تَودِيعُ الحُجَّاجِ , وَأَحْكَامُ عَرَفَةَ, والأَضَاحِي 5/12/1444هـ
الحمدُ للهِ أتمَّ علينا النِّعمَةَ وأَكملَ لنا الدِّينَ, أَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَبُّ العالَمِينَ, وَأَشهَدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُ الله وَرَسُولُهُ الأَمِينُ صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ وأَتبَاعِهِ بِإحْسَانٍ إلى يوم الدِّين. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوى واستَمسِكُوا من الإسلام بالعُروة الوُثقُى:(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). يومَانِ ونُودِّعُ حُجَّاجَنَا, وقُلُوبُنَا تَرْقُبُهم وتَدعُوا لهم, وَتَقُولُ لهم: زوَّدكمُ اللهُ التَّقوى وغَفَرَ ذَنُوبَكُم ويَسَّر لكمُ الخَيرَ حَيثُما كُنْتُمْ, ونَستَودِعُ الله دِينَكُمْ وَأَمَانَاتِكُم وَخَواتِيمَ أَعمَالِكم, وإنَّا مَعاشِرَ الحُجَّاجِ نُبَشِّرُكُم بِبِشَارَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ لَكُمْ حَيثُ قَالَ: «الحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ». فاحْرِصْ أيُّها الحاجُّ الكريمُ: أنْ يكونَ حَجُّكَ كذلكَ بأنْ تَبتغِيَ به وجهَ اللهِ تَعَالى وَالدَّارَ الآخرةَ ,لا رَيِاءَ فِيهِ وَلا سُمْعَةً! وَلا تَفَاخُرَ فِيهَا ولا فَوضَى قُل: «اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةً». احْرِص على إتباع سُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ الْمَنَاسِكِ فَهُوَ القَائِلُ: «خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ». أَكْثِرُوا أيُّهَا الحُجَّاجُ: مِن ذِكْرِ اللهِ تَعَالى وَمِنَ التَّكبِيرِ والتَّلبِيَةِ, فَقَدْ قَالَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَجُّ». والعَجُّ: رَفْعُ الصَّوتِ بالتَّلْبِيَةِ. والثَّجُّ: إرَاقَةُ دَمِ الهَدْي والنُّسُكِ, وَتَعلَّموا أَحكَامَ الحَجِّ حتى تَعبُدُوا اللهَ على عِلمٍ وبصيرةٍ.
أيُّها الحَآجُّ الْمُبَارَكُ: ابْتَعِدْ عَن الآثَامِ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ, وَتَحَلَّ بِالصَّبرِ الجَمِيلِ وَأَحسِنْ إلى عِبَادِ اللهِ بِكُلِّ مَا تَسْتَطِيعُ تَعلِيمَاً وإرشادَاً وإطعَامَاً وإيواءً, سُئلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ: مَا بِرُّ الحَجِّ؟ قَالَ: «إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإفْشَاءُ السَّلامِ وَطِيبُ الْكَلاَمِ». تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْقَولِ والْعَمَلِ.
أَيُهَا الْمُسلِمُونَ, لَئِنْ مَضَى الحُجَّاجُ لِلأَجْرِ وَالغَنِيمَةِ فَفَضْلُ اللهِ وَاسِعٌ وَجُودُهُ لَيسَ لَهُ حَدٌّ فقد شَرَعَ لَنَا رَبُّنَا صَيَامَ يَومِ عَرَفَةَ, وَجَعَلَهُ مُكَفِّراً لِذُنُوبِ سَنَتَينِ كَامِلَتَينِ! كَمَا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَلَمْ تَعْلَمُوا يَا مُسلِمُونَ, أَنَّ يَومَ عَرَفَةَ هُوَ يَومُ إكْمَالِ الدِّينِ, وَإتْمَامِ النِّعمةِ! فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ يَومٍ أَقْسَمَ اللهُ فِيهِ فَقَالَ تَعَالَى: وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ،قَالَ : (الشَّاهِدُ يَومُ الجُمُعَةِ، وَاليَومُ الْمَشهُودُ يَومُ عَرَفَةَ)، رَواهُ التَّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الألبَانِيُّ. وَمَا أَجَلَّهُ مِن يَومٍ يُبَاهِي اللهُ فِيهِ, وَيَستَجِيبُ فِيهِ, وَيَغْفِرُ فِيهِ, وَمَا رُئِيَ إِبلِيسُ في يَومٍ هُوَ أَحقَرَ وَلا أَغيَظَ مِنهُ فِي يَومِ عَرَفَةَ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَرَى مِن تَنَزُّلِ الرَّحماتِ وَتَجَاوُزِ اللهِ عَنِ السَّيئاتِ, َعَن عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:(مَا مِن يَومٍ أَكثَرُ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثم يُبَاهِي بهم الْملائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ ابنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: العِتْقُ مِنَ النَّارِ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْمُسلِمِينَ بِحمْدِ اللهِ تَعَالَى.
