• ×

03:15 مساءً , الأحد 22 جمادي الأول 1446 / 24 نوفمبر 2024

خطبة الجمعة 02-05-1431هـ بعنوان فَضْلُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ بمناسبة افتتاح التوسعة الأمامية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ إِلَىَ الْخَيْرِ فَلَيْسَ عَنْهُ يَعْدِلُوْنَ وَحَبَِّبَ إِلَيْهِمُ الْعَمَلَ الْصَّالِحَ فَلْيسَ فِيْ غَيْرِ مَرْضَاتِهِ يَطْمَعُوْنَ وَأَثَابَهُمْ عَلَىَ أَعْمَالِهِمْ ثَوَابا جَزِيْلا فَإِيََّاهُ يَحْمَدُونَ وَيَشْكُرُوْنَ (إِنََّ الْلَّهَ لَذُوْ فَضْلٍ عَلَىَ الْنَّاسِ وَلَكِنََّ أَكْثَرَ الْنَّاسِ لا يَشْكُرُوْنَ) سُبْحَانَ مَنْ نَسَبَ الْمَسَاجِدَ إِلَيْهِ وَجَعَلَهَا بُيُوْتا لِلْقُدُوْمِ عَلَيْهِ حَثَّ عَلَىَ عِمَارَتِهَا وَصِيَانَتِهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْسَّعَادَةِ , نَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا الَلّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ فَضْلُهُ عَظِيْمٌ وُجُوْدُهُ عَمِيَمٌ وَنَشْهَدُ أَنََّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدا عَبْدُ الْلَّهِ وَرَسُوْلُهُ صَاحِبُ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ صَلَّىَ الْلَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَىَ جَمِيْعِ آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالْتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَىَ يَوْمِ الْدِّيِنِ
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُوْنَ، اتَّقُوْا الْلَّهَ فَإِنَّ تَقْوَاهُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبَ وَطَاعَتَُهُ أَعْلَىَ نَسَبٍ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا اتَّقُوْا الْلَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوْتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُوْنَ )
أَيُّهَا الْمُسْلِمُوْنَ،الْمَسَاجِدُ بِيُوْتُ الْلَّهِ، لَهَا فِيْ الإِسْلامِ لَهُ مَكَانَةً رَفِيْعَةٌ, وَقُدُسِيَّةٌ عَالِيَةٌ،
أَضَافَ الْلَّهُ الْمَسَاجِدَ إِلَىَ نَفْسِهِ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ وَتَعْظِيْمِ فَقَالَ عزَّ من قائل: ( وَأَنََّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوَا مَعَ الْلَّهِ أَحَدا ) أَذِنَ الْلَّهُ بِرَفْعِهَا وَعِمَارَتِهَا، وَأَمَرَ بِبِنَائِهَا وَصِيَانَتِهَا، فَقَالَ: ( فِيْ بُيُوْتٍ أَذِنَ الْلَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذكَرَ فِيْهَا اسْمُهُ)
هِيَ أَحَبُّ الْبِقَاعِ وَأَطْهَرُ الأَصْقَاعِ، فعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةََ أَنََّ رَسُوْلَ الْلَّهِ قَالَ: ((أُحَبُّ الْبِلادِ إِلَىَ الْلَّهِ تَعَالَىْ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَىَ الْلَّهِ أَسْوَاقُهَا))
وَلا أَدُلََّ عَلَىَ تِلْكَ الْأَهَمِّيَّةِ مِنْ فِعْلِهِ حِيْنَ قَدِمَ مُهَاجِرا وَوَصَلَ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ الْنَّبَوِيَّةِ، فَلَمْ تَطَأُ قَدَمُه بَيْتَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمْ حَتَّىَ اطْمَأَنََّ إِلَىَ تَحْدِيْدِ مَكَانٍ الْمَسْجِدِ الْنَّبَوِيِِّ حَيْثُ أُنِيْخَتْ نَاقَتُه بِأَمْرِ رَبِِّهَا، فَكَانَ أَوَّلََ عَمَلٍ بَاشَرَهُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ لِيُعْلِنَ لِلأُمَّةِ وَلِيُعْلِّمَ الأَجْيَالَ أَنََّ مُؤْتَمََرنا الْعَالَمِيَّ ، وَمُرْتكََزنا الْقَوِيَّ هُوَ الْمَسْجِدُ، مِنْهُ تَنْطَلِقُ الْدَّعْوَةُ ، وَفِيْ رِحَابِهِ تَتَرَبَّى الأَرْوَاحُ الْزَّكِيَّةِ، وَبِنِدَاءاتِهُ تَهْتَدِيَ الْقُلُوُبُ الْتَّقِيَّةُ.
