بِنَاءٌ شَامِخٌ لِبَيتٍ عَتِيقٍ 4/11/1443ه
ـ
الحمدُ للهِ جَعَلَ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ, رَبَطَ فيها أَعظَمَ الأَركَانِ, أَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ, وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ بعثهُ اللهُ رحمَةً وَأَمَانَاً لِلإنْسِ وَالجَآنِّ, صلَّى اللهُ وسلَّمَ وَبَارَك عليهِ, وعلى جميعِ الآلِ والأصْحَابِ والتَّابِعِينَ لَهم بِإحْسَانٍ.
أَمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مُسلِمُونَ: وَاحْمَدُوا اللهَ على نِعْمَةِ الإسْلامِ.
عبادَ اللهِ: يَجُرُّنَا الشُّوقُ دَومَاً إلى البَيتِ العَتِيقِ, أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ! فَمَا السِّرُّ يا تُرى فِيهِ؟ وكيفَ تَمَّ بِناؤهُ؟
هذا البيتُ يا مُسلِمونَ: صِلَةٌ وَثيقَةٌ بينَ أَنبِياءِ اللهِ جَمِيعاً, فلقد حجَّ إليهِ جَمْعٌ من الأنبياءِ وصَلَّوا فيهِ وطَافُوا بينَ أركانِهِ! ولِبنائهِ قِصَّةٌ لا تُمَلُّ! تَبْدَأُ القِصَّةُ حِينَ قَرَّرَ إبراهيمُ الخليلُ عليهِ السَّلامُ أنْ يُهاجِرَ بِهَاجَرَ وابنَها إِسمَاعِيلَ, إلى البُقعَةِ المُبَارَكَةِ! روى البُخَارِيُّ في صَحَيحَهِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما حديثاً بمعناهُ قالَ: جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بِهَاجَرَ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهْيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ, وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابَاً فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا إلى الشَّامِ فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ، وَلاَ شَيْءٌ, وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَتْ: إِذاً لاَ يُضَيِّعُنَا ,ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وقَالَ:(رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ). وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى فَانْطَلَقَتْ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فَقَامَتْ عَلَيْهِ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَداً! فَلَمْ تَرَ أَحَداً, فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا! فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ! قَالَ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا). فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ صَهٍ ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غُوَاثٌ أَغِثنِي فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ جبريلَ عليه السَّلامُ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ! فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وتَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ وَهْوَ يَفُورُ! قَالَ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ، أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنَاً مَعِينَاً).فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ يعني الهَلاكَ فَإِنَّ هَاهُنَا بَيْتَ اللهِ يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلاَمُ وَأَبُوهُ وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيِّعُ أَهْلَهُ، فَكَانَتْ تتغذَّى بِمَاءِ زمزمَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُم, فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ قَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ قَالُوا: نَعَمْ: (فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهْيَ تُحِبُّ الإِنْسَ). فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلاَمُ, وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ الخليلُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يبحثُ عن مَملُوكَتِهِ وَوَلَدِهِ فَلَمْ يَجِدْ منهم أحداً, حتى اهتدى إلى دارِ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرُ عَتَبَةَ بَابِهِ! فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَأَلَنَي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ, فأَوْصَاني أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكَ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَطَلَّقَهَا! وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السَّلامُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْ عِيشَتِهِم فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ خيرا. قالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ وَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ فقَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ, وهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكَ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ, ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السَّلامُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبَاً مِنْ زَمْزَمَ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ قَالَ وَتُعِينُنِي؟ قَالَ وَأُعِينُكَ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا وكانُ عُمْرُ ابراهيمَ آنذاكَ مِائَةَ سَنَةٍ وإسمَاعِيلُ ثَلاثونَ سَنَةً عِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولاَنِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ, وأقامَا البِنَاءَ وَرَفَعَاهُ إلاَّ مَوضِعَ الحَجَرِ الأَسوَدِ فقد رُوي أنَّ الذي أتى بهِ جِبريلُ عليه السَّلامُ, أَمَّا المَقَامُ فقد ثَبