• ×

11:35 مساءً , الأربعاء 6 شعبان 1446 / 5 فبراير 2025

خطبة الجمعة 28-07-1434هـ بعنوان إجازةُ خيرٍ وبَرَكَةٍ, وللهِ حِكَمٌ في تأخُّر نصرِهِ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله خلَق الإِنسَانَ وأَحسَنَ صُورتَه فجَعَلَهُ سَميعًا بصيرًا،هَدَاهُ السَّبِيلَ إمَّا شَاكرًا وإمَّا كفورًا،نَشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريك له إنَّه كانَ حليمًا غفورًا،وَنشهَدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه،كانَ للهِ عبدًا شَكُورًا،صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آلِه وَأصحَابِهِ، والتَّابعينَ وَمَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ,وَسَلَّمَ تَسلِيمَاً مَزِيداً.أمَّا بعدُ:فيا عبادَ اللهِ أوصيكم وَنَفسِي بِتقوى اللهِ تعالى،فهي العَاصِمَةُ من الفِتَنِ،والمُنجِيَةُ مِن المَهَالِكِ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
أيُّها المُسلِمُونَ: الأعمالُ الصَّالحةُ هي أغلَى الذَّخَائِرِ،والعُمرُ أثمنُ البَضَائِعِ،والحَسْرَةُ والخَسَارُ لِمنْ قَصَّرَ فيه وأضاعَه،وَمِن عَلامَاتِ المَقْتِ إِضَاعةُ الوَقتِ،وإذا أحبَّ الله عبدَهُ بَارَكَ لَهُ في عُمرِه,والخيرُ والتَّوفيقُ في بَركَةِ العُمُرِ،لا في طُولِه و قِصَرِه،
وإنَّك لَتَغْبِطُ أناساً جَعَلُوا الإجازةَ مَغْنَمَاً,نَظَروا إليها بِفَألٍ حَسَنٍ!وحَرِصوا فيها على مَا يَنفعُهم فَلَمْ يَعْجَزُوا,تَرَكُوا التَّشَكِّيَ والتَّلاومَ,وأَخَذُوا بِدُعاءِ نبيِّنا: «اللهم إنِّي أَعوذُ بِكَ من العَجزِ والكَسَلِ ومِن الجَبْنِ والبُخلِ » فَاغتَنَمُوا صِحَّتَهم وَفَرَاغَهُم بِما يُرضي ربَّهم أخذاً من قولِ نبيِّنا: « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ » رواه البخاريُّ. عبادَ الله: وحصولُ الفَرَاغِ وَكَمَالُ الصِّحةِ نِعَمٌ عَظِيمَةٌ،ولهذا أثنى اللهُ تعالى على مَنْ عَمَرَ عَصْرَهُ وَوقْتَهُ بالإيمانِ والعَمَلِ الصَّالِحِ فقالَ: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.
فَكَأَنِّي بِهؤلاءِ استَفتَحوا إجازَتَهم بِالقُرآنِ الكَريمِ،يُحيُون بهِ قلوبَهم,وَيَتَمَثَّلونَ قولَ المُصطَفَى: « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» رواه البخاريُّ.كَأَنِّي بإخوانِي هَؤلاءِ يَسْعَونَ جاهدينَ لِخَتمِ القرآنِ الكريمَ قَبلَ أنْ يُدركَهُم رمضانُ الْمُباركُ!
