• ×

10:18 مساءً , الأربعاء 2 جمادي الثاني 1446 / 4 ديسمبر 2024

خطبة الجمعة 26-12-1436هـ بعنوان عامُ نَصَرٍ وأمَلٍ بِإذنِ اللهِ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله جَلَّ وتَعَالَى، نسألُه صَلاحَ الشَّأنِ حالاً ومآلاً.نَشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له،خَلَقَ الْموتَ والحياةَ لِيَبلُوَ النَّاسَ أيُّهم أحسنُ أعمالاً.ونَشْهدُ أنَّ نَبِيَّنَا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، خيرُ الوَرَى خِصالاً،حذَّرَ مِنْ الاغترارِ بِهذه الدَّارِ،وَأَمَرَ بالاستعدادِ لدارِ القَرَارِ،صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلهِ وأصحابِه البَرَرِةِ الأطهارِ،أمَّا بعد:فاتَّقوا اللهَ على كلِّ حالٍ. وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله .اللهُ أكبرُ عباد الله: هكذا في لَمْحِ البَصَرِ طَوينَا عَامَاً كامِلا! لَطالما عِشنَا فيه آمالاً وآلاماً ولطالما كانت لنا فيه ذكرياتٌ وطموحاتٍ. يُقَلِّبُ الله اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ. سَنَةٌ مَضَتْ.وَكَذَا السِّنُونَ.مُضِيُّهَا طَيْفٌ بِسُرْعَتِهِ خَفَتْ تَمْضِي وَقَدْ كَتَبَتْ مِنَ العَجَبِ العُجَابِ وَسَطَّرَتْ. تَمْضِي وَتُفْشِي سِرَّهَا وَتَنُوحُ لَوْ هِيَ أَسْمَعَتْ.يَا صَاحِ قَدْ بُحَّتْ حِبَالُ الصَّوْتِ.بَلْ هِيَ بِالصُّرَاخِ تَمَزَّقَتْ. أَسَفِي عَلَيْكَ وَأَنْتَ فِي الغَفَلاَتِ.قَدْ مَنَّيْتَ نَفْسَكَ مَا اشْتَهَتْ.أَسَفِي عَلَيْكَ وَجُعْبَتِي مَلْأَى.وَأَنْتَ لاَ قَلْبٌ وَعَى عِبَرًا وَلاَ أُذُنٌ صَغَتْ!عام هجريٌّ غريبٌ فاقَ كلَّ التَّوقُّعاتِ والتَّحليلاتِ والتنبؤات أهلكَ اللهُ فيه ظالمينَ!وكشفَ فيه مُنَافِقِينَ! وَفَضَحَ اللهُ فيه الْمُتخاذلينَ!أظهر اللهُ سنَّتهُ للعالمينَ أنَّ اللهَ تعالى يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلتْهُ!وأنَّ العاقبةَ للمتقينَ!وأنَّ النَّصرَ للإسلامِ والمسلمينَ!نعم يا مؤمنونَ فحينَ تكاثرتِ الأزماتُ على أمَّةِ الإسلامِ واشتدَّت عليها وطأةُ الحوادثِ فإنَّها تَلَمَّست طريقَ النَّصرِ الذي بتنا نرى بوادرَهُ بإذنِ اللهِ!فَكَانت عَاصِفَةَ الحَزْمْ,وَقُوَّةَ السِّيادَةِ والرِّيادَةِ على أرضِ الحَرمَينِ الشَّريفِينِ. وَدَحْرَاً وَمُقَاطَعَةً لِلرَّوافِضِ الصَّفَوِيِّنَ الخَوَنَةِ,وَوُقُوفَاً ضِدَّ العَلَوِّيينَ المُجرمينَ,وَفَضْحَاً وَمُلاحَقَةً لِلخَوارِجِ والمُتَطَرِّفينَ الإرهابِيِّينَ.وَمُسانَدَةً لِقَضَايَا المُسلِمينَ بِكُلِّ مَكَانٍ.عَامٌ مُباركٌ بإذنِ اللهِ قُرِّبَ فيهِ العُلمَاءُ والدُّعَاةُ والفُقَهاءُ,وَخَرَسَتْ فيه ألْسُنُ المُنافِقينَ والِّليبْرَالِيِّينَ والعِلمَانِيِّيِنَ والمُفسدِينَ, وَثِقَتُنَا بِنصرِ اللهِ كبيرٌ أنَّه آتٍ لا شكَّ فِيهِ ولا مِراءَ.كَمَا قَالَ: (واللهِ،ليتِمَّنَّ هذا الأمرُ ) يَعني أمْرَ الإسلامِ.وَقَالَ تَعالَى: وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ. أيُّها المُؤمِنُونَ: ثِقَتُنَا بِأنَّ مُستقبلٍ الإسلامِ والمسلمين زَاهرٌ بإذنِ اللهِ،وأنَّ دِينَنا سيُنير مَشَارِقَ الدُّنيا ومغارِبَها؛ذلك لأنَّ الهزيمةَ النَّفسيَّةَ مِن أنكى وأمرِّ الهزائِمِ خطراً على مُستقبلِ الإسلامِ، ولأنَّ الثِّقةَ بنصرِ اللهِ تولِّد السَّكينَةَ والثَّباتَ،بل حينما لجأَ رسولُنا إلى الغار،واقترَب الأعداءُ منهُ!