• ×

09:36 مساءً , الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024

خطبة الجمعة 16-06-1437هـ بعنوان مَسَاجِدُنَا مَصْدَرُ أَمْنِنَا وَأَمَانِنَا

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحَمدُ لِلهِ عَزَّ رَبَّا وَخَالِقًا،وَجَلَّ إلهًا وَمَالِكًا،كَتَبَ السَّعَادَةَ لِمَنْ عَمِلَ بِطَاعَتِهِ،وَالعِزَّ لِمَنْ خَضَعَ لِسُلطَانِهِ وَعَظَمَتِهِ،نَشهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ الله ُوَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،عَامَلَنَا بِلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ,وَنَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ،خَيْرُ بَرِيَّتِهِ,دَعَاهُ رَبُّهُ فَأَجَابَ،وَسَلَكَ طَرِيقَ الْحَقِّ فَأَصَابَ،صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيهِ وَعَلى جَمِيعِ الآلِ وَالأَصْحَابِ.{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}.وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وإِيمَانٍ إلى يَومِ المَآبِ.أمَّا بَعدُ:فَيَأَيُّها النَّاسُ:اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأطِيعُوهُ,وَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَهُ اللهُ ولا تَعْصُوهُ.عبادَ اللهِ:أَشْرَفُ حَدِيثٍ:أَنْ تَتَحَدَّثَ عَنْ أَحَبِّ البِقَاعِ إلى اللهِ تَعَالى!عَنْ بِقَاعٍ أَضَافَهَا اللهُ تَعالى إليهِ تَشَّرِيفَاً وتَكْرِيمَاً,وَرِفْعَةً وَتَعْظِيمَاً!جَعَلَ جَزَاءَ مَنْ بَنَى لِلهِ تَعَالى وَلَو جُزْءً يَسِيرَاَ،أنْ يَبْنِيَ اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ.إنَّها بُيُوتُ اللهِ تَعَالى,نَعَمْ إنَّها المَسَاجِدُ! أنْعِمْ بِهَا وَأكْرِمَ مِنْ مَوَاقِعَ وَبُيُوتٍ.كَيفَ لا تَكُونُ كَذلِكَ وَهِيَ التي يُعبَدُ اللهُ فِيها وَيُوحَّدُ،وَيُعظَّمُ وَيُمَجَّدُ،وَيُركَعُ لَهُ فِيها ويُسْجَدُ,مَهبِطُ رَحْمَتِهِ,وَمُلْتَقى مَلائِكَتـِهِ وَالصَّالِحينَ مِنْ عِبَادِهِ،المَسَاجِدُ بُقْعَةٌ مُبَارَكُةٌ،وَأَرْضٌ طَهُورٌ.أَضَافَها اللهُ إليهِ تَشْرِيفَاً وَتَكْرِيمَاً وَتَعظِيمَاً فَقَالَ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[الجن: 18].وَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:(أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا،وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا) . وعُمَرَ قَالَ: الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ فِي الأَرْضِ،وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ.عِبَادَ اللهِ:المُؤمِنُونَ حَقَّاً هُمْ مَنْ يَعمُرونُ المَسَاجِدَ حِسَّاً وَمَعْنىً:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبةــ18] . الرِّجَالُ الصَّادِقُونَ هُمْ مَنْ يَتَرَدَّدُونَ على بُيُوتِ اللهِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ,كَمَا قَالَ تَعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ*رِجَالٌ}(النورــ 37). وَكُلُّكُمْ يَعْلَمُ أَنَّ مِنْ السَبْعَةِ الذينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاّ ظِلُّهُ:وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ.وَفِي حَدِيثٍ رَواهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيرُهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:"إِنَّ الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ اللهِ فِي الْأَرْضِ تُضِيءُ لِأَهْلِهَا كَمَا تُضِيءُ نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِهَا".
