• ×

09:00 صباحًا , الأربعاء 27 شعبان 1446 / 26 فبراير 2025

خطبة الجمعة 01-12-1432هـ بعنوان هيَّا اغتنموها

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله منَّ علينا بمواسمِ الخيرات، ليغفرَ لنا الذُّنوبَ والسَّيئاتِ، وفَّقَ من شاءَ لاغتنامِها فَحَازَ الدَّرجاتِ، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسعُ العطايا وجزيلُ الهباتِ، ونشهدُ أنَّ محمدا عبدُ الله ورسولُه سبَّاقٌ إلى الخيرات,صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِه والتَّابعين لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الْمَمَاتِ.
أمَّا بعدُ :فاتقوا الله عباد الله، فمن اتقى الله وقاه , وأكرمَ منزِلَه ومثواه ، أيُّها المؤمنون:باركَ الله للجميع عشرَ ذي الحجَّةِ ونسألُهُ التَّوفيقَ فيها والعملَ الصَّلحَ . عبادَ اللهِِِِِِِِِِِِ, رَبُّناَ جلَّ وعلا رحيمٌ وَدُودٌ, يُحبُّ الطَّاعةَ وأهلَها! والمسلمُ بحمدِ اللهِ مُباركٌ أينما حلَّ,وفي أيِّ زَمَنٍ كان! وأعظمُ العملِ طاعةُ اللهِ تعالى ، إذْ الطَّاعةُ بركةٌ ونماءٌ،كما قال المولى: مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا فالصَّلواتُ الخمسُ مُكفِّراتٌ لِما بينهنَّ إذا اجتنبتِ الكبائرُ،والصومُ جُنَّةٌ من الآثام، والصَّدقةُ تُذهِبُ الخطيئةَ كما يُطفِئُ الماءُ النَّارَ، ومَنْ حجَّ فلم يرفثْ ولم يفسُقْ رَجَعَ من ذنوبِه كيومِ ولدتُه أمُّهُ.الله أكبر,أيُّ فضلٍ وكَرَمٍ من الله تعالى لنا ؟! فالحمدُ لله على نعمةِ الإيمانِ والعملِ الصالح !أخي المسلم ألا يمكنكَ أن تَتَمَثَّلَ حياةَ أبي بكرٍ الصِّدِّيق ولو لعشرةِ أيامٍ فقط؟ بلى واللهِ كُلُّنا يستطيعُ ذلكَ بإذنِ اللهِ تعالى خاصَّةً في مثل هذهِ العشر المباركةِ ! استمع إلى هذا الحديثِ العظيم وإلى تلكَ الأعمالِ الجليلةِ !جلسَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ يومٍ فقالَ لأصحابهِ :«مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» هنيئاً لكم يا مؤمنونَ أيُّ بِشَارَةٍ لنا , وأيُّ فَضْلٍ أَعَدَّهُ اللهُ لنا ! فهل نتَّخِذُ من عَشْرِنا مَيداناً للتَّنافسِ والطَّاعاتِ ؟ أم يا تُرى يأخُذُنا التَّسويفُ والكسلُ؟ فهيَّا جِدُّوا وشمِّروا فاللهُ تعالى يقول : وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ
عشرُ ذي الْحِجَّةِ،عشرٌ مُباركاتٍ، أيَّامُها أفضلُ الأيامِ على الإطلاق ! كثيرةُ الحسنات مُتنوِّعةُ الطَّاعات، أقسم اللهُ بها فقال: وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ واللهُ لا يقسمُ إلا بأعظمِ مخلوقاتِه،
أيامُ العشرِ أيامٌ أَكْمَلَ اللهُ فيها الدِّينَ، فأنزلَ في قُرآنِهِ الحكيمِ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا حتى حَسَدَنا اليهودُ على هذا الكمالِ والفضلِ ، أيامُ العشرِ أيامٌ أتمَّ اللهُ فيها النِّعمةَ فدَخَلَ النَّاسُ في دينِ اللهِ أفواجًا ! أيامُ العشرِ أيامُ كَمَالٍ وتمامٍ، ففيها صَلَواتٌ،وصَدَقَاتٌ،وزياراتٌ,وطاعاتٌ،كفاها شَرَفَاً أنَّ فيها الحجَّ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ ، أيامٌ فيها الذِّكر والتَّلبيةُ,والتَّكبيرُ والدُّعاءُ،فيها يومُ عرفةَ وكفى،( وخيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ )،وفيها يومُ النَّحر،وقد قال : ( إنَّ أعظمَ الأيامِ عندَ الله تعالى يومُ النَّحرِ ) حقَّاً هي أفضلُ أيَّامِ الدُّنيا على الإطلاق كما وصفها المصطفى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فقالَ : (ما من أيامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى الله تعالى من هذه الأيام) يعني: أيامَ العشر، قالوا: يا رسولَ الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟! قال: (ولا الجهادُ في سبيلِ الله، إلا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومَالِهِ فلمْ يَرجعْ مِنْ ذَلِكَ بِشيءٍ) وقال : ( ما من عملٍ أزكى عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ ولا أعظمَ أجرًا مِنْ خيرٍ يُعمَلُه في عشرِ الأضحى)
