• ×

11:42 مساءً , الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024

خطبة الجمعة 20-10-1433هـ بعنوان مِنْ هَدْي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في التَّربيَةِ والتَّعليمِ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الْحَمْدُ للهِ على ما يسَّرَ وأَنعَمْ،عَلَّمَنا مَا لَمْ نَكُن نَعْلَمْ,مَنَّ عَلينا بِإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَإِرْسَالِ الرُّسُلِ تُرشِدُ النَّاسَ وتُعَلِّم,نَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الرَّبُّ الْكَرِيمُ الأَكْرَمُ,وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الْمُرْشِدُ إِلَى السَّبِيلِ الأَقْوَمِ,صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وإيمانٍ وَبَارَكَ وَسَلَّمْ .أمَّا بَعْدُ:فَاتَّقُوا اللهَ,فبالتَّقوى تُنالُ العُلُومُ،وتُدرَكُ الفُهومُ, وتَصلُحُ الأَحوالُ،وتَزكُو الأَعمَالُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ مَعشَرَ المُسلِمينَ:التَّربِيَةُ والتَّعليمُ أساسُ بِنَاءِ الأُمَمِ،فَبِها تُصَاغُ العُقُولُ،ويُصانُ السُّلُوكُ،وتُزَكَّى النُّفُوسُ,ويَعبُدُ النَّاسُ رَبَّهم على عِلمٍ وبَصيرَةٍ! فَتَعَالَوا بِنَا في جَولَةٍ مع المُعَلِّمِ الأَوَّلِ,والمُربِّي الأَقوَمِ,نَبيِّ الرَّحمَةِ والهُدى,لِنَتَعَرَّفَ على مَنهَجِهِ في التَّربِيَةِ والتَّعليمِ,والتَّقريبِ والتَّفهيم,ذلكمُ المُعَلِّمُ،الذي أَحيَا اللهُ به القلوبَ،وأنارَ بِهِ العُقُولَ، وأَخرَجَنَا به من الظُّلمَاتِ إلى النُّورِ،ذلكمُ المُعَلِّمُ،الذي أَرسَلَهُ اللهُ رَحمَةً وأمانَاً لِلعالَمِينَ،وحُجَّةً وقُدوَةً للخلقِ أجمعينَ,صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ فهو أُسوتُنَا,يومَ أنْ تَشَدَّقَ أناسٌ بِفَلاسِفَةِ التَّربِيةِ الغَربِيَّةِ!وغَفَلوا عن القدوَةِ الحَقِيقِيَّةِ!فما أجملَ قولَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ :«فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ »فيا عبادَ اللهِ:مَن ظنَّ أنَّهُ سَيَرِدُ مَشرَبَ التَّربِيَةِ والتَّعليمِ من غَيرِ حَوضِهِ,فقد أخطأ الطَّريقَ !؟ فما أَحوَجَنَا مَعَاشِرَ المُرَبِّين إلى التِمَاسِ هَديِهِ ،والتَّأسِّي بِسُنَّتِهِ، وإليكم يا كرامُ:بعضَ مَعالِمِ هَديِهِ في التَّربِيَةِ والتَّعليمِ,والتَّقريبِ والتَّفهيمِ.فمن ذلكَ,أنَّهُ يَدفَعُ النَّاسَ إلى التَّعلِيمِ مُبيِّناً لهم فَضلَ العِلمِ وطَلَبِهِ,حتى يَشعُرَ المُتَعَلِّمُ بِشِدَّةِ حاجَتِهِ إلى العلمِ,
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ السَّلاَمَ وَقَالَ: « ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ».فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: « ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ».حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ الرَّجُلُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي,فَعَلَّمَهُ صِفَةَ الصَّلاةِ كُلِّهَا.فَفرْقٌ بَينَ أنْ يُعلِّمُه ابتِدَاءً،وبينَ أنْ يَشعُرَ هو بالحاجَةِ!ومن خصائِصِ تَعلِيمِهِ عِنايتُهُ بِالمُتَعَلِّمِ:فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللهِ يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ,وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ،عَنِ السَّاعَةِ؟قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: « فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». فلم يَنْسَ السَّائِلَ ولمْ يُهمِلْهُ،وهو أمرٌ يَكشِفُ عن نَفْسٍ عَالِيَةٍ،وُخلُقٍ سَامٍ رَفيعٍ منه ! ومن خصائِصِ تَعلِيمِهِ تَشجِيعُ الطَّالِبِ والثَّنَاءُ عليهِ:فَحِينَ سَألَ أبو هُرَيْرَةَ رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ» وسَألَ رَسُولُ اللَّهِ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ فقالَ: « يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِى أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ».قَالَ قُلْتُ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ:«وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ».فَتَخَيَّل مَعي أَيُّها المُرَبِّي الكريمِ:حالَ أَبِي هُريرَةَ،وأَبِي الْمُنْذِرِ وهما يَسمَعَانِ هذا الثَّنَاءَ العَطِرَ،وتِلكَ الشَّهَادَةَ النَّبَوِيَّةَ الخالِدَةَ,حَتْمَاً سَتَدْفَعُهُما لِمَزِيدٍ من الحرصِ والعِنَايَةِ!حقَّاً أيُّها المُربُّونَ:إنَّ الأمرَ لا يَعدُو كَلِمَةَ ثَنَاءٍ،أو عِبَارَةَ تَشجيعٍ، تَنقُلُ الطَّالِبَ من مَوقِعِ التَّلقِّي إلى سُلَّمِ الحرصِ والاجتِهَادِ!
