خطبة الجمعة 23-11-1432هـ بعنوان ضَحَايَا عنيزةَ
الحمدُ لله ، تفرَّدَ عزًّا وكمالاً، تقدَّس وتعالى ، نشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، أمرَ بعبادته غدوًّا وآصالاً، ونشهدُ أنَّ محمدا عبدالله ورسولُه الداعي إليه سِرَّا وإعلانا ، والمنزَّلُ عليه قولُه تعالى : يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسَكم وأهلِيكُم نَارَاً ,صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آله وصحبه الذين بلَغوا من المجدِ ظِلالاً، والتّابعينَ ومن تبِعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدّين .
أمَّا بعد، فأيُّها النَّاسُ، اتقوا اللهَ ربَّكم، واحفظوا وصيةَ الله لكم في أولادِكم؛ فإنَّهم أماناتِكُم: وَٱلَّذِينَ هُمْ لاِمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رٰعُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ يُحَـٰفِظُونَ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْوٰرِثُونَ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ أيُّها الكرامُ,لقد شَهِدَتْ عنيزةُ في الأسابيع القريبةِ فواجعُ ومآسي,وكوارثُ وأحزانٍ! جراءَ حوادثِ السيَّاراتِ والدَّراجاتِ النَّاريةِ!فَلَقَدْ صَليَّنا على عددٍ من شَبَابِنَا وفَلَذَاتِ أكبادِناَ,وقلوبُنا مِلؤُها الْحَزَنُ والأسى,ولا نقولُ إلا ما يرضي الرَّبَّ, إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ, نعم قدَّر اللهُ وما شاءَ فعلَ ولكنَّ اللهَ تعالى بعلمِهِ وحِكْمَتِهِ جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبَاً ! لقد هيئَ لنا اللهُ المراكبَ والنِّعمَ فقالَ: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وأمَرَنَا بالشُّكرِ وَوَعَدَنَا بالْمَزِيدِ ,فَلِما أضحتِ السَّياراتُ والدَّراجاتُ في كثيرٍ من الأحيان وبالاً وَدَمَارَاً على كثيرٍٍٍٍ من الأُسَرِ والبُيُوتِ ؟ فلا تكاد تُمضي يومَاً إلا وتسمعُ عن أخبارٍ مُفجعةٍ وحوادثَ مؤلمةٍ جراءَ حوادِثِ السَّياراتِ والدَّراجاتِ , فنحنُ يا كرام أمامَ حربٍ شرسةٍ ، وتُعدُّ بلادُنا مع الأسف الشَّديد من أكثرِ الدُّولِ حَصْدَاً للأرواحِ !فكيف يُتخيَّلُ أن يموتَ عندنا في العامِ الواحدِ أكثرُ سبعةِ آلافِ كلُّهم بسبب الحوادث ؟! وثلثُ أسرَّةِ الْمُستشفياتِ يرقدُ عليها ضحايا الحوادثِ فيا لَهول المصيبةِ ! فهلا كان ذلك باعثَاً لنا على التَّأمُّلِ والاعتبارِ؟ ألم يُرشدنا دينُنَا إلى آداب القيادة ؟وعلَّمنا حُقُوقَ الطَّريقِ ؟ بلى واللهِ لقد حرَّم اللهُ علينا التَّهوُّرَ والسَّفهَ,والطَّيشَ والعَبَثَ فقال : وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وقال تعالى : وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وهل حوادثُ القتلِ والإصاباتُ الخطيرةُ والخسائرُ الفادحةُ إلا من جَرَّاءِ التَّهوُّرِ والسُّرعةِ المُفرِطَةِ والتَّجاوزاتِ الخاطئة وقطعِ الإشاراتِ ظُلمَاً وعُدوانَا,أينَ نحنُ من قول رسولِنا صلَّى الله عليه وسلم: ( إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام كحرمةِ يومِكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)ألا يخشى هؤلاءِ المُتَهَوِّرُونَ من عقوبة مَن قَتَلَ نَفْسَهُ!فقد قالَ رسولُنا صلَّى الله عليه وسلَّم « مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا » أيُّها الكرام,إنَّ هناكَ صُوراً تدلُّ على العَبَثِ بأمنِ البلدِ ومُقدَّراتِه,وهي دليلٌ على امتهانِ أنظمتِه وإجراءاتِه, فالسُّرعةُ الْمُفرِطَةُ داخل الأحياء بات مُقلِقَاً للجميع , وقطعُ الإشارات أمامَ الملأِ بات واضحا للعيان,والعبثُ والتَّفحيطُ أصبحَ منظرا مألوفا, والوقوفُ الخاطئُ, وإطفاءُ الأنوار ليلا, والتَّضييقُ على المارَّة مَنظرا مألوفا وقيادةُ سفهاءِ الأحلام وصغارِ السِّن أصبحتَ تشاهدُه كلَّ وقتٍ وحينٍ,وجنونُ الدَّراجاتِ النَّاريَّةِ مَظْهَرَاً مُحزناً ومُخيفاً! وقيادةُ كبارِ سنٍّ مع نقصٍ في البَصَرِ وضعفٍ في القُوى تكادُ تراهُ يوميَّاً،فيا أخي إذا ضَعُفْتَ فإيِّاك أن تغامرَ بالقيادة ، فلربما أحدَثْتَ ضرراً على نفسِك و إخوانِك.كلُّ تلك المخالفاتِ وغيرِِها تحتاجُ منَّا إلى وقفةٍ حازمة وتعاونٍ للقضاء عليها ,فعلى المربِّينَ مسؤولية ٌكبرى وعلى رجالِ الأمنِ حِمل ثقيلٌ وعلى المسئولين في البلد أنْ يتَّقوا الله تعالى وأنْ يحرصوا على تخفيفِ تلكَ الظواهرِ والقضاءِ عليها,لا أنْ يُقيموا لها المسابقاتِ والميادينِ والجوائزِ!ألم يقل رسولُنا صلَّى الله عليه وسلَّم (( كلكم رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ : وَالأمِيرُ رَاعٍ ، والرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أهْلِ بَيتِهِ ، وَالمَرْأةُ رَاعِيةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجها وَوَلَدهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))
