• ×

01:23 صباحًا , الجمعة 1 شعبان 1446 / 31 يناير 2025

خطبة الجمعة 16-11-1432هـ بعنوان سلمانُ منَّا أهلَ البيتِ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله رَفَعَ بهذا الدِّينِ أقواماً وَوَضَعَ به آخرينَ،نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له وليُّ الصالحينَ،قضى أنَّ العاقبةَ للمتقينَ،ونشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسولُه بعثهُ اللهُ رحمةً للعالمين،اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه،وعلى آله وأصحابِه,والتابعينَ لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ . أمَّا بعدُ: فاتَّقُوا اللهَ ربَّكُم وأَصلِحوا قلوبَكم وأعمالَكم وأطيعوا الله ورسولَه إنْ كنتم مؤمنين. ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ حقَّاً مَنْ أرادَ الهدايةَ وَسَعَى لها وُفِّقَ وهُدَيَ ! فهذا شابٌ فارسيُّ الأصلِ والْمَنْشَأِ,عاشَ في مَنْزِلٍ مَجُوسيِّ العبادةِ والدِّيانةِ,بل كانَ أبوهُ دُهقانَ قريَتِه فهو زعيمُ الفلاَّحينَ ومن سَدَنَةِ النَّارِ التي لا يَدَعُها تَخبُوا ساعةً لِيسْجُدَ النَّاسُ إليها,وكان الشَّابُّ أَحَبَّ خَلْقِِ اللهِ إلى أبيهِ فلمْ يزلْ حُبُّه بهِ حتى حَبَسَهُ في بَيتِهِ كما تُحبَسُ الجَارِيةُ، قال الشَّابُّ عن نفسِهِ:واجتهدتُ في المجوسيَّةِ حتى كنتُ قَطِنَ النَّار الذي يُوقِدُها فَلا أَترُكُها تَخبُو ساعةً.
تصوِّروا يا كرامُ هذا الشَّابُّ من بلادِ فارسٍ لم يَعْرِفْ من الدُّنيا والدِّينِِ غيرَ عبادةِ النَّار! ومع ذلكَ فَفُؤادُهُ قَلِقٌ وحيرانٌ ! وَصَدَقَ اللهُ : وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ انْشَغَلَ أَبوهُ عن مَزرعتِهِ يَومَاً فأمَرَهُ أنْ يَذْهَبَ إليها لِيَتفقَّدَ أحوالَهَا ! فَمَرَّ بِكنيسَةٍ لِنصارَى فَسَمِعَ أَصواتَهم فيها،فَدَخَلَ عليهم فَأَعجَبَتْهُ صَلاتُهم وقالَ: هذا واللهِ خيرٌ من الذي نحنُ عليه فَمَا تَرَكهَم حتى غربتِ الشَّمسُ وَتَرَكَ ضيعةَ أَبِيهِ فَسَأَلَهم عن أَصْلِ دِينِهم قالوا بالشَّامِ،فلمَّا عادَ قال أَبوهُ:أيْ بُنَيَّ أينَ كنتَ؟ قال: مَرَرْتُ بِأُنَاسٍ يُصَلُّونَ في كَنِيسَةٍ فَأَعجَبَنِي دِينًُهم!قال أيْ بُنَي ليس في ذلكَ الدِّينِ خيرٌ،دِينُكَ ودِينُ آبائِكَ خيرٌ منهُ، قالَ:كلاَّ إنَّهُ لَخَيرٌ من دِينِنِا،فخافَ عليه أبوه فَجَعَلَ قَيدَاً في رِجْلَيهِ ثُمَّ حَبَسهُ في بيتِهِ، قال:فَبَعثْتُ إلى النَّصارى إذا قَدِمَ عليكم رَكْبٌ من الشَّامِ فَأَخبِرُونِي بهم،حتى إذا أَرَادُوا الرَّجعَةَ إلى بلادِهِم ألقيتُ الحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي ثُمَّ خَرَجْتُ معهم هَارباً من أبي ودِينِهِ ! اللهُ أكبرُ عبادَ اللهِ إنَّها غايةُ المعاناةِ بالبحثِ عن الحقيقةِ وعن الطمأنينةِ التي لم تَجِدْ إلى قلبهِ سبيلاً إلى الآنَ ! قَدِمَ معهمُ الشَّامَ فسألَ عن أَفْضَلِ أهلِ الدِّينِ فيها؟ قالوا:الأَسْقُفُ في الكنيسةِ،قال:فجئتُهُ فقلتُ إنِّي رَغِبْتُ في دِينِكَ وأحببتُ أنْ أَخْدِمَكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنَْكَ قال:فَادْخُلْ فَدَخَلْتُ مَعَهُ فكانَ رَجُلَ سُوءٍ يَأْمُرُهم بالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيها فإذَا جَمَعُوا إليهِ شيئًا اكْتَنَزَ لِنَفْسِهِ ولَمْ يُعطِ المَسَاكِينِ شيئاً،فَأَبغَضتُهُ بُغْضَاً شَدِيدَاً لِمَا رَأَيتُهُ يَصْنَعُ، فلمَّا مات اجتمعوا لِيدفنُوهُ فقلتُ لهم إنَّه رَجُلُ سُوءٍ, قالوا وما عِلمُكَ بذلك؟ قلتُ أنا أدُلُّكُم على كَنْزِهِ،فاستخرجوا ذَهَبَاً وَوَرِقَاً،فقالوا:والله لا ندفِنُه أبدًا، فَصَلُبُوهُ ثُمَّ رَجَمُوهُ بالحجارةِ ! ثم جاؤوا بآخرَ فجعلُوهُ مكانَهُ،فما رأيتُ رَجُلاً أَفْضَلَ منه ولا أَزْهَدَ فأحببتُه حبًّا شَديداً , فَأَقَمْتُ مَعَهُ زَماَنَاً ثم حضرَتْهُ الوَفَاةُ قلتُ له إلى من تُوصي بي ؟ قالَ:رجلٌ بالموصلِ فالْحَقْ به،فأتيتهُ فوجدتُهُ خيرَ رجلٍ,فلم يلبثْ أنْ حَضَرَتْهُ الوفاةُ فقلتُ له أوصني, قالَ:رجلٌ بِنَصِيبِينَ فالْحَقْ به، فَجئْتُهُ فوجدتُه على أمرِ صاحِبِيهِ فأقمتُ مَعَ خَيرِِِ رَجُلٍ فو الله ما لبثَ أنْ نَزَلَ به الموتُ,فقلتُ له أوصني: قالَ واللهِ ما أعلمُ أحدًا بقي على أمرِنَا إلا رجلاً بِعَمُّورِيَّةَ فَلَحِقْتُ بصاحبِِ عَمُّورِيَّةَ وأخبرتُه خَبَرِي فقال:أَقِمْ عندي فأقمتُ عندَ رجلٍ على هَدْيِ أصحابِه وأمرِهم، قال وكنتُ اكتَسَبْتُ حتى كانت لي بَقَراتٌ وغُنَيمَةٌ، ثُمَّ نَزَلَ به أمرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فقلتُ لهُ فإلى من تُوصي بي وبما تَأْمُرُنِي؟ قال أيْ بُنَيَّ، لقد أظلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ مَبعوثٍ بِدِينِ إبْرَاهيمَ يَخْرُجُ بأرضِ العربِ مُهَاجِرَاً إلى أرضٍ بينَ حَرَّتَينِ بينهمَا نَخْلٌ ـ يقصِدُ المدينةَ النَّبويَّة َـ ! اللهُ أكبرُ سينطلِقُ من عَمُّورِيَّةَ من الشَّامِ إلى المدينةِ النَّبويَّةِ , نعم!ولكن ما هي علاماتُ هذا النَّبيِّ؟ فقالَ صاحبُ عَمُّورِيَّةَ:إنَّهُ يأكلُ الهديَّةَ ولا يأكلُ الصَّدَقَةَ,وبينَ كَتِفَيهِ خَاتَمُ النُّبوَّةِ فإنْ استطعتَ أنْ تَلْحَقَ بِتِلكَ البِلادِ فَافعَلْ ، فَمَرَّ نَفَرٌ من التُجَّارِ فقلتُ لهم تَحمِلُونِي إلى أرضِ العَرَبِ وأعطِيكم بَقَرَاتِي هذهِ وغُنَيمَتِي,قالوا:نعم فأعطيتُهم إيَّاها وَحَمَلُونِي حتى إذا قَدِمُوا بي وادِي القُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي لِرَجلٍ من يهودَ فكنتُ عندَه ورأيتُ النَّخلَ فَرَجَوتُ أنْ يكونَ البلدُ الذي وُصِفَ لي,وبينما أنا عندَه قَدِمَ عليه ابنُ عَمٍّ لهُ من بني قُرَيظَةَ فابتَاعَنِي فَاحتَمَلَنِي معهُ إلى المدينةِ فو الله ما إنْ رأيتُها حتى عَرفْتُها! فأقمتُ بها وَبَعثَ اللهُ رَسُولَهُ بِمَكَّةَ حتى هاجرَ إلى المدينةِ فو اللهِ إنِّي لَفِي رأسِ عَذْقٍ من نَخلٍ لِسَيِّدِي,إذْ أَقبَلَ ابن ُعَمٍّه فقال:قاتلَ اللهُ بني قِيلَةَ يعني بهمُ الأنصارَ!والله إنَّهم الآنَ لَمُجتَمِعُونَ بِقُبَاءٍ على رَجُلٍ قَدِمَ عليهم من مَكَّةَ يَزعُمُ أنَّهُ نَبِيٌّ،فَلَمَّا سَمِعتُها أخذتني الْعُرَوَاءُ يعني رِعْدَةً حتى ظننتُ أَنِّي سَاقِطٌ على سَيِّديِ،فنَزَلْتُ عن النَّخلةِ فجعلتُ أقولُ لابنِ عَمِّهِ ماذا تَقُولُ؟: فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً وقالَ: ما لَكَ ولِهَذا ؟ أقبلْ على عَمَلِكَ،قلتُ لا شيءَ إنَّما أردتُّ أنْ أستَثْبِتَهُ عمَّا قالَ!
