• ×

11:34 صباحًا , الأربعاء 2 جمادي الثاني 1446 / 4 ديسمبر 2024

خطبة الجمعة 07-06-1431هـ بعنوان قصةُ شعيبٍ عليه الصلاةُ والسَّلامُ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله قصَّ علينا من نبأ المرسلين ما فيه عبرةٌ لأولي الألباب، أرسل الرُّسلَ مبشرينَ ومنذرين، وأنزل معهم الكتابَ ليحكم بين النَّاس فيما اختلفوا فيه وليقومَ الناسُ بالقسط وهو السَّميع العليم، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليمُ الحكيم، ونشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبد الله ورسوله، بعثه ربُّه رحمةً للعالمين ، اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.
أمّا بعد: فاتقوا الله عبادَ الله، وأعِدّوا ليومِ المعاد عُدّته ، ولا تغرنَّكم الحياةُ الدنيا، ولا يغرنَّكم بالله الغرور.
أيّها المسلمون، لا ريبَ أنَّ قَصَصَ القرآنِ الحكيمِ أشرفُ القصَص لما لها من نُبلِ الغاية وجميلِ الآثار , على الدِّين والنَّفس. وفي طليعة ذلك قصَصُ الأنبياء والمرسلين، فقد قال عزَّ من قائل : لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ فهيَ أَحْسَنُ القَصَصِ وأصدَقُها وأبلَغُها وأنفعُها للعباد؛ فأُنزلت تذكيرًا وعِبرًا , وتفصيلاً وتثبيتًا , وهدًى ورحمة،
وفي أنباءِ المرسَلينَ تقريرُ الإيمانِ بالله وتوحيدُه وإخلاصُ العمل لله، وقُبحُ الشِّركِ بالله وأنَّه سببُ خسارةِ الدُّنيا وبوارِ الآخرة ، وفي أنباء المرسَلين عبرةٌ للإقتداءِ بِهم في الدَّعوةِ والصبر والثبات ،واحتِساب الثَّوابِ من الله تعالى لا يَطلبون من أحدٍ أجرًا ولا جزاءً ولا شكورًا , وفي أنباء المرسَلين ترغيبٌ وترهيبٌ، وبشارةٌ بالفرجِ وتيسيرِ الأمور ، فهي حقاً زادٌ للمتقين وسرورٌ للعابدين وسلوةٌ للمحزونين.
عباد الله : وفي طليعة هذا الموكبِ المبارك نبيُّ الله شعيبٌ عليه الصلاةُ والسلام ! فمن هو شعيبٌ عليه السلام ؟ ولمن أُرسل ؟ وماذا كان عملُ قومِهُ ؟ وكيف كان إهلاكُهم وما أسبابُ ذلك؟
شعيبٌ مِنْ أَنْبِيَاءِ الْعَرَبِ الْمُرْسَلِينَ من ذريةِ إبراهيمَ الخليلَ عليهم الصلاةُ والسلامُ كان رسولُ الله صلى الله عليه و سلم إذا ذُكر شُعيبٌ قال : [ ذاك خطيبُ الأنبياء ] لفصاحتِه وبلاغتِه، وقوَّةِ حُجَّتِه وحسنِ دعوتِه لقومِه أرسله الله تعالى إلى قومِ مدينَ كما قال المولى: ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )

ومدينُ قريةٌ تقعُ في أطرافِ الشام ، على طريق الحجاز ،وهم أصحابُ الأيكةِ فأرضُهم زراعيةٌ ملتفةٌ بالأشجار وكانوا أهلَ رفاهيةٍ ومُلكٍ ونعيمٍ ، وأهلَ كسب وتجارةٍ، لأنَّهم على طريق القوافل التجارية. وكان أصحابُ مدينَ على دينِ إبراهيمَ الخليلَ عليه السلام، حتى هجروا عبادةَ اللهِ تعالى وبدَّلوا نعمة الله كفرا, فكفروا بالله وانحرفوا عن الصِّراط المستقيم وفشت فيهم منكراتٌ وموبقاتٌ , فصاروا يفسدون في الأرض ولا يُصلحون! فجمعوا إلى الشِّركِ بالله تعالى نَقصَ المكاييلِ والموازيينِ وبخسَ الناسِ أشياءَهم في ألوانٍ منَ الغشِّ في المعاملات وقطعِ الطَّريق , والاعتداءِ على المارَّةِ وسلبِ أموالِهم, وكانوا أهلَ كفر وتكذيبٍ بآياتِ الله عزَّ وجلَّ ورُسلِه،قال تعالى: وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صِرٰطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَٱذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ ومن صور انحراف القوم أنَّهم كانوا يستهزئون بعبادة وصلاةِ شعيبٍ عليه السلام ، قال الله تعالى عنهم : قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِى أَمْوَالِنَا مَا نَشَؤُا إِنَّكَ لاَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ فبعث الله فيهم رجلاً منهم، شُعيباً نبيا ورسولاً ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده، وأمرَهم بالعدلِ، ونَهاهم عن الظُّلم، وذكَّرهم بنعمة الله عليهم، إذْ كثَّرهم من قِلةٍ، وأغناهم من فقر، فآمن به قليلٌ منهم وكذَّبه الأكثرون.
فأنذرهم عاقبةَ ذلك عليهم ،وبيّن لهم عليه السلام أنَّه على بصيرةٍ من ربِّه ، وأنَّه لا يقصِدُ غيرَ إصلاحِ أحوالِهم الدينيِّةِ والدنيويِّةِ ؛ ثم حذَّرهم من أن يحمِلَهم التمادي في عداوتِه على الإقامةِ على الكفر والإصرار على التكذيب، فينتهي بهم الأمرُ إلى ما انتهى إليه حالُ مَن قَبلَهم من الأمم الهالكة.
ثم عرَضَ عليهم التوبةَ إلى الله تعالى والبعدَ عمَّا هم فيه من إثمٍ ، ورغَّبهم في الاستغفار مبيِّنًا لهم أنَّ الله يقبلُ التوبةَ عن عباده إذا صَدَقُوا ؛ لكنّهم أصرُّوا على ما هم عليه من كفرٍ وتكذيب وفساد في الأرض وإعراضٍ عن البينات والهدى ؛ مُستخفِّينَ به مستضعفينَ له مُستظهرينَ عليه بعددهم وعُدَّتِهم.
حتى هدَّدَهُ أكابرُ القوم بإخـراجِه ومـن آمـن معه من القرية، قَالَ ٱلْمَلاَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يـٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَـٰرِهِينَ
فلما يئِس من إيمانِهم به واستجابَتِهم لِما يدعُوهم إليه ، جاءهم الأمرُ الإلهيُّ، بِهلاك أهلِ مدين، جزاءَ عصيانِهم وكفرِهم ، فنجَّى الله شُعيباً والذين آمنوا معه برحمةٍ منه سبحانه وتعالى. وأهلك الذين كفروا فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ


فوقع ما طلبوا حين قالوا : فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مّنَ ٱلسَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ فاستجابَ الله دعائَهم على أنفسِهم فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
لقد سلَّط الله عليهم حرًّا شديدًا أخَذ بأنفاسِهم وغَلَتْ مياهُهُم سبَْعَ أيامٍ شدادٍ، ثم بعثَ عليهم سحابةً أظلَّتهُم، فتنادَوا إلى ظلِّها لكنَّه غيرُ ظَليل، فلمّا اجتمعوا تحتَها التهبَت عليهم نارًا، وتزلزلت بِهمُ الأرضُ وأخذتْهمُ الصيحةُ ، فأصبحوا في ديارهم خامدين مذمُومين مذلُولين. وسبحانَ الله كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
عباد الله، إنَّ دروسَ القصّةِ لا تكادُ تُحصرُ.
فمن ذلك: أنَّ العبدَ محكومٌ فيه جميع حركاته ومعاملاته الماليةِ بسلطانِ الشريعة، فما أُبيحَ له فَعَله، وما مُنع منه وجبَ عليه تركُه، وليس له أن يقول: أنا حُرٌّ في مالي أفعل فيه ما أشاء، وإلاّ كان مشابِها لقوم شعيب عليه السلام.
ومنها: أنَّ بخسَ المكاييل والموازين خاصَّةً وبخسَ الناس أشياءَهم عامّةً من أعظم الجرائمِ وأقبح المنكرات. {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} وقد توعَّدهم الله بالويل والخسارة.
ومنها: أنَّ أنبياءَ الله جميعًا بُعِثوا بكلِّ ما فيه صلاحٌ للعباد والبلاد.
ومنها: أنَّ الصلاةَ سبَبٌ لفعل كلِّ خير وتركِ كلِّ منكر وشرٍّ , وهي سببٌ للشفَقةِ على الخلق وإرادةِ الخير بِهم , فقد لاحظ قوم شعيبٍ ذلك فاستهزؤوا به لمحاولة صدِّه عن الصلاة, التي أدَّت به إلى عبادة الله، وتركِ الغش في المكاييل والأوزان. فالصلاةُ يا مؤمنونَ تَهدف إلى صُنع ضمير نقيٍّ حيٍّ ، وتحرِّكُ فيه مشاعر التقوى والمراقبة، والله يقول: إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ
فمن هنا نعرف حكمةَ الله ورحمتَهُ في فرضِ خمسِ صلواتٍ ، في اليوم والليلة وذلكَ لعظم وقعها ، وشدِّة نفعها ، وجميل آثارها ، فلله الحمدُ والمنةُ .
فكم نحن يا مؤمنون بحاجة إلى صلاةٍ تعصِمُنا من الخطايا، وتنهانا عن الفحشاء والمنكر، وتَنْقُلُنا إلى رحابِ الله ورضوانه.
ومن الفوائد والدُّروس : أنَّ الناصحُ والداعيَ لابدَّ أن يكونَ أوّلَ الْمُمتثلينَ لمِا يأمُر به، أوّلَ المنتهينَ عمَّا ينهى عنه، وإلاَّ كان ممن َيقُولُونَ مَا لا يَفعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ
{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}

وهذا درسٌ عظيمٌ للمصلحينَ والآباء، والدعاةِ والوُعَّاظِ، أنْ يُراعيَ كلٌّ منهم سلوكَه ، فكلُّ كلمةٍ وتصرَّفٍ مراقبٌ ومحاسبٌ عليها .
قال تعالى: أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ فتلك صفةٌ ذميمةٌ، عقوبتُها ما ذكره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (( يُؤْتَى بالرَّجُلِ يَوْمَ القيَامَةِ فَيُلْقَى في النَّارِ ، فَتَنْدَلِقُ أقْتَابُ بَطْنِهِ فَيدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ في الرَّحَى ، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْه أهْلُ النَّارِ،فَيَقُولُونَ : يَا فُلانُ ، مَا لَكَ ؟ أَلَمْ تَكُ تَأمُرُ بالمعْرُوفِ وَتنهَى عَنِ المُنْكَرِ ؟ فَيقُولُ : بَلَى ، كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ ، وأنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ )). لا تَنْهَ عن خُلقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
ومن دروسِ قولِ المستكبرينَ لشعيبٍ عليه السلامُ ( لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) تثبيتٌ للعلماء والدعاة والمصلحين فعجيبٌ أنْ يهزأَ الجاهلُ من العالم , ويسخرَ المجنونُ من العاقل ,وعجيبٌ كذلك أن يُصبحَ السفيهُ هو صاحبُ الحُجةِ والسلطانِ ويحاولُ أنْ يَظْهَرَ على مَنْ يدعو إلى الفضيلةِ والطهر والعفاف !فمتى كانت الصلاةُ و الاستقامةُ تعدُّ نقصا ؟ ومتى كانت الفضيلةُ عيباً يُلام عليه الإنسان ؟ ولكنَّه منطقُ البغيِّ والظلم والعدوانِ .