فِيْ الْمَسَجِدِ يَجِدُ الْمُؤْمِنُ رَاحَتَََه وَأَنْسَه ؛ حَيْثُ يُنَاجِيِ رَبََّهُ وَ مَوْلاهُ، وَيَتَوَجَّهُ إِلَىَ بِارِئَهْ بِالْرُّكُوعِ وَالْسُّجُودِ، وَالتِّلاوَةِ وَالْدُّعَاءِ.فقَدْ أَخْبَرَنَا الْنَّبِيُّ عَنْ الْسَّبْعَةِ الَّذِيْنَ يُظِلُّهُمُ الْلَّهُ فِيْ ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ، وذكَرَ مِنْهُمْ: ((وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ))، فَكُلَّمَا نُوْدِيَ لِلِصَّلاةِ سَارَعَ المؤمنُ بِشَوْقٍ، وَإِذَا قَضَىَ صَلاتَهُ ظَلَّ قَلْبُهُ مُعَلَّقا فِيْهِ ، قُلُوْبٌ مَلأَهَا الإِيْمَانُ وَالْتُّقَىْ , فَسَارَعَتْ إِلَىَ الْخَيْرَاتِ وَمَحْوِ الْخَطِيْئَاتِ وَرَفَعِ الْدَّرَجَاتٍ, سَارَعتْ إِلَىَ الْنُّوْرِ الْتَّامِّ,
فَانْتَظَرْتِ الصَّلاةَ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَلَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَىَ أَصْحَابِِهَا حَتَّىَ يَنْصَرِفُوَا ، قُلُوْبٌ أَبَتْ سَبِيِلَ الْمُنَافِقِيْنَ الَّذَيْنَ لا يَأْتُوْنَ الْصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَىَ.
الْمَسَاجِدُ يَا مُؤْمِنُوْنَ:هي بُيُوْتُ الْلَّهِ فِيْ الأَرْضِ وَكَفَىَ ، أَطْهَرُ الْسَّاحَاتِ وَأَنْقَى الْبِقَاعِ، فِيْهَا تَنَزَّلُ الْرَّحَمَاتُ وَتَهْبِطُ الْمَلائِكَةُ وَتُحِلُّ الْسَّكِينَةَ، وَتُنْشَرُ الْصِّلَةُ وَالْمَوَدَّةُ وَالْرَّحْمَةُ، وَيَتَعَارَفُ الْمُسْلِمُوْنَ، وِيَتَآلِفُونَ وَيَتَعَاوَنُوْنَ، وَيَتَزَاوَرُوْنَ وَيَتَرَاحَمُونَ، يُفْقَدُ الْمَرِيْضُ فَيُزَارُ، وَالْمُقَصِّرُ فَيُنْصَحُ، تُرَبِّتْ فِيْ أَحْضَانِهِ أَجْيَالٌ، وتَعَلَّمْت فِيْهِ تَوْحِيْدَ الْلَّهِ، وَنَشَأَتْ عَلَىَ إِخْلاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ، مَحَبَّةً وَإِنَابَةً وَرَغْبَةً وَرَهْبَة, وَإِخْلاصا وَتَوَكُّلا, وَذُلا وَتَعَبُّدا، ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوَا مَعَ الْلَّهِ أَحَدا )
بِنَاؤُهَا مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ لِمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ وَاحْتَسَبَ، فَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ يَقُوْلُ: ((مَنْ بَنَىْ لِلَّهِ مَسْجِدا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ الْلَّهِ بَنَىْ الْلَّهُ لَهُ بَيْتاً فِيْ الْجَنَّةِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَتَوَعَّدَ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ الذِّكَرَ فِيْهَا أَوْ تَسَبَّبَ فِيْ خَرَابِهَا بِالْعَذَابِ الْعَظِيْمِ فَقَالَ تَعَالَىْ: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ الْلَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيْهَا اسْمُهُ وَسَعَىَ فِيْ خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوْهَا إِلا خَائِفِيْنَ لَهُمْ فِيْ الْدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِيْ الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيْمٌ)
