• ×

01:05 صباحًا , الجمعة 1 شعبان 1446 / 31 يناير 2025

خطبة الجمعة 18-10-1432هـ بعنوان أبناؤنا أمانة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله أجزلَ النِّعم وأسدى, نشهدُ ألا إله إلا الله العليُّ الأعلى , ونشهدُ أنَّ محمدا عبدُ اللهِ ورسولُه,صاحبُ الخُلُقِ الأعظَمِ والمَحَلِّ الأسمى,صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واتبع سُنَّتَهُ والآخرةُ خيرٌ وأبقى .
أمَّا بعدُ.فاتقوا اللهَ يا مؤمنونَ؛واحفظوا وصيةَ اللهِ لكم في أولادِكم؛ فإنَّهم من أعظمِ أماناتِكم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَاد قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه:أي علِّموا أنفسَكُم وأهلِيكُم الخيرَ وأدِّبوهم . فيا لها من نعمةٍ عظيمةٍ أنْ تقرَّ عينُك بذُريَّةٍ صالحةٍ فإنَّك ستنعمُ بحياةٍ سَعِيدةٍ وآخرةٍ حميدةٍ فاللهم ياربنا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
أيُّها المُباركُ:صلاحُ الأبناءِ والبناتِ أمنيةُ الآباءِ والأمهاتِ !وإنَّنا على يقينٍ بقولِ اللهِ: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فإذا كانوا كذلك،فكيفَ نَتعامَلُ مع هذهِ الثَّروَةِ الثَّمينَةِ؟ألا يَتَوَجَّبُ علينا الحفاظُ عليها وتنميتُها وإصلاحُها؟ بلى واللهِ فهذا هو مَنطِقُ الشَّرعِ والعقلِ .فلقد عَلِمَ الأخيارُ أنَّه لا صلاحَ للأبناءِ إلا بالله، وأنَّه لا يهدي قلوبَهم أحدٌ سواه، فقد قالَ اللهُ تعالى : إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وهذا سِرٌّ من أسرارِ الحياة،فلا أنتَ ولا أنا ولا أيَّ إنسانٍ يملكُ مفاتِيحَ القُلوبِ؛إنَّما علينا النُّصحُ والإرشادُ،ولقد أدركُوا ذلكَ فلجئوا إلى الله بالدَّعواتِ,فإبراهيمُ عليه السَّلامُ يقولُ: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء و زكريَّا عليهِ السَّلامُ يقولُ: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ والمؤمنونَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا أيُّها الكرامُ:نخصُّ الشَّبابَ لأنَّهم الثروةُ الغاليةُ والذُّخرُ الثَّمينُ،وعلى قَدرِِِ الرِّعايةِ بهم تكونُ الأمَّةُ وهويتُها.ومع الأسفِ الشَّدِيدِ باتَ انحرافُ كثيرٍ من شَّبابِنا أمراً ظاهراً, ومرضاً مُزعجاً!ومع ذلكَ نقولُ: ليس غريباً أنْ يقعَ من الشَّبابِ الخطأُ والانحرافُ فهم كغيرِهم يُخطئونَ ويُصيبونَ،وقد قال رَسُولُ اللَّهِ عنهم خاصَّةً: «الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ » ! ولكنَّ الخطأ أنْ نتفرَّجَ على الأخطاء ولا نسعى لِعلاجها. فيا مؤمنُ: لِيكنْ من أولوياتِ عملِكَ تربيةُ أولادِكَ، وتكوينُ جيلٍ صالح وبيتٍ مُستقيمٍ. ولن يتأتى ذلكَ إلا بتوفيقِ اللهِ وتحقيقِ القدوةِ الحسنةِ في الوالدينِ؛القدوةُ في العبادةِ والأخلاق، القدوةُ في الأقوالِ والأعمال،القدوةُ في المَخْبَرِ والمَظْهَرِ، وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلواةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَـاقِبَةُ لِلتَّقْوَى
