حَسْبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكِيلُ وَنِعْمَةُ اجْتِمَاعِ القِمَّةِ 3/5/1445هـ
الحمدُ للهِ مَنَّ عَلينَا فَهَدَانَا، أَسْبَغَ عَلينَا النِّعَمَ وَأَعْطَانَا، وَأَشْهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحَدَهُ لا شَريكَ لَهُ هُوَ حَسْبُنَا وَمَولانَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَاركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه الذَينَ نَصَروا دِينَ رَبِّهم وتوكَّلوا عليهِ وَكَانُوا لِمُحَمَّدٍ خَيرًا وَأَعْوَانًا أمَّا بَعدُ: فأُوصِيكم وَنَفْسِي بِقَولِ اللهِ تَعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). عِبَادَ اللهِ: حَدِيثُنا عن كلمةِ قُدسِيَّةٍ مُبَارَكَةٍ, عَظِيمةِ الْمَعَانِي، هِيَ حِصنٌ حَصِينٌ, وَسَهْمٌ لا يُخطِئُ هَدَفَهُ, وسِلاحٌ لا يُهزَمُ صَاحِبُهُ! لِمَنْ قَالَهَا بِقلْبٍ مُوقِنٍ بِحولِ اللهِ وَقُدرَتِهِ, هذه الكَلِمَةُ جَمَعَتْ بَينَ التَّوَكُّلِ على اللهِ وَحُسنِ الظَّنِّ بِهِ. إنَّها: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ". فَمَا أَكْبَرَ مَعْنَاهَا وَمَا أَعْظَمَ دَلَالَتَهَا. حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، مَنْهَجُ حَيَاةٍ، نَلُوذُ بِهَا، وَنَعْتَصِمُ بِهُدَاهَا. حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، سِلَاحُنَا قَبْلَ القُوَّةِ الْمَادِّيَّةِ، وَالأَسْبَابِ الأَرْضِيَّةِ. فالتَّوَكُّلُ فِي قَولِنَا: "حَسْبُنَا اللَّهُ". وَحُسنُ الظَّنِّ باللهِ فِي قَولِنَا: "وَنِعْمَ الْوَكِيلُ".
عِبَادَ اللهِ: هذهِ الكَلِمَةُ العَظِيمَةُ قالَها خَلِيلُ الرَّحمنِ, إبرَاهِيمُ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حِيَن دَعَا قَومَهُ إلى عِبَادَةِ اللهِ وَكَسَّرَ الأَصْنَامَ إلَّا كَبِيرَا لَهُم، فَلَمَّا رَأَوهَا انتَقَمُوا وَقَالُوا: (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ). فَأَوقَدُوا نَارًا عَظِيمَةً، وَرَموهُ بِهَا بِالْمَنجَنِيقِ مِنْ بَعِيدٍ, وفي الأَثنَاءِ يَعَرِضُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيقُولُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا, وأمَّا إلى اللهِ فَبَلى! فَأخَذَ الخَلِيلُ يُرَدِّدُ في هَذَا الْمَوقِفِ الْعَصِيبِ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ". فَمَا الذِي حَدَثَ يا تُرى؟ استَجابَ اللهُ لَهُ فَقَالَ اللهُ لِلنَّارِ: (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ).
عِبَادَ اللهِ: أمَّا الْمُنَاسَبَةُ الثَّانِيَةُ لِهذهِ الكَلِمَةِ العَظِيمَةِ فَقَدْ قالَها مُحمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَليهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ غَزوَةِ أُحُدٍ بَعْدَ مَا لَقِيَ الْمُسلِمونَ القَتْلَ والتَّنكيلَ والتَّمثيلَ بِهِمْ ما جَعَلَهُم يَخافُونَ على الْمَدِينَةِ وَمَنْ فيها فَعَمَدَ القائِدُ الأعظَمُ صَلَّى اللهُ عَليهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ مِن الغَدِ مُباشَرَةً إلى رَفْعِ مَعْنَوِيَّاتِ أَصْحَابِهِ الْمَكْلُومِينَ وَالْمَهْزُومِينَ لِمُطَارَدَةِ جيشِ العَدُوِّ حتى بَلَغُوا حَمْرَاءَ الأَسَدِ وأَرسَلَ لَجيشِ قُرَيشٍ مَنْ يُخَوِّفُهم بِأَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ خَرجَ بِجَميعِ أصحابِهِ وفيهم مِن الحنَقِ عليكم ما يَسحَقُكُم! فَأَلْقَى اللهُ الرُّعْبَ في قَلْبِ أبي سُفْيَانَ فَارْتَحَلَ هَارِبًا إلى مَكَّةَ، _وَذَلِكَ قبلَ إسلامِهِ رضي اللهُ عنهُ_ وَقَالَ أَبْلِغُوا مُحمَّداً أنَّا قد أَجْمَعْنا الكَرَّةَ عليهم لِنَسْتَأْصِلَهُمْ, وَأَنَّا قَدْ جَمَعْنَا لَكُم لِنَقْضِيَ عَلَيكُم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لأصْحَابِهِ قُولوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ! أَي: سَيَكْفِينَا اللهُ شَرَّهُمْ، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الذي يَكْفِينَا مَا أَهَمَّنَا. فَمَا النَّتِيجَةُ؟ هِيَ مَا بَشَّرَ اللهُ بِه الْمُؤمِنِينَ فَزَادَهُمُ إيمانًا فَوقَ إيمَانِهِم بِنَصْرِهِ وَوِلايَتِهِ لَهُمْ: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
عِبَادَ اللهِ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، هُتَافُ الْمُؤمِنينَ حِينَ يَرَونَ تَسَلُّطَ أَهْلِ الطُّغْيَانِ عَلَى رِقَابِ الْمُسْتَضْعَفِينَ، نُرَدِّدُهَا حِينَ نَسْمَعُ خُذْلانَ أُنَاسٍ لإخْوانِهِمْ فِي فِلَسْطِينَ!