قال أبو بكرٍ رضي الله عنه:لو أنَّ أحدَهم نَظَر تحتَ قدمَيه لرآنا،فردَّ عليه بكلِّ ثِقَةٍ: (ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما). ومِنْ قَبْلُ يقِفُ موسى عليهِ السَّلامُ وأصحابُهُ عند شاطئِ البحر، فيقولونَ: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ فبثِقَةٍ مَوعُودَةٍ بالنَّصر يَقُولُ: كلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّى سَيَهْدِينِ. فَمَا بَالُ بَعضُ إخوَانِنَا يُعَدِّدونَ المَصائِبَ والأحزانَ,ويَنسَونَ مَا مَنَّ اللهُ بِهِ على بِلادِنا مِن الأمنِ والرَّخاءِ والقَرارِ! مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ.عبادَ اللهِ:تَعلَّمنا طِيلَةَ العَامِ أنَّ أَصحَابَ البَاطلِ قَدْ يَحصُلُون على انتِصَارٍ مُؤقَّتٍ،لَكِنَّهُ سُرعانَ ما يَنْهارُ لأنَّهُ أُسِّسَ على فَسَادٍ،ثُمَّ تَكُونُ العَاقِبةُ لِلمُتَّقينَ! لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلَـٰدِ مَتَـٰعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ. عبادَ الله: إنَّ الفألَ الحَسَنَ والِبشَارةَ بنصرِ الله لا تَعني تركَ العمَلِ,أو التَوَاكُلَ والخلودَ والكسَلَ, فنصرُ الله لا يَتَنَزَّلُ على نُفوسٍ لُوِّثت بالمعاصي،وقُلوبٍ مُستعبَدَةٍ للشَّهواتِ،مُدنَّسةٍ بِداءِ الفُرقَةِ والتَّنَازُعِ والتَّنَاحُرِ,والتَّكفِيرِ والتَّقتيلِ والتَّفجيرِ,وَنَشْرِ الفَسادِ والتَّغريبِ!فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعالى وَهُوَ أصدَقُ القَائِلينَ:إِنَّ الله لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ. أيُّها المسلمون:إنَّ أمَّتَنَا لن تنجوَ من مُصائبها،ولن يتغيَّر حالُها،ولن تُحَقِّقَ آمالَها حتى تُحقِّقَ الإسلامَ في حياتِها واقعاً عَمَلياً في كلِّ نواحي حياتِها فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى فَتَفَاءَلُوا بنصرِ اللهِ يا مؤمنونَ ، وأيقنوا أنَّهُ كُلَّمَا ادلَهَمَّتِ الخطوبُ فالفرَجُ في ثناياها يَلوحُ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.فاللهم أجعل عامَنَا عامَ خيرٍ وبركةٍ ونصرٍ وعزٍّ للإسلامِ والمسلمينَ.اللهم وانتصر لإخوانِنَا الْمستضعفينَ في كُلِّ مكان.اللهم أجعل لهم من كلِّ همِّ فَرَجَاً،ومن كلِّ ضِيقٍ مَخرَجَا ومن كلِّ بلاءٍ عافيةٍ.واللهُ تَعَالى يَقُولُ: وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ واستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمين من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله دَعَا العِبَادَ لِمَا تَزكُوا به النُّفوسُ وتَطْهُر، نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له ,كُلُّ شيءٍ عندهُ بِأَجَلٍ مُقَدَّر،ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُه,أَبْلَغُ واعظٍ وأَصْدَقُ مَنْ بَشَّر وأنذر،صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِه خيرِ صَحْبٍ ومَعْشَرٍ،
