ نبيُّهم ؟ وهل نجو من عذابِ اللهِ تعالى؟ ذَكَرَ أهلُ التَّفسير والسِّيَرِ أنَّ اللهَ تعالى بعثَ يُونُسَ بنَ مَتَّى عليهِ السَّلامُ نَبِيَّاً وَرسُولاً إلى أهلِ نَينَوَى من أرضِ الْمَوصِلِ في العراقِ فدعاهم إلى الله فكذَّبُوهُ وتَمَرَّدُوا عليهِ وَكَفَرُوا وَعَانَدُوا فَلمَّا طالَ عليه ذلكَ خَرَجَ يُونُسُ عليهِ السَّلامُ من بينِ أَظهُرِهِم وتَوعَّدَهم حُلُولَ العذابِ بهم بعدَ ثلاثِ ليالٍ وغَادَرَهُم مُغَاضِبَاً آبِقَاً !فَلَمَّا أيقنوا بنزولِ العذابِ ودارَ على رؤوسِهِم كَقِطَعِ الليلِ المُظلِمِ,قَذَفَ اللهُ في قُلُوبِهمُ التَّوبةَ والإنابةَ،وَنَدِمُوا على ما كانَ منهم لِنَبِيِّهم،فَلَبِسُوا ثيابَ الذُّلِ وَخَرَجُوا إلى الصَّحَرَاءِ وَفَرَّقُوا بينَ البَهَائِمِ وأولادِها, ثُمَ عَجُّوا إلى اللهِ تَعالى وَتَضَرَّعُوا إليه وَتَمسْكَنُوا بينَ يَدَيهِ،وبكى الرِّجالُ والنَّسَاءُ والبَنُونَ والبَنَاتُ،وجأرتِ الأنعامُ والدَّوابُ،وأخذوا بالبُكاءِ والصُّراخِ في مَشْهَدٍ عَظِيمِ!وبساحَةٍ مَهَيبَةٍ،واللهُ عزَّ وجلَّ يَرى مكانَهم ويَسمَعُ أصواتَهم ويعلمُ حالَهم،فسبحانَهُ أرحمُ الرَّاحمينَ سبحانَ من رحمتُهُ سبقت غضَبَهُ,لقد كَشَفَ اللهُ بَحولِهِ وقوتِهِ ورحْمَتِه عنهم العذابَ الذي كانَ قد تَغَشَّاهم،بل وأثنى عليهم من بينِ الأُمَمِ إلى يومِ القيامةِ بقولِهِ: فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ أي: لم يكن أحدٌ انتفعَ بإيْمَانِهِ،حينَ رأى العذابَ،إِلا قَوْمَ يُونُسَ بعدما رأوا العذابَ آمنوا فكَشَفَ اللهُ عَنْهُمْ العَذَابَ! ولا بُدَّ لِذَلِكَ من حِكمَةٍ والحكمةُ واللهُ أعلمُ أنَّ الإيمانَ الاضطِرَارِيَّ ليس بِإيمانٍ حَقيقةً,وأمَّا قومُ يُونُسَ فإنَّ اللهَ عَلِمَ أنَّ إيمانَهم سَيَستَمِرُّ بل قد استَمَرَّ فِعْلاً وَثَبَتُوا عليهِ واللهُ أعلمُ وأحكمُ, وحسبنا أنْ نُدرِكَ أنَّ قومَ يُونُسَ لَمَّا آمنوا في اللحظةِ الأخيرةِ كَشَفَ اللهُ عنهمُ العذَابَ،وتُرِكُوا يَتَمَتَّعُونَ بالحياةِ إلى أجلٍ.ولو لَمْ يُؤمنِوا لَحَلَّ العذابُ بِهم وِفْاقاً لِسُنَّةِ اللهِ تعالى,وحسبنا كذلكَ أنْ نُدرِكَ أَمرَينِ هامَّينِ:أوَّلُهُما:تنبيهُ الْمكذِّبِينَ والغافلينَ أنْ يَتَدَارَكُوا أنفُسَهم ويَتَعَلَّقُوا بِخيوطِ النَّجاةِ الأخيرةِ،قبلَ حُلُولِ العذابِ فَلَعَلَّهم ناجونَ كما نَجَا القومُ من عذابِ الْخِزِي في الْحيَاةِ الدُّنيا.وهذا درسٌ عظيمٌ للأفرادِ والشُعُوبِ والحكوماتِ أنَّهُ ما نَزَلَ بَلاءٌ إلا بِذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ ولا رُفِعَ إلا بِتَوبَةٍ وإنَابَةٍ وأنَّ الإيمانَ باللهِ والتَّوبةَ الصَّادِقَةَ والالتجاءَ إلى الله والدُّعاءَ الخالِصَ,والاعتِرَافَ بالخَطَأِ من أعظمِ أسبَابِ رَفْعِ غَضَبِ اللهِ وَمَقْتِهِ وانتِقَامِهِ,ومن تأمَّلَ حالَ الشُّعوبِ والدُّولِ من حولِناَ فلا يَسَعُهُ إلا أنْ يتَذَكَّرَ ويُذَكِّرَ بقولِ اللهِ تعالى : الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
وثانِي الأمور: أنْ نُدرِكَ أنَّ سُنَّةَ اللهِ لَم تَتَعَطَّلَ ولَم تَقِفَ مع الظالمينَ: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا واللهُ تعالى يقولُ: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فحاجتُنا إلى دُعاء اللهِ في هذا الزَّمنِ أكثرُ من أيِّ وقتٍ مَضَى وإصلاحُ أوضاعناَ في هذا الوقتِ ألزمُ من أيِّ وقتٍ مضى! الدعاءُ يا مؤمنونَ رافعٌ للبلاءِ ودافعٌ للشَّقَاءِ،ولن يَهلِكَ مع الدُّعاءِ أحدٌ، فكم من بليَّةٍ ومحنةٍ رَفَعَهَا الله بالدُّعاء؟!وكم من معصيةٍ غفرَها الله بالدُّعاء؟! ونَعمَةٍ ظَاهِرَةٍ وباطِنَةٍ كانت بسبَبِ الدُّعاء؟! فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله : ((لا يُغني حذَر من قدَر، والدُّعاءُ ينفَعُ مِمَّا نَزَلَ ومِمَّا لم ينزِل،وإنَّ البلاءَ لَيَنزِلُ فَيلقَاهُ الدُّعاءُ، فَيَعْتَلِجَانِ إلى يومِ القيامةِ)) يعني يتصارعانِ ! فسبحانَ من بيده ملكوتُ السَّمواتِ والأرضِ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ.أقول ما سمعتم واستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ من كلِّ ذَنْبٍ فاستغفروه إنَّه هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبةُ الثَّانية:
الحمدُ لله المبدئِ المعيدِ، الفعَّالِ لِمَا يُريدُ، أحاطَ بكلِّ شيءٍ علماً،وهو على كلِّ شيءٍ شهيدٌ،نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له،شهادةً نَدَّخِرُها ليومِ الوعيدِ, ونشهدُ أنَّ سيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحمداً عبدُ اللهِ ورسولُه خيرُ العبيدِ,صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه، وعلى آله وأصحابه والتَّابعينَ لهم،ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ المزيدِ . أمَّا بعدُ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ معاشر المؤمنينَ: بعدَ ما عَرَفْنَا خَبَرَ القَومِ بَقِيَ أنْ نَتَعَرَّفَ على خبَرِ نبيِّهم عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وماذا حَصَلَ لهُ,فقد قصَّ النبيُّ على أصحابهِ ما مفادهُ فقال:"إنَّ يونسَ عليه السَّلامُ كانَ وَعَدَ قَومَهُ العَذَابَ،وأخبرَهم أنَّه يأتيهم إلى ثلاثةِ أيامٍ، فَجَأَروا إلى اللهِ واستغفَرُوهُ،فَكَفَّ اللهُ عنهم العذابَ،وغدا يونسُ يَنتظِرُ العذابَ فَلمْ يَرَ شَيئَاً،فانطلقَ مُغَاضِبَاً،حتى أتى قوماً في سفينةٍ، فَحَمَلُوه،فلما رَكِبَ السَّفِينَةَ لَجَّت بِهم وَثَقُلَتْ بما فيها وكادوا يَغرَقُونَ,فقال بعضهم:ما بال سفينَتِكم؟ قالوا:إنَّ فيها عبداً أَبَِقَ مِنْ رَبِّهِ، وإنَّها واللهِ لا تسيرُ حتى تُلقوه،فَتَشَاوَرُوا على أنْ يَقتَرِعُوا، فمن وَقَعَتْ عليه القُرَعَةُ أَلْقَوهُ مِن السَّفينَةِ لِيَتَخَفَّفُوا منه،فلما اقترعوا وقعتِ القرعةُ على نَبِيَّ اللهِ يُونُسَ، فلم يَسمَحُوا به، فأعادوها ثلاثَ مِرَارٍ,فَوَقَعَت عليه أيضاً لِما يُريدُه اللهُ بهِ من الأمرِ العظيمِ، قال تعالى: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ .وهو «مُلِيمٌ» أي مُستحقٌّ لِلَّومِ،لأَنَّهُ تَخَلَّى عن الْمَهَمَّةِ التي أرسلَهُ اللهُ بِها،وَتَركَ قَومَهُ مُغَاضِبَاً قبلَ أنْ يَأَذَنَ اللهُ لهُ.فوقعَ في بطنِ حوتٍ قد وُكِّلَ به،فلمَّا وَقَعَ ابتَلَعهُ وأَهوَى بهِ إلى قرارِ الأرضِ،فَسَمِعَ يُونُسُ تَسبيحَ الحيتانِ للرَّحمنِ،وتسبِيحَ الْحَصى لِفَالِقِ الْحَبِّ والنَّوى،فقالَ في نَفْسِهِ: ما هذا؟ فأوحى اللهُ إليه وهو في بطنِ الحوت: إنَّ هذا تسبيحُ دَوَابِّ البَحرِ، فَسَبَّحَ وهو في بطنِ الْحوتِ،: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَسَمِعَتِ الملائِكَةُ تَسبيحَهُ قالوا:يا رَبَّنا إنَّا نسمعُ صَوتَاً ضَعيفَاً بأرضٍ غَريبةٍ، قال: ذاكَ عبدي يُونُسَ، عَصَانِي فَحَبستُهُ في بطنِ الْحوتِ ، فَشَفَعُوا لَه عندَ ذلكَ، فأمرَ اللهُ الحوتَ فَقَذَفَهُ في السَّاحلِ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ كهيئةِ الفرخِ المَمعُوطِ الذي ليس عليه رِيشٌ، وأنبتَ اللهُ عليه شجرةً من يَقطِينٍ،وهو القَرَعُ يُظَلِّلُه بِوَرَقِهَ ويَمنَعُ عنه الذُّبَابَ, وهذا من تدبيرِ اللهِ ولُطفِهِ بهِ.فلما استكمل عافيتَه ردَّه اللهُ إلى قَومِهِ ,فاستغفروا،وطلبوا منهُ العفوَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ وكانوا مائةَ ألفٍ أو يَزِيدُونَ وقد آمنوا أجمعين. وهذه الَّلمحَةُ عبادَ اللهِ بِسياقِها تُبَيِّنُ عاقِبَةَ الذين آمنوا، بِجانِبِ عاقبةِ الذين لا يُؤمنونَ.أيُّها المؤمنونَ ومن دروسِ القِصَّةِ نُدركُ أهميَّةَ الصَّبرِ في دعوةِ الآخرين،ولهذا جاءَ تأكيدُ ذلكَ لِمحَمَّدٍ وتذكِيرِهِ بِقِصَّةِ يُونُسَ عليه السَّلامُ: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ثانياً: ما قدَّره الله على يُونُسَ عليه السَّلامُ لِحِكمَةٍ بالغةٍ، فلا يَنْبَغِي لأحدٍ أنْ يُقلِّلَ من شأنِهِ عليه السَّلامُ ولِذا حذَّر رسولُ الله ، فقَال: (لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى) ثالثاً: عَظِيمُ قُدرَةِ اللهِ فقد ظلَّ يُونُس عليهِ السَّلامُ حَيَّاً في بطن حوتٍ!
إخوتي ما أحوجَ أمَّتنا في ظروفها الرَّاهنَةِ،وكُروبِها المُحيطةِ المُتَلاحِقَةِ،أنْ تَعِيَ الدُّروسَ من قِصَّتِنا فَتَتَّجِهَ إلى رَبِّها وتَدعُوهُ دُعاءَ المَكرُوبِ،دعاءَ المُعترفِ بِخَطَئهِ الواثِقِ بنصرِ اللهِ ووعدهِ: أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَكم تَغِيبُ عنَّا هذه الدَّعوةُ المُستجابةُ !وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ) عباد الله:خُلاصةُ القصَّةِ تكمنُ في صِدقِ التَّوجُّهِ إلى اللهِ،والتَّسبيحِ بِحمدِهِ,وطلبِ الغَوثِ والنَّجاةِ منهُ وحدهُ، فَتَظَلُّ القصَّةٌ درساً لكلِّ مَغمُومٍ،وفرجاً لكلِّ مَهمُومٍ, فسؤالُ اللهِ فيهِ الفرجُ والمخرجُ ! وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وحاجَتُنا إلى التَّوبةِ والاستغفارِ مُستَمِرَّةٌ،فكم تصيبُ أمَّتَنَا الأَزَمَاتُ ولا تُحسِنُ المَخرَجَ منها؟وكم تملكُ من أسبابِ القوةِ الإلهيةِ،ولكنَّها مع الأسفِ تُهَمِّشُها وتلهثُ وراءَ السَّرابِ!تقرأُ في الكتابِ أنَّ الولاءَ للهِ ولرسولِهِ وللمؤمنين،ثم هي تَستَمرِئُ ولاءَ الكافرينَ وتعانقُ المنافقينَ!وما لم يَصِحَّ المُعتَقَدُ،فَسَنَظَلُّ في تَخَبُّطٍ وَظُلَمٍ، فاتقوا الله عبادَ الله،واحرِصوا على الانتفاعِ بما في قصَص القرآنِ الحكيمِ مِن الفوائد والعبر,فاللهم اجعل القرآنَ ربيعَ قُلوبِنا، ونورَ صُدورِنِا، وجَلاءَ أحزَانِنِا،وذهابَ هُمُومِنا،اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ وأذلَ الشَّركَ والمشركينَ ودَمِّر أعداءَ الدَّينِ وانصر عبادَكَ المُوحِّدِينَ.لا إله إلا أنت لا إله إلا أنت سبحانَكَ إنَّا كُنَّا من الظالمينَ,اللهمَّ إنَّا نجعلُك في نحورِ اليهودِ والنَّصارى والرَّافِضَةِ الحاقدينَ ونعوذُ بك شرورهم,اللهم اجعل بأسهم بينهم شديداً,اللهمَّ شَتِّت شَملَهم وأنزل بهم بأسَكَ الذي لا يردُّ عن القوم الظالمينَ.اللهمَّ وأنجِ المُستضعفينَ من المؤمنينَ والمؤمناتِ في كلِّ مكانٍ يا رب العالمين ,اللهمَّ آمنا في أوطاننا وأصلح ولاةَ أمورِنا,اللهم سَدِّدهُم في أقوالِهم وأفعالِهم رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ عباد الله:اذكروا اللهَ الجليلَ يذكركُم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون
0
0
5.1K
05-22-1433 09:57 مساءً