اللهُ أكبرُ يَا مُؤمِنُونَ: نُؤمِنُ بِأنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكفِي العَبدَ مَا أَهَمَّهُ, وَيَرُدُّ عنهُ كُلَّ خَطَرٍ ألَمَّهُ، هُوَ الحَسِيُب الذي إذا رُفِعَت إليهِ الحوائِجُ قَضَاهَا, وإذَا حَكَمَ بِقَضِيَّةٍ أَبرَمَها فَأَمضَاهَا.
يا مُؤمِنونَ: كَفَى بِاللهِ حَسِيبًا، معنَاهَا: أَنَّ اللهَ هُوَ الْمُدرِكُ للأَجزَاءِ والْمَقَادِيرِ، يَعلَمُ كُلَّ شَيءٍ مِن غَيرِ أنْ يَحسِبَ وَيُعَدَّ، فهو سُبحانَهُ الحسيبُ على أعمالِ عِبادِهِ، الْمُرَاقِبُ لَها. واللهُ تعالى يَقُولُ: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). أي: كافِيهِ أمورَ دِينِهِ ودُنياه.
أمَّا قَولُنَا: وَنِعْمَ الْوَكِيلُ: فَمعناها نِعمَ الْمُتوكَّلُ عليه سُبحانَهُ في جَلبِ النَّعمَاءِ، ودَفْعِ الضَّرَّاءِ والبَلاءِ. هُوَ الوكيلُ الذي تَوكَّلَ بِالعالَمِينَ خَلْقًا، وَتَدبِيرًا، وَهِدَايةً، وَتَقْدِيرًا. فَيَتَولَّى بِإحسَانِهِ عِبَادَهُ، فلا يُضيِّعُهُم ولا يكِلُهم إلى غيرِهِ، وقد عَلَّمَ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ الْمَكرُوبَ أنْ يَقُولَ :"اللهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ". يا مُؤمِنونَ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" مِنْ فَوَائِدِهَا أَنَّ اللهُ جَلَّ وَعلا يُؤمِّنُ بِهَا الخَائِفَ، ويُجيرُ الْمُستَجيرَ، لأنَّهُ نِعمَ الْمَولَى ونِعْمَ النَّصِيرُ: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رَحمَهُ اللهُ: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فِي أمرِ دِينهِ ودُنياهُ، ويَعتَمِدُ على اللهِ فِي جَلْبِ مَا يَنفَعُهُ ودَفْعِ ما يَضُرُّهُ، وَيَثِقُ بِهِ سُبحانَهُ فِي تَسهِيلِ ذَلِكَ فَهُوَ حَسْبُهُ أي: كَافِيهِ الأَمرَ الذي تَوَكَّل عَليهِ بِهِ، وإذا كَانَ الأَمْرُ في كَفَالَةِ الغَنِيِّ القَويِّ العَزِيزِ الرَّحِيمِ، فَهو أَقرَبُ إلى العَبدِ مِن كُلِّ شَيءٍ، فإِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ فَلا بُدَّ مِن نُفُوذِ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وقَدْ جَعَلَ لَهُ وَقتًا ومِقْدَارًا، لا يَتَعَدَّاهُ ولا يَقصُرُ عنه. انتهى.