أتدرونَ يا كرامُ مَنْ صاحبنا الباحثُ عن الحقيقةِ والإسلامِ؟ إنَّهُ أبو عبدِاللهِ سلمانُ الفارسيُّ رضي اللهُ عنهُ وأرضاهُ .فكيفَ تعرَّفَ على رسولِ ؟وما الشَّعورُ الذي خالَجَهُ عندما رأى صِدْقَ نُبُوَّتهِ ؟ هذا ما نتعرَّفُ عليهِ بإذنِ اللهِ تعالى !وَصَدَقَ اللهُ : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ أقولُ ما سَمعتم وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ فاستغفروا إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله رفعَ قدرَ أولي الأقدارِ،نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحدُ القهارُ،ونشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسولُه المصطفى الْمُختارُ،صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله الأطهار وأصحابِه المهاجرينَ منهم والأنصارِ،والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ القرارِ.أمَّا بعدُ: فيا عبادَ اللهِ،لِنتَّقِي اللهَ تعالى حقَّ تُقاتِه،ولْنَعْمَلْ على ما تكونُ به نَجاتُنا غداً يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ سلمانُ الفارسيُّ رضي اللهُ عنهُ وأرضاهُ لم يزلْ يتنقَّلُ منِ المشرقِِ إلى المغربِ باحثاً عن نبيِّ هذهِ الأمَّةِ فما إنْ سَمِعَ بِِمَقدَمِهِ إلى المدينةِ النبوِّيَّةِ,حتى جَمَعَ ما عندهُ من طعامٍ ثُمَّ ذهبَ إلى رسول الله وهو بِقُبَاءٍ! وأذَكِّركم بالأوصافِ التي ذَكَرَها لهُ صاحِبُ عَمُّورِيَّةَ من أنَّ نبيَّ اللهِ يأكلُ الهديَّةَ ولا يأكلُ الصَّدَقَةَ,وبينَ كَتِفَيهِ خَاتَمُ النُّبوَّةِ,فَدَخَلَ على رسُولِ اللهِ فقالَ:بَلَغَنِي أنَّكَ رجلٌ صالحٌ ومعكَ أصحابٌ لكَ غُرباءَ ذَوُو حَاجَةٍ وهذا شيءٌ عندي للصَّدَقَةِ فَرَأيتُكم أحَقَّ به مِن غَيرِكُم،فَقَرَّبْتُهُ إليه فقالَ رسولُ الله لأصحابِه كُلُوا وأَمْسَكَ يَدَه فلم يأكلْ، فقلتُ في نفسي هذه واحدةٌ،ثُمَّ انصرفتُ عنه,فَجمَعتُ شيئَاً من طعامٍ وقد تَحَوَّلَ رسولُ الله إلى المدينةِ ثُمَّ جئتُه به فقلتُ هذه هديةٌ أكرمتُكَ بها فأكلَ رسولُ اللهِ منها وأَمَرَ أصحَابَهُ فَأَكَلُوا معه، فقلتُ في نفسي هاتَانِ اثنَتَانِ، ثُمَّ جئتُ رسولَ اللهِ وهو بِبَقِيعِ الغَرْقَدِ قد تَبِعَ جَنَازَةً وعليه شَمْلَتَانِ التَحَفَ بهما فَسَلَّمتُ عليه ثُمَّ استدرتُ أنظرُ إلى ظهرِهِ هل أَرَى الخَاتَمَ الذي وُصِفَ لي فَلَمَّا رآني رسولُ الله عَرَفَ أَنِّي أسْتَثْبِتُ في شيءٍ, فألقى رداءَه عن ظَهْرِهِ فنظرتُ إلى الخَاتَمِ فانْكَبَبْتُ عليه أُقَبِّلُهُ وَأبْكِي، فقال رسول الله: تَحَوَّل فَتَحَوَّلتُ فَقَصَصْتُ عليه حَدِيثي ! فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللهِ أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ!! أيُّها المؤمنون: فهل صفا الدَّهرُ لِسلمَانَ؟كلاَّ فلقد كانَ عبداً رَقِيقَاً لِيهوديٍّ لا يَستَرِيحُ مِن العَنَاءِ والعَمَلِِ ! حَتَّى إنَّهُ فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ بَدْرٌ، وَأُحُدٌ !فأَشارَ عليه رسولُ اللهِ أن يُكاتِبَ سيَّدهُ حتى يَعتُقْ, فَكَاتَبَ صَاحِبَهُ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ يُحْيِيهَا لَهُ، وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: (أَعِينُوا أَخَاكُمْ ) فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ:الرَّجُلُ بِثَلَاثِينَ وَدِيَّةً،يعني فَسِيلَةً وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ،حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلَاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ: (اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَاـ يعني احفر لها ـ فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ )فَفَقَّرْتُ لَهَا، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي،حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ مَعِي فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللهِ بِيَدِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ،مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ،وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي، فَقَالَ: (مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ؟) فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ: (خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ )فَقُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّا عَلَيَّ؟ قَالَ: (خُذْهَا، فَإِنَّ اللهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ ) فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا،فوَ الَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ، أَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ، وَعَتَقْتُ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ الْخَنْدَقَ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ )
عبادَ اللهِ:لم يكنُ سلمانُ مُجاهداً فحسبُ بل كانَ يَعرِفُ فُنُونَ الحربِ فهو الذي أَنْقَذَ اللهُ بهِ المسلمينَ حين أشارَ على رسولِ اللهِ بحفرِ الخندقِ الذي أدْهَشَ قُريشاً وجندَها فكانَ فارسَ غَزوَةِ الخندقِ ومُهندِسَهَا لذا ,احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فِي سَلْمَانَ رَحِمَهُ اللهُ،لأنَّهُ كَانَ رَجُلًا قَوِيًّا، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: سَلْمَانُ مِنَّا، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: سَلْمَانُ مِنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: (سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ) سلمانُ لَمَّا اجتمعَ معَ نَفَرٍ يقولُ أحدُهم: أَنَا قُرَشِيٌّ، وذاكَ يقولُ: أنا قَيْسِيٌّ،وثالثٌ يقولُ: أنا تَمِيمِيٌّ،فسألوهُ عن نسبهِ فأنشدَ:
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سِواهُ إذا افتَخَرُوا بِقَيس ٍ أو تَمِيمٍ
معاشرَ الشَّبابِ:سلمانُ الفارسيُّ مَدرَسةٌ في التَّضحيةِ والفِدَاءِ والبحثِ عن الدِّينِ والسَّعادَةِ فأينَ منَ يَتَخَبَّطُونَ في الظُّلمِ ويتيهونَ في أوحالِ الشَّهواتِ؟ يظنَّونَ أنَّ السَعَادَةَ بها ! كلا وربِّي, فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
فيا شبابَ الإسلامِ:دُونَكُمُ النُّورُ والهدايةُ وعندَّكم السُّنَّةُ والسَّعادَةُ واحذروا فمن لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ
فاللهمَّ بَصِّرنا من العَمَى, واهدنا من الضَلالةِ, وأرِنَا الحَقَّ حَقَّاً وارزقنا اتباعَهُ والباطلَ باطلا وارزقنا اجتنَابَهُ, اللهمَّ اجعل القرآن العظيمَ ربيعَ قلوبنا,ونورَ صدورِنا وجلاءَ أحزانِنا, اللهمَّ إنَّا نعوذُ بك من الهمِّ والْحَزَنِ, ونعوذُ بك من العجزِ والكسلِ,اللهمَّ أصلح لنا دينَنَا الذي هو عصمةُ أمرِنا،وأصلح لنا دُنيانا التي فيها مَعَاشُنَا،وأصلحْ لنا آخرَتَنَا التي إليها معادنا، اللهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ و التَّقوى .
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
بواسطة : admincp
 0  0  4.0K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 01:23 صباحًا الجمعة 1 شعبان 1446 / 31 يناير 2025.