قِصَّةُ أصحَابِ السَّبْتِ دروسٌ وآياتٌ 20/5/1446هـ
الحمدُ للهِ قَصَّ عَلينَا الْقَصَصَ عِبرةً لِأُولي الأَلبَابِ، أَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ بِلا شَكِّ ولا ارْتِيَابٍ, وَأَشهَدُ أَنَّ نَبِيَّنا مُحمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، بَعَثَهُ اللهُ بِأكْمَلِ الأَخْلاقِ والآدَابِ، اللَّهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَليهِ، وعلى جَمِيعِ الآلِ والأَصحَابِ والتَّابِعِينَ لَهمْ بِإحسَانٍ وإيمَانٍ إلى يَومِ الْمآبِ. أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوى، ولا تَغُرَّنَّكمُ الحَيَاةُ الدُّنْيا.
أَيَّها الْمُسلِمُونَ: قَصَصُ القُرآنِ الكَرِيمِ أَحْسَنُ القَصَصِ وَأَنْفَعُها لِلعِبَادِ والبِلادِ لِمَا لَهَا مِنْ نُبْلِ الغَايةِ وَجَمِيلِ الأَثَرِ على الدِّينِ وَالنَّفسِ وَالْمُجتَمَعِ! فلَقَدْ جَعَلَ اللهُ لَهَا هَدَفاً فَقَالَ جَلَّ وعَلا: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
أيُّها الْمُؤْمِنُونَ: دُونَكُمْ قِصَّةُ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَسْكُنُونَ عَلى سَاحِلِ بَحْرٍ مَليءٍ بِالأَسْمَاكِ وَالصَّيدِ والنِّعَمِ، كُلُّهُمْ مِنْ اليَهُودِ الذينَ يَعبُدُونَ اللهَ تَعَالَى عَلى شَرِيعَةِ وَدِينِ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ, وَكَانَ عَمَلُهُمُ الذِي يَتَكَسَّبُونَ مِنْهُ هُوَ صَيدُ الحِيتَانِ، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ لِلصَّيدِ كُلَّ يَومٍ إلاَّ يَومَ السَّبْتِ! لأنَّهُ يَومٌ مُعَظَّمٌ, فَشَرِيعَتُهُم فِي التَّورَاةِ تُحَرِّمُ عَلَيهمُ العَمَلَ فِيهِ! فَكَانُوا بِدَايَةَ الأَمْرِ يَلْتَزِمُونَ بِشَرِيعَتِهِم وَتَعَالِيمِهِمْ! فَمُجْتَمَعُهُمْ آنَذَاكَ خَلِيطٌ مِنْ العُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ, وَالفَاسِدِينَ وَالْمُفْسِدِينَ! أَتْرُكُكُمْ يَا رَعَاكُمُ اللهُ: مَعَ الآياتِ الْكَرِيمَاتِ وَهِيَ تَحْكِيْ خَبَرَهُم, قَالَ اللهُ تَعَالَى: (واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ). اللهُ جَلَّ وَعَلا يُخَاطِبُ نَبِيِّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِقَولِه: اسْأَلْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ الَّذِينَ بِحَضْرَتِكَ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِهِمُ الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ، فَفَاجَأَتْهُمْ نِقْمَتُهُ عَلَى صَنِيعِهِمْ وَاعْتِدَائِهِمْ وَاحْتِيَالِهِمْ فِي الْمُخَالَفَةِ، وَحَذِّرْهُمْ لِئَلَّا يَحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِسَلَفِهِمْ. عِبَادَ اللهِ: هَكَذَا ابتَلاهُمُ اللهُ تَعَالى: إذا كَانَ يَومُ السَّبْتِ الذي يَتَفَرَّغُونَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ, تَأتِي الحِيتَانُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ! فَتَكْثُرُ وَتَقْتَرِبُ حَتَّى تَكُونَ فِي مُتَنَاوَلِ أيْدِيهِمْ, وَلَكِنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ هَذَا! فَإِذَا انْقَضَى يَومُ السَّبْتِ اخْتَفَتِ الحِيتَانُ والأسْمَاكُ تَمَامَاً! إِلى السَّبْتِ الآخَرِ فَتَعُودُ مَرَّةً أُخْرَى! سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ! لِمَ كُلُّ هَذا التَّعْذِيبِ والابْتِلاءِ والامْتِحَانِ؟ وَما الحِكْمَةُ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ اللهُ تَعَالى: (كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ). نَعَمْ بِسَبَبِ فِسْقِهِمُ، وَخُرُوجِهِمْ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ, وَفُجُورِهِمُ الْمُسْتَمِرِّ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، وَاعْتِدَائِهِمْ حُدُودَ شَرْعِهِ. أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَلِيَهُمُ. فَلَيسَ عَبَثًا مِن اللهِ سُبْحَانَهُ، وَلا لِأَجْلِ التَّضْيِيقِ عَلَيهِم، وَلَكِنَّهُمُ كَانُوا يَستَحِقُّونَ مِثْلَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ! عِظَةً لَهُم وَعِبْرَةً لِغيرِهمْ.
عِبَادَ اللهِ: هَكَذا بَعْضُ الأَشْخَاصِ وَبَعضُ الْمُجْتَمَعاتِ تَجَرُّ عَلى نَفْسِهَا البَلاءَ جَرَّاً بِبُعْدِها عَنْ شَرْعِ رَبِّهَا أو العَبَثِ بِتَعَالِيمِهِ أو تَهْمِيشِ شَعَائِرِهِ! فَيَحصُلُ لَهُمُ النَّكَدُ وَالضِّيقُ وَكَثْرَةُ الفِتَنِ. وَلَو أَنَّهُم آمَنُوا بِرَبِّهِم وَاتَّقَوْهُ، لَيَسَّرَ اللهُ أُمُورَهُم، وَسَاقَ لَهُمُ الرِّزْقَ سَوقًا، وَكَفَاهُمْ شَرَّ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ. وَصَدَقَ اللهُ: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ). ظَلَّتِ القَرْيَةُ أَيَّامًا وَأَسَابِيعَ عَلى هَذَا الحَالِ، لا يَجِدُونَ صَيدْا، حَتَّى وَسْوَسَ الشَّيطَانُ الرَّجِيمُ لِأَحَدِهِمْ بِحِيلَةٍ مَاكِرَةٍ، فَكَانَ يَأتِي يَومَ الجُمُعَةِ فَيحَفِرُ بِجَانِبِ الشَّاطِئِ حُفْرَةً عَمِيقَةً، وَيَضَعُ شِبَاكَهُ وَأَحْبُلَهُ فِيهَا فَتَمْسِكُ الأَسْمَاكَ يَومَ السَّبْتِ وَتَصِيدُها! فَيَأتِي يَومَ الأَحَدِ وَيَأْخُذُ حَصِيلَةَ السَّبْتِ! وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيئًا! تَسَامَعَ النَّاسُ أَنَّ فُلانًا قَدْ صَارَ يَأْكُلُ سَمَكًا وَيَبِيعُ مِنْهُ! فَصَاروا يَسْأَلُونَهُ كَيفَ حَصَلْتَ عَلَيهِ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا فَعَلَ!
تَصَوَّروا: بَدَلَ أَنْ يَنْصَحُوهُ وَيَمْنَعُوهُ وَيَزْجُرُوهُ، إِذَا هُمْ يَستَحْسِنُونَ فِعْلَتَهُ وَيُشَجِّعُونَ حِيلَتَهُ, وَيَسيرِونَ عَلى طَرِيقَتِهِ، كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ سِرًّا بَادِئَ الأَمْرِ، حَتَّى كَثُرَ صَيدُهُم، وَبَاعُوهَا فِي الأَسْوَاقِ، وَجَاهُروا بِالصَّيدِ بِتِلْكَ الحِيَلِ! وَكَانَتْ هَذِهِ بِدَايَةُ الكَارِثَةِ. فَصَارَ تَعَاوُنٌ جَمَاعِيٌّ مُحَرَّمٌ، وَمَعْصِيَةٌ لِلخَالِقِ جَهَارًا نَهَارًا! حَمَانَا اللهُ وإيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ.
هَلَ تَصَوَّرْتُم: شَخْصٌ وَاحِدٌ سَنَّ سُنَّةً سَيئَةً وَخَرَقَ فِي مُجْتَمَعِهِ خَرْقًا وَاسِعَاً! فَتَتَابَعَ أُنَاسٌ لِرَأيِهِ وَأُعْجِبُوا بِصَنِيعِهِ، فَأَدَّى بِهَلاكِ أُمَّةٍ كَامِلَةٍ لَقَدْ صَدَقَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ في الصَّحيحِ: « وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ». وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ, مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ». فإلى اللهِ الْمُشْتَكَى وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ. وَأَسْتَغفِرُ اللهَ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إليهِ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحمدُ للهِ جَعَلَ كِتَابَهُ لِكُلِّ خَيرٍ هَادِيًا، أَشهدُ ألاَّ إِلهَ إلاَّ اللهُ وحدَه لا شَريكَ لَه, وَأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وَبَارِكْ عليهِ، وعلى جَمِيعِ آلِهِ وَالأَصْحَابِ، والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الحِسَابِ. أمَّا بعدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). عِبَادَ اللهِ: لا زِلْنَا نَعْتَبِرُ بِقِصَّةِ أصْحَابِ السَّبْتِ الذين احتَالُوا على أوَامِرِ اللهِ وَشَرْعِهِ, وَكَيفَ أنَّ أُنَاسًا وَافَقُوهُ وَسَوَّقُوا لَهُ وَشَجَّعُوهُ! وَلِسَائِلٍ أنْ يَقَولَ: مَا أَحوَالُ بَقِيَّةِ النَّاسِ تُجَاهَ عِصْيَانَ بَنِي قَومِهِمْ لِأَوَامِرِ اللهِ تَعالى؟! فَالجَوابُ مَا ذَكَرَهُ اللهُ بِقَولِهِ: (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللِّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ*فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ). لَقَد انْقَسَمَ النَّاسُ فِي القَريَةِ تُجَاهَ الْمُنْكَرِ إلى ثَلاثَةِ أقْسَامٍ. الأَوَّلُ: فِرْقَةُ الْعَادِينَ التي فَكَّرَتْ فِي الحِيلَةِ الشَّيطَانِيَّةِ وَخَطَّطَتْ وَمَارَسَتْ خِفْيَةً، ثُمَّ أَعْلَنَتْ! وَاستَمَرَّتْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ رَغْمَ تَحذِيرَاتِ الْمُخْلِصِينَ مِنْ قَومِهِم! فَهَذِهِ الطَّائِفَةُ صَيَّرَهُمُ اللهُ تَعَالى إِلى حَيثُ أَرَادُوا لِأَنْفُسِهِم مِنْ الانْتِكَاسِ وَالهَوَانِ: (فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ). قَالَ الشيخُ السَّعدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: لَمَّا قَسَوا فَلَمْ يَلِينُوا، وَلا اتَّعَظُوا، قَلَبَهُمُ اللهُ بِإذْنِهِ قِرَدَةً خَاسِئِينَ، وَأَبْعَدَهُم مِنْ رَحْمَتِهِ! نَسْألُ اللهَ العَافِيَةَ وَالسَّلامَةَ. أَمَّا القِسْمُ الثَّانِيِ مِن أُنَاسِ تِلكَ القَرْيَةِ: فَهُمُ العُلَمَاءُ الْمُصْلِحُونَ, الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ, الَّذِينَ قَامُوا بِوَاجِبِ النُّصْحِ وَالتَّوجِيهِ وَالإنْكَارِ. وَقَالُوا :{مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} أَي: لِنُعْذَرَ فِيهِمْ أَمَامَ اللهِ تَعالى! فَقَد أَدَّينَا مَا وَجَبَ عَلينَا! وَفَائِدَةٌ أخْرَى قَدْ تَحْصُلُ بِسَبِبِ أَمْرِنا وَنَهْيِنا:{وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} فَلَعَلَّهُم يَتْرُكُونَ الْمَعْصِيَةَ فَلا يَأْسَ مِنْ هِدَايَتِهِمْ، كَيفُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ». فَهذا الصِّنْفُ نَجُو مِنْ عَذَابِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ كَمَا قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وعلا: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ).
عِبادَ اللهِ: أمَّا القِسْمُ الثَّالِثُ: فَهُم أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أنْفُسِهِمْ, وَقَدْ كَرِهُوا مَا عَلَيهِ قَومُهُمْ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ، وَلَكِنَّهُم لَمْ يُحَرِّكُوا سَاكِنَاً وَلَمْ يَقُومُوا بِوَاجِبِهِمُ الشَّرْعِيُّ. بَلْ مِنْ شِدَّةِ يَأْسِهْمُ مِن أَوضَاعِ قَومِهِمُ حَاوَلُوا تَثْبِيَطَ الْمُصْلِحِينَ! فَقَالوا: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا)؟! كَأنَّهُم يَقُولُونَ أتْرُكُوهُم لا فَائِدَةَ مِن نُصْحِهِمُ فَقَدْ قَضَى اللهُ عَلَيْهِمْ بِالْهَلَكَةِ أَوِ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ! يا مُؤمِنُونَ: لِهذهِ القِصَّةِ دُرُوسٌ وَوَقَفاتٌ نَتَطَرَّقَ لَها فِي جُمُعَةٍ قَادِمَةٍ بِإذْنِ اللهِ, فاللهم أصلح لنا نيَّاتِنا وذُريَّاتِنَا. اللهم ارزقنا وإيَّاهم البِرَّ والتَّقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم اجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا وتوفَّنا وأنتَ راضٍ عنا. اللهم اكفنا جميعا الفواحشَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ. اللهم أصلح شبابَ المسلمين وأهدهم سُبَلَ السَّلام وجَنِّبهم الفواحشَ والآثامَ. اللهم أبرم لهذه الأُمَّةِ أَمْرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ الْمعصيةِ ويؤمرُ فيه بالْمعروف ويُنهى فيه عن الْمنكر ياربَّ العالمين. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّرك والمشركينَ، ودمِّر أعداءَ الدِّينِ. اللهم وفِّق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى. وَاجْزِهِمْ خيرًا على خِدْمَةِ الإسلامِ والْمُسْلِمِينَ. اللهم انصُرْ جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمُسلِمِينَ أجمَعينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله اذكروا الله العظيم الحليلَ يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .