• ×

03:06 مساءً , السبت 21 جمادي الأول 1446 / 23 نوفمبر 2024

خطبة الجمعة 05-04-1437هـ بعنوان كُلُّنا دُعاةٌ إلى اللهِ تَعَالى

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ للهِ أَكرَمَنَا بِالإسلامِ،سُبحانَهُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ،نَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ,شَهادَةً تُورِثُ صَاحبَها ظِلاً ظَلِيلاً،وقَد وَعدَ الدُّعاةَ العَامِلِينَ المُحسِنِينَ ثَوَابَاً جَزِيلاً, وَنَشهدُ أَنَّ سيِّدَنا وَنَبِيَّنا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُه اصْطَفَاهُ رَبُّهُ عَبْدَا وَنَبِيِّاً وَخَلِيلاً،دَعَا إلى اللهِ على بَصِيرةٍ،فَفَتَحَ اللهُ بِهِ القُلُوبَ وَأَنَارَ بِهِ العُقُولَ وَكَانَ بَشِيرَاً وَنَذِيرِا,فَصَلَوَات ربِّي وسلامُهُ عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ وأَتبَاعِهِ بِإحسَانٍ وإِيمَانٍ بُكرَةً وأَصِيلاً.أمَّا بَعدُ:فَاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوى اجْعَلُوا التَّقوى شِعَارًا لَكُم ودِثَارًا،واستَشْعِرُوا مُرَاقَبَةَ اللهِ سِرًّا وَجِهَارًا.أيُّها المُسلِمُونَ:أَرسَلَ اللهُ رَسولَهُ: شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا .فَرِسالتُه بَاقيَةٌ إلى يَومِ الدِّينِ،غَايتُها هِدَايَةُ الخَلقِ أَجمعينَ؛ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ .فَبَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ،وَأَمَرَ المُسلِمينَ بِالسَّيرِ على نَهجِهِ,والدَّعوَةِ إلى دِينِهِ,فَقَالَ كَمَا في الصَّحِيحِ: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ،وَلاَ حَرَجَ،وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ). ولْتَعْلَموا يا مُؤمِنُونَ:أنَّ مِنْ أَجَلِّ صِفَاتِ نَبِيِّنَا أنَّهُ دَاعٍ إِلَى الله تَعَالَى دَومَاً وَأبَدَاً قَالَ جَلَّ وَعَلا : قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ .حتى وَهُوَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يَجُوُدُ بِأنَفاسِهِ الأخِيرَةِ يَقُولُ(الصَّلاَةَ،الصَّلاَةَ,وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).وغُلاَمٌ يَهُودِيٌّ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ الغلامُ إِلَى أَبِيهِ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ وَهْوَ يَقُولُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ). أيُّها المُؤمِنُونَ:السَّعيُ إلى هِدَايَةِ الخَلقِ أنبَّلُ وَظِيفَةٍ وَأَشْرَفُ عَمَلٍ,وقَدْ أَمَرَ اللهُ عمومَ المُسلِمينَ فَقَالَ: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ .وَكُلُّنا مَأمُورُونَ بالاقتدِاء بِالرسُولِ فِي الدَّعوةِ والعَمَلِ. قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي . وَفِي مِثْلِ زَمَنِنَا هَذا تَتَأَكَّدُ الدَّعوَةُ وَتَجِبُ عَلى كُلِّ فَرْدٍ مِنَّا كُلٌّ حَسْبَ قُدْرَتِهِ وَجَهْدِهِ.قَالَ الإمَامُ ابنُ القيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:"مَنْ عَلِمَ وَعَمِلَ وعَلَّمَ فَذَاكَ يُدعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاواتِ".