أَمَّا بَعدُ: أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. فمَنْ غَفَلَ عن نَفْسِه ضاعت عليه أوقَاتُهُ ثم اشتدَّت حَسَرَاتُهُ،عجيبٌ حالُنا:نُوقنُ بالْمَوتِ ثم نَنْسَاهُ!ونَعرفُ الضُّرَّ ثمَّ نَغشاهُ!نَخشى النَّاسَ واللهُ أحقُّ أنْ نَخشَاهُ!نَغْتَرُّ بالصِّحَةِ ونَنسى السَّقَمِ!ونَزْهُو بالشَّبَابِ ونَنسى الْهَرَمِ!نَهْتَمُّ بالعِلْمِ ونَنْسى العَمَلِ!يَطُولُ العُمُرُ ويَزْدَادُ الذَّنْبُ!ويَبْيَضُّ الشَعْرُ وَيَسْوَدُّ القَلْبُ!إلاَّ مَن رَحِمَ ربِّيِ! أَلَمْ يَأْنِ لنا أنْ نُدرِكَ حقيقةَ هذه الدَّارِ؟يا قوم، إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ.يا مُسلِمُ،ذَهَبَ عامُكَ شَاهِداً لَكَ أو عليكَ،فَخُذْ زَادَاً كَافِياً،وأعدَّ جواباً شافياً،واستَكْثِرْ من الحَسَنَاتِ،وتَدَارَك مَا مَضَى مِن الهَفَوَاتِ،قبل أنْ يَفْجَأُكَ هادمُ اللذَّاتِ،فَرَبُّنا غَفُورٌ لِمَنْ تابَ وأَنَابَ.قَالَ: (كلُّ النَّاسِ يَغدُو،فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعتِقُها أو مُوبِقُها).فَيَا مَنْ أَقْعَدَتْهُ الآثامُ والمَعَاصِي عن الصَّالِحاتِ،أنسيتَ ساعةَ الاحتضارِ؟حين يَثقُلُ منكَ اللسانُ،وَيبكي عَليكَ الأهلُ والوِلدَانُ، أنسيتَ حينَ يَشْتَدُّ الكَربُ،ويَظْهَرُ الأنينُ،وَيَعْرَقُ الجبينُ،(فلا إله إلا اللهُ،إنَّ للموتِ لِسَكَراتٍ). أينَ مَنْ عَاشَرنَاهُمُ كَثِيراً وأَلِفْنَاهُم؟أينَ مَنْ مِلنَا إليهم وأَحبَبْنَاهم؟كَم عَزيزٍ دَفنَّاهُ,وَقَرِيبٍ أَضْجَعنَاهُ، فَهل رَحِمَ المَوتُ مَريضاً لضعفِ حالِه؟أو ذا عِيالٍ لأجْلِ عياله؟لا واللهِ لقد أتاهم الْمَوتُ،فأخلى منهم المجالسَ والمساجَد،لا يَمْلِكُونَ لأنفُسِهِم ضَّرَّاً ولا نَفْعَاً،فيا عبدَ الله،دَعِ اللهوَ جَانِبَاً،وقمْ إلى ربِّكَ نَادِمَا،وقِف على بابهِ تَائِبَاً،فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قالَ:قَالَ رسولُ الله: (إنَّ الله عزَّ وجلَّ يبسطُ يَدَهُ بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النَّهارِ،ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهارِ لِيَتُوبَ مُسيءُ الليلِ حتى تَطْلُعَ الشَّمسُ من مَغربِها). وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. فاللهم اغفر لنا ذُنُوبَنَا وإسرَافَنَا في أمرِنا وثبِّت أقدامنا وانصرنا على الكافرين.اللهم أجعل مُستقبلنا خيراً من ماضينا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنَّا وإذا أردتَ بعبادكَ سوءً وفتنةً فاقْبِضْنَا إليك غيرَ مفتُنينَ ياربَّ العالمينَ.اللهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، ودمِّر أعداءَ الدِّين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.اللهمَّ آمنا في أوطاننا،وأصلِح أئمتنا وولاةَ أمرنا، اللهم وفقهم لما فيه صلاحُ الإسلامِ وَعزُّ والمسلمين رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.عباد الله، اذكروا الله العظيمَ الجليل يذكركم، واشكروه على عموم نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  2.6K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:18 مساءً الأربعاء 2 جمادي الثاني 1446 / 4 ديسمبر 2024.