فيا مُؤمِنُ: لا تَستَبطِئ نَصرَ رَبِّكَ ورِزقَهُ وَعَافِيتَهُ؛ فإنَّ اللهَ مُحَقِّقٌ ما يُريدُهُ سُبحانَهُ, فَسُبحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ, سُبحانَ ذِي الجَبَرُوتِ, سُبحانَ الحيِّ الذي لا يَموتُ. بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وبِسُنَّةِ سَيِّدِ الْمُرسَلِينَ, وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهما مِن الآيَاتِ والذِّكرِ الحَكِيمِ، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم ولِسَائِرِ الْمُسلمينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وخَطِيئَةٍ، فاستَغفِرُوهُ، إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الوَاحِدِ الأَحَدِ، الفَرْدِ الصَّمَدِ, عَليهِ التُّكلانُ والْمُعتمَدُ، أَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهادَةَ مَنْ أخلَصَ لِلهِ وَسَجَدَ, وأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنا وحَبِيبَناَ مُحمَّدَاً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الْمُصطَفى أَخشَى وأَتْقَى مَنْ صَلَّى لِلهِ وَصَامَ وَعَبَدَ. صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَاركَ عليه، وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ وأتباعِهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ. أمَّا بَعدُ: فَيا عبَادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ تعالى وَتَوَكَّلُوا عليهِ حقَّ التَّوكُّلِ مِع صِدقِ النِّيَةِ وحُسنِ العَمَلِ: (وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ).
أيُّها الْمُؤمِنونَ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " دُعُاءُ مَسأَلَةٍ, وعِلاجٌ لِكُلِّ هَمٍّ وَقَلَقٍ فقد رُويَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ».
"حَسبِيَ اللهُ ونِعمَ الوَكِيلُ" مَلاذُ العَبدِ ومَلجَؤُهُ في الأَزَمَاتِ والشَّدَائِدِ، هي أَمْضَى مِنْ القُوَى الْمَادِيَّةِ، والأَسبَابِ الأَرضِيَّةِ! حِينَ يَقُولُها الْمُسلِمُ بِيَقِينٍ رَاسِخٍ؛ فَإنَّهُ يَعتَقِدُ أنْ لا حَوْلَ إلَّا حَولُ اللهِ، ولا قُوَّةَ إلَّا قُوَّةُ اللهِ تعالى. فَيَؤمِنُ الْمَكرُوبُ أنَّ الأُمورَ بِيدِ اللهِ سُبحانَهُ وبِحمدِهِ.
"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" دُعاءُ الأَقوِيَاءِ، لا كَمَا يَظُنُّهُ الْمَهَازِيلُ الضُّعفاءُ أنَّها مُجرَّدُ أَذْكَارٍ وطُقُوسٍ بِدونِ عَمَلٍ وفِعْلٍ للأسبَابِ! فقد كَانَ مِن جُملَةِ دُعاءِ نَبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ».
عِبَادَ اللهِ: الْمُسلِمُ الصَّادِقُ يُواجِهُ الأَحدَاثَ بـ "حَسبِيَ اللهُ ونِعمَ الوَكِيلُ" مُستَشعِرًا جَلالةَ مَعانِيها، وعَظِيمَ مَدْلُولِها وَقُوَّةَ أَثَرِهَا، مَعَ العَمَلِ الجَادِّ الدَّؤوبِ، واتِّخَاذِ الأَسبَابِ بِحكمَةٍ وَبَصِيرَةٍ، «فالْمُؤمنُ القَوِيُّ خَيرٌ وأَحَبُّ إلى اللهِ مِن الْمُؤمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي كُلٍّ خَيرٌ، احرِص على مَا يَنفَعُكَ، واستَعِنْ بِاللهِ ولا تَعْجَزْ».
أيُّها الْمُؤمنُونَ: قُولُوا بِلسانٍ واحِدٍ وَقلْبٍ وَاحِدٍ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" على الْيَهُودِ الْصَّهَايِنَةِ الْمُعْتَدِينَ وَمَنْ نَاصَرَهُمْ وَدَعَمَهُمْ وَمَكَّنَ لَهُمْ.