شَهِدَ الْلَّهُ تَعَالَىْ لِعُمََّارٍ الْمَسَاجِدِ بِالإِيْمَانِ فَقَالَ: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الْلَّهِ مَنْ آَمَنَ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الْصَّلاةَ وَآَتَى الْزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا الْلَّهَ) وَامْتَدَحَ عُمََّارَهَا فَقَالَ: ( فِيْ بُيُوْتٍ أَذِنَ الْلَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيْهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيْهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيْهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الْلَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيْتَاءِ الْزَّكَاةِ يَخَافُوْنَ يَوْما تَتَقَلَّبُ فِيْهِ الْقُلُوْبُ وَالأَبْصَارُ ) قَالَ: الْشَّيْخُ الْسَّعْدِيُّ رحمه الله { يُسَبِّحُ لَهُ } إِخْلاصِا { بِالْغُدُوِّ } أَوََّلَ الْنَّهَارِ { وَالآصَالِ } آَخِرَهِ . وَخَصََّ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ لِشَرَفِهِمَا ولَّتَيُسرِ الْسِيَر فِيْهِمَا إِلَىَ الْلَّهِ وَسُهُولَتِهِ فَهُمْ رِجَالٌ، وَأَيُّ: رِجَالٍ، لَيْسُوْا مِمَّنْ يُؤَثِرُون عَلَىَ رَبِّهِم دُنْيَا، وَلا تِجَارَةً ولا مَكَاسِباً، فَهَؤُلاءِ الْرِّجَالُ، وَإِنْ اتَّجِرُوا، وَبَاعُوْا، وَاشْتَرَوْا، فَإِنََّ ذَلِكَ، لا مَحْذُوْرَ فِيْهِ. لَكِنََّهُ لا تُلْهِيْهِمْ عن { ذِكْرِ الْلَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيْتَاءِ الْزَّكَاةِ }
بَلْ جَعَلُوا طَاعَة الْلَّهِ وَعِبَادَتَهُ غَايَة مُرَادِهُمْ، وَنِهَايَة مَقْصَدِهِمْ،
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُوْنَ : الْمَسَاجِدُ ريَاضٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ، يَتَعَلَّمُ الْمُؤْمِنُ فِيْهَا أُمُوْرَ دِيْنِهِ، وَيَحْفَظُ كِتَابَ رَبِِّهِ، كَانَتْ مَكَانا لِلْجُيُوْشِ الْفَاتِحَةِ وَالسَّرَايَا الْمَبْعُوْثَةِ، فِيْها تُعْقَدُ الْأَلْوِيَةُ وَالْرَّايَاتُ، مَنْ الْمَسْجِدِ سَجََّلَ الْتَّارِيْخُ سِيراً حَافِلَةً لِلْعُلَمَاءِ الْأَجِلاءِ، مَنْ الْمَسْجِدِ انْطَلَقْتِ مَوَاكِبُ الْدَّعْوَةِ، مَنْها تَلْقَىَ الْنَّاسُ الْتَّرْبِيَةَ، وَفِيْهِا عَرَفُوْا الْحَلالَ مَنْ الْحَرَامِ، وَالْسَّنَةَ مِنْ الْبِدْعَةِ،مِنْ أَجْلِ ذَلِكُمْ يَا رَعَاكُمُ الْلَّهِ جُعِلْتُ عِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ مِنْ عَلامَاتِ الإِيْمَانِ بِالْلَّهِ. قَالَ جلَّ في علاه : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الْلَّهِ مَنْ آَمَنَ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ )
وَعِمَارَةَُ الْمَسْجِدِ نَوْعَانِ:الْنَّوْعُ الأولُ: الْعِمَارَةُ الْحِسِّيَّةُ وَذَلِكَ بِبِنَائِهَا وَتَشْيِيدِهَا وَصِيَانَتِهَا وَتَنْظِيفِهَا