أَيُّهَا المُؤمِنُونَ:نَتَحدَّثُ عَن المَسَاجِدِ حِينَ نَسِيَ كَثِيرٌ مِنَّا تَأْرِيخَ مَسَاجِدِهِمْ،وَدَورَهَا!حَقٌ على المُسلِمِينَ:الاعْتِنَاءُ بِمَسَاجِدِهِمْ لِأنَّها مَصْدَرُ عِزِّهِمْ وَفَلاحِهِمْ.وَمَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ حَضَارَتِهِمْ وَرُقِيِّهِمْ!فَلْنَعْتَنِي بِبُيُوتِ اللهِ أَكثَرَ مِن بُيُوتِنَا,وَاستِرَاحَاتِنَا،وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ أنَّ رَسُولُ اللهِ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ يَعْنِي:فِي القَبَائِلِ,وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ.فَلْنَحْرِصْ عَلَى المُطَالَبَةِ بِالمَسَاجِدِ فِي كُلِّ مَكَانٍ تَدْعُو الحَاجَةُ إليها،كَطُرقِ المُسَافِرِينَ,وَمَحَطَّاتِ الوُقُوفِ, وَأَمَاكِنِ التَّنَزُّهَاتِ.أيُّها المُسْلِمُ:وَلِعظَمِ فَضْلِ المَسَاجِدِ وَشَرِيفِ مَكَانَتِها شُرِعَ لِقَاصِدِهَا آدَابَاً وَسُنَنَاً,وَأَحْكَامَاً وَحِكَمَاً يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَذَاكَرَها؛رِعَايَةً لِحُرْمَتِهَا وَتَذْكِيرًا بِحَقِّهَا عَلَينَا.فَخُذْ بَعْضَ أَحْكَامِها,وَتَعرَّفْ على مَا يَجِبُ لَهَا,وَمَا يَحْرُمُ فِيهَا,وَمَا يُؤْتَى فِيهَا,وَمَا يُترَكُ تَعْظِيمَاً لَهَا.أَيُّها الأخُ المُسْلِمُ:يُستَحَبُّ لَكَ أَنْ تَتَجَمَّلَ لِصَلاتِكَ بِمَا تَستَطِيعُ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِكَ وَطِيبِكَ وسِوَاكِكَ,فَاللهُ تَعالى يَقُولُ: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ .وَفِي الحَدِيثِ أنَّ رَسُولُ اللهِ :قَالَ:«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ،فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَقُّ مَنْ تُزِيَّنَ لَهُ».أَيُّها الأَكَارِمُ:لَيسَ مِن التَّجَمُّلِ,بَلْ لَيسَ مِن الذَّوقِ فِي شَيءٍ,مَا نَرَاهُ مِنْ بَعْضِ العَمَالَةِ مِمَّنْ يَدْخُلُونَ بُيُوتَ اللهِ في ثِيَابِ مِهْنَتِهِمْ وَحِرَفِيَّتِهمْ وَيُؤذُونَ المُصَلِّينَ بِرائِحَةِ عَرَقِهِمْ!لَيسَ مِن الأدَبِ فِي شَيءٍ أَنْ يَدْخُلَ أُنَاسٌ بُيُوتَ اللهِ في قُمْصَانِ النَّومِ!أَو ثِيَابِ البَرِّ,والأَسْوَأُ مَنْ يَلْبَسُونَ السَّرَاوِيلَ القَصِيرَةِ التي لا تَكَادُ تُغَطِّي الرُّكْبَتَينِ!والأشَدُّ تَحْرِيمَاً مَنْ يَلبَسُونَ ما فِيهِ تَصَاوِيرَ مِنْ الأمَامِ أو الخَلْفِ!فَحَقُّهمْ عَلينَا أنْ نُوَجِّهَهُمْ باللُّطْفِ واللِّينِ حتَّى لا نَخْسَرَ أحَدَاً مِنْهُمْ! فَقَدْ وَجَّهَ النَّبِيُّ هَذا الصِّنْفَ مِن النَّاسِ فَقَالَ:«مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ».وَعَلَى ذَلِكَ وَتَنَبَّهُوا لِما سَأَذْكُرُ جَيدا فَعَلى قَاصِدِ المَسْجِدِ,اجْتِنَابُ الرَّوَائِحِ الكَرِيهَةِ فِي مَلْبَسِهِ وَمَأْكَلِهِ وَجِسْمِهِ،فَلا يُؤْذِي مَلائِكَةَ الرَّحْمَنِ,وَلا إِخْوَانَهُ المُصَلِّينَ بنَتَنِ الرائِحَةِ،فَرَسُولُنَا قَالَ: (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الْبَصَلَ وَالثُّومَ أَوِ الْكُرَّاثَ،فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا،فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ).وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ عَنْ جَابِرٍ ،أَنَّ نَفَرًا،أَتَوُا النَّبِيَّ فَوَجَدَ مِنْهُمْ رِيحَ الْكُرَّاثِ، فَقَالَ:أَلَمْ أَكُنْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ أَكْلِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ،إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الإِنْسَانُ). فَأَكْرِمْ بِعَبْدٍ يَأْتِي بُيُوتَ اللهِ مُتَطَهِّرًا مُتَنَظِّفَاً،وَيَا خَسَارَةَ مَنْ كَانَ أَذِيَّةً على المُصَلِّينَ!فَهَؤلاءِ يَأتُونَ لِلصَّلاةِ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أنَّهُم يُحسِنُونَ صُنْعَا!أيُّها الكِرَامُ:سَأَقُولُ كَلامَاً أَعلَمُ صُعُوبَتَهُ عَلَيَّ وَعَلى بَعْضِ إخوانِي!لِمَنْ ابْتُلِيَ بالتَّدْخِينِ عَافَاكَ اللهُ مِنْهُ وَعَصَمكَ,أَعْلَمُ واللهِ أنَّهُ ابتِلاءٌ وَبَلْوَى ولَكِنْ لإخْوانِكَ المُصَلِّينَ عَلَيْكَ حَقَّاً! فَجِسْمُكَ وَعَرَقُكَ وَأَنْفَاسُكُ قَدْ أُشْرِبَتْ هَذِهِ الرَّائِحَةَ الكَرِيهَةَ!فَكُفَّ النَّتَنَ عَنَّا,فَإنَّا واللهِ نَتَأَذَّى كَمَا أنَّ ملائِكَةَ الرَّحَمنِ تَتَأذَّى!عَصَمَكَ اللهُ وَوَقَاكَ,فَأَنتَ مِنْ أَنْوارِ المَسْجِدِ وأَعْمِدَتِهِ, فَأَشْعِلْ عَزِيمَتَكَ وَفَارقْ سِجَارَتَكَ.فَاللهُمَّ اعْصِمْنَا جَمِيعَاً مِنْ الشُّرُورِ والفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ,اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا ما يَنْفَعُنا وانْفَعْنَا بِما عَلَّمْتَنَا,وارزُقْنَا عَمَلاً مُتَقَبَّلاَ وأستَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ وللمسلِمينَ فاستَغْفِرُوهُ إنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

الخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمدُ للهِ لا خَيرَ إلاَّ مِنْهُ،ولا فَضْلَ إلاَّ مِنْ لَدُنْهُ،نَشهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،سَمِيعٌ لِرَاجِيهِ،قَريبٌ مِمَّنْ يُنَاجِيهِ،وَنَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،خَيرُ البَرِيَّةِ فَضْلاً،وَأَطْيَبُهُمْ فَرْعَاً وَأَصْلاً،وَأَعَلاهُمْ مَقَامَاً وَأَجْرَاً،صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ,وَمَنْ اهْتَدَى بِهِمْ سِرَّاً وَجَهْرَاً.أَمَّا بَعْدُ:فَيَا مُسْلِمُونَ:اتَّقُوا اللهَ بِالغَيبِ والشَّهَادَةِ تَفُوزُوا بالحُسْنى وَزِيَادَةٌ. عِبَادَ اللهِ:ومِنْ آدَابِ مَسَاجِدِنَا:أَنْ نَأْتِيَهَا بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ،أَخْذَاً بِقَولِ رَسُولِنَا :(إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ،وَلاَ تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا).والحِكْمَةُ واللهُ أَعْلَمُ:أنْ تَكُونَ سَبَبَاً لِلمُبَادَرَةِ بِالحُضُورِ,وَأَنْ تَكُونَ أَدْعَى لِلخُشُوعِ والطُّمَأنِينَةِ!لا كَمَنْ يَأَتِي وَنَفَسٌ يَعْلُو,وَصَدْرٌ ثَائِرٌ!عِبَادَ اللهِ:وَمِنْ أَحْكَامِ المَسَاجِدِ:تَقْدِيمُ الرِّجلِ اليُمْنَى دُخُولاً،وَأنْ يُصَلِّيَ وَيُسلِّمَ عَلى النَّبِيِّ ،وَيَقُولَ:اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ. وَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَّلِيَ رَكْعَتَينِ تَحِيَّةً لِبَيتِ اللهِ تَعَالى قَالَ رَسُولُ اللهِ : (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ),وَإذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَيَحرُمُ عليكَ أَنْ تَشْرَعَ فِي نَافِلَةٍ أَو سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ؛ (فَإذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إلاَّ المَكْتُوبَةَ).أيُّها المُسْلِمُونَ:المُصَلُّونَ فِي المَسَاجِدِ كُلُّهُم سَوَاءٌ،فَمَنْ سَبَقَ إلى مَكَانٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَأَولَى،وَلَيسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَجَّرَ مَكَانَاً.أَوْ أَنْ يَحْجِزَهُ مُسْبَقَاً فَهَذا اعتِدَاءٌ وَغَصْبٌ آثِمٌ!
