خطبة الجمعة 15-07-1437هـ بعنوان مَنْ أَمِنَ العُقُوبَةَ أَسَاءَ الأَدَبَ
الحَمْدُ للهِ عَالمِ السِّرِ والنَّجوى،سُبحانَهُ العَلَيُّ الأَعلى،نَشهدُ ألاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسنى والصفاتُ العُلا،وَنَشْهدُ أنَّ نَبيَّنا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُه المُصْطَفَى،بَعَثَهُ اللهُ بِالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ،مَا تَرَكَ خَيرًا إلاَّ دَلَّنا عَليهِ،وَلا شَرًّا إلاَّ حَذَّرَنَا مِنْهُ،صلَّى اللهُ وسلَّم وبَاركَ عَليه وَعلى آلِهِ الشُّرَفَاءِ،وَأَصْحَابِهِ الأَوفِياءِ،والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ الجَزَاءِ أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:100].تَقْوى اللهِ خَيرُ زَادٍ فِي الدَّارين،فَمَنِ اتَّقى اللهَ وَقَاهُ،وَأَطْعَمَهُ وَأَوَاهُ,وَتَابَ عليهِ وَهَدَاهُ.أَيُّها المُسلِمُونَ:مَنْ تَأَمَّلَ الدُّنْيا وجَدَ فِيها الخَيرَ وَالشَّرَّ،وَالطَّاعَةَ وَالمَعْصِيَةَ،وَالحَسَنَ وَالقَبِيحَ،وَهذا مِنْ حِكْمَةِ اللهِ لِبَيانِ عَدْلِهِ,
وَكَمالِ حِكْمَتِهِ!وَلِهذا قَامَتِ السَّمَواتُ والأَرْضُ,والجَنَّةُ والنَارُ عَلى مَبْدَأ الثَّوَابِ وَالعِقَابِ! الثَّوَابُ لِكُلِّ مُؤمِنٍ مُتَّقٍ مُطِيعٍ.والعِقَابُ لِكُلِّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ!وهذا المَبدَأُ هُوَ مَا يَدْفَعُ المُؤمِنَ على عَمَلِ الصَّالِحاتِ وَيَحْجِزُهُ عن مُقَارَفَةِ المُحَرَّمَاتِ.أَمَّا مَنْ ضَعُفَ إيمَانُهُ فَقَدْ لا تَنفَعُ مَعَهُ المَوَاعِظُ,وَلا تَزْجُرُهُمُ الْمَثُلاتُ!حينَهَا يَحْتَاجُونَ إلى يَدٍ حَازِمَةٍ,وَسُلطانٍ مَهِيبٍ,يَأخُذُ لِكُلِّ ذي حَقٍّ حَقَّهُ.ولنَتَأمَّل أيُّها الإخوَةُ:كيفَ أَنَّ اللهَ تَعَالى أَبَانَ لَنَا الخَيرَ وَجَزَاءَهُ,وَأَوْضَحَ لَنَا الشَّرَ وَسُوءَ عَاقِبَتِهِ.فَعَلَى سَبِيلِ المِثَالِ:قَولَهُ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].وَقَولَهُ تَعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ [فصلت :34].وَقَولَهُ: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ [يونس:27].أَلمْ يَقُلِ اللهُ في سُورَةِ الزَّلْزَلَةِ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [8]. عِبَادَ اللهِ:وإِذَا كَانَتْ هَذهِ الآيَاتُ دَالَّةً على التَّفْرِيقِ بَينَ الحَسَنَةِ وَالسَّيئَةِ؛فَإنَّ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ أَنْ فَرَّقَ بَينَ الفَرِيقَينِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص:28].كُلُّ ذَلِكَ لِدَفْعِ الإنْسانِ عَلى الالْتِزَامِ بِكُلِّ خَيرٍ,وَتَحْذِيرِهِ وَزَجْرِه عَنْ أَنْ يَقَعَ فَرِيسَةً لِكُلِّ شَرٍّ!وَرَسُولُنَا ما بُعِثَ إلاَّ لِيُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاقِ.