أيُّها المباركُ:هل يخطرُ ببالِ أحدِنا أنْ نجدَ من شَبَابِنَا,من يُحاكي الكفرةَ ويضعُ أسمائَهم على ملابِسِهِ؟هل كنَّا نظنُّ أنْ نجدَ من شَبَابِنَا من يُهملونَ الصلواتِ ويتخلَّفونَ عنها؟ ألم يوجد من شبابِنا من تعلَّقت قلوبُهم بالْمُسلسَلاتِ والطَّربِ والغناءِ والله إنِّا لنراهم رأي العين,!ثُمَّ ألا تُشاهدونَ شباباً صار هَمُّ أحدِهمُ التقليدَ الأعمى والتبعيةَ المقيتةَ حتى اختلفوا علينا في لِباسهم وشعورِهم وأشكالِهم ؟ ألا نحزنُ لِما نرى من مظاهر التَّهور في السَّيارات وأنواع الدَّراجاتِ التي حَصَدَتِ الأرواحِ !والنبيُّ يقول: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلْتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ السَّفِيهِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَلْعَنَكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ)فَرَحِمُ اللهُ ابنَ القيِّمِ حين قال: (من أهملَ تعليمَ ولدِه ما ينفَعُهُ وتَرَكَهُ سُدَىً فقد أساءَ إليه غايةَ الإساءةِ,وصدقَ فأكثرُ الأولادِ إنِّما جاءَ فسادُهم من قِبَلِ الآباءِ والإهمالِ فأضاعُوهم صغارا فلم يَنتفعوا بأنفسِهم ولم ينفعوا آباءَهم كِبَارا) وسيِّدُ الخلق يقولُ:«كُلُّكُمْ رَاعٍ،وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» وقال :«مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ» أفلا يكونُ لهؤلاءِ حقُّ الرِّعايةِ والتَّوجيه؟ لِذا كانَ علينا أن نَتَحلَّى بالصَّبرِ الجميلِ، والرَّحمةِ، والحكمةِ، فاللهُ تعالى يقولُ: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وعندَ قولِ اللهِ تعالى : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا قال الشيخُ السَّعديُّ ما مفادهُ :أي حُثَّ أهلَكَ على الصَّلاةِ،وأَزْعِجْهُم إليها من فَرضٍ وَنَفْلٍ,فَعَلِّمُهم ما يُصلِحُ الصَّلاةَ ويُفسِدُها ويُكَمِّلُها.فإنَّ العبدَ إذا أقامَ صلاتَهُ,كان لِمَا سِواها من دِينِهِ أحفظُ وأقومُ، وإذا ضَيَّعَهَا كانَ لِمَا سِواها أضيعُ، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ أقول قَولي هَذَا، وأَستَغفِر اللهَ لي ولَكم ولسائرِ المسلِمين مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هوَ الغَفور الرَّحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله أعاد وأبدا،وأجزلَ النِّعم وأسدى،لا هاديَ لمن أضل،ولا مضل لمن هدى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الأعلى،ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُه، أكرمُ رسولٍ،وأشرفُ نبيٍ،صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِه ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ .أمَّا بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛فمن اتقى اللهَ وقاهُ وأسعدَهُ وأرضاهُ. أيُّها المسلمُ : التَّربيةُ المطلوبةُ أنْ نغرسَ في أولادِنا الفضيلةَ وِفْقَ مَنهجِ نبيِّنا محمدٍ الذي وصفهُ ربُّهُ فقال عنهُ: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ تَربيةً متوازِنَةً بينَ التَّرهيبِ والتَّرغيبِ,لا تَساهُلٌ مَقِيتٌ ولا شِدَّةٌ مُفرِطَةٌ, وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ وفي بعضِ الأحيانِ تكمن المشكلةُ فينا أنَّنا لا نرضى بِأدنى خطأٍ يقع من أبنائِنا!