عبادَ اللهِ:ثُمَّ صِنفٌ آخرُ من النَّاسِ مُوفَّقُونَ فِي الإِجَازَةِ لزيارةِ الأَقَارِبِ والأَرحَامِ،وهم يَتَمَثَّلونَ ذَلِكَ الأعرابيَّ الذي أمْسَكَ بِزِمَامِ نَاقةِ النَّبِيِّ ويقولُ: يا رسولَ الله أَخْبِرنِي بِأَمْرٍ يُدخِلُنِي الجنَّةَ ويُنَجِّيني من النَّار:؟فَنَظَرَ إلى وجوهِ أصحابِه وقال:« لقد وفِّقَ أو هُدي،لا تُشركْ باللهِ شَيئاً،وتقيمَ الصَّلاةَ،وتؤتيَ الزَّكاةَ وَتَصِلَ الرَّحِمَ »صححه ابن حبَّانَ
وصنفٌ ثالثٌ:ارتبطَ مع أهلهِ وأولادهِ فصارَ يُعلِّمُوهم ويُؤدِّبُهم ويُؤانِسُهم ويُجالِسُهم وَيرحَلُ بهم,وَيَأخُذُهم لِمُتَنَزَّهاتٍ مُحتشِمَةٍ,وَسَفَرِيَّاتٍ مُباحةٍ،وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ .
أيُّها الكِرامُ:وَمن الجَوانِبِ المُضِيئَةِ في الإِجَازَاتِ الصَّيفِيَّةِ,تِلكَ المَحَاضِنُ التَّربويةُ من دوراتٍ علميَّةٍ,وَحَلقَاتٍ لِتَحفِيظِ كِتَابِ اللهِ وَتعليمِهِ,كَمَا تَنْتَشِرُ المَرَاكِزُ الصَّيفِيَّةُ التي هي بِحقٍّ فُرَصٌ تربويَّةٌ,تحفَظُ الأوقاتَ،وَتُعِينُ على الخيرِ وتُوَثِّقُ الصِّلاتِ بالرِّفْقَةِ الصَّالِحَةِ!. أيُّها الكرامُ:وَفَضَلاً عَن هَذَا وذاك فَإِنَّ في الإجازاتِ فُرَصَاً لأَعمَالٍ دُّنيَوِيَّةٍ مُبَاحَةٍ مِن تِجَارَةٍ َوصِنَاعَةٍ,ومِهَنٍ وحِرْفةٍ،تَنْفِي البَطَالَةَ وَالكَسَلَ وتَبني رِجالاً وعُقُولاً,فَمَا عَلَى الأَبِ إِلاَّ أَن َيَطلُبَ لابنِهِ مَا يُنَاسِبُهُ,وَيُلحِقُهُ بِعَمَلٍ يَنفَعُهُ , وَيَحفَظُهُ عَمَّا يَضُرُّهُ وَيُفسِدُهُ. أَلَيسَ مِنَ الخُسرَانِ أَنَّ لَيَالِيًا تَمُرُّ بِلا نَفعٍ وَتُحسَبُ مِن عُمرِي
لذا فإنَّ رَسُولَنا أَوصَانَا فَقَالَ: «اِغتَنِمْ خَمْسًا قَبلَ خمسٍ:شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ،وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ،وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ،وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ،وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ» حديث صحيح
فيا عبادَ اللهِ:ليس عقلاً أن تكونَ الإِجَازَةُ ضَيَاعًا لِلأوقَاتِ,وهدْرًا للطَّاقات,وَرُكُوبًا لأَصنَافِ المُنكَرَاتِ.فَبِاللهِ عليكم ماذا جَنَى أَرْبَابُ السِّياحَةِ إلى بلادِ الكفَّار وبلادِ الفِسقِ والمُجونِ ؟ إلاَّ ضَيَاعَ الدِّينِ!وضعفَ الغيرةِ والحَيَاءِ!والجُرأةَ على مَعصيةِ الخَالِقِ سُبحَانَهُ!وكسبَ السَّيِّئاتِ!وَهَدْرَ الأَموَالِ!وَتَبْذِيرَ الثَّرواتِ؟إلا مَنْ رَحِمَ ربُّك!ماذا جَنَى أربابُ سِيَاحةِ الطَّربِ والغِنَاءِ والمَسَارحِ والعُرُوضِ؟إلاَّ الذُّنوبَ والآثامَ! فأين الخوف ُمن اللهِ تعالى؟صدقَ اللهُ العظيمُ: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ
أيُّها العقلاءُ: خاسرٌ من جعلَ الإجازةَ عُنواناً للسَّهرِ وإهمالِ الصَّلواتِ فأَيُّ شيءٍ بَقِيَ لِهَؤُلاءِ وَقَد أَضَاعُوا الصَّلاةَ؟!فيا أيُّها الأبُ المباركُ:احرصْ على أَبنَائِكَ واصطَحِبهم لِلصَّلاةِ وعَلِّمهم آدابَ الْمَساجدِ,وقُم بِتَحصِينِهم بالأورادِ الشَّرعيةِ وحفِّظهم أذكارَ اليومِ والليلةِ، حذِّرهم من الألعابِ الإلكترونيةِ التي تضرُّ ولا تنفعُ,فَنحن في زَمَنِ تَقنِياتٍ مُتَنوِّعَةٍ مُخِيفَةٍ فلا بُدَّ من مُضاعفةِ التَّوجيهِ والْمُرَاقَبَةِ؛فَرَسُولُنا يقولُ : «فَكُلُّكُم رَاعٍ وَمَسئُولٌ عن رَعيَّتِهِ» قال ابنُ القَيِّمِ رَحمَهُ اللهُ:"فمن أَهْمَلَ تعليمَ وَلَدِهِ ما ينفَعُهُ،وتَركهُ سُدى فقد أساءَ إليه غايةَ الإساءةِ،وأكثرُ الأولادِ إنِّما جاءَ فسادُهم من قِبَل الآباء وإهمالهم". والله تعالى يقولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ فاللهمَّ أصلح لنا نيَّاتِنا وذُريَّاتِنَا.اللهمَّ ارزقنا وإيَّاهم البِرَّ والتَّقوى ومن العمل ما ترضى. أقول قولي هذا وأستغفرُ الله لي ولكم ولِسائِر المسلمينَ فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية:

للهِ حِكَمٌ في تأخُّر نصرِهِ

الحمدُ للهِ جعلَ قوةَ أُمَّتِنا في إيْمَانِها،وعِزَّهَا في إسلامِها،والتَّمكينَ لها في صِدقِ عِبادتِها، نشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له القويُّ المتينُ،ونَشهدُ أنَّ نَبيَّنا مُحمدَاً عبدُ الله ورسولُه الصَّادِقُ البَرُّ الأمينُ,صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِهِ,والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّين.أمَّا بعدُ:فاتَّقوا اللهَ:فمن اتَّقى اللهَ وقاهُ،ومن كلِّ كربٍ نَجَّاهُ. أيُّها الْمؤمنونَ:حينَ تَكثُرُ الأَزَمَاتُ على الأُمَّةِ وَتَشتَدُّ عليهم وَطأَةُ الحَوَادِثِ فإنَّها تَتَلمَّسُ طَرِيقَ النَّصرِ،وتُفَتِّشُ في أسبابِ هَزِيمَتِها,ومَنْ يَتَأمَّلُ في أحداثِ سُوريا عامَّةً,وفي القُصيرِ خاصَّةً,تَرِدُ على بَعضِنا أسئِلَةٌ:متى نَصرُ اللهِ؟ما ذا عَسَانا فَعلنا وَجَنَينَا ؟ لِماذا اللهُ تعالى لا يأخُذُ الظَّالِمَ أخذَ عزيزٍ مُقتَدرٍ؟ فهل لها مِنْ جوابٍ في كِتَابِ ربِّنا وسُنَّةِ نبيِّنا ؟! نعم يا مؤمنون:لقد مَرَّت هذه الحالةُ العَصِيبَةُ على رُسُلِ اللهِ وعلى المؤمنينَ!