خطبة الجمعة 05-11-1433هـ بعنوان يومُنا الوَطَنِيُّ أَفرَاحٌ أَمْ أَتْرَاحٌ
الحمدُ لله أعلى معالم َالعلمِ وأعلامَه،وأظهرَ شَعَائِرَ الشَّرعِ وأحكامَه،بعثَ الرسلَ إلى الحقِّ هادينَ وأخلَفهم بعلماءَ إلى سُننِ الهُدى داعينَ,نشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملكُ المبينُ،ونشهد أنَّ نبيَّنَا محمداً عبدُ الله ورسولُهُ القويُّ الأمينُ,صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه،وعلى آلِه الطَّيِّبينَ،والتابعينَ لهم ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ . أمَّا بعدُ:فاتَّقوا الله تعالى يا مسلمونَ وأطيعُوه, واتَّبعوا أمرَه ولا تعصُوه، وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ
عبادَ اللهِ:إنِّنا مُطالبونَ بالتمسُّكِ بشريعتِنا الغَرَّاءِ والعَضِّ عليها بالنَّواجذِ وحمايةِ جنابِها من أنْ تُخدَشَ أو تُثلَم،فهذه وصيِّةُ رسولِ اللهِ لنا القائِلِ: «عليكم بسُنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشِدينَ المهديِّينَ من بَعْدي،تَمَسَّكُوا بها وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ،وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأمور، فإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بِدعةٌ»
لذا كانَ على العلماءِ الأَجِلاَّءِ،أمانةٌ ثقيلةٌ ليُحْفظَوا الدِّينُ ويُحموهُ من التَّزوير والتَّجهيلِ،
فيا علماءَ الأمَّةِ:بَلِّغُوا رسالةَ الله،لِتُحَقِّقُوا الْمَصَالِحَ والْمَرابِحَ وتدفعوا الْمَفَاسِدَ والقبائِحَ.ويا ولاةَ الأمرِ الأكارمِ:أخلِصُوا للنَّاسِ بالعملِ,وقوموا بما أوجبَ اللهُ لهم من حقِّ الرِّعايةِ والحمايةِ فقد قالَ رَسُولُ اللهِ :«كُلُّكُمْ رَاعٍ،وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»
يا مسلمونَ:ومِمَّا يجبُ بيانُهُ نُصحاً للأمَّةِ, وإقامَةً لِلحُجَّةِ, وبَياناً لِلقِسطِ والصَّوابِ,أنَّ أعيادَنا الشَّرعيةَ ثلاثةٌ ليس في الإسلامِ سواها!فقدوتُنا رسولُ اللهِ وصحابتُه الكرامُ فلم يُقيموا لأعمالِهم عِيداً,ولو كان خيراً لَسبقونا إليه سَبْقاً أَكِيدَاً.قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا:يَوْمَ الْأَضْحَى،وَيَوْمَ الْفِطْرِ )
قال الشَّيخُ ابنُ العُثيمينَ رحمهُ اللهُ : (عيدُنا معشرَ المسلمينَ ليس عيدَ مُبتدعةٍ، ولا مُشركينَ، فالأعيادُ الشَّرعيةُ ثلاثةٌ عيدُ الأسبوعِ, وهو يومُ الْجُمُعَةِ، وعيدُ الفطرِ وعيدُ النَّحرِ، وليسَ في الإسلامِ سِواها عيدٌ. ليسَ في الإسلامِ عيدٌ لميلادٍ، ولا لانتصارِ جيوشٍ وأجنادٍ، ولا لِتَسَلُّمِ زِمَامِ الْمُلكِ والرِّئَاسَةِ على العِبادِ،فهذا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لَمْ يُقِمْ أصحابُهُ، لِميلادِهِ عِيداً،وهذه انتصاراتُ المسلمينَ لَمْ يُقِمِ المسلمونَ لها عِيداً،وهذا قِيامُ الخلافةِ لأبي بَكرٍ وعُمَرَ، وعثمانَ وعليٍّ، وأَكْرِمْ بِهم قادةً خُلفاءَ وولاةً أمناءَ لَمْ يُقِمِ المسلمونَ لِقِيامِ الخلافةِ فيهم عيداً،ولو كانت إقامةُ الأعيادِ لمثلِ هذهِ الأمورِ خيراً لَسَبَقَنا إليهِ مَنْ سَبَقُونَا في العلمِ والعبادةِ من أصحابِ رسولِ الله وأئمةِ المسلمينَ بَعْدَهُم )
عبادَ اللهِ: هذه عَقِيدَةٌ صَرِيحةٌ,ولِمَزِيدٍ من النُّصحِ والتَّوضيحِ,والبيانِ والتَّوجيهِ,فإنَّ اعتقادَ ما ذُكرَ لا ينافي الحُّبَّ الغَرِيزِيَّ للأَوطانِ!
فحينَ يُولَدُ إنسانٌ في أرضٍ وَينْشَأُ فيها,فإنَّ فِطرَتَهُ تَربِطُهُ بِها فَيُحِبُّها ويُوالِيها! فقد قَرَنَ اللهُ حبُّ الأرضِ بحبِّ النَّفسِ فقالَ: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ فقد جَعَلَ سُبحانَه الإخراجَ مِن الدِّيارِ بإزَاءِ القَتْلِ،وَمَفهومُهُ أنَّ الإِبقَاءَ في الدِّيارِ عَدِيلٌ لِلحَياةِ!
وهذا رسُولُ اللهِ يُعلِن عن حُبِّه لوطَنِه مكَّةَ،وهو يُغادِرها مُهاجرَاً فيقولُ: (واللهِ، إنَّكِ لأحَبُّ البقاعِ إلى اللهِ وأحبُّ البقاعِ إليَّ،ولولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خَرَجتُ)
وَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ أنَّه سَيَبْقَى في المدينةِ دَعَا اللهَ أنْ يُحَبِيبَها إليه. قالَ ابنُ حَجَرٍ:"وفيه دلالةٌ على فضلِ المدينةِ،وعلى مَشرُوعيةِ حُبِّ الوَطَنِ والْحَنِينِ إليه"
حَسْبُ الغَرِيبِ من الدُّنيا نَدَامَتُهُ عَضُّ الأَنَامِل ِمِنْ شَوقٍ إلى الوَطَنِ أيُّها المُسلِمُونَ:وإذا كان هذا المعنى في كلِّ البُلدَانِ!فما بالُكم بِبَلَدِ التَّوحيدِ والعَقِيدةِ,ومَهدِ السُّنة والرِّسالَةِ, وَمَهْبِطِ الوحيِ والقُرآنِ,وَمَأْرِزِ الإيمَانِ والأَمَانِ,أَرضِ الْحَرَمَينِ وقِبلَةِ الثَّقَلَينِ ؟!
فَحُبُّ الأَوطَانِ غَرِيزةٌ مُتأصِّلةٌ في النُّفوسِ،تَجعَلُ الإنسانَ يَستَريحُ إلى البَقَاءِ فيه،وَيَحِنُّ إليهِ إذا غَابَ عنهُ،والوَطَنِيَّةُ بهذا المَفهومِ الطَّبِيعيِّ أَمْرٌ غَيرُ مُستَغرَبٍ،ولا غبارَ عليها ولا اعتِرَاضَ، كما لا يَجُوزُ أنْ تَكونَ مَفهومَاً مُشَوَّهَاً يُعارَضُ بِهِ الوَلاءُ لِلدِّينِ،فالإِسلامُ لا يُغيِّرُ انتِمَاءَاتِ النَّاس إلى أَراضِيهم ولا شُعُوبِهم ولا قَبَائِلِهم،إنَّما يُرشِدُها,ويُوجِّهُهَا الوِجهَةَ الشَّرعِيَّةَ,كما لا يَجوزُ بِحالٍ أنْ يُصَوَّرَ لِلنَّاسِ,التَّعارُضُ بينَ الوَطَنِيَّةِ بِمَفهومِها الشَّرعيِّ وبينَ دِينِ اللهِ تعالى,أو عبادِهِ الْمُتَدَيِّنينَ,إنَّ تَصويرَ ذلكَ لَيسَ إلاَّ حِيلَةً لِلنَّيلِ من الدِّينِ,أومن الْمُتَدَيِّنينَ!!