وَثِقُوُا بِاللهِ يَا شَعْبَ فِلَسْطِينَ الأَبِيَّ أَنَّ اللهَ نَاصِرُكُمْ عَلى الْيَهُودِ الْخَائِبِينَ, ثُمَّ ثِقُوا بِإخْوانِكُمُ قِيَادَةً وَشَعْبًا أَنَّهُمْ مَعَكُمْ فِي شِدَّتِكُمْ وَمِحْنَتِكُمْ
فَأَمَامَ هذهِ الظُّرُوفِ العَصِيبَةِ, تُبَادِرُ حُكُومَةُ خَادِمِ الحَرَمَينِ الشَّرِفَينِ, بِحَمْدِ اللهِ تَعَالى فِي رَغْبةٍ صَادِقَةٍ، وَسِيَاسَةٍ حَكِيمَةٍ لَعَقْدِ قِمَّةٍ إسْلامِيَّةٍ وَعَرَبِيَّةٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ مِنْ أَجْلِكُمْ؛ مِن أَجْلِ التَّضَامُنِ وَالوِحْدَةِ وَإدَانَةِ العُدْوَانِ الإسْرِائِيليِ الغَاشِمِ, وَجَرَائِمِ الحَرْبِ وَالْمَجَازِرِ الْهَمَجِيَّةِ الوَحْشِيَّةِ التي يَرْتَكِبُهَا الاحْتِلاَلُ الاسْتِعْمَارِيُّ! وَالْمُطَالَبَةِ بِوَقْفِهِ فَورًا. كَمَا رَفَضَتِ الْقِمَّةُ تَوصِيفَ هَذِهِ الحرْبِ بِأَنَّهَا دِفَاعٌ عَن النَّفْسِ. كَمَا طَالَبَتِ الْقِمَّةُ مَجْلِسَ الأَمْنِ بِاتِّخَاذِ قَرَارٍ حَاسِمٍ مُلْزِمٍ يَفْرِضُ وَقْفَ عُدْوَانِ سُلْطَةِ الاحْتِلالِ الاسْتِعْمَارِيِّ، وَأَنَّ التَّقَاعُسَ عَنْ ذَلِكَ تَوَاطُؤًا يُتِيحُ لإسْرَائِيلَ اسْتِمْرَارَ عُدْوَانِهَا الوَحْشِي بِقَتْلِ الأَبْرِيَاءِ، أَطْفَالاً وَشُيُوخًا وَنِسَاءً, وَيُحِيلُ غَزَّةَ خَرَابًا. كَمَا طَالَبَتِ الْقِمَّةُ وَقْفَ تَصْدِيرِ الأَسْلِحَةِ لِسُلُطَاتِ الاحْتِلالِ التي يَسْتَخْدِمُونَها في قَتْلِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِّي وَتَدْمِيرِ بُيُوتِهِ، وَمُسْتَشْفَيَاتِهِ، وَمَدَارِسِهِ، وَمَسَاجِدِهِ. وَغَيرِهَا مِن الْقَرَارَاتِ الْقَوِيَّةِ والْحَاسِمَةِ! فَجَزَى اللهُ خَادِمَ الحَرَمَينِ الشَّرِفَينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَجَمِيعَ مَنْ حَضَرَ وَتَفَاعَل خَيرًا على وَقْفَتِهِمْ وَمُسَانَدَتِهِمْ وَكَتَب فِي هذِهِ الْقِمَّةِ الْخَيرَ، والْبَرَكَةَ، والْنَّصْرَ، وَالْتَّمْكِينَ. وَلْيَبْشِرْ إخوانُنا في الأرضِ الْمُبَارَكَةِ, بالنَّصرِ والعزِّ والتَّمكينِ, فَاللهُ مَعَكُم ولن يَتِرَكُم أعمَالَكُمْ (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). ألا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَانْتَصِرُوا لِدِينِكُمْ وَإخْوَانِكِمْ وَمُقدَّسَاتِكُمْ، وَأَخْلِصُوا بالدُّعاءِ والتَّأْمِينِ لَهُمْ, فَاللهُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ, وَيَكْشِفُ السُّوءَ. فَلا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إله إلا الله رب السماوات؛ السبع ورب العرش الكريم. اللهم اجعل لأهلنا في فِلَسْطِينَ من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، اللهم إنَّهُمْ مظلومون فانتصر لهم اللهم كن لهم ناصراً ومعيناً ومؤيداً وظهيراً، اللهم إن الصهاينة قد طغوا وبغوا، وقتلوا وأسرفوا واعتدوا, اللهم دُكَّ عُرُوشَهُم واقتلهم بسلاحهم وأحرقهم بنارهم وسلط عليهم جنداً من جندك يا قوي يا عزيز. اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويعادون أولياءك، وأنْزِلْ عليهم عذابك ورجزك إله الحق. اللهم طهر المسجدَ الأقصى من رجز اليهود، اللهم يا من وعدتنا بالإجابة وأمرتنا بالدعاء نسألك يا سميع يا بصير يا لطيف يا أرحم الراحمين ارحم إخواننا المستضعفين في فِلسطِينَ, اللهم اجبر كسرهم، اللهم ارحم نسائهم، اللهم ارحم أطفالهم، اللهم ارحم شيوخهم اللهم عجل بفرجهم، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم أدم على بلاد الحرمين أمنها ورخاءها، ووفق قادتها لما فيه عز الإسلام والمسلمين, اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين, وَاجْزِهِ خَيراً على نُصْرَتِهِ لإخْوَانِنَا فِي فِلسطِينَ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ احفَظْ جُنُودَنَا وَحُدُودَنا واكتُب النَّصرَ والتَّمكِينَ لِجُنُودِنا, ولِجَمِيعِ المُسلمينَ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمناتِ والمسلمين والمسلماتِ الأحياء منهم والأمواتِ يا ربَّ العالمين. (ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ)، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).