• ×

01:35 صباحًا , الجمعة 1 شعبان 1446 / 31 يناير 2025

خطبة الجمعة 02-11-1432هـ بعنوان نَصْرٌ من اللهِ وفتحٌ قَرِيبٌ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 الحمدُ لله رَزَقَ المؤمنينَ فَتْحَاً مُبِينَاً,وهداهم إليه صِراطاً مُستقيماً,نشهد ألا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ربَّاً عليماً حكيماً,ونشهدُ أنَّ محمداً عبد ُالله ورسولُه أرسلَه اللهُ شَاهِدَاً وَمُبَشِّرِاً ونَذَيرَاً,صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحَابِه,ومن اتَّبعَ سبيلَهم وسلِّمْ تَسلِيماً مَزيداً ,
أمَّا بعدُ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
عبادَ اللهِ :مَنْ مِنَّا مَنْ لا يشتاقُ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ ؟وهو قبلةُ المسلمينَ ومَهوى الأفئدةِ , وإبراهيمُ الخليلُ عليه والسِّلامُ دَعَا فَقَالَ: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ورحمَ اللهُ الشَّيخَ السَّعديَّ حينَ قالَ: (إنَّ اللهَ جَعَلَ في الحجِّ سِرَّاً عَجِيبَاً جَاذِبَاً لِلقُلوبِ،فلا تَقْضِي منهُ وَطَرَاً على الدَّوامِ،بل كُلَّمَا أَكْثَرَ العبدُ التَّرَدُّدَ إليه ازدادَ شُوقُهُ وَعَظُمَ وَلَعُهُ وَتَوْقُهُ إليهِ)
أيُّها الكرامُ:وهذا الشَّوقُ يكونُ لعامَّةِ النَّاسِ,فكيف بمن وُلِدوا فيها؟وَطَافُوا بينَ أركانِ بيتِهِ المُعَظَّمِ وَشَرِبُوا من ماءِ زَمْزَمِه المباركِ لِسِنِينَ طَوِيلَةٍ ؟حَقَّاً لقد أخذَ الشَّوقُ برسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وصحابتِه الكرامِ كُلَّ مأخذٍ بعد غَيابٍ دامَ سِتَّ سنواتٍ لم يُؤدُّوا فيه حَجَّاً ولا عمرةً,والبيتُ إنِّما هو بيتُ الله فليسَ لكفارِ قريشٍ أنْ يَمنَعُوا أَحَدَاً لَبَّى دعوةَ الخليلِ عليه السَّلامُ!ومِن الْمُبَشِّرَاتِ ِأنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يوماً رأى في المنامِ أنَّه دخلَ هو وأصحابُه المسجدَ الحرامَ وأخذَ مِفْتاحَ الكعبة ِوطافوا واعتمروا وحلـَّّقَ بعضُهم وقصـَّر البعضُ فاستبشرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وبشـَّـر أصحابَه بذلك فَفَرِحُوا وَحَسِبُوا أنَّهم داخلونَ مكةََ عَامَهُم هذا,وفي شَهْرِ ذِي القَعدَةِ من السَّنةِ السَّادسةِ للهجرة النَّبويةِ أعلنَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في الحاضرةِ والباديةِ أنَّه يريدُ مكةََ َلأداءِ العمرةِ فلا يُريدُ غَزْواً ولا حَرْباً,وركِبَ ناقتَهُ القَصْواءَ وَخَرَجَ بِأَلْفٍ وأربَعِ مِائَةِ رَجُلٍ ومعه زوجتُه أمُّ سَلَمةَََ َرضي اللهُ عنها,توجَّهوا نحوَ مكةَََ وساقَ معه من الهديِّ سبعينَ بَدَنَةًً وأحرمَوا من ذي الحُليفةِ وأهلَّ بالعمرةِ وقال :
لبيكَ اللهمَّ لبيك لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لكَ والملكُ لا شريكَ لكَ,فأخذَ النَّاسُ يُلبُّون وأمامَ أعينِهم بيتُ اللهِ الحرامِ,وانتشر خبرُ خروجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى مكة َ مُعتَمِرَاً مُسالِماً,ولكنَّ قريشاً غاضَها هذا الخروجُ واعتبرتُه تحدٍّ صارخٍ يَمَسُّ كرامتَها وأَحَقِيتَها في البيتِ الحرامِ,فاجتمعوا وقرَّروا ألاَّ يَدخُلَ محمدٌ وأصحابُه مكةََ َ عُنوَةً عامَهم هذا فأعلنوا حالةَ الحربِ,وخَرَجُوا بأطفالِهم ونساءِهم دَلِيلاً على بَسَالتِهم وطولِ مُقامِهم ,وأمـَّـروا خالدَ بنَ الوليدِ وحَشَدوا ما يُقاربُ ثمانيةَ آلافِ مُقَاتلٍ وَعَسْكَرُوا في عَددٍ من المواقع, فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (ياويحَ قريشٍ لقد أكلَتهُمُ الحربُ،ماذا عليهم لو خَلَّوا بيني وبينَ سائرِ النَّاسِ؟ فإن أصابوني كان الذي أرادوا،وإنْ أظهرني اللهُ عليهم دَخَلُوا في الإسلامِ وهم وَافِرُونَ،وإنْ لم يَفْعلُوا قَاتَلُوا وبِهم قوةٌ،فماذا تظنُّ قريشٌ؟والله إنِّي لا أزالُ أجاهدُهم على الذي بعثني اللهُ له أو تنفردَ هذه السَّالفةَ) فاستشارَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أصحابَه وقال: (أَتَرونَ نَمِيلَ إلى ذَرَارِي هؤلاءِ الذينَ أعانُوهم فَنُصِيبَهم؟فإنْ قَعَدُوا قَعَدوا مَوتُورينَ مَحزُونينَ،وإنْ نَجوا يَكُن عُنقٌ قَطَعَها اللهُ،أَمْ تُريدِونَ أنْ نَؤُمَ هَذا البيتَ فَمَنْ صَدَّنا عنهُ قُاتَلْنَاهُ ؟) فَقَالَ أبو بَكْرٍ: يا رسولَ اللهِ، إنَّما جِئْنا مُعتَمرِينَ، وَلَمْ نَجئْ لِقِتالِ أحدٍ،ولكنْ مَنْ حالَ بَينَنَا وبينَ البيتِ قاتَلْنَاهُ،فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (فَرُوحُوا)فصاروا يُلَبُّونَ ويُهلِّلُونَ وغَيَّرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الطَّريقَ, فَسَلَكَ طَرِيقَاً وَعِراً بين الشِّعابِ لِيَتَحاشى القِتَالَ ولِيَحقنَ الدِّمَاءََ,فَلَمَّا رأى خالدُ بنُ الوليدِ ذلِكَ تَحَرَّكَ بِفُرسَانِهِ واعترضَ لهم,فتحَوَّلُوا إلى طَرِيقِ الحُدَيْبِيةِ بَدَلاً من التَّنعيم,فَخَرَجَت قريشٌ إلى الْحُدَيْبِيةِ وعَسْكَرَتْ دَاخِلَ الْحَرَمِ مُصَمِّمةً على الْمَنْعِ والقِتَالِ.وأثناءَ سيرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بَرَكَتْ ناقتُهُ وكانت من أجودِ النُّوق ِالْمَطَاويِعِ فقالوا:خَلأَتِ القَصْوَاءَ يعني حَرَنت فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( ما خَلأتْ وما هو لها بِخُلُقٍ ولكنْ حَبَسَها حابسُ الفيلِ عن مكة َ)
اللهُ أكبرُ عبادَ اللهِ :لقد رأى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ما لم يَرَ أصحابُه, لقد رأى بِنُورِ اللهِ تعالى وأدركَ ما لم يدركْهُ القومُ عند ذلكَ قال: (والذي نفسي بيده لا يَسْأَلُونِي خُطةً يُعظِّمونَ فيها حُرُمَاتِ اللهِ إلا أعطيتُهم إيَّاها ولا تَدْعُوني قُريشٌ إلى خُطْةٍ يَسألُونِي فيها صلةََ َالرَّحمِ إلا أعطيتُهم إيِّاها) ثم زَجَرَ ناقتَه فَوَثبتْ فأمَرَ أصحَابَهُ فَنَزَلُوا على بِئْرِ الْحُدَيبِيَةِ وكانت قَلِيلةَ الْماءِ فانْتَزَعَ سَهْمَاً فَجَعَلَهُ فيها فَجَاشَ بالرَّي فارتَووا جَمِيعاً ,
أعوذُ بالله من الشَّيطانِ الرَّجِيمِ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
أقولُ ما تسمعونَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروه من كلِّ ذنبٍ إنَّه هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمد لله لا رادَّ لقضائِه ولا مُعقِّبَ لحكمِه له الملكُ وإليه تُرجعون, نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له يُحِقُّ الْحَقَّ ويُبطِلُ البَاطِلَ ولو كَرِهَ الكَافِرِينَ،ونشهدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه الصَّادِقُ الأَمينُ,صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِهِ والتَّابعينَ ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الدِّينِ ,أمَّا بعدُ ,
ما على حَادِي الْمَطَايا لَو تَرَفَّق رَيثَمَا أَسكُبُ دَمعِي ثُمَّ أََعْنَقْ