إخوتِي الكِرَامُ:وَمَعَ هذهِ الحَقِيقَةِ الواضِحَةِ.إلاَّ أنَّ رَسُولَنا نَبَّهَ عَنْ أُنَاسٍ يَتَنَكَّبُونَ عن الطَّرِيقِ المُستَقِيمِ,وَيَسْلُكُونَ مَعَ الشَّيطَانِ الرَّجيمِ!عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،رضي اللهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:«كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَى قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».أيُّها المُؤمِنُونَ باللهِ وَرَسُولِهِ:وإذا كَانَ الأمْرُ كَذلِكَ فَإنَّهُ لا يُمكِنُ لِأَيِّ مُجتَمَعِ أَنْ يَكُونَ آمِنَاً مُسْتَقِرًّا إلاَّ بِتَحقِيقِ مَبْدَأِ الثَّوَابِ وَالعِقَابِ,في كَافَّةِ أَحْوَالِهِ؛فِي عِبَادَاتِهِ وَمَعُامَلاتِهِ وَسُلُوكِهِ وأخْلاقِهِ.عَلى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى،وَالشَّرِيفِ وَالوَضِيعِ،فَلَنْ يُفلِحَ مُجتَمَعٌ لا يَعرِفُ إلاَّ الثَّوَابَ مُطْلَقَاً،لِوُجُودِ عَنَاصِرَ فَاسِدَةٍ لا يَزَعُهَا إلاَّ السُّلطانُ!وَلَنْ يَنْهَضَ مُجتَمَعٌ لا يَعرِفُ إلاَّ العِقَابَ مُطْلَقَاً،فَلَنْ يُنتِجَ إلاَّ التَّطَرُّفَ والإرهَابَ!وَلِأَجْلِ هَذَا وَصَفَنَا اللهُ بِأَنَّنَا أُمَّةُ الوَسَطِ،وَجَعَلَنَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجت لِلنَّاسِ.لَكِنْ مَتى؟ الجَوابُ مَا ذَكَرَهُ اللهُ بِقَولِهِ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (آل عمران:110).هَذا هُوَ سِرُّ تَفْضِيلِنا لأنَّنَا مَلَكْنا التَّوَازُنَ وَسَلَكْنا الوَسَطَ الذي طُلِبَ مِنَّا!فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ؟وَصَدَقَ اللهُ تَعَالى: وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ [غافر:58].الاسْتِقَامَةُ الحَقَّةُ يَا كِرَامُ:أنْ نَقُولَ لِلمُحسِنِ:أَحسَنْتَ،وَلِلمُسِيءِ:أَسَأْتَ،دُونَ نِفَاقٍ أَوْ شِقَاقِ؛لِأَنَّ نَبِيَّنا يَقُولُ:«إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِي تَهَابُ الظَّالِمَ أَنْ تَقُولَ أَنْتَ ظَالِمٌ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ».ألَمْ يَقُل الحَكَمُ العَدْلُ سُبحانَهُ وَتَعالى: وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ [الأعراف: 85]،وَيَقُولُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَليهِ:«مَنْ صَنَعَ إِليكُمْ مَعْرُوفَاً فَكَافِئُوهُ».فَمَا بَالُ أقْوَامٍ سَلَقُوا إخْوَانَنَا رِجَالَ الحِسْبَةِ بِأَلسِنَةٍ حِدَادٍ!شَتْمٌ واستِهزَاءٌ,وَتَشَفٍّ وحِقْدٍ دَفِينٍ,لِمَنْ هُمْ بَعدَ عَونِ اللهِ وِتِوفِيقِهِ صَمَّامُ أَمَانٍ لِمُجتَمَعِنا,لا يُنْكِرُ فَضْلَهُمْ وَجُهدَهُمْ إلاَّ جَاحِدٌ وَمُكَابِرٌ!فَيَاوَيلَ مَنْ يَفْرِي في أَعْرَاضِهِمْ وَيَلْمِزُ في أعمَالِهِمْ فَنَذَكِّرُهُ بِقَولِ اللهِ تَعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99].وَصَدَقَ اللهُ: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117].وَ واللهِ يامُؤمِنُونَ:إذا مَا اخْتَلَّ مَبدَأُ الثَّوابِ والعِقَابِ, والأمْرُ بِالمَعْرُوفِ والنَّهيُ عَن المُنكَرِ فَي مُجتَمَعٍ,إلاَّ صَارَ بَأْسُهُم بَينَهُم شَدِيدًا،وَلَعَنَ بَعضُهُم بَعْضًا: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر:14].سَيَكُونُونَ أَعِزَّةً عَلى بَعْضِهِم،أَذِلَّةً عَلَى عَدُوِّهِم،يَخفِضُونَ جَنَاحَ الرَّحْمَةِ وَالتَّبَعِيَّةِ لِعَدُوِّهِم،وَيَرَونَ الحَسَنَ مِنْ المُخلِصِينَ قَبِيحًا،وَالجَلِيلَ حَقِيرًا،والخَطَأ القَلِيلَ عَظِيمَاً,حَتَّى تَضْمَحِلَّ هَوِيَّةُ المُجتَمَعِ،وَتَضْعُفَ هَيبَتُهُ، وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ [القصص:59].بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، وَنَفعَنا بِمَا فِيهِ مِن الآياتِ والذِّكرِ الحَكِيمِ،وَأستَغفِرُ اللهَ فاستَغفِرُوه إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرِّحيمُ.
الخُطبَةُ الثَّانية:
الحَمدُ للهِ يَقْضِي بِالحقِّ وَهُو أَحكَمُ الحَاكِمِينَ،حَرَّم عَلى نَفْسِهِ الظُّلمَ وَحَرَّمَهُ على العَالَمِينَ، نَشهَدُ ألاَّ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،جَامِعُ الخَلْقِ ليومِ الفَصْلِ وَهُوَ خَيرُ الفَاصِلِينَ،وَنَشْهَد أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صلَّى اللهُ وسلَّمَ وَبَارَكَ عَليه وعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهَ أجمَعِينَ,والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ الدِّينِ،أمَّا بَعدُ:أيُّها المُسلِونَ:اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى,واعْلَمُوا أنَّهُ لا أَمْنَ لِلبِلادِ وَلا أَمَانَ لِلعِبَادِ إلاَّ بِتَطْبِيقِ شَعِيرَةِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهيِّ عن المُنْكَرِ.كَمَا قَرَّرَ ذلِكَ وُلاةُ أمْرِنَا في غَيرِ ما مَحفَلٍ,وَدَعَمُوا ذَلِكَ وسانَدُوهُ,فاللهَ اللهَ يا وُلاةَ أُمُورِنَا سِيرُوا على نَهجِكُمُ القَوِيمُ واحَمَدُوا اللهَ بِهَذَا الدِّينِ القَويِمِ والصِّرَاطِ المُستَقِيمِ,فلا عِزَّ لنَا ولا نَصْرَ ولا تَمكِينَ إلاَّ إذَا حَقَّقْنا مَا أَمَرَنَا اللهُ بِقَولِهِ: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ .عِبَادَ اللهِ:لَقَدْ صَدَقَ مَنْ قالَ:مَنْ أَمِنَ العُقُوبَةَ أَسَاءَ الأَدَبَ!ومَنْ قالَ:لا يَصلُحُ النَّاسُ فَوضَى لا سَرَاةَ لَهُم وَلا سَرَاةَ إِذا جُهَّالُهُمْ سَادُوا . وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلاَّ لَهُ عَمَدٌ وَلا عِمَادَ إِذا لَم تُرْسَ أَوْتَادُ .فَإِنْ تَجَمَّعَ أَوتَادٌ وَأَعمِدَةٌ لِمَعشَرٍ بَلَغُوا الأَمْرَ الَّذي كَادُوا.عِبَادَ اللهِ:بِتَطبِيقِ أَحكَامِ شَرِيعَتِنَا الغَرَّاءِ يَكُونُ الأمْنُ والأمَانُ, فَيَحْيَى النَّاسُ آمِنِينَ على دِينِهِمْ وَأَعْرَاضِهم وَأَمْوالِهِم.وَقَدْ قَرَّرَ دِينُنا الحَنِيفُ أنَّ: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ,وَمَنْ قُتِلَ دُونَ عِرْضِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ).لِذا شَرَعَ اللهُ إقَامَةَ الحُدُودِ والعُقُوبَاتِ على المُعتَدِينَ وَجَعَلَ ذَلِكَ لِلولاةِ,وَمَنْ كَلَّفَهُمْ الوُلاةُ مِنْ أهْلِ القَضَاءِ وَرِجالِ الشُّرَطِةِ وَرِجَالِ الهَيئَاتِ المُحتَسِبينَ.فَيا وُلاتَنَا الأَكَارِمُ:نَحنُ باللهِ ثُمَّ بِكُمْ,الآمَالُ مَعقُودَةٌ عَليكُمْ بَعدَ عَونِ اللهِ وَتسدِيدِهِ أنْ تَسعَوا بِكُلِّ مَا أُوتِيتُمْ مِنْ إمكَانَاتٍ وَقُدُرَاتٍ وَصَلاحِيَّاتٍ لِنَصْرِ الحَقِّ وَأَهلِهِ وأنْ تُحَقِّقُوا أمْنَ النَّاسِ على دِينِهمْ وَأَعْرَاضِهمْ وَأَمْوالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَعَقُولِهمْ,فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).