• ×

01:30 صباحًا , الجمعة 20 جمادي الأول 1446 / 22 نوفمبر 2024

خطبة الجمعة 10-10-1437هـ بعنوان دُرُوسُ قِصَّةِ أصحَابِ السَّبْتِ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ للهِ قَصَّ عَلينا ما فَيهِ عِبرةٌ لِأُولي الأَلبَابِ،نَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ بِلا ارْتِيَابٍ وَنَشهَدُ أَنَّ نَبِيَّنا مُحمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،بَعَثَهُ اللهُ بِأكْمَلِ الأَخلاقِ والآدَابِ،اللَّهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَليهِ،وعلى جَمِيعِ الآلِ والأَصحَابِ والتَّابِعِينَ لَهمْ بِإحسَانٍ وإيمَانٍ إلى يَومِ المآبِ.أَمَّا بَعدُ:فَاتَّقُوا اللهَ يا مُسلِمُون حَقَّ التَّقوى،ولا تَغُرَّنَّكمُ الحَيَاةُ الدُّنْيا,فاستَمسِكُوا من الإسلامِ بِالعُروَةِ الوثقَى. أيُّها الكِرَامُ:قُبَيلَ رَمَضَانَ تَكَلَّمنا مِن هُنا عَنْ قِصَّةِ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَواعَدْتُكُمْ بِاستِخْرَاجِ دُرُوسِهَا وَعِبَرِها,وَتَرَكَتُ لَكُمْ فُرصَةَ رَمَضَانَ أنْ تَتَأمَّلُوها أكثَرَ خَاصَّةً أنَّ القِصَّةَ أشَارَ اللهُ جَلَّ وعَلا لَها في سُورَةِ البَقَرَةِ حِيَن قالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ .وَهَدَّدَ بِها في سُورَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ: أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا .وَفَصَّلَهَا فِي سُورَةِ الأعرَافِ!وَأُذَكِّرُكُمْ القِصَّةَ بِاختِصَارٍ:ذَلِكَ أنَّ قَرْيَةً مِنْ قُرَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَانُوا يَسْكُنُونَ عَلى سَاحِلِ بَحْرٍ مَليءٍ بِالأَسْمَاكِ وَالصَّيدِ والنِّعَمِ،وكَانُوا مِنْ اليَهُودِ الذينَ يَعبُدُونَ اللهَ تَعَالَى عَلى شَرِيعَةِ وَدِينِ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ,وَكَانَ عَمَلُهُمُ الذِي يَتَكَسَّبُونَ مِنْهُ هُوَ صَيدُ الحِيتَانِ، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ لِلصَّيدِ كُلَّ يَومٍ إلاَّ يَومَ السَّبْتِ!لأنَّهُم قَدْ عَظَّمُوهُ وَجَعَلُوهُ خَيرَ أَيَّامِ الأُسْبُوعِ, وَشَرِيعَتُهُم تُحَرِّمُ عَلَيهمُ العَمَلَ فِيهِ!وَقَدْ التَزَمُوا بِهِ أَوَّلَ الأَمْرِ!فَمُجْتَمَعُهُمْ خَلِيطٌ مِنْ العُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ,وَالفَاسِدِينَ وَالمُفْسِدِينَ!أَتْرُكُكُمْ يَارَعَاكُمُ اللهُ:مَعَ الآياتِ وَهِيَ تَحْكِيْ خَبَرَهُم,قَالَ تَعَالَى: واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ .هَكَذَا ابتَلاهُمُ اللهُ تَعَالى:إذا كَانَ يَومُ رَاحَتِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ!تَأتِي الحِيتَانُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ!حَتَّى يَرَونَهَا طَافِيَةً عَلى المَاءِ قَرِيبَةً مِنْ السَّاحِلِ، وَلَكِنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ هَذَا!فَإِذَا انْقَضَى يَومُ السَّبْتِ اخْتَفَتِ تَمَامَاً،إِلى السَّبْتِ الآخَرِ فَتَعُودُ مَرَّةً أُخْرَى! سُبْحَانَ اللهِ!لِمَ هَذا والابْتِلاءُ؟وَما الحِكْمَةُ مِنْ ذالِكَ؟!: كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ نَعَمْ بِسَبَبِ فِسْقِهِمُ،وَفُجُورِهِمُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ،وَاعْتِدَائِهِمْ حُدُودَ شَرْعِهِ.أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَلِيَهُمُ.فَلَيسَ عَبَثًا مِن اللهِ سُبْحَانَهُ،وَلا لِأَجْلِ التَّضْيِيقِ عَلَيهِم،وَلَكِنَّهُمُ كَانُوا يَستَحِقُّونَ مِثْلَ هَذِهِ المُعَامَلَةِ!عِظَةً لَهُم وَعِبْرَةً لِغيرِهمْ.عِبَادَ اللهِ:هَكَذا بَعْضُ الأَشْخَاصِ وَبَعضُ المُجْتَمَعاتِ تَجَرُّ عَلى نَفْسِهَا البَلاءَ جَرَّاً بِبُعْدِها عَنْ شَرْعِ رَبِّهَا أو العَبَثِ بِتَعَالِيمِهِ أو تَهْمِيشِ شَعَائِرِهِ!فَيَحصُلُ لَهُمُ النَّكَدُ وَالضِّيقُ وَكَثْرَةُ الفِتَنِ وَلَو أَنَّهُم آمَنُوا بِرَبِّهِم وَاتَّقَوْهُ،لَيَسَّرَ اللهُ أُمُورَهُم،وَسَاقَ لَهُمُ الرِّزْقَ،وَكَفَاهُمْ شَرَّ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ: وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ .ظَلَّتِ القَرْيَةُ أَيَّامًا وَأَسَابِيعَ عَلى هَذَا الحَالِ،لا يَجِدُونَ صَيدْا،وَنُفُوسُهُم وَأَرْزَاقُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ فِيها!حَتَّى وَسْوَسَ الشَّيطَانُ الرَّجِيمُ لِأَحَدِهِمْ بِحِيلَةٍ مَاكِرَةٍ،فَكَانَ يَأتِي يَومَ الجُمُعَةِ فَيحَفِرُ بِجَانِبِ الشَّاطِئِ حُفْرَةً عَمِيقَةً،وَيَضَعُ شِبَاكَهُ وَأَحْبُلَهُ فِيهَا فَتَمْسِكُ الأَسْمَاكَ يَومَ السَّبْتِ وَتَصِيدُها!فَيَأتِي يَومَ الأَحَدِ وَيَأْخُذُ حَصِيلَةَ السَّبْتِ!وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيئًا!تَسَامَعَ النَّاسُ أَنَّ فُلانًا قَدْ صَارَ يَأْكُلُ سَمَكًا!فَصَاروا يَسْأَلُونَهُ كَيفَ حَصَلْتَ عَلَيهِ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا فَعَلَ،تَصَوَّروا:بَدَلَ أَنْ يَنْصَحُوهُ,وَيَعِظُوهُ وَيَمْنَعُوهُ،إِذَا هُمْ يَستَحْسِنُونَ فِعْلَهُ وَيُشَجِّعُوا حِيلَتَهُ,وَيَسيرِونَ عَلى طَرِيقَتِهِ،كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ سِرًّا بَادِئَ الأَمْرِ،حَتَّى كَثُرَ صَيدُهُم،وَبَاعُوهَا فِي الأَسْوَاقِ،وَجَاهُروا بِالصَّيدِ بِمِثْلِ تِلْكَ الحِيَلِ!وَكَانَتْ هَذِهِ بِدَايَةُ الكَارِثَةِ.فَصَارَ تَعَاوُنٌ جَمَاعِيٌّ مُحَرَّمٌ،وَمَعْصِيَةٌ لِلخَالِقِ جَهَارًا نَهَارًا!حَمَانَا اللهُ وإيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ.هَلَ تَصَوَّرْتُم:شَخْصٌ وَاحِدٌ سَنَّ سُنَّةً سَيئَةً وَخَرَقَ فِي مُجْتَمَعِهِ خَرْقًا وَاسِعَاً! فَتَتَابَعَ أُنَاسٌ لِرَأيِهِ وَأُعْجِبُوا بِصَنِيعِهِ،فَأَدَّى بِهَلاكِ أُمَّةٍ كَامِلَةٍ لَقَدْ صَدَقَ رَسُولُنا حِينَ قَالَ كَمَا في الصَّحيحِ:«وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».وَقَالَ :«إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ،مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ،وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ,مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ،فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ،وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ».حَقَّاً يامُؤمِنُونَ:هَذا وَاقِعٌ فِي كَثِيرٍ مِن المُجْتَمَعاتِ اليومَ!فإلى اللهِ المُشْتَكَى وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ.وأستَغفِرُ اللهَ فاستَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إليهِ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطبَةُ الثَّانِيَةُ