هـذه الدَّارُ التي يَعرِفُهَـا بالهوى مِنْ أَهْلِهِ مَنْ كانَ أَشْوَقْ
قالَ تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ لقد أعلنَ الرَّسُولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لِقُرَيشٍ أنَّه جاءَ زائراً للبيتِ العتيقِ وأرسلَ مَبْعوثَهُ إليهم فَرَدُّوه فَجَاءَ بُديلُ بنُ وَرْقَاءَ في رِجَال ٍمِنْ خُزاعةَ إلى رَسُولِ اللهِ وبَيَّنُوا أنَّ قريشاً تعزمُ صدَّهم!فَأوضَحَ لهم الرَّسُولُ أنَّه جاءَ زَائِرَاً مُعْتَمِرِاً فَلْتَحْذَرْ قريشٌ من الحربِ والموَاجَهةِ,واقتَرَحَ أنْ يَكُونَ بَينهُم هُدنةٌ إلى وَقْتٍ مَعْلُومٍ,فَعَادَ بُديلٌ إلى قريشٍ وقال لهم : إنَّكُم تَعجَلُون على مُحمَّدٍ إنَّه لم يأتِ لقتالٍ وإنَّما جاء زائراً.فلم يُعجبْهم كلامُه واتَّهموه, ثُمَّ أرسلتْ قُريشٌ عُروةَ بنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ سَيِّدٌ عَظِيمٌ من ساداتِ ثَقِيفٍ فقال يا محمدُ : هل سمعتَ بأحدٍ من العربِ اجتاحَ أهلـَه قَبلَكَ ؟و أيمُ الله لَكَأنِّي بِهؤلاءِ يعني الصحابةََ َ قد انكشفوا عنكَ إنِّي لا أرى مَعَكَ إلاَّ أوبَاشاً من النَّاس خَلَيقاً بهم أن يَفِرُّوا ويَدَعُوكَ,فقال له أبو بكرٍ:أُمْصُصْ بُظَرَ اللاَّتِ أنحنُ نَفِرُّ ونَدَعَهُ؟وكان عروةُ بنُ مسعودٍ يُمسِكُ بلحيةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ويُخاطِبهُ ويستَجدِيهِ وكان الصَّحابيُّ المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقَفيَّ رضي الله عنه,واقِفَاً على رأسِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم,وكُلَّما مدَّ عُروةٌ يَدَهُ لِلِحيةِ رَسُول ِالله قامَ المغيرةُ بقرعِ يدهِ بقائمِ السَّيفِ و يقولُ:أكفُفْ يدَك عن مَسِّ لِحيةِ رسولِ الله قبل أنْ لا تَصِلَ إليك فعاد الوَسِيطُ إلى قُريشٍ فنصَحَهُم أنْ يُخلُّوا بينَهُ وبينَ البَيتِ وأخبرَهم عن حبِّ الصَّحابةِ لِمحمدٍ وعن وِحْدَتِهم وقالَ:اعلموا أنَّكم إنْ أردتُم السَّيفَ بَذَلُوهُ لكم!فلم يُعجبهم كلامُه ثم بَعَثت قريشٌ الحُلَيسَ الكَنَانِي فلما رآه الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قال إنَّ هذا من قومٍ يَتَأَلَّهُونَ فابعثوا الهديَ في وجهِه وأمرَ أصحابَه فَرَفَعُوا أَصْواتَهم بالتَّلبيةِ فلما رآهم على هذه الحالِ عادَ من وَسَطِ الطَّريق ِواعتبرَ قُريشاً أنَّهم ظالِمونَ ومُعتدونَ.عندَ ذلكَ تَخَلْخَلَت صُفُوفُ قُريشٍ,فَعَمَدَ مُتمَرِّدِونَ من الْمُشركينَ إلى مُعسكرِ المسلمينَ ليلاً وَغَدَرُوا بِهم إلا أنَّ حُرَّاسَ الْمُسلِمينَ استطاعوا أن يأسِروهم جميعاً فأٌحضروا أمامَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُقَيَّدينَ غيرَ أنَّ رسولَ اللهِ عَفَا عنهم جَمِيعَاً وَأَطْلَقَ سَرَاحَهُم مِمَّا زَادَ موقِفُ قريشٍ حَرَجاً,وبهذا أنزلَ اللهُ قولَه: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا بعدَ ذلك رأى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنْ يَبْعَثَ عُثمَانَ بنَ عفانَ رضي الله عنه لهم فاجتمع عثمانُ بساداتِ قريشٍ وَعَرَضَ عليهم إمَّا الدُّخولَ في الإسلامِ وإمَّا إقامةََ َسَلامٍ بينهم وتَرْكِ النبيِّ كَسَائِرِ العَرَبِ ولكنَّ قريشاً رفضت ذلكَ,وقالوا لهُ: إنْ أردتَ أن تَطُوفَ أنتَ بالبيتِ فافعل أمَّا صاحِبُكَ فلا ,فقالَ: ما كنتُ لأفعلَ حتى يطوفَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم .
تَصَوَّّرُوا عباد الله:بَقِيَ الصَّحابةُ مُحرِمِينَ مَحصُورِينَ في الْحدَيبِيةِ قُرْبَ الحرَمِ عشرينَ ليلةٍ قد شَعَثَتْ شُعُورُهم واتَّسخت أبْدانُهم ونَفَدَ طَعَامُهُم وَضَاقَتْ حِيَلُهم وفَشِلت جميعُ مَسَاعِي السِّلْمِ معَ قُريشٍ,وعندَ انتشارِ خبرِ مَقْتَلِ عثمانِ بنِ عفانَ رضي الله عنه تَحوَّلَ موقفُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فأعلنَ الحربَ وأخذ يُبَايِعُ أصحابَه تحتَ الشَّجرةِ يُبَايِعُهم على الموتِ وألاَّ يَفِرُّوا.ثم أخذَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بيدِه اليمنى فَضَرَبَ بِها يَدَه الأخرى وقال ( هذه يدُ عثمانَ) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا فَبَشَّرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أصحابَهُ أنَّه لن يَدخُلَ النَّارَ أحدٌ بايعَ تحتَ الشجرةِ,عند ذلك ضاقَ المشركونَ ذَرْعاً وخَافُوا وأَدْرَكُوا خُطُورَةَ المرحلةِ!فَأَرسَلُوا سُهيلَ بنَ عمروٍ على مُصَالَحَةِ الرَّسُولِ,فلما رآه رسولُ اللهِ مُقبلا قال: قد سَهَّلَ اللهُ أمرَكُم لقد أرادَ القومُ الصُّلْحَ,
أيُّها المؤمنونَ.لقد كانت مفاوضاتٌ طويلةٌ وصلحٌ كُتبت شُرُوطُه وَسُطِّرتْ,فَكيفَ تَلَقَّى الصَّحابةُ الكرامُ هذا التَّحوُّلَ السَّرِيعَ؟ وهل كان هذا الصُّلحُ هَزيمَةً أم نَصْرَاً ؟ هذا ما نتعرَّفُ عليه بإذنِ اللهِ تعالى في جمعةٍ قادمةٍ.
فاللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِكَ ورَسُولِكَ محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعينَ.
اللهمَّ إنَّا نشهدُ أنَّهُ بلَّغَ الرِّسَالَةَ وأدَّى الأمانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ وجاهدَ في الله حقَ جهادِه. اللهمَّ وأرضَ عن صحابَتِه البَرَرَةِ وَمَنْ بَايَعَ تحتَ الشَّجرةِ وارفع دَرَجَتَهم في عليين . اللهم اغفر لنا ذُنُوبَنَا وإسرافَنَا في أمرنا وثبِّت أقدَامنا وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم ألِّفْ بين قلوبِ المؤمنينَ ووحِّد صُفوفَهم واجمع كَلِمَتَهم وأصلح قادَتَهم,
اللهم أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ,وفِّقْنا لِمَا تُحبُّ وترضى يا رحمانُ.
اللهم وفق ولاةَ أمورِنَا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى,وارزقهم بِطَانَةً صالحةً. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
عباد الله اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
بواسطة : admincp
 0  0  3.8K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 01:35 صباحًا الجمعة 1 شعبان 1446 / 31 يناير 2025.