وفي بعضِ الأحيانِ كذلِكَ نريدُ منهم أن يكونوا نُسْخةً طِبقَ الأصلِ منَّا وهذا مُحالٌ فسبحانَ من خلقَ وفَرَقَ!والوسطُ في ذلكَ أن نتَّفِقَ معهم على أداءِ الفرائضِ والواجباتِ والبعدِ عن المُحَرَّماتِ والمُستقبحاتِ شرعاً وعُرفاً,وهذا سيتمُّ بإذنِ اللهِ إذا كانَ بينَنا قَدْرٌ من الثِّقَةِ والاحترامِ, فلا يأسَ ولا قنوطَ، بل تفاؤلٌ، ثم تفاؤلٌ. أيُّها الكرامُ صلاحُ الأبناء يحتاجُ منَّا إلى كلماتٍ نافعةٍ وتوجيهاتٍ هادفةٍ,ومواعظََ مؤثِّرة وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ صلاحُ أبنائِكَ يَستَوجبُ منكَ أنْ تَُجنِّبَهُ الشَّهواتِ الضَّارَّةِ،فََتمكينُه من الفضائيَّاتِ والشَّبكاتِ على عِلاَّتها يفسدُه فسادًا يَصعُب ُإصلاحُه فيما بعدُ،وبعضُنا يُغدقُ على ولدِِهِ في العطاءِ،و يَُمَكِّنُهُ من كلِّما يُرِيدُ،ويظنُّ أنَّه يُكرمُهُ واللهُ تعالى يقولُ: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ومن أُسُسِ التَّربيةِ اختيارُ الرِّفقة الصالحةِ،ورسولُنا يقولُ:«الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ»ونحنُ بحمدِ اللهِ نَنْعَمُ بحلقاتٍ مُباركةٍ لتحفيظِ القرآنِ الكريمِ ، وعندنا جمعياتٌ مدرسيَّةٌ يقومُ عليها مُخلصونَ،فألحقوهم في تلكَ المَحَاضِنِِ الآمنةِ. أيُّها الوليُّ المباركُ:الفراغُ عامِلٌ أساسٌ لانحرافِ الشَّبابِ الفكريِّ والأخلاقيِّ،فإشغالهُ فيما ينفعُ خيرٌ له وأحفظُ ,كما أنَّ تدريبَهم على ما يحتاجونَهُ في حياتِهم ومَنحَهُمُ الثِّقةََ وتَنمِيَةَ مَدَارِكَهم وقدراتِهم؛خيرٌ لهم, فليس بصحيحٍ تهميشُ الأولادِ في شراءِ أغراضٍ أو مُتَابَعةِ أعمالٍ! فلنعطهمُ الثِّقَةَ ولْيُخطِئوا مَرَاتٍ لِيُصيبُوا أخرى. أيُّها المبارك:والفجوةُ بينَ الوالدِ وولدهِ أمرٌ خطيرٌ وعامِلُ حَجبٍ عن إظهارِ مكنونِِِ صدرِهِ،فقد يَبُوحُ ابنُكَ إلى من لا يُحسِنُ التَّوجيهَ،فيقعُ في ما هو شرٌّ،وقربُنا منهم طمأنينةٌ للأبناء وقاعدةٌ في تأسيس المَوَدَّةِ والإخاءِ.وأمَّا غِيابُنا عن المنزلِ حِسِّيًا أو معنويًا،فذاكَ قاصِمَةُ الظهرِ,وبوابةُ الانحرافِ!
ليس اليتيمُ من انتهى أبواه مِن هَمِّ الحياةِ وخلَّفاهُ ذليلاً
إنَّ اليتيمَ هو الذي تَلقَـى لَهُ أُمًّا تخلَّت أو أبًا مَشغُولاً
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكاها أنت وليُّها ومولاها.
اللهمَّ أصلح لنا نياتِنا وذُرِّياتِنا،اللهمَّ اجعلهم هداة مهتدين،اللهمَّ اكفهم شرَّ الأشرار وكيدَ الفجار.اللهمَّ حبب إليهم الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قلوبِهم وكرِّه إليهم الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلهم من الرَّاشِدينَ.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين.ودَمِّر أعداءَ الدِّينِ فإنَّهم لا يُعجِزُونَكَ.
اللهم أنزل عليهم عذابَكَ ورِجزَكَ إلهَ الحَقِّ.
اللهم أرنا بهم عجائبَ قُدرَتِكَ. اللهم وفق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحِبُُّهُ وترضاهُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
بواسطة : admincp
 0  0  3.3K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 01:05 صباحًا الجمعة 1 شعبان 1446 / 31 يناير 2025.