الحمدُ للهِ جَعَلَ كِتَابَهُ لِكُلِّ خَيرٍ هَادِيًا،وَعَمَّا سِواهُ كَافِياً،نَشهدُ ألاَّ إِلهَ إلاَّ اللهُ وحدَه لا شَريكَ لَه المَلِكُ الوَهَّابُ،وَنَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،بَعثَهُ اللهُ بَخيرِ دِينٍ وأَصدَقِ كِتَابٍ،اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليهِ،وعلى جَمِيعِ الآلِ والأصْحَابِ,وَالتَّابعينَ لهم بِإحسانٍ إلى يومِ الحِسَابِ. أمَّا بعدُ:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.عبادَ اللهِ:مَا أَحوَالُ النَّاسِ تُجَاهَ عِصْيَانِ بَنِي قَومِهِمْ لِأَوَامِرِ اللهِ تَعالى؟!فَالجَوابُ مَا ذَكَرَهُ اللهُ بِقَولِهِ :وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللِّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ*فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ.لَقَد انْقَسَمَ النَّاسُ فِي القَريَةِ تُجَاهَ المُنْكَرِ وَالعُصَاةِ إلى ثَلاثَةِ أقْسَامٍ.فِرْقَةُ الْعَادِينَ التي فَكَّرَتْ فِي الحِيلَةِ الشَّيطَانِيَّةِ وَخَطَّطَتْ وَمَارَسَتْ خِفْيَةً،ثُمَّ أَعْلَنَتْ!وَاستَمَرَّتْ عَلَى المَعْصِيَةِ رَغْمَ تَحذِيرَاتِ المُخْلِصِينَ مِنْ قَومِهِم!هَذِهِ الطَّائِفَةُ مَاذَا حَصَّلَتْ؟هَل انْتَصَرَتْ فِعْلاَ عَلى المُتَشَدِّدِينَ مِنْ بَنِي قَومِهِمْ(فِي نَظَرِهِمْ)؟هَلْ تَمَتَّعُوا بِتِلْكَ الَّلذَّةِ المُحَرَّمَةِ؟الجَوَابُ مَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعالى:بِالطَّبْعِ:لا.ثُمَّ واللهِ لا!فَحِينَ انْهَارَتْ عَزَائِمُهُم أَمَامَ شَهْوَةِ بُطُونِهِم وَفُرُوجِهِم,وَعَصَوا أَمْرَ رَبِّهِمْ,صَيَّرَهُمُ اللهُ إِلى حَيثُ أَرَادُوا لِأَنْفُسِهِم: فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ.اللهُ أكْبَرُ:لَقَد عَذَّبَهُمُ اللهُ عَذَابًا نَفْسِيَّاً وَبَدَنِيَّاً نَسْألُ اللهَ العَافِيَةَ.أَمَّا القِسْمُ الثَّانِيِ:فَهُمُ العُلَمَاءُ وَالمُصْلِحُونَ, الْوَاعِظُوَنَ,الآمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ والنَّاهُونَ عَنْ المُنْكَرِ,الذينَ قَامُوا بِوَاجِبِ النُّصْحِ وَالتَّوجِيهِ وَالإنْكَارِ. فَهَؤلاءِ هُمُ النَّاجُونَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ!أمَّا القِسْمُ الثَّالِثُ:فَهُم أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أنْفُسِهِمْ,وَقَدْ كَرِهُوا مَا عَلَيهِ قَومُهُمْ مِنْ المُنْكَرَاتِ،وَلَكِنَّهُم لَمْ يُحَرِّكُوا سَاكِنَاً,بَلْ حَاوَلُوا تَثْبِيَطَ المُصْلِحِينَ!وَذَكَرْتُ لَكُمْ أنَّ العُلَماءَ اخْتَلَفُوا فِي نَجَاتِهِمْ أَو هَلاكِهِم،لِلحَقِّ يامُؤمِنُونَ:لِهذهِ القِصَّةِ ولانْقِسَامِ النَّاسِ تُجَاهَهَا عِدَّةُ دُرُوسِ وَوَقَفاتٍ لا يَحْسُنُ أنْ نُهْمِلَهَا فَمِنْهَا:أنَّ سُنَّةَ وَاحِدَةٌ فِي حَقِّ العُصَاةِ,الذِينَ يَتَجَاوَزُنَ حُدُودَ اللهِ تَعَالَى,سَوَاءٌ شَهْوَةُ بَطْنٍ أَو فَرْجٍ أَو مَنْصِبٍ وَجَاهٍ وَمَالٍ!أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا.مِن القِصَّةِ يَا مُؤمِنُونَ:نَعلَمُ خُطُورَةَ التَّحَايُلِ عَلَى أَوَامِرِ اللهِ تَعالى وَأنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَظُنُّ أنَّهُ قَادِرٌ على مُخَادَعَةَ اللهِ,وَمُخَادَعَةَ المُؤمِنينَ,مَنطِقُهُمْ:وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ.هذا الصِّنْفُ المُتَحَايِلُ يُوجَدُ فِي كَثيرٍ من المُجتَمَعَاتِ مِمَّنْ سَيطَرَتْ عَليهِمْ دُنيَاهُمْ!أَلَا يُوجَدُ تَحايُلٌ فِي تَسْوِيقِ وَنَشْرِ مُنْكَراتٍ؟أَلَا يُوجَدُ تَحايُلٌ فِي أَكْلِ الرِّبَا؟أَلَا يُوجَدُ تَحايُلُ مُوَظَّفِينَ بِأَخْذِ الرِّشْوَةِ بِطُرُقٍ لا تَخْطُرُ لِأحَدِنا على بَالٍ؟!