خطبة صلاة الإستسقاء 23-04-1436هـ بعنوان الاستِغَاثَةُ في الصَّلاةِ والدُّعاءِ
الحمدُ للهِ مُغيثِ المُستَغِيثينَ،ومُسبلِ النِّعمِ على خَلقِهِ أَجمعِينَ,عَظُمَ حِلمُه فَستَرَ،وَبَسطَ يَدَهُ بِالعطَاءِ فَأكثَرَ،نِعَمُه تَترَى،وَفضلُهُ لا يُحصى،نَشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ المُطَّلِعُ على السِّرِّ والنَّجوَى،ونَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ،أَصدَقُ العِبَادِ عِبَادَةً وأحسَنُهم قَصداً،وأَعظَمُهم لِرَبِّهِ خَشيَةً وَتَقوى،صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليه،وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومَن سَارَ على نَهجِهم واتَّبعَ طريقَ التَّقوى.أمَّا بعدُ:فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ واعلموا أنَّ المَاءَ جُندٌ من جُندِ اللهِ تعالى!فإمَّا أنْ يكونَ رَحمَةً وطَلاًّ,وإمَّا عَذَاباً وَبِيلاً! فاللهُ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَمَّن يَشَاءُ!
عبادَ اللهِ:رَبُّنا رَحيمٌ حَلِيمٌ,عَظِيمٌ كريمٌ,تَتَنَزَّلُ مِنهُ الخَيراتُ والبَرَكَاتُ والرَّحماتِ,ونحنُ مُقَصِّرونَ في جنبِّ اللهِ تعالى,مُصِّرِّونَ على الذُّنُوبِ والعِصيانِ،والظُّلمِ والعُدوانِ!وصَدَقَ اللهُ حينَ قالَ: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا .
فَقد أمهَلَنَا رَبُّنا فَأَرُوا اللهَ مِنْ أنفُسِكم خيراَ.
معاشِرَ الشَّبابِ: ما حالُنا مع الصَّلاةِ ؟! ألم تَكُن آخِرُ وَصِيَّةٍ لِنبيِّنا حينَ قالَ :"الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ, وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"حَتَّى جَعَلَ نَبِيُّ اللهِ يُغَرْغِرُهَا فِي صَدْرِهِ،وَمَا يَفِيصُ بِهَا لِسَانُهُ؟!. الصَّلاةُ الْمَفرُوضَةُ يا مُؤمِنُونَ:ركنُ الدِّينِ ومِعراجُ المُتَّقينَ وَفرِيضَةُ اللهِ على المُسلمينَ،فَلا دِينَ لمَن لا صلاةَ له،ولا حظَّ في الإسلامِ لمَن تَرَكَها وأهمَلَها,هي آكَدُ مَفرُوضٍ, وأوَّلُ وأَعظَمُ مَعرُوضٍ,وأجلُّ طَاعةٍ وأَرْجَى بِضَاعَةٍ،من حفِظها حفِظَ دِينَهُ وأمانَتَهُ،ومن أَضاعَها فهو لِمَا سِواها أضيَعُ،هيَ رأسُ الأَمَانَةِ،يقولُ عنها النَّبيُّ :«رَأسُ الأمْر الإسْلامُ،وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ،وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ الجِهادُ».كلُّ الفَرَائِضِ أَنزَلَهَا اللهُ تعالى على رَسولِهِ إلاَّ الصَّلاةَ،فإنَّهُ سُبحانَهُ أصعَدَ رسولَهُ إليها،فَعَرَجَ بهِ إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ، حتى رَفَعَهُ إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَفَرَضَها عليهِ هُناكَ!
عبادَ اللهِ:الصَّلاةُ المفرُوضَةُ,هيَ أَوَّلُ ما يُحاسَبُ عليه العبدُ يومَ القِيامَةِ فَإِنْ صَلُحَتْ صَلُحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ،وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ.مَن تَركَ صلاةً مُكتوبةً مُتعمِّدَاً مِن غيرِ عُذرٍ فقد بَرِئت منه ذِمَّةُ اللهِ.
الصَّلاةُ يا مؤمنونَ:عُنوانُ الفلاحِ وطريقُ النَّجاحِ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ .
الصَّلاةُ مَعاشِرَ الشَّبَابِ: أَكبَرُ وَسيلَةٍ لِحِفظِ الأَمنِ والقَضَاءِ على الجَرِيمَةِ،وأنفَعُ وَسيلَةٍ لِلتَّربيةِ على العِفَّةِ والفَضِيلَةِ,فقد قالَ أَصدَقُ القائِلِينَ: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ .المحافظةُ عليها عُنوانُ الصِّدقِ والإيمانِ،والتَّهاونُ بها علامةُ الخُذلانِ والخُسرَانِ. من حافظَ عليها في بُيُوتِ اللهِ وَجَمَاعَةِ المُسلِمينَ كانت له نُورَاً وبًرهاناً,وَوَجَبَتْ له الجَنَّةُ.
الصَّلاةُ بَابٌ لِلرِّزقِ والخَيراتِ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى .فيا مَنْ تُرِيدُ رِزْقَ اللهِ وخَيراتَهُ افزَعْ إلى الصَّلاةِ: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ .وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ .واللهُ سُبحَانَهُ: ( يَدُهُ مَلأى لا تَغِيضُها نَفَقَةٌ سَحَّاءُ الَّليلِ والنَّهَارِ ). عبادَ اللهِ:المَطرُ مَاءٌ طَهُورٌ مُبَارَكٌ,وهو الحَيَاةُ وَكَفى! وآيةٌ من آياتِ اللهِ وَهِبَةٌ من هِباتِهِ يَقولُ المولى جلَّ وعلا : وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
أيَّها المؤمنُ:ولِلمطَرِ سُننٌ قَولِيةٌ وفِعلِيَّةٌ,فَقد كانَ رَسُولُ اللهِ إذا رَأى الغَيثَ قالَ: (الَّلهمَّ صَيِّبَاً نَافِعَاً).وإذا اشتَدَّ المَطَرُ وَخَشِيَ الضَّرَرَ قالَ: (اللهمَّ حَوالَينَا ولا علينا,اللهمَّ على الآكَامِ والظِّرَابِ وبُطُونِ الأَودِيَةِ ومَنَابِتِ الشَّجَرِ) وكانَ يَكشِفُ بَعضَ بَدِنِهِ لِيصيبَهُ المَطرُ. ويُسَنُّ الدُّعَاءُ حالَ نُزُولِهِ لِقولهِ : (اثنَانِ لا يُردُّ فِيهِمَا الدُّعاءُ,عِندَ النِّدَاءِ,وعِندَ نُزُولِ المَطَرِ). مَعاشِرَ الكِرَامِ:وعندَ نُزُولِ الأَمطَارِ مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ هُناكَ تَهَوُّراتٌ وأَخطارٌ تَقعُ مِن شَبَابِنا, دَافِعُها التَّهوُّرُ وحُبُّ المُغَامَرَةِ,كالسُّرعَةِ المُفرَطَةِ,أو تَجَاوزاتٍ مُتَهوِرَةٍ,وبعضُ شَبَابِنا يُغامِرُ بِدُخُولِ الشـِّعابِ والأَودِيَةِ ممَّا يَنتُجُ عنه خُطورة ٌبَالِغَةٌ, يَكفِي فقد فقدنا الكثيرَ ممن جَرَفَتهُمُ السُّيولُ!وقد شَاهدتم وَشَاهدْنا بَعضَ مَقَاطِعِ التَّهوُّرِ والسَّفهِ والجُنونِ!فيا مُسلِمونَ خُذوا حِذركم وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .
عبادَ اللهِ :ارفعوا أيديكم واتجهوا بقلوبكم إلى ربكم داعين مؤملين منه الفرج وإزالة الشدة
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا
اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم واكشف الضر وأسبغ النعم على المؤمنين.
اللهم اسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين
اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا, اللهم أغثنا غيثا مُغيثا هنيئا مَريئا غَدَقَا مُجَلِّلا
اللهم أغثنا غيثا مباركا تحيي به البلاد وترحم به العباد وتجعله بلاغا للحاضر والباد.
اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق
اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع وأنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من بركات الأرض .
اللهم تقبل منا دعواتنا بمنك وكرمك وصل اللهم على عبدك ورسولك محمد
عباد الله: اقتدوا بنبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- في قلب الرِّداء فإن ذلك سُنَّةٌ وفيه تَفاؤَلٌ بِقلبِ الأَحوالِ إلى حالِ الرَّخاءِ وعنوانٌ على التِزامِنا بِإصلاحِ أحوَالِنا,وَلِبَاسُ التَّقوى ذَلِكَ خَيرٌ.وصَلِّ اللهمَّ وسلِّم وباركْ على عبدكَ ونبيكَ محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ.
0
1
21.9K
04-22-1436 09:44 صباحًا