إنَّا عبادَ اللهِ:لا نُريدُ أنْ نُقابِلَ غُلوَّاً بِغُلوِّ،ولا مُزَايداتٍ ومُدَاهناتٍ بِمِثلِها,كما يَجِبُ ألاَّ نُستَفَزَّ مِنْ قِبَلِ أَصحَابِ الأَقلامِ المُلَوَّثَةِ،ولا الأَفكَارِ الْمُشَوَّهَةِ,ولا النَّوائِحِ الْمُستَأجَرَةِ,إنَّا بِحَقٍّ نَرفضُ الوَطَنِيَّةَ حينما تَكونُ وَثَناً يُعبَدُ من دونِ اللهِ!أو تُؤَدِّيَ إلى إقْصِاءِ شَرِيعَةِ اللهِ,أو تَقسيمِ النَّاسِ إلى أَحزَابٍ وَطَوائِفَ مُتَباغِضَةٍ,
حُبُّ الْوَطَنِ عبادَ اللهِ:لا يحمِلُنا على عصبِيَّةٍ لِلتُّرابِ والطِّينِ,والجنسِ والُّلغةِ,على حِسَابِ العقيدةِ والدِّينِ،لا يحمِلُنا على غَمْطٍ لِأُخوُّةِ العَقِيدَةِ الإسلاميَّةِ التي تَتَسَامَى عن الْحُدودِ الْجُغرَافِيَّةِ والنَّظراتِ الإقليميَّة,حاشا وكلاَّ.فقد قالَ أصدقُ القائِلينِ: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ وفي الحديثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:"إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عَيْبَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ،النَّاسُ بَنُو آدَمَ،وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ،مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ،وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْخَرُونَ بِرِجَالٍ،إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ،أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تُدْفَعُ "
وفي الصَّحِيحَينِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وَأَينَمَا ذُكِر اسمُ اللهِ في بَلَدٍ عَدَدتُ أرجاءَه مِن صُلبِ أَوطَانِي ولا يَحمِلُنا كذلكَ أن نُجَسِّدَ حُبَّ الوَطَنِ في زَمَنٍ مَحدُودٍ أو بِطُقوسٍ مُعَيَّنةٍ فذالِكُم الْمَحذُورُ! فذالِكُم الْمَحذُورُ! فاللهم أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ,ووفِّقنا وولاتَنا لِمَا تُحِبُّ وترضى,وأعنَّا على البرِّ والتقوى,وأستغفرُ الله لي ولكم من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروه، إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبةُ الثانيةُ/
الحمد لله،تعاظمَ واقتدر،عزَّ سُلطانُهُ فَقَهَر،نَحمدُه كثيراً كما أَمَرَ،ونَشكُرُهُ وقد تَأَذَّن بالزِّيادة لِمَن شَكَرَ،والصَّلاةُ والسَّلامُ على خَيرِ البَشَرِ،الشَّافِعِ الْمُشَفَّعِ في الْمَحْشَرِ،وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الغُرَرِ،والتَّابعينَ ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الْمُستَقَرْ.
أمَّا بعدُ:فاتقوا الله عبادَ الله:واعلموا مِن حقِّ أوطانِنِا علينا أنْ نكونَ لِتحقيقِ مَصالِحها سُعاةً، ولِدَرءِ الْمَفَاسِدِ عنها دُعاةً،ولأمنِها واستقرارِها حُماةً،لِسَانُ حالِنا: إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ .فما عُمِرتِ الأوطانُ بمثلِ الأخذِ بالعقيدةِ الإسلاميِّةِ,وتحكيمِ الشَّريعةِ الرَّبانيَّةِ, قالَ تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ فإنَّ الذنوبَ والمعاصيَ خَرابُ الدِّيارِ وهلاكٌ وَدَمَارٌ،
إذِ المواطنةُ الصَّالِحَةُ ليست كَلِماتٍ تُردَّدُ, ولا شِعاراتٍ وصُوَرٍ تُرفَعُ، إنَّما إخلاصٌ وبِناءٌ, وصِدْقٌ وَعَمَلٌ،لا يَقبَلُ التَّلوُّنَ ولا يَخضَعُ للمسَاوَماتِ والْمُزايَداتِ.أيُّها الكرامُ:وحتى تَتَبيَّنَ لكم مَظَاهِرُ الوطَنِيِّةِ الصَّادقةِ ويسقُطُ عندَكُم زَيفُ الشِّعاراتِ الكاذِبةِ الخاطِئَةِ!فالمتأمِّلُ يُمكِنُهُ أنْ يُمَيِّزَ بينَ الْمُواطِنِ الصَّالِحِ النَّاصِحِ,وبينَ الكاذبِ الآثِمِ الفاضِحِ ! وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ
فهل مَنْ سخَّروا الإعلامَ لِلَّمْزِ بثوابتِ الأمَّةِ ومُسَلَّماتِها مُواطِنونَ صالِحونَ ؟
أينَ أولئكَ النَّفرُ الذينَ بضاعتُهم الاستهزاءُ بعلماءِ الأمَّةِ ومَسئولِيها من الْمُواطَنَةِ الصَّالِحَةِ والإصلاحِ؟! إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ
هل من الإخلاصِ والانتماءِ لِلوَطَنِ إشاعَةُ الفَاحشةِ في اللذينَ آمنوا عَبْرَ طُوفانٍ من الفَضَائِيَّاتِ الْمُخِلَّةِ بالعِفَّةِ والْحِشْمَةِ والأخلاقِ,
أينَ حبُّ الوَطَنِ ممن يسعى لاختِلاطِ التَّعليمِ بين الجنسينِ!ويَسعى للتَّبَرُّجِ والسُّفُورِ في المَدَارِسِ والجَامِعَاتِ ؟
هل من الوَطَنِيَّةِ والانتِمَاءِ الصَّادِقِ لِلوطنِ,خلطُ الجِنسَينِ بِدعوى التَّرفِيهِ والتَّنشِيطِ السِّيَاحِيِّ وباسمِ الاحتِفَالاتِ الرَّسمِيَّةِ والفَعَالِيَّاتِ العَائِليَّةِ؟!