حَتَّى وَصَلَ التَحايُلُ فِي العِبَادَاتِ، والبَحْثِ عَنْ مَخْرَجٍ هُنَا أَو هُنَاكَ! رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ. مِنْ أَهَمِّ الدُّرُوسِ:أنْ نَستشْعِرَ أهَمِّيَةَ الأمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهيِ عَن المُنكَرِ وأنْ نُجَنِّدَ أَنْفُسَنَا جَمِيعاً لِذلِكَ كُلٌّ مِنَّا حَسَبَ وُسْعِهِ وَمَكَانَتِهِ:فَفي الصَّحِيحِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ». فَالنُمَارِسْ هَذِهِ الشَّعِيرَةَ النَّبِيلَةَ فِي بُيُوتِنا وَأَسْوَاقِنا وَأَمَكِنِ عَمَلِنا فَكُلُّنا رِجَالُ حُسْبَةٍ,وَكُلُّنا مُستَفِيدٌ مِنْ ذلكَ,وَكُلُّنا مَحْفُوظُونَ بإذنِ اللهِ في ذلِكَ.عِبَادَ اللهِ:أتَدْرُونَ مَنْ أكْثَرُ النَّاسِ مع الأسفِ تُجاهَ المُنكَرَاتِ؟إنَّهُم فِئَةُ الذينَ كَرِهُوا المُنْكَرَ,وَلا كِنَّهُمْ لَمْ يُحَرِّكُوا سَاكِنَاً!أُنَاسٌ صَالِحُونَ في أنْفُسِهِمْ, وَلِضَعْفِهِم وَخَوْفِهِم أو لِشِدَّةِ حُبِّهِم لِلدُّنْيَا قَعَدُوا عَن الإِنْكَارِ, مَعَ الأسَفِ هُؤلاءِ يَعْكِسُونَ صُورَةً سَيِّئَةً لِما يَجِبُ أنْ يَكُونَ عليهِ المُسلِمُ الحَقُّ!بَل في بَعضِ الأحيانِ يَكُونُونَ عُنْصُرَ تَثْبِيطٍ لِلمُحْتَسِبينَ مَنْطِقُهُمْ عَدَمُ التَّدَخُّلِ فِي أَحْوَالِ النَّاسِ الشَّخْصِيَّةِ، وَتَرْكِ النَّاسِ وَشُئُونِهِم,وَلنْ تَستطيعَ أنْ نُصْلِحَ النَّاسَ,وَمَالَكَ والمَشَاكِلَ,وغَيرِ ذلِكَ مِنْ الحُجَجِ الشَّيطَانِيَّةِ.هَذا الصِّنْفُ يَا رَعَاكُمُ اللهُ عَلى خَطَرٍ عَظِيمٍ,فَلَرُبَّمَا هَلَكُوا مَعَ الهَالِكِينَ!قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللهُ عَنْهُ يَومَاً فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لاَ يُغَيِّرُونَهُ،أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ).مِنْ أعظَمِ الدُّرُوسِ والعِبَرِ:أنْ نُؤمِنَ بِقُدْرَةِ اللهِ المُطْلَقَةِ فَلِلَّهِ الْخَلْقُ والأَمْرُ,يَقُولُ للشَّيء كُنْ فَيَكُونُ!جَعَل الحِيتَانِ تَظْهَرُ يَومَ السَّبْتِ,وأمَرَهَا أَنْ تَختَفِيَ بَقِيَّةَ الأُسْبُوعِ,وَحَوَّلَ العُصَاةَ إِلى قِرَدَةٍ يَتَعَاوَوْنَ وَيَثِبَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ!وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبيدِ!(وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).اللهمَّ انْفَعنا وارفعْنا بالقُرآنِ العَظِيمِ,اللهمَّ اكْفِنَا جَميعا شَرَّ الفواحشَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ.اللهمَّ اجْعَلنا آمِرينَ بالمعروفِ فاعِلينَ لهُ,نَاهينَ عن المُنكَرِ مُبتَعِدينَ عنْهُ,اللهم أبرم لهذه الأُمَّةِ أَمْرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر ياربَّ العالمين.اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين،وأذِلَّ الشِّرك والمشركينَ، ودمِّر أعداءَك أعداءَ الدِّينِ.اللهم وفِّق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى. وأهدهم ويَسِّر الهُدَى لهم،وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم.اللهم انصُرْ جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمُسلِمِينَ أجمَعينَ.رَبَّنا اغفر لنا ولِوالِدينا والمُسلمينَ أجمعينَ.رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
بواسطة : admincp
 0  0  6.1K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 01:30 صباحًا الجمعة 20 جمادي الأول 1446 / 22 نوفمبر 2024.