وَعِمَارَةٌ مَعْنَوِيَّةٌ، بِالْصَّلاةِ وَالْذِّكْرِ وَالْدُّعَاءِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ، وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ والقرباتِ.وَلَقَدْ حَذَّرَ الْنَبِيُّ مِنْ أَنْ يُبَالِغَ فِيْ تَزْيِيْنِ الْمَسَاجِدِ وَزَخْرَفَتِهَا لأَجْلِ الْتَّبَاهِيَ، فَهَذَا أَمْرٌ مَمْقُوُتٌ عند الله تعالى وَهُوَ مِنْ عَلامَاتِ الْسَّاعَةِ، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ قَالَ: ((إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْسَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى الْنَّاسُ بِالْمَسَاجِدِ)) فَا للَّهُمَّ أَعْمَرَ قُلُوْبَنَا بِذِكْرِكَ وَطَاعَتِكَ وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْصََّلِحِينَ الْمُفْلِحِيْنَ
الْلَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْذَّاكِرِيْنَ الْشَّاكِرِيْنَ يَارَبَّ الْعَالَمِيْنَ
الْلَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحَسنِ عِبَادَتِكَ يَارَبَّ الْعَالَمِيْنَ
أَقُوْلَ مَا تَسْمَعُوْنَ وَأَسْتَغْفِرُ الْلَّهَ لِيَ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوْهُ وَتُوْبُوْا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم.

الْخُطْبَة الْثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ جَعَلَ الْمَسَاجِدَ بُيُوْتا لِيُذْكَرَ فِيْهَا اسْمُهُ يُسبِّحُ لَهُ فِيْهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ. نَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا الَلّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ تَقَدََّسَ ذُوْ الْعِزَّةِ وَالْجَلالِ , وَنَشْهَدُ أَنََّ مُحَمَّدا عَبْدُ الْلَّهِ وَرَسُوْلُهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْهِيْرِهَا مِنْ الْشِّرْكِ وَالْضَّلالِ . الْلَّهُمَّ صَلِّيَ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ الْقَائِلِ ((مَنْ بَنَىْ لِلَّهِ مَسْجِدا بَنَىْ الْلَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِيْ الْجَنَّةِ)). صلى الله وسلَّم وبارك عليه وَعَلَىَ آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَىَ يَوْمٍ لا بيعٌ فيه ولا خلال ..
أَمَّا بَعْدُ : ( فَاتَّقُوا الْلَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوْا وَأَطِيْعُوْا وَأَنْفِقُوْا خَيْرا لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوَقََّ شُحََّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ ) عِبَادَ الْلَّهِ : مَنْ نِعْمَةِ الْلَّهِ عَلَيْنَا فِيْ بِلادِنَا الْمُبَارَكَةِ أَنـّكَ لا تَكَادُ تَمُرُّ بِحَيٍٍّ مِنَ الأَحْيَاءِ إِلا وَتَجِدُ عَدَدَا مِنْ الْمَسَاجِدِ يُشْرِفُ عَلَيْهَا أُنَاسٌ مُخْلِصُوْنَ وَمَسْئُوْلُوْنَ نَاصِحُوَنَ يَتَشَرََّفُونَ بِبِنَائِهَا وَإِعمَارِهَا وَصِيَانَتِهَا وَنَظَافتِهَا وَهَذَا لِعَمْرِو الْلَّهِ نَوْعٌ مِنْ الإِعْمَارَ الَّذِيْ امْتَدَحَ الَلّه