فَبَعدَ انتِفَاشِ البَغِيِ والظُّلمِ وَتَسَرُّبِ اليَأسِ إلى القُلُوبِ تأتي البَشَارَةُ بالنَّصرِ في شِدَّةِ الكَرُوبِ,قالَ اللهُ تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ فهذا الذي يَنبَغِي أنْ نَعيشَ به دَائماً مَهمَا اشتدَّتِ المِحَنُ,وتَوالتِ النَّكَباتُ,ألا وهو الثِّقَةُ بِنَصرِ اللهِ،وأنَّه آتٍ لا شَكَّ فِيهِ ولا ارتِيابٍ،قال تعالى: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَـٰهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِ وقالَ :«وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ،حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ،لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ،أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ،وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»البخاريُّ. نعم يا كرامُ:قد يتَأخَّرُ النَّصرُ لِحِكَمٍ يُرِيدُها اللهُ ويَعلُمها وهو أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ!فقد يُهزمُ الْحَقُّ في مَعرَكَةٍ،وَيظْهَرُ البَاطِلُ في مَرْحَلَةٍ،ولَكِنَّها كُلُّها في مَنطِقِ القُرآنِ صُورٌ لِلنَّصْرِ،تَخفى حِكَمُهُا على البَشَرِ،والمؤمنونُ مُطَالَبُونَ بِالسَّيرِ على نَهجِ القُرآنِ الكريمِ،والنَّصرُ بَعدَ ذَلِكَ مِن أَمْرِ اللهِ، يَصنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِىَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إخوةَ الإيمانِ:يظُنُّ البَعضُ أنَّ اللهَ سَيَنصُرُ المُسلمينَ مَا دَامُوا مُسلمينَ،وَمَهمَا يَكُنْ حَالُهم وأَعمَالُهم،كلا ورَبِّي فاللهُ تعالى يقولُ: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رحمهُ اللهُ(أَمَرَ اللهُ المُؤمِنِينَ،أنْ يَنصُروا اللهَ بِالقيامِ بِدِينِهِ،والدَّعوَةِ إليهِ،وجِهَادِ أَعدَائِهِ،فَإنْ فَعَلُوا ذَلِكَ،نَصَرَهُم اللهُ وَثَبَّتَ أَقدَامَهُم،وَرَبَطَ على قُلُوبِهم بالصَّبرِ والطُّمَأنِينَةِ والثَّبَاتِ، وأَعَانَهُم على أعدَائِهم،هذا وَعْدٌ مِن كَريِمٍ صَادَقِ الوَعْدِ،أنَّ الذي يَنصُرُ اللهَ بِالأَقوَالِ والأَفْعَالِ سَينْصُرُهُ مَولاهُ) أيُّها المُؤمنِونَ:في مكَّةَ حيثُ الشَّدَائِدُ والأَهوالُ تَرى الرَّسُولَ الكَريمَ يُذكِّرُ أصحابَهُ بِضرُورَةِ التَّحمُّلِ والصَّبرِ الجميلِ،وفي نَفْسِ الوَقتِ يُطَمئِنُهم بِمُستَقبَلِ الإسلامِ الزَّاهِرِ،وَيَبُثُّ فيهم رُوحَ التَّفَاؤُلِ الذي تَقُودُ لِلعمَلِ،ذَلِكَ أنَّ الهَزِيمَةَ النَّفسِيَّةَ أشدُّ وأَنْكَى على الإسلامِ وأهلِهِ، ياكرامُ:يُخطئُ من يَحصُرُ مَعانَي النَّصر في صُورةٍ واحِدَةٍ،فلنَّصْرِ مَفَاهيمُ أَوسَعُ وصوَرٌ أشمَلُ، فالذي يَلتَزِمُ بِالإسلامِ وَيَتغَلَّبُ على لَذَّاتِهِ وَنَفسِهِ الأَمَّارَةِ يَغدُو مُنتَصِراً.ومِن باعَ نَفسَهُ للهِ فهو مُنتَصِرٌ.