اللهُ أكبرُ يا مؤمنونَ, يَومُ عَرَفَةَ فِيهِ أَفضَلُ الدُّعَاءِ وَأَرجَى الْمَسأَلَةِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ:(خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ). رَواهُ التَّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الألبَانِيُّ.
ومن أحكامِ صيامِ يومِ عرفةَ أنَّهُ يَجوزُ أنْ يُفرَدَ بالصِّيامِ وحدهُ، لأنَّ صَومَهُ سُنَّةٌ مُستَقِلَّةٌ، وَمِن أَحْكَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ صِيَامُهُ وَلَو كَانَ عَلى الْمُسلِمِ قَضَاءٌ مِن رَمَضَانَ, قَالَ شَيخُنَا ابْنُ العُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: "مَنْ صَامَ يَومَ عَرَفَةَ, وَعَليهِ قَضَاءٌ مِن رَمَضَانَ فَصِيامُهُ صَحِيحٌ، وَلَو نَوَى أَنْ يَصُومَ هَذَا اليَومَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ حَصَلَ لَهُ الأَجْرَانِ: أَجْرُ يَومِ عَرَفَةَ، وَأَجْرُ القَضَاءِ".
عِبَادَ اللهِ: عظِّمُوا يَومَ عَرَفَةَ وَصُومُوهُ لِلهِ تَعَالَى وَحُثُّوا أَولادَكُم وَأَهلِيكُم عَلى ذَلِكَ, ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ . وَادْعُوا اللهَ وَأَنْتُم مُوقِنُونَ بِالإجَابَةِ، فَإنَّ اللهَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، نَحْنُ نَدْعُو الإلهَ فِي كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ نَنْسَاهُ عندَ كَشْفِ الكُرُوبِ
كَيفَ نَرجُو إجَـابَةً لِدُعَـاءٍ قَدْ سَدَدْنَا طَرِيقَهَـا بالذُّنُوبِ
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا اللهُ واللهُ أكبرُ واللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ, أقولُ ما تَسْمَعُونَ واستغفرُ الله لي ولكم فاستغفروه إنَّه هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وحدَهُ, أَشهدُ ألا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ سُبحانَهُ وبِحمدِهِ, وأَشهدُ أنَّ مُحمدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ, صلَّى اللهُ وسلَّم وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصَحبِهِ, وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ, أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مُؤمنونَ واشكروا اللهَ على نِعَمِهِ وفَضلِهِ, وَأَبْشِرُوا يا مُؤمِنَونَ: فَقَدْ شَرَعَ لَنا ربُّنا ذَبْحَ الأَضَاحي التي هي مِن أَعْظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ وَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إبراهيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ:(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وَقَدْ تَفَضَّلَ عَلَينَا رَبُّنَا بالتَّقرُّبِ إليهِ بِذبْحِها فَقَالَ:(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ). وَهِيَ مِن أَجَلِّ العِبَادَاتِ وأَحبِّها إلى اللهِ تَعَالَى!
وَقَدْ قَالَ بِوُجُوبِها عَدَدٌ من العُلَمَاءِ لقولِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ, فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». رَوَاهُ ابنُ مَاجَةَ وَحَسَّنَهُ الألبَانِيُّ.
قَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: وَالقَولُ بِالوُجُوبِ أَظهَرُ بِشَرْطِ القُدرَةِ, أَمَّا الْمَدِينُ فإنَّه لا تَلزَمُهُ الأُضحِيَةُ، بل إنْ كانَ عَليهِ دَينٌ فَينبَغي أَنْ يَبدَأَ بالدَّين قبلَ الأُضْحِيَةِ.
أيُّها الكرامُ: وبعضُ إخوانِنا قَد يَتَذَمَّرُ مِن ارْتِفَاعِ أَسْعَارِ الأَضاحِي! فَيجعَلُ ذلك مُبرراً لِعدمِ الشِّراءِ وهو قَادِرٌ! والعَجِيبُ أنَّنا قد نُنفِقُ أَضعَافَ هذهِ الْمَبَالِغَ في قِطعةِ أَثَاثٍ مَنْزليَّةٍ أو في سَفْرَةٍ عَائِلِيَّةٍ! ونَتَكاثرُ سِعرَ أُضحيةٍ سنويَّةٍ! فَدَعْ عَنْكَ كَيدَ الشَّيطانِ, وبَعضُنا قد يُفَاخِرُ بِالأَسْعَارِ عِنْدَ النَّاسِ فَيَقولُ: اشتَريتُ بِأَغْلَى الأَثْمَانِ, أَو أَطْيَبِ مَا فِي السُّوقِ, فَكأَنَّهُ يَمُنُّ بِذَلِكَ على اللهِ, واللهُ تَعَالَى هُوَ الذي يَمُنُّ عَلَينا أَنْ هَدَانا لِلْإِيمَانِ.