تَعَالَىْ فاعلهُ , كَلٌّ مِنْهُمْ يَرْجُوْا ثَوَابَ الْلَّهِ وَالدَّارََ الآَخِرَةَ وَأَنَّ يَفُوْزُوا بِبِشَارَةِ الْنَّبِيِِّ حِيْنَ قَالَ: ((مَنْ بَنَىْ لِلَّهِ مَسْجِدا قُدِّرَ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَىْ الْلَّهُ لَهُ بَيْتا فِيْ الْجَنَّةِ))، وَ الْقَطَاةُ نَوْعٌ مِنَ الْطُّيُوْرِ صَغِيْرِ الْحَجْمِ ، وَمَفْحَصُ الْقَطَاةِ مَحَلُّ عُشِّهَا وَبَيْضِهَا ، وَمَعْلُوْمٌ أَنََّه ْمَكَانٌ صَغِيْرٌ جِدا، فَدَلَّ عَلَىَ أَنََّ أَيَّ تَبَرَّعٍ يُسْهَمُ بِبِنَاءِ مَسْجِدٍ مَوْعُوْدٌ صَاحِبُهُ بِبَيْتِ فِيْ الْجَنَّةِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
عِبَادَ الْلَّهِ وَإِنْ َجَامِعَنا الْمُبَارَكَ وَاحَةٌ مِنْ وَاحَاتِ الإِيْمَانِ, وَصَرحٌ مِنْ صُرُوْحِ الْعِلْمِ وَالْتُّقَىْ وَالْتَّرْبِيَةِ فَهُوَ عَلَىَ مَدَارِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ عَاما تُقَامُ فِيْهِ الْجُمَعُ وَالْجَمَاعَاتِ, وَالْدُّرُوسُ وَالْمُحَاضَرَاتُ , وَتُعْقَدُ فِيْهِ حَلَقَاتُ تَحْفِيْظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لِلْرِّجَالِ وَالْنِّسَاءِ كَمَا تَمِيَّزَ بِجَمْعِ مُبَارَكٍ لِمَشْرُوعِ تَفْطِير الْصَّائِمِيْنَ. وَلِلْمُعْتَكِفِينَ فِيْهِ رَوْحَانِيَّةٌ خَاصَّةً ففيه يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُوْنَ وَيَقْرَؤُوْنَ ! فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْفَضْلُ وَالْمِنَّةُ .
أَتَدْرُوْنَ عِبَادَ الْلَّهِ مَنْ تَكَفَّلَ بِبِنَائِهِ قَبْلَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ عَاما ؟ إِنَّهَا امْرَأَةُ مَنْ الْصَّالِحَاتِ أَخَذَتِ عَلَىَ عَاتِقِهَا أَنْ تَبْنِيَ بَيْتَا لِلَّهِ تَعَالَىْ فَكَانَ لَهَا مَا أَرَادَتْ ! وَالْجَمِيلُ فِيْ الأَمَرْ أَنَّهُ وَبَعْدَ إِحْدَىَ وَعِشْرِيْنَ عَاما مِنْ الْتَّأْسِيْسِ وَحِيْنَ تَمَّ الْعَزْمُ عَلَىَ هَذِهِ الْتَّوْسِعَةِ كَانَتْ رَحِمَهَا الْلَّهُ تَعَالَىْ أَوَّلَ من سَاهَمَ بالتوسعة فَفَتَحَتْ لَنَا بَابَ أَمَلٍ كَبِيْر نعم لَقَدْ أَخَذَ الْلَّهُ أَمَانَتَهَا قَبْلَ عَامَيْنِ ولكنَّها َخَلَّفْت ذُرِّيَّةً مُبَارَكَةً لازَالَتْ تُشْرِفُ وَتُسَاهِمُ لِصالح هَذا الْجَامِعِ الْمُبَارَكِ فَرَحِمَهَا الْلَّهِ رَحْمَةُ وَاسِعَةٌ وَأُسْكِنُها بَيْتا فِيْ الْجَنَّةِ مِنْ ذَهَبٍ لا صَخَبَ فِيْهِ وَلانَصَبَ وَبَارِكْ فِيْ ذُرِّيَّتِهَا وَعَقِبِهِا فِيْ الْصَّالِحِيْنَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُوْنَ: أَتَدْرُوْنَ مَنِ أَشْرَفَ عَلَىَ بِنَاءِ هَذَا الْجَامِعَ قَبْلَ خَمْسٍ وَ عِشْرِيْنَ عَاما إِنَّهُ فَضِيْلَةُ الإمامِ الْشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَىْ وَلْيَبْشِر ( فَالَّدَّالُ عَلَىَ الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ ) وَحِيْنَ تَنَامَى الْحَيُّ وَازْدَادَ سُكَّانُهُ وَاحْتَاجَ إِلَىَ تَوْسِعَةِ مُضَاعَفَةٍ انْبَرَى أبناؤه الكرامُ عن طريق مُؤَسَّسَةِ الْشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعُثَيْمِيْنَ الْخَيْرِيَّةِ لإِكْمَالِ مَسِيْرَةِ والدِهم الْمُبَارَك فَأَخَذوا عَلَى أ نَفْسِهُم الْعَهْدَ وَالْمِيَثَاقَ بِالإِشْرَافِ عَلَىَ الْبِنَاءِ وَالتَََّوْسِعَةِ وَتَبْنِيَ الْمَشْرُوْعِ تَمَامَا وَالْدَّعْمِ الْمَالِيّ , وَلْيَبْشِر فَضِيْلَةُ شَيْخِنَا حِيْنَ خَلَفْ ذُرِّيَّةً مُبَارَكَةً تُخْلَفَهُ فِيْ مِيْرَاثِهِ وَمَشَارِيْعِهِ فَجَزَى الْلَّهْ أَبْنَاءَ الْشَّيْخِ وَالْعَامِلِيْنَ مَعَهُمْ خَيْرَ الْجَزَاءِ عَلَىَ دَعَمِهُمْ وَإِشْرَافِهُمْ وَحِرْصِهِمْ وَمُتَابَعَتِهِمْ .
أَيُّهَا الْكِرَامِ وَمَا كَانَ هَذَا الْبِنَاءُ لِيَتِمَّ لَوْلا تَوْفِيْقُ الْلَّهِ وَتَسْهيلُهُ ثُمَّ بِوُقُوْفِ وَمُسَانَدَةِ عَدَدٍ مَنْ الْمُخْلَصِيْنَ والمهندسين المتابعين الَّذِيْنَ نَذَرَوَا أَنْفُسَهُمْ لِخِدْمَةِ بُيُوْتِ الْلَّهِ تَعَالَىْ ( وَمَنْ لا يَشْكُرِ الْنَّاسَ لا يشَكَرُ الْلَّهَ تَعَالَىْ ) واعترافاً بالفضل لأهلِه، واستجابةً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منْ صنعَ إليكم معروفاً فكافئوه، فإنْ لم تجدوا ما تكافئونَه به فادعوا له حتى تُروا أنَّكم قد كافأتموه"
ففِيْ مُقَدِّمَة من يستحقُّ الدّعاءَ والذكرَ الأمانةُ العامةُ وبَلَدِيَّةٌ مُحَافَظَةِ عُنَيْزَةَ حَيْثُ سَعَوا بِمَنْحِ الأَرْضِ الْمَطْلُوْبَةِ والرخص اللازمة,وهاهم الآن يَسْعَون جَاهِدِيْنَ لِتَجْهِيزِ الْمَوَاقِفِ الْمُنَاسَبَةِ لِلْجَامِعِ فَجَزَاهُمُ الْلَّهُ خَيْرا الجزاء وَبَارَكَ فِيْ جَهُوْدِهِمْ , وَجَزَى الْلَّهُ خَيْرَا فَضِيْلَة َ مُدِيْرِ الأَوْقَافِ الْأَسْبَقِ حَيْثُ كَانَ لَهُ قَََْصَبُ الْسََّبَقِ فِيْ الإِشْرَافِ وَتَسْهِيلِ الْمَهَامِّ وَالْمُتَابَعَةِ , أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَمَلُ وَطَالَ إلا أنَّ الْهَدَفَ كَانَ منهُ الإِحْسَانُ وَالإِتْقَانُ وَهَذَا مَا تَحَقَّقَ بِفَضْلِ الْلَّهِ تَعَالَىْ عَلَىَ يَدِ مُقَاوِلٍ مُخْلِصٍ مُتْقَنٍ كَانَ يُشْرِفُ بِنَفْسِهِ وَيُتَابِعُ وَيُدَعَمُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِْ فَهُوَ يَسْعَىَ لإِتْقَانِ الْعَمَل لأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنََّ رَسُوْلَ الْلَّهِ يَقُوْلُ: ( إِنَّ الْلَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا ً أَنْ يُتْقِنَهُ ).فَجَزَاهُ الْلَّهُ خَيْرَا وَبَارَكَ لَهُ فِيْ مَالِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وعمله. وَهَا نَحْنُ جَمِيْعَا هذا اليومُ نَفْرَحُ بِحَمْدِ الْلَّهِ بِافْتِتَاحٍ هَذِهِ الْتَّوْسِعَةِ الْمُبَارَكَةِ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) عَلَىَ أَمَلْ إِنْجَازِ وَإِتْمَامِ بَاقِيْ الأَعْمَالِ . وجَزَاكُمُ الْلَّهُ خَيْرا أنتم أيُّها المصلونَ عَلَىَ دَعْمِكُمْ وَصَبِرِكُمْ وَتَحْمُّلِكُمْ . ثمَّ اعلموا يا كرام أنَّ َهَذَا جُهْدٌ بَشَرِيٌَّ حَسْبُ الْعَامِلِيْنَ فِيْهِ وَالْقَائِمِيْنَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ مُجْتَهِدُوْنَ فَجَزَى الْلَّهُ خَيْرا كُلَّ مَنْ شَارَكَ بِبَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ, أَوْ مَشُوْرَتِهُ وَرَأْيِهِ وَجَعَلْنَا جَمِيْعَا مِنْ عُمََّارِ بُيُوْتِ الْلَّهِ حَقا حِسَّاً وَمَعْنَىً كَمَا نَسَأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ نَكُوْنَ جَمِيْعا مَفَاتِيْحَ خَيْرٍ مَغَالِيْقَ شَرِّ يَقُوْلُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الْلَّهِ مَنْ آَمَنَ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الْصَّلاةَ وَآَتَى الْزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا الْلَّهَ فَعَسَىَ أُوَلِئَكَ أَنَّ يَّكُوْنُوْا مِنَ الْمُهْتَدِيْنَ ) وَصَدَقَ الْلَّهُ : ( قُلْ إِنَّ رَبِّيَ يَبْسُطُ الْرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الْرَّازِقِيْنَ )
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ الْسَّمِيْعُ الْعَلِيْمُ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْتَّوَّابُ الْرَّحِيْمُ
رَبَّنَا آَتِنَا فِيْ الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِيْ الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ الْنَّارِ
الْلَّهُمَّ اجْعَلْنَا مُقَيِّمِي الْصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّاتِنَا رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءْ
الْلَّهُمَّ أَصْلِحْ الْقُلُوْبَ وَالأَعْمَالِ َأَصْلَحَ مَا ظَهَرَ مِنَّا وَمَا بَطَنَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ عِبَادِكَ الْمُخْلَصِيْنَ.
الْلَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَىَ دِيْنِكَ وَصِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيْمِ ، اللّهُمَّ آَمَنَّا فِيْ أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَ وُلاةُ أُمُوْرِنَا،
الْلَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَىَ.الْلَّهُمَّ أَصْلِحْ حَالُنَا وَأَحْسَنْ مَآَلَنَا، الْلَّهُمَّ ارْزُقْنَا َعِلْمِا نَافِعا، وَعَمَلا صَالِحا مُتَقَبَّلا ، الْلَّهُمَّ إِنِّا نَعُوْذ ُبِكَ مِنَ الْرِّيَاءِ وَالْنِّفَاقِ.
عِبَادَ الْلَّهِ ( إِنََّ الْلَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِيْ الْقُرْبَىَ وَيَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوُن ) فَاذْكُرُوْا الْلَّهَ الْعَظِيْمُ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوْهُ عَلَىَ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ الْلَّهِ أَكْبَرُ وَالْلَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُوْنَ .
بواسطة : admincp
 0  6  65.5K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:15 مساءً الأحد 22 جمادي الأول 1446 / 24 نوفمبر 2024.