وَرَسُولُنا يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).إنَّ على أُمرَاءِ البِلادِ وَمُحافِظِيها وَرِجَالِ الشُّرطَةِ,وَجُنُودِ الحِسْبَةِ,أنْ يُحَافِظُوا على أَمْنِ النَّاسِ وَحِمَايَتِهم بِكلِّ ما أُتوا من إمكانيَّاتٍ وَقُدرَاتٍ!عَليكُم أيُّها المَسئُولُونَ:بِتَفَقُّدِ أَحْوالِ النَّاسِ,وَتَنْفِيذِ تَوجِيهَاتِ وُلاةِ أُمُورِنَا,ابْحَثُوا عَنْ أَوْكَارِ المُجرِمِينَ،وكثِّفوا الأَمْنَ السِّريَّ,اسْهَرُوا وَاتْعَبُوا مِنْ أَجْلِ اسْتِتْبَابِ الأَمْنِ،وَرَاحَةِ وَحِفظِ الجَمِيعِ،فَالآمَالُ بَعْدَ اللهِ مَعْقُودَةٌ عَليكُمْ.واحْذَرُوا الخِيَانَةَ وَالتَّراخِيَ فِي العَمَلِ فَبِئسَ البِضَاعةُ, فَرَسُولُنا قَدْ قَالَ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).عِبَادَ اللهِ:حَالُ بَعْضِنا مَعَ الأسَفِ الشَّدِيدِ مَنْ يَنطَبِقُ عَلَيهِمْ قَولَ الإمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.وَعينُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيبٍ كَلِيلَةٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدْي المَسَاوِيَا.أَلاَ فَاتَّقُوا اللهَ يامُؤمِنُونَ:واقْدُرُوا لِمَبْدَأ الثَّوابِ والعِقَابِ قَدْرَهُ،وَاللهُ لا يَسْتَحِي مِنْ الحَقِّ,فَخُذُوا بِهِ سِرًّا وَجَهْرًا،فَمَا المَعَرَّةُ والخَسَارُ إلاَّ فِي تَرْكِهِ،وَمَاذَا بَعدَ الحَقِّ إلاَّ الضَّلالُ.أَلا وَإنَّ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ اخْتِلالِ الأمْنِ:قِلَّةَ الخَوفِ مِن اللهِ تَعَالى,وَضَعْفَ هَيْبَةِ الدَّولةِ وَالسُّلْطَانِ,والتَّهَاوُنَ مَعَ المُعتَدِينَ.وَتزَيِّنَ البَاطِلِ لِلنَّاسِ.وَكَذَا غَفْلَةُ الأَوليَاءِ عَن الرَّقَابَةِ وَالمُتَابَعَةِ!وَاللهُ خَيرٌ حَافِظَاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.وَنَسْتَودِعُ اللهَ دِينَنَا وَأَمَانَتِنَا وَأَعرَاضِنَا وَأَهلِينا وَالمُسْلِمينَ أَجمَعِينَ.هَذا؛وَصَلُّوا وسَلِّمُوا على رَسُولِ اللهِ فَقَدْ أمَرَنا اللهُ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].وَقَالَ :«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا».فَالَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ وأتباعِهِ إلى يومِ الدِّينِ.الَّلهُمَّ احْمِ حَوزَةَ الدِّينِ,وانصُر وَوَفِّقْ عِبَادَكَ المُؤمِنينَ.الَّلهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، زكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زكَّاهَا،الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَليَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ,أَصْلِحْ لَهُ بِطَانَتَهُ وَأعِنْهُ على أَدَاءِ الأمَانَةِ.رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
0
0
1.8K
07-15-1437 12:34 صباحًا