عِبَادَ اللهِ:إخراجُ أُنَّاسٍ مِنْ الكُفْرِ إلى الإسْلامِ,ومِنْ مَعَاصٍ وَعَمَى إلى الاستِقَامَةِ والهُدَى,خَيرُ الأَعمَالِ وَأثْقَلُها فِي المِيزَانِ كَمَا قَالَ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ .قَالَ السَّعدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فَلا أَحدَ أَحسَنَ كَلامًا وَطَريقَةً وَحَالَةً مِمَّنْ دَعَا إِلَى الله,بِتَعلِيمِ الجَاهِلِينَ،وَوَعْظِ الغَافِلِينَ،وَمُجَادَلَةِ المُبطِلِينَ.وَمَعَ دَعْوَتِهِ لِلْخَلْقِ بَادَرَ بِنَفْسِهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّهِ,فَكَانَ مِنْ المُنْقَادِينَ لأَمْرِهِ،وَهَذِهِ المَرْتَبَةُ،تَمَامُهَا لِلصِّدِّيقِينَ،كَمَا أَنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ،قَولاً مَنْ كَانَ مِنْ دُعَاةِ الضَّلالَةِ السَّالِكِينَ سَبِيلَهُ. وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ .رَوى الصَّنْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ بِسَنَدِهِ أنَّ الحَسَنَ البَصْرِيَّ رَحِمَهُ اللهُ إذا تَلا: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى الله. قَالَ:هَذا حَبِيبُ اللهِ,هَذا وَلِيُّ اللهِ,هَذا صَفْوَةُ اللهِ,هَذا خِيرَةُ اللهِ,هَذا أَحَبُّ أَهْلِ الأَرْضِ إلى اللهِ,أَجَابَ اللهَ فِي دَعوَتِهِ,وَدَعَا النَّاس وَعَمِلَ صَالِحًا فِي إِجَابَتِهِ وَقَالَ:إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ.أيُّها المُبَارَكُ:أَبْشِر فَكُلُّ عَمَلٍ دَعَوِيٍّ تَقُومُ بِهِ فَلَكَ مِنْه نَصِيبٌ وَافِرٌ!فِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ:«مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا».فَيَا عبدَ اللهِ:إسلامُ رَجُلٍ واحِدٍ! واهتِدَاءُ رَجُلٍ بِسَبَبِ دَعوتِكَ وَنَصِيحَتِكَ خَيرٌ لَكَ مِنْ أَنْفَسِ الأَموَالِ وَأَغْلاها!يَقُولُ رَسُولُ الهُدى عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (فوَاللهِ،لأَنْ يَهدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَم)متفق عليه أيُّها المُؤمِنونَ:مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ مَعْنَى العَطَاءِ لِلدِّينِ,والبَذْلِ لَهُ,قَدْ تَوَارَى أو خَفَتَ فِي نُفُوسِ الكَثِيرِينَ مِنَّا،بَلْ حَتى فِي نُفُوسِ بَعْضِ الْمُتَدَيِّنِينَ!فَعَدَدُ الشَّبابِ المُلْتَزِمِ المُتَدَيِّنِ لا يَتَنَاسَبُ مَعَ مَا يُشاهَدُ مِنْ عَطَاءٍ وَنَمَاءٍ وَدَعْوَةٍ!وَصَدَقَ اللهُ القَائِلُ: وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم .وَنَبِيُّنا وَصَفَ حَالَنا فَقَالَ: (إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ الْمِائَةُ لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً) . البخاريُّ.جَعَلَنا اللهُ جَمِيعاً هُدَاةً مُهتَدِينَ غَيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ,مَفَاتِيحَ خَيْرٍ مَغَالِيقَ شَرٍّ ياربَّ العالَمينَ.وَمِمَّن يَستَمِعُ القَولَ فَيَتَّبِعُ أحسَنَهُ,أَقُولُ مَا سَمِعتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم ولِلمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍّ وَخَطِيئَةٍ، فَاستَغْفِرُوه وَتُوبُوا إِليه،إنَّه هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الحَمدُ لِلهِ البَرِّ الرَّحِيمِ،يَدْعُو إلى دَارِ السَّلامِ وَيهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقِيمٍ،نَحْمَدُ اللهَ وَنَشْكُرُهُ,وَنَتُوبُ إليه ونَستَغفِرُهُ،وَنَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ العَلِيُّ العَظِيمُ،ونَشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا وَسَيِّدَنَا مُحمَّدَاً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ذُو الدِّينِ القَويمِ والخُلُقِ الكَرِيمِ،اللهمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ على خيرِ الأَنَامِ,وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ المُتَّقِينَ الأَعلامِ,وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحسَانٍ وإيمَانٍ على الدَّوامِ. أمَّا بَعدُ:فاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللهِ،وأَبْشِرُوا فَدِينُ اللهِ مَنصُورٌ وَقَادِمٌ!إيمَانَاً بِوعْدِ اللهِ القَائِلِ: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ والله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .أَمَا سَمِعْتُم بِشَارَةَ رَسُولِ الله لنَا إذْ يَقُولُ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ الله بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ الله هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ الله بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ الله بِهِ الْكُفْرَ». أيُّها المُؤمِنُونَ:وَهُنا سُؤالٌ يَتَرَدَّدُ فَقَائِلٌ أنَا لستَ مُتَخَصِّصَاً في الدَعوَةِ والإرشَادِ فَهُناكَ أُناسٌ يُتقِنُونَها وقَائِلٌ أنَا لستُ خطِيبَاً مُؤثِّراً فَيُسمَعُ لِي وآخَرُ يَقُولُ أَنَا لستُ كاتِبَا جَذَّابَا فَيُقْرأُ لِي,فَنَقُولُ لِهؤلاء الإخوَةِ وغَيرِهم مِمَّن عِندَّهُم حِرصٌ وَهَمُّ: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا .فَمِن رَأفَةِ اللهِ بِنَا أنَّ سُبُلَ الدَّعوةِ وطُرُقَها متَنَوِّعَةٌ,يَستَطِيعُها كُلُّ فَرْدٍ مِنَّا، فَمُنَاصَحَةُ الأَفْرَادِ دَعْوَةٌ،وَتَوجِيهُ الأبْنَاءِ دَعْوةٌ،وَتوزيعُ كُتُبٍ أو بَعثُ رَسَائِلَ مُوَثَّقَةٍ دَعْوةٌ,وَدَعْمُ سُبُلِ الخَيرِ والمَشَارِيعِ الدَّعَوِيَّةِ بِالمَالِ فَضِيلَةٌ وَقُرْبَةٌ وَدَعْوَةٌ,أتَدْرُونَ أيُّها الكِرامُ:تَبَسُّمُكُمْ فِي وُجُوهِ الآخَرِينَ قُرْبَةٌ وَدَعْوَةٌ.فَإنْ كُنتَ لا تَستَطِيعُها وَضَعُفْتَ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ فَكُنْ كَمَا قَالَ رَسُولُنا :« تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ ».بِهذا يُصبِحُ مُجتَمَعُنا كُلُّهُ على اخْتِلافِ فِئَاتِهِ دُعَاةً إلى اللهِ تَعَالى؛بِأخلاقِهِ وَلِسَانِهِ وَمَالِهِ وقَلَمِهِ.أيُّها المُؤمِنُونَ الحَرِيصُونَ على تَبْلِيغِ دِينِ اللهِ:كُلُّ دَعْوَةٍ أو تَوجِيهٍ حتى يَكُونَ مُثْمِرَاً يُشتَرَطُ أنْ تَتَوَفَّرَ فِيهِ شُرُوطٌ ثَلاثَةٌ: فَغَايَتُكَ مِنْ دَعوَتِكَ أنْ تَبْتَغِي الأجْرَ والثَّوابَ مِن اللهِ تَعَالى فالإخلاصُ قَائِدُكَ.وأنْ تَسْلُكَ هَدْيَ النَّبِيِّ في طَرِيقَةِ دَعْوَتِهِ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا بِأجمَلِ أُسْلُوبٍ وَأحسنِ تَوجِيهٍ,وَثَالِثُ الشُّرُوطِ أنْ تَكُونَ على بصيرة فِيمَا تَدْعوا إليهِ: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا .وَرَسُولُنا يَقُولُ: ( وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ). عِبَادَ اللهِ :عَلَيكُم بالصَّبْرِ الجَمِيلِ فَسُنَّةُ اللهِ قَضَت أنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ فَلا تَضعُفْ عن النُّصْحِ وَلَو كَثُرَ الانْحِرَافُ،ولا تَيأَسْ وَلَو انْتَفَشَ البَاطِلُ فَمَا عَليكَ إلاَّ البَلاغُ،فَبَلِّغْ وَرَبُّكْ المُوَفِّقُ والمُسَدِّدُ، وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ الله رَمَى [الأنفال: 17].فَكَم سَعَى النَّبِيُّ إلى إِسلامِ عمِّهِ أَبِي طَالِبٍ،فَلَمْ يَتَحَقَّق لَهُ مَا أَرَادَ، وَيَأْتِي النَّبيُّ التَّقِيُّ يَومَ القِيامَةِ: (وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ،وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ،وَالنَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ).فَأَكْثِروا مِنَ الدُّعَاءِ لِلمَدْعُوِّينَ,ولازِمِوا الصَّبْرَ عَلى مَا تُلاقُونَ فَالعَاقِبَةُ لِلصَّبْرِ والتَّقْوَى.واستَعِنْ باللهِ فَي دَعْوتِكَ واسْألْهُ أنْ يبارِكَ فِي جُهُودِكَ،وأنْ يُسدِّدَ خُطاكَ، وأَنْ يُصلِحَ نِيَّتَكَ.أيُّها الأَخْيَارُ:بَلَدُنا بِفَضْلِ اللهِ مَهبِطُ الوَحيِ ومُنطَلَقُ الدَّعوةِ والهُدَى!لِذا كَانَ لِزَامَاً عَلينا مُضاعَفَةُ الجُهُودِ والخُطى,وَطَريقُ الدَّعوةِ بِفَضْلِ اللهِ مُيَّسرٌ وَفَسِيحٌ لا قُيُودَ فِيهِ ولا أَغْلالٌ؛مَتى مَا كَانَ وِفْقَ الضَّوابطِ الشَّرعِيَّةِ،والآدَابِ الْمَرعِيَّةِ,فَقُومُوا يَا مُؤمِنُونَ بِأَمْرِ اللهِ القَائِلِ : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ اللهمّ فاطرَ السماوات والأرض عالمَ الغيب والشّهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.اللهم أيِّد عبادك الصالحين والدُّعاة المُخلصين ،اللهم واجعلنا منهم برحمتك يا رحيم،اللهم عليك بالمنافقين الذين يَصُدُّون عن سبيلك،ويفتنون عبادك فإنَّهم لا يعجزونك، اللهم فاكبتهم، وردَّ كيدَهم في نحورهم، يا قويُّ يا عزيز.اللهم وآمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين.واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك وأتبع رضاك يا أرحم الراحمين.اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر نستغفرك اللهم ونتوب إليك ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العليم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  4.5K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:06 مساءً السبت 21 جمادي الأول 1446 / 23 نوفمبر 2024.