من قصة شعيبٍ عليه السلامُ نأخذُ أهميةَ القناعةِ برزقِ الله والاستغناءِ بالحلال الطيَّب عن الحرام الخبيث، قال عزّ مِن قائل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
من الدّروس كذلك: أنّ دُعاةَ الخير وحملةَ الهدايةِ مُحتاجون إلى حِلمٍ وعلم ,وخلُقٍ وصبرٍ جميل, يحملُهم على مقابلةَ الإساءة بالإحسان, وتأمَّل في شعيبٍ عليه السلامُ مع أنَّ قومَه يُسمِعُونَه الأقوالَ السيّئة ويسخرون منه، إلاَّ أنهُ يحلُم عنهم ويصفَحُ ويردِّدُ (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ،)
فاحرِصوا عبادَ الله على الانتفاعِ بما في قصَص القرآنِ مِن فوائدَ عبر , واتعِظوا بما فيها من الدُّروسِ والدُّرر. نفعَني الله وإياكم بهديِ كتابه وبسنّة نبيِّه . أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية: في حكم تمويل الإرهاب

الحمدُ لله برحمته اهتدى المهتدون ، و بعدله وحكمته ضلَّ الضالون ، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون ) ، ونشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله ، تركنا على مَحجَّةٍ بيضاءَ لا يزيغُ عنها إلا أهُل الأهواء ِوالظنون. صلى الله وسلَّم وباركَ عليه ، وعلى آله وصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يومٍ لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم ٍ .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله تعالى حقّ التقوى ، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى وعليكم بالجماعة فإنَّ يد الله مع الجماعة ومن شذَّ, شذَّ في نارٍ تَلظىَّ .
عباد الله :ومن حرص وغيرة علماءِ الأمة فقد أصدرت هيئةُ كبار العلماء بيانا بحكم : تمويل الإرهاب وأنَّ ذلك جريمةٌ تستهدفُ الإفسادَ ؛ وزعزعةَ الأمنَ في البلاد ، وأنَّهُ جنايةٌ على الأنفسِ والأموالِ والممتلكاتِ الخاصة والعامة، كنسفِ المساكن والمدارس ، و الطائرات ، والموارد العامة للدولة كأنابيب النفطِ والغاز، ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعًا، وأنَّ تمويلَ الإرهاب إعانةٌ عليه وسببٌ في بقائِه وانتشاره . انطلاقا من قول الحقِّ جل وعلا: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وقولِه تعالى: وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وقولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: « لعن الله من آوى محدثاً » ومن قواعد الشريعة الإسلامية: أنَّ للوسائل حُكمُ الغايات .
لذلك فإنَّ الهيئةَ تُقرِّرُ : أنَّ تمويلَ الإرهابِ أو الشروعَ فيه محرَّمٌ وجريمةٌ معاقبٌ عليها شرعًا، سواءٌ بتوفير الأموال أم بِجمعها أم بالمشاركة في ذلك، بأيِّ وسيلة كانت. فمن قام بهذا فقد استحق العقوبةَ الشَّرعيةَ بحسب النَّظر القضائي . وإنَّ هيئة كبارِ العلماء توصي المسلمين جميعًا بالتَّمسُّكِ بالدِّين وهدي نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - والكفِّ عن كلِّ عملٍ من شأنه الإضرارُ بالناس والتَّعدي عليهم .
نسأل الله عزَّ وجلَّ لبلادنا المباركةَ الخيرَ والصلاحَ والحفظَ وجمعَ الكلمة، وأن يُصلح حال البشريَّةِ أجمعين بما يُحقِّقُ العدل وينشرُ الفضل. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شرور أنفسنا، وأصلح شأننا كلَّه، وأعذنا من مضلات الفتن.
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين ياربَّ العالمين
اللهم اجعل بلدنا آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين, اللهم إنِّا نسألك أمنًا وعافية, وصحة وسلامة , وسعة رزقٍ وكرامة,
اللهم آمنَّا في أوطاننا وأصلح ووفِّق أئمتَنا وولاةَ أمورِنا ياربَّ العالمين .
اللهم أرنا الحقَ حقًا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
عباد الله إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  5.0K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 11:34 صباحًا الأربعاء 2 جمادي الثاني 1446 / 4 ديسمبر 2024.