عِبَادَ اللهِ مِمَّا يُمَيِّزُ المَسَاجِدَ صَلاةُ الجَمَاعَةِ فِيها,وَقَدْ وَصَفَ اللهُ المُحَافِظِينَ عليها بِأنَّهُمْ رِجَالٌ: (لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ).وَالمَسَاجِدُ مَا بُنِيتْ إلاَّ لِذَلكَ،وَلِذَا رَغَّبَ النَّبِيُّ على الجَمَاعَةِ فَقَالَ: (مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ).فَمَنْ حَافَظَ على الجَمَاعَةِ حَصَلَ عَلى أُجُورٍ وَفَضَائِلَ كَثِيرَةٍ!ولِهذا حَذَّرَ النَّبِيُّ مِنْ الابْتِعَادِ عَنْ المَسَاجِدِ والجَمَاعَةِ فَقَالَ كَمَا فِي مُسنَدِ الإمَامِ أحمَدَ وَغَيرِهِ: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاصِيَةَ فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ).وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ أنَّ فَضْلَ صَلاةِ الجَمَاعَةِ: (تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ،وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً).مِنْ خِلالِ المَسَاجِدِ يَا رَعَاكُمُ اللهُ:يُنشرُ العِلمُ, وَيَكُونُ تَعْلِيمُ كِتَابِ اللهِ تَعَالى.قَالَ :(أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ،أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ،خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ،وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ،وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ).المَسْجِدُ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالى حِصْنٌ لِلمُجتَمَعِ مِن انْتِشَارِ الفَوَاحِشِ وَالرَّذَائِلِ,وَمِنْ الأفْكَارِ الهَدَّامَةِ والمُتَطَرِّفَةِ :{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت:45].قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ:كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْمَسْجِدَ حِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ.مِن خِلالِ الجَمَاعَةِ تُبَثُّ رُوحُ الوُحْدَةِ والاجْتِمَاعِ والمَحَبَّةِ والتَّوادِّ والتَّوَاصُلِ!المَسْجِدُ فُرصَةٌ لِتَصْحِيحِ المَفَاهِيمِ الخَاطِئَةِ, وَنَشْرِ العِلمِ الشَّرعِيِّ الصًّحِيحِ! قَالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ:وَكَانَتْ مَوَاضِعُ الْأَئِمَّةِ وَمَجَامِعُ الْأُمَّةِ هِيَ الْمَسَاجِدَ!فَيا أَيُّها المُسلِمُونَ:شُرِعَتْ صَلاةُ الجَمَاعَة لِمَقَاصِدَ عُظْمَى!فَتَصَافَحُوا لِيذْهَبَ الغِلُّ،وَتَسَامَحُوا لِتَزَول الشَّحنَاءُ،وَطهِّرُوا قُلوبَكُمْ مِنَ الأَحْقَادِ،وَاستَبْدِلُوا القَطِيعَةَ بِالصِّلَةِ,وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا.وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا على خَيرِ البَرِيَّةِ فَمَنْ صَلَّى عليهِ وَاحِدَةً صلىَّ اللهُ عليهِ بِها عَشْرِاً:فَاللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِه أَجْمَعِينَ.اللهمَّ طَهِّر قُلُوبَنَا مِنَ الغِلِّ والحِقْدِ وَالحَسَدِ,واجْعَلْنا إِخْوَةً مُتَحَابِّينَ عَلى الخَيرِ مُتَعَاوِنِينَ.اللهمَّ اجْعَلْنَا مُقِيمي الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَاتِنَا رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَ.(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).اللهم ثبتنا على دينك وصراطك المستقيم ،اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا و ولاة أمورنا، اللهم خذ بنواصيهم للبر والتقوى ومن العمل ما ترضى.ياربَّ العالمين عباد الله:اذكروا الله العليَّ العظيمَ الجليل يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  1.8K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:36 مساءً الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024.