أيُّها الأولياءُ الكرام : أنتم مسئولونَ عن أولادكم أوَّلاً وأخيراً فلا تُؤتُوا السُّفهاءَ أموالَكم, أحفظوهم وجِّهوهم لما فيه صلاحُ وحفظ ُ دينِهم ودنياهم,راقبُوهم لا تَتَساهَلُوا في جانبِ الرَّدعِ والمُحاسبةِ !خذوا على أيديهم وأطروهم على الحقِّ أطراً ! ((فما نَحَلَ والدٌ ولدَه خيرا من أدبٍ حسن يؤدِّبُه به)).ويا رجالَ الأمنِ الأفاضل كانَ اللهُ في عونِكم وسدَّدكم, خُذوا الأمرَ بحزمٍ وقوُّةٍ ولا تأخذنَّكم في الله لومة ُلائم كثـِّفوا الجهود وخذوا على يدِ السَّفيهِ وأطروه على الحقِّ أطرَاً,وأرشدوا نظامَ ساهرٍ إلى مواقعِ الخطرِ ,لا مواقعَ التَّخفيَ والغررِ! لِيكونَ دورُهم فاعلاً,بارك الله في جهودِكم وأعانكم على أداءِ أمانتكم وحمل رسالتكم,أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم وسائر المسلمين من كلِّ ذنب فاستغفروا إنِّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله جعلَ الشبابَ حماةَ الأوطان،نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الدَّيانُ،ونشهد أنَّ محمداً عبدُ الله ورسولُه المؤيدُ بالقرآنِ,اللهم صلِّي وسلِّم وبارك على سيدِنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه والتَّابعين لهم بإحسانٍ وإيمانٍ على مرِّ الزَّمانِ,
أمَّا بعدُ : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عزَّ وجل، فمن اتقى اللهَ وقاه، وأسعده وأرضاه. لا نشكُّ شَبَابنا: أنَّكم عمادُ الأُمَّة وتاجُها وعِزُّها وفخارُها،فاحمدوا الله على ما حبَاكُم به من نعمةِ الصِّحةِ والعافية وكونوا رحمةً على أهليكُم وذويكُم,واحذروا الأذية بشتى أشكالها وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا أتعلمون شَبَابنا كم خَسِرَتْ عنيزةُ في العامِ الماضي جَرَّاء الحوادثِ ؟!
وَقَعَ أكثرُ من ألفٍ وخمسُمائةِ حادثٍ،أُصِيبَ منهم أكثرُ من مائةٍ وتسعي191 مصابا، وبلغت حالات الوفاة 40 حالة وفاة.
أكثرُ سبعةِ ألاف إنسانٍ كلُّهم بسببِ حوادثِ السيارات والدَّراجاتِ؟!
فأسألك بالله أخي الشاب , بأيِّ ذنبٍ قُتِلوا ؟!
أخي الشاب وأنت تقودُ سيارتَك تصوَّر أنَّ الخطرَ مُحدِقٌ بك في كلِّ لحظة فإيِّاكَ والعجلةََ والتهوُرَ , إيِّاك أن تمشيَ على الأرض مَرحا إنَّ الله لا يحبُ كلَّ مُختالٍ فخور , قال نبيك صلى الله عليه وسلم (الأناةُ من الله والعجلةُ من الشيطان)
قد يُدركُ المتأنِّي بعضَ حاجتِه وقد يكونُ مع المستعجلِ الزَّللُ
معاشر الشباب ( َأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ ) . قال الصحابةُ : وما حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ الله ؟ قَالَ : صلى الله عليه وسلم (( غَضُّ البَصَرِ ، وَكَفُّ الأَذَى ، وَرَدُّ السَّلامِ ، وَالأمْرُ بِالمَعْرُوفِ ، والنَّهيُ عن المُنْكَرِ ))
أخي الشاب السَّعيدُ من وُعظَ بغيره فاحذر أنْ تكونَ عبرة ًلغيرك.
لا تكن سبباً في شقاءِ وتعاسةِ أسرٍ فلا يَستهْوِينـَّك شياطينُ الإنسِّ والجنِّ ,
أخي الشاب كلَّما ركبتَ سيارتَك وخرجت من بيتك قل : بسم الله توكلتُ على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله , فإنَّ ملائكةَ الرحمن تقولُ لك : هُديتَ وكُفيتَ ووقيتَ، ويتنحَّى عنك الشيطانُ ويقول: ما لي برجلٍ قد هُدِيَ وكُفيَ ووقِي؟!
قل (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ)
جعلك الله قرّة عين لوالديك وحفظك الله من كلِّ شر ومكروه
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهديَ شباب الإسلام والمسلمين إلى طريق الرشاد وأن يجنِّبهم أسبابَ الشر والفساد وأن يجعلهم رحمة ًعلى أهليهم وذويهم إنِّه مجيب الدعاء
اللهم أعنَّا جميعا على أداء الأمانة ووفقنا لما تحب وترضى
فا للهم اجعلنا لك من الشاكرين لك الذاكرين .
اللهم ادم علينا نعمة الأمن والأمان ,
اللهم أحفظنا وذرا رينا وجميع المسلمين .
اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان ووفقنا لما تحبُّ وترضى يا رحمان
اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى واجعلهم هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة ياربَّ العالمين
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
0
0
1.8K
05-22-1433 09:52 مساءً