أينَ حبُّ الوَطَنِ ممن يتشدَّقونَ بِقِيادَةِ المرأةِ وحُرِّيَتِها؟
أينَ المُوَاطَنةُ الصَّالِحَةُ ممن يُخَرِّبونَ في بَلَدِ الإسلامِ تَفْجِيراً وَتَكْفِيراً وَتَقْتِيلاً وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ
أَحسَنَ اللهُ عَزَاءَكَ يَا وَطَنَ الإِسلامِ!على شَبَابٍ يَعبَثُونَ بِسَيَّارَاتِهِم وَسَطِ الطُّرُقاتِ ويَتَمَايَلُونَ عَلَى أصَواتِ الأغانِي والطَّربِ،أَحسَنَ اللهُ عَزَاءَكَ يَا وَطَنَ الإِسلامِ على شَبَابٍ يَعتَدونَ على أرواح النَّاسِ وأعراضِهم ومُمتَلَكَاتِهم!
فيا مؤمنونَ:مَن يُحِبُّ الوَطَنَ حَقِيقَةً وَيُرِيدُ لَهُ الخَيرَ وَالنَّمَاءَ,لا تَرَاهُ إِلاَّ حَرِيصًا عَلَى أَمنِهِ وَاستِقرَارِهِ،مُطِيعًا لِوُلاةِ أَمرِهِ,نَاصِحًا لِقَادَتِهِ،عَامِلاً بما يُسَنُّ مِن أَنظِمَةٍ وتَعْلِيمَاتٍ،مُقَدِّرَاً لما يُبذَلُ لِلبِنَاءِ وَالتَّقَدُّمِ،فَلا يُحدِثُ بَلبَلَةً وَلا يَبعَثُ فَوضَى،وَلا يُفسِدُ صَالِحًا وَلا يُخَرِّبُ عَامِرًا.
والعَتَبُ ليس على الشَّبَابِ فَحسْبُ,بل علينا نحنُ مَعَاشِرَ الأولياءِ إذْ كيفَ نرضى لأبنائِنا بتلكَ التَّجمُّعاتِ؟والأَدْهَى والأمرُّ كيفَ نَرضَى لِنِسائِنا أنْ يَخرُجْنَ إلى أماكنِ التَّجَمُّعاتِ والَّلغَطِ والفوضى ويكنَّ مَصدَرَاً لِلشَرِّ والفِتنَةِ؟!
والله يا كرامُ: إنِّي على يقينٍ تَامٍ أنْ صنيعَ هَؤُلاءِ الأغرارِ لا يُرضي اللهَ ولا رسُولَه ولا المؤمنينَ ولا ولاةَ أَمْرِنَا الأَكارِم, إنَّمَا هو عَبَثٌ وطَيشٌ, وحُبٌّ للخُروجِ على المَألوفِ!وحُبٌّ لِلفَوضَى والغَوغَائِيةِ!
فيا عبادَ اللهِ: فذكِّروا الشَّبابَ بفضلِ اللهِ علينا أن أمدَّنا صحةً في الأبدانِ,وأمناً في البلادِ!ذكِّروهم بِأَنَّنَا في مُجتَمَعٍ كَسَّفِينَةٍ واحدَةٍ،فأَيُّ خَرْقٍ فيها فَإِنَّمَا هُوَ إِيذَانٌ بِغَرَقِهَا. فَلْنَلزَمِ الشُّكرَ فَإِنَّهُ قَيدٌ للنِّعمِ, وَسَبَبٌ لازدِيَادِهَا. ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لم يَكُ مُغَيِّرَاً نِعمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم .
فاللهم إنَّا نعوذُ برضاكَ من سخطِكَ وبمعافاتِكَ من عقوبتكَ وبكَ منكَ لا نحصي ثناءً عليكَ . اللهم اجعلنا لِنِعمِكَ من الشَّاكرينَ ولكَ من الذَّاكرينَ يا ربَّ العالمينَ. اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين وخذ بنواصيهم إلى البِرِّ والتقوى ووفقهم للعملِ الذي ترضى.
اللهمَّ اجعلهم هداة مهتدين،اللهمَّ حبِّب إليهم الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قلوبِهم وكرِّه إليهم الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلهم من الرَّاشِدينَ.اللهم وفِّق ولاةَ أمورِنا لِمَا تُحِبُّهُ وترضاهُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
0
0
2.4K
11-05-1433 12:01 مساءً