ومن ثَبَتَ على الدِّين في زَمَنِ المِحَنِ فهو مُنتَصِرٌ,فاللهَ يُريدُ أنْ يَتَّخِذَ مِن الْمسلمينَ أَصفِيَاءَ وُشهدَاءَ؛: وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ إخوةَ الإسلام:وحينَ ينظرُ المُسلِمُ إلى المَكرِ الكُبَّارِ الذي يُكادُ لإخوانِنا في القُصيرِ وكيفَ تعاضدَ أهلُ الكُفر والرَّفضِ على إخوانِنا هناكَ,وكيفَ أنَّ قادَةَ العربِ والمُسلِمِينَ خَذَلُوهم وأسلَمُوهم!بل لم يستَطِيعوا أنْ يَستَنكِروا على حِزبِ الشَّيطانِ ويصِفُوهُ بِأقلِّ الأوصافِ! حينها تَزيدُ الأُمَّةُ صِلَتَها باللهِ،فلا رُكُونَ ولا رُجُوعَ إلاَّ إلى اللهِ وحدَهُ،فَتُؤمِنُ الأُمَّةُ يَقِينَاً بِقولِ اللهِ: وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فلا تَوَجُّهَ لِلغَربِ وَمَجَالِسِهِ الْخَائِنَةِ الْخائِبَةِ،ولا تَمَسُّكَ بِأذيالِ العَرَبِ الْمُخزِيَةِ الْمُحزِنَةِ! فَإذَا تَوَلَّى الِمُسلِمُونَ جَميعَ أُمورِهم وإدارةِ شُئُونِهم مُتَوَكِّلِينَ على رَبِّهم جاءَهم نصرُ اللهِ تعالى: وَقُلْ جَاء ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا نعم يامؤمنونَ:قد يَتَأخَّرُ النَّصرُ لكنَّهُ قادِمٌ بِإذنِ اللهِ القويِّ العزيزِ,قد يُبطئُ النَّصرُ لِيُذِيقَ اللهُ الْمُجرمينَ سُوءَ العذابِ! وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ قد يَتَأخَّرُ النَّصرُ,لِتَظْهَرَ خَبَايا النُّفوسِ،وَلِتَتَمَيَّزَ الصُّفُوفُ،ويُعلَمَ الْمؤمِنُونَ الصَّابِرونَ! فيا إخوةَ الإسلامِ:الدُّعُاءُ أَهمُّ سِلاحٍ وأقوى عَتَادٍ،فلا تَعجَلوا ولا تَستَبطِئوا ولا تَمَلُّوا! كذلِكَ إعدادُهم وإمدَادُهم بالقُوَّةِ الْمَادِيَّةِ والْمَعنَوِيَّةِ: وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ رَبَّنَا أَعِنْ إخوَانَنَا في سوريا وفي كلِّ مكانٍ ولا تُعِنْ عَلَيهم،وانصُرهم ولا تَنْصُرْ عَلَيهم،وامكُرْ لهم ولا تَمْكُرْ عَلَيهم،وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم.اللَّهُمَّ سَلِّطْ على الأسَدِ وجُندِهِ جُنداً من جُندِكَ.اللهمَّ فَرِّج عن إخوانِنَا في سُوريا.اللَّهُمَّ وحِّد صفوفَهم واجمع كلمتَهم واحقن دِمائَهم,واحفظ أعراضَهم وأموالَهم.وتَقَبَّل موتَاهم في الصَّالِحينَ,واشفِ مرضَاهُم,وهيئ لهم قادةً صالحينَ مُصلِحينَ.اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ.اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ،رَبَّنا اغفر لَنا ذُنُوبَنا وإسرَافَنا في أمرنا وثَبِّت أقدامَنا وانصرنا على القومِ الكافِرِينَ.اللهمَّ أصلحْ لنا وُلاتَنَا وهيئ لِهُم بِطَانةً صَالحةً نَاصِحَةً واجعلهم رَحمةً على رعاياهم ياربَّ العالمينَ. ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

بواسطة : admincp
 0  0  7.9K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 11:35 مساءً الأربعاء 6 شعبان 1446 / 5 فبراير 2025.