عِبَادَ اللهِ: وإنَّ لِلأضاحِي أَحْكَامٌ وَحِكَمٌ: فَمِنْ أَحْكَامِهَا أنَّ الأصلَ أنَّهَا تكونُ عَن الأَحْيَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يُشرِكَ مَعَهُ فِي الأَجْرِ مَنْ أَرَادَ أَحْيَاءً وَمَيِّتِينَ, لِذَا أَنْصَحُكُمْ أَنْ تُشرِكُوا مَعَكُمْ والِدِيِكُم في كُلِّ عملٍ صالِحٍ فَفَضلُ اللهِ واسِعٌ, وجُودُهُ ليسَ لهُ حدٌّ. وَيُشتَرَطُ في الأَضاحي أنْ تكونَ من بَهيمةِ الأَنعامِ وهي الإبلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ, وَأَنْ تَبلُغَ السِّنَّ الْمُعتَبَرَ شَرعَاً, وَأَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِن العُيوبِ فَقَد سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا يُتَّقَى مِن الأَضاحِي فَأَشَارَ بِيدِه فَقَالَ: «أَرْبَعَاً الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي» صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ. وَيُشْتَرطُ فِي الأُضْحِيَةِ أَنْ تَكُونَ مُلْكَاً لِلمُضحي أو مَأذُونَاً لَهُ فيها. وبعضُهم يَتَأَخَّرُ في تَسديدِ الْمَبلغِ أو يُمَاطِلُ وَهَذا لا يَجُوزُ أَصْلاً فَكيفَ إذا تَعلَّقَ بِنُسُكٍ! وآخِرُ الشُّروطِ أَنْ يَكُونَ الذَّبحُ في الوَقتِ الْمُحدَّدِ شَرعاً مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ, قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكَ فِي شيءٍ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
عبادَ اللهِ: طِيبُوا بِالأُضْحِيَةِ نَفْسَاً واستَسمِنُوها وأَخْلِصُوا بِهَا للهِ تَعَالَى: «فإنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّباً». تَقَبَّلَ اللهُ منَّا ومنكم صالِحَ القولِ والعمَلِ.
أيُّها الْمُؤمِنُونَ: عِيدُ الأَضحى شِعَارُنا, وَنَتَقَرَّبُ بِه إلى اللهِ فحضورُهُ عِبَادَةٌ, والتَّخَلُّفُ عنهُ خَسَارَةٌ, وَقَد أَمَرَنَا رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِحُضُورِهِ, وَأَمَرَ العَواتِقَ وهُنَّ البَنَاتُ البَالِغَاتُ, وَذَوَاتَ الخُدُورِ وهنَّ الصَّغيراتُ, حَتَّى الحُيَّضَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يَخْرُجنَ لِصَلاةِ العِيدِ وَأَنْ يَشْهَدْنَ الخَيرَ ودَعْوَةَ الْمُؤمِنِينَ! فَكيفَ بِالشَّبَابِ وَالرِّجالِ الأَقْوِيَاءِ, وَيُسَنُّ لَنَا مَعاشِرَ الرِّجَالِ الاغتِسَالُ والتَّطيُّبُ ولُبسُ أَحْسَنِ مَا نَجِدُ, أَمَّا النِّساءُ فَيَخرُجنَ مُحتَشِمَاتٍ غيرَ مُتَطَيِّبَاتٍ, والسُّنةُ أن نَذْهَبَ مَشْيَاً على الأَقدَامِ ولا نَأْكُلَ شَيئَاً قَبلَ الصَلاة حتى نَأكُلَ من الأُضحيةِ وأنْ نَذهبَ من طَريقٍ ونَعودَ من آخرَ. أيُّها الكرامُ: وَسَتُقامُ صَلاةُ العِيدِ فِي هَذا الجَامِعِ بِإذْنِ اللهِ تَعَالَى مَعَ عَدَدٍ مِن الجَوامِعِ والْمُصَلَّيَاتِ في تَمَامِ السَّاعةِ الخامِسَةِ وَثَلاثِينَ دَقِيقَةً.
عبادَ اللهِ: أَكْثِرُوا مِن ذِكرِ اللهِ تَعَالَى, فَهُوَ شِعَارُ هذهِ الأَيَّامِ الْمَعلُوماتِ, ومن أفضَلُ أعمالِها! وَارْفَعُوا أَصْوَاتَكُم بِذلِكَ خاصَّةً عند الخُروجِ لصلاةِ العيدِ, فقد كان رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَخرَجُ في العيدِ رَافِعَا صوتَهُ,
فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم اجعلنا ممن يستمعُ القولَ فيتبعُ أحسنَه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا والمسلمين أجمعينَ. اللهم سهِّل على الحُجَّاجِ حَجَّهم, وَيَسِّر لهم أمورَهم, وَوَفِّقْ وُلاتَنا لِما تُحبُّ وترضى, وأعنهم على البر والعدلِ والتقوى, اللهم مَن أرادنا وَدِيننا وَأمننا يسوء فأشغلهُ في نفسه, اللهم انصر جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمسلمين أجمعينَ. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عِبَادَ اللهِ: اذْكُروا اللهَ يَذْكُركُمْ، وَاشْكرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُم وَلَذِكرُ اللهِ أَكبَرُ، واللهُ يعلَمُ مَا تَصنَعونَ.