فاللهم أعنَّا جميعاً على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسنِ عبادتك , أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب،فاستغفروه وتوبوا إليه، إنِّه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله على إحسانه، والشُّكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له شهادةَ مُستيقنٍ بِها في جَنَانِهِ،وأشهدُ أنَّ نبيِّنَا محمدًا عبدُ الله ورسولُه بلَّغَ الوَحيينِ سُنَّتِه وقرآنِه،صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه،وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأعوانهِ. أمَّا بعدُ: عبادَ اللهِ اتَّقُوا اللَّهَ ربَّكم ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ ، وَحُجُّوا بيتَكُم , وصِلُوا أرحَامَكُم , تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ. أيُّها الكرامُ :أحثُّ نفسي وإخواني على المسابقةِ للخيراتِ,والمنافسةِ على الطَّاعات, فاللهُ تعالى يقول: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ عظِّموها فهي من شَعَائِرِ واللهُ تعالى يقولُ: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ استقبلوها بالتَّوبةِ الصَّادقة النَّصوحِ،أدُّوا ما افترضَ اللهُ عليكم من صَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَحَجٍّ وزكاةٍ وبرِ وصِلَةٍ ، وفي الحديث القدسيِّ( وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍِ أحبُّ إلي مما افترضتُه عليه) أكثروا فيها من النَّوافلِ فقد بشَّرنا أنَّ اللهَ يقولُ: (وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه) أكثروا في أيام العشر من ذكرِ اللهِ تعالى وأعظمُ الذِّكرِ قراءةُ القرآنِ الكريمِ!وإنَّا واللهِ لَنَسْتَحِي من اللهِ تعالى في تعامُلِنا مع كتابهِ الكريمِ!فقد كنَّا في رمضانَ نتلوهُ ونَتَدَبَّرهُ!فما لِلكَثِيرِينَ منَّا اتخذوهُ مَهجُوراً،فاحذروا,فإنَّ النَّبِيَّ يأتي يومَ القيامةِ يُحاجُّ قَومَهُ بقوله: وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْءاَنَ مَهْجُوراً إنِّها دعوةٌ لنا في هذهِ العشر أنْ نختمَ كتابَ اللهِ تعالى ولو مرَّةً واحدةً , فأنتَ قادرٌ على خَتْمِهِ بإذنِ اللهِ تعالى, قَدْ جَاءكُمْ مّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَـٰبٌ مُّبِينٌ () يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَيُخْرِجُهُمْ مّنِ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ .من أرادَ السَّعادةَ والغنى فبالقرآنِ الكريمِ قال : (أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَتَعْلَّمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ ؟!). هذا واللهِ هو الرِّبْحُ والغنى فَيَا لَيتَنَا نَعقِلُ وَنَعمَلُ !؟.عباد اللهِ, أكثروا في أيَّامِ العشرِ من الذِّكرِ، فقد قال : (فأكثروا فيهنَّ من التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّسبيحِ) قولوا الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أحيوا هذه السُّنَّةَ في بُيُوتِكُم,ومساجدِكم,وطرُقاتِكم,ومكانِ عملِكُم!أيُّها المؤمنون : يُسنُّ في أيام العشرِ الصِّيامُ، (فقد كان النبيُّ يصومُ تسعَ ذي الْحِجَّةِ ويومَ عاشوراءَ وثلاثةَ أيامٍ من كلِّ شهر) قال النَّوويُّ رحمه الله:"صيامُها مُستحبٌ استحبابًا شديدًا" ومن أفضل أعمالِ العشرِ ذَبحُ الأضاحي،لذا أرشدَ النبيُّ من أرادَ أن يضحيَ أن لا يأخذَ من شعرِه ولا بَشَرَتِهِ شيئًا،والبعضُ صار يُكثرُ من السُّؤالِ هل الأخذُ من الشَّعرِ والأظافرِ مُحرَّمٌ أو هو مُجَرَّدُ سنَّةٍ فقط؟وسببُ ذلكَ لأنَّهُ صارَ يُفتى في كثير من القنواتِ أنَّ ذلكَ سُنَّةٌ! أيُّها الإخوةِ ,والواجبُ على المسلمِ أنْ يُعظَّمَ أمر اللهِ ورسولهِ في نَفْسِهِ فذَلِكَ مِنْ تَعظِيمِ شَعَائِرَ اللَّهِ قالَ الشيخُ ابنُ العثيمينِ رحمهُ اللهُ:عند قولِ رسولِ اللهِ : ( فلا يمسَّ من شعرِهِ ولا بَشَرِهِ شَيئَاً ) في هذا الحديث نَهيٌ عن أخذِ شيءٍ من الشَّعرِ أو الظُّفُرِ أو البَشَرَةِ ممن أرادَ أنْ يُضحي حتى يضحي ، وقد اختلف العلماءُ هل هذا النَّهيُ للكراهةِ أو للتَّحريم ؟ والأصحُ أنَّه للتَّحريم ؛ لأنَّهُ الأصلُ في النَّهي ولا دليلَ يَصرِفُهُ عنه ، وَمَنْ أَخَذَ بدونِ عذرٍ فقد خَالَفَ أمرَ النَّبَيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالإمساكِ ، ووقعَ فيما نُهيَ عنه من الأخذِ ، فعليه أنْ يستغفرَ اللهَ ويتوبَ إليه ولا يعودَ. أيُّها المسلم:سارع إلى التَّوبة الصادقةِ بالكفِّ عن المحرماتِ والتَّحللِ من الْمَظالِمِ وَرَدِّ الحقوقِ إلى أهلها والبعدِ عن المشاهدِ الخليعة،والأعمالِ الْمَشِينَةِ ! فالله يقول : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى
فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرَّ الشيطان وشرَّ أنفسِنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم إنا نسألك البرَّ والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم اجعلنا ممن يستمعُ القولَ فيتبعُ أحسنَه، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله:اذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون
بواسطة : admincp
 0  0  1.8K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:00 صباحًا الأربعاء 27 شعبان 1446 / 26 فبراير 2025.