عبادَ اللهِ:ومن خصائِصِ تَعلِيمِهِ تَعوِيدُ طُلاَّبِهِ وأصحابِهِ على الاستنبَاطِ وَمعرِفَةِ العِلَّةِ وسَبَبِ الحُكْمِ بل يجعلُهم يُفكِّرونَ ويُحاوِلونَ وَيَستَنبِطُونَ,سَأَلَ أَصحَابَهُ يَومَاً،فقال:«إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي حتى قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهَا النَّخْلَةُ.وحينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا بيَّنَ العِلَّةَ فقالَ:«بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ»وحينَ قَالَ الصَّحابةُ لِرَسُولِ اللَّهِ :أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ :«أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ».فَتَأمَّلْ:كيفَ علَّمَ النَّبيُّ أَصحَابَهُ عِلَّةَ الحُكمِ,وأهمِّيةَ القِياسِ والمُقارَنَةِ! فاللهمَّ عَلِّمنَا ما يَنْفَعُنا وانفعْنِا بِما عَلَّمتَنا وارزقنا حُسنَ القولِ والمُعتقدِ والعمل.أقولُ ما سمعتم واستغفرُ اللهَ لي ولكم ولِسائِرِ المسلمين من كلِّ ذنبٍّ إنَّهُ هو الغفور الرَّحيمُ.

الخطبةالثانية:

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ,أَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ!وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ,المَبعُوثِ رَحمَةً للعالَمينَ,وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.عبادَ اللهِ:حَدِيثُنا لا زَالَ مَوْصُولاً عَنْ هَدْيِ النَّبِيِّ فِي التَّربِيَةِ والتَّعْلِيمِ,فَمَا أَجْمَلَ أَنْ نَقْتَبِسَ مِيرَاثَهُ ونَحذُوَ حَذْوَهُ في تَعَامَلِنا مَعَ أَوْلادِنَا فِي الْبُيُوتِ,وَمَعَ طُلَّابِنَا فِي الْمَدَارِسِ وَالْجَامِعَاتِ !أيُّهَا الْمُرَبُّونَ الأفاضِلُ: ومن خصائِصِ تَعلِيمِهِ ,التَّطْبِيقُ الْعَمَلِيُّ,أمامَ أصحابِهِ!فَكَثِيراً ما يَتَوَضَّأُ أَمَامَ النَّاسِ,فإذا انْتَهَى قَالَ:«مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»وكانَ يُصَلِّي على الْمِنْبَرِ ويسجدُ ويقُولُ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعْلَمُوا صَلاتِي»«وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»فَمَا أَجْمَلَهُ مِنْ تَعْلِيمٍ! وما أَقْربَهُ وأَيسَرَهُ مِنْ تَفْهيمٍ!وَإِنَّ كثيراً من إخوانِنا المُعلِّمينَ الْمُوَفَّقِينَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بحمدِ اللهِ تعالى,فَجَزَاهُمُ اللهُ خَيْرَ الجزاءِ وأوفاهُ, عبادَ اللهِ:ومن خصائِصِ تَعلِيمِهِ مَعرِفَتُهُ لِقُدُرَاتِ طُلاَّبِهِ, ومُراعاةُ فُرُوقِهمُ الفَردِيَةِ:فمن دِقَّةِ مَعرِفَتِهِ أنْ قالَ:«أرحمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أبو بَكْرٍ،وَأَشَدُّهم في أَمرِ اللهِ عُمَرُ،وَأَصدَقُهم حَيَاءً عُثمَانُ،وَأَعلَمُهم بالحلالِ والحَرَامِ مُعاذُ بنُ جَبَلٍ،وَأفرَضُهُم زَيدُ بنُ ثَابِتٍ وَأَقرؤهم أُبَيٌّ،ولِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ،وَأَمِينُ هذهِ الأُمَّةِ أبو عُبيدَةَ بنِ الجَرَّاحِ»قالَ الأًلبًانِيُّ:حدِيثٌ صَحيحٌ وقَالَ أَبُو رِفَاعَةَ :انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَخْطُبُ,فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ:رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لاَ يَدْرِى مَا دِينُهُ,فَأَقْبَلَ عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ وَجَعَلَ يُعَلِّمُهُ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا!وَحَدَّثَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ فَقَالَ:بَيَّنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ،إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ،فَقُلْتُ لَهُ:يَرْحَمُكُ اللَّهُ،فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ,فَقُلْتُ:وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ،مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ:فَضَرَبَ الْقَوْمُ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ،فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي سَكَتُّ, فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ دَعَانِي،فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي،مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَطُّ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ،وَاللَّهِ مَا ضَرَبَنِي،وَلاَ كَهَرَنِي،وَلاَ شَتَمَنِي،وَلَكِنْ قَالَ:«إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ،إِنَّمَا هِيَ التَّكْبِيرُ،وَالتَّسْبِيحُ،وَتِلاَوَةُ الْقُرْآنِ».أفلا يَجْدُرُ بِنَا أنْ نَتَأَسَّى بِمَنهَجِهِ،ونَقتَدِيَ بِهديِهِ؟!فالنَّاسُ مَعادِنُ،وَقُدُرَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ،والمُعلِّمُ النَّاجِحُ والمُرَبِّي الحاذِقُ,مَنْ يَتَعَامَلُ معَ الجَمِيعِ،ويُخاطِبُهم كُلٌّ بِحَسَبِ إمكَانِيَّاتِهِ وقُدُراتِهِ,والمُوفَّقُ من أرشدَهُ اللهُ وبَصَّرَهُ.
قالَ الشيخُ السَّعديُّ رحمهُ اللهُ:لقد أَرشَدَنا رَبُّنَا إلى الطَّرِيقَةِ المُثلى في تَعلِيمِ المُتَعَلِّمينَ،بِأَنْ نَسلُكَ أَقرَبَ طَرِيقٍ يُوصِلُ المَعَارِفَ إلى أذهَانِ المُشتَغِلِينَ؛فلا نَزحَمُهَا بِكثرَةِ الفُنُونِ؛ولا يُلقَى عَلَيهم مِنْ المَسَائِلِ ما لا يُطِيقونَ،بل يُلقَى على كُلِّ أَحَدٍ ما يَتَحَمَّلُهُ ذِهنُهُ,وما يَشتَاقُ إليهِ،فالقَلِيلُ الثَّابِتُ البُنْيَانُ،خَيرٌ من الكَثِيرِ الذي هو عُرضَةٌ لِلنِّسيَانِ،وَلْيَكُن تَأْسِيسُكُم على عُلومٍ نَافِعَةٍ صَحِيحَةٍ،وَمَعارِفَ قَوِيَّةٍ رَجِيحَةٍ!فَوَجِّهُوا رَحِمَكُمُ اللهُ,وُجُوهَ المُتَعَلِّمِينَ،واغْرِسُوا هذا الغَرَاسَ الجَمِيلَ,فَبِذَلِكَ تَصْلُحُ الأَحوَالُ،وَتَزكُو الأَعمَالُ،وَيَتِمُّ النَّجَاحُ في الحَالِ والمَآلِ،وَتصلُحُ العَقَائِدُ والأَخلاقُ،وَيَسِيرُ التَّعلِيمُ إلى كُلِّ خَيرٍ وَينْسَاقُ،
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:هَذَا قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا زَخُرَتْ بِهِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ مِنْ هَدْيِ الْمُصْطَفَى وَطَرِيقَتِهِ فِي التَّعْلِيمِ, فيأَيُّهَا الآبَاءُ وَالْمُعَلِّمُونَ: لِنَقْتَدِي بِنَبِيِّنَا وَلْنَقْتَفِيَ أَثَرَهُ,وَاللهُ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً, أَحْيَا بِكَ اللهُ أَرْوَاحَا قَدْ انْدَثَرَتْ ** فِيْ تُرْبَةٍ الْوَهْمِ بَيْنَ الْكَأْسِ وَالْصَّنَمُ رَبِّيتْ جِيْلا أَبِيَّا مُؤْمِنَا يَقِظَا ** حَسْو شَرِيْعَتَكَ الْغَرَّاءَ فِيْ نَهَمِ لن تَهْتدِيْ أُمَّةٌ في غَيرِ مَنْهَجِهِ ** مَهمَا ارْتَضَتْ من بَديعِ الرَّأْيِ والنُّظُمِ جَعَلَنَا اللهُ مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ,وَمِمَّنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَمِلَ بِهِ وَدَعَا وَإِلَيْه اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً,اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّكَ وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً,اللَّهُمَّ اهدِنَا واهدِ بِنَا,وأصلح شَبَاب المسلمينَ,وأعنَّا جَميعا على أداءِ الأمانَةِ,وحقِّ الرِّعايَةِ ياربَّ العالمينَ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
بواسطة : admincp
 0  0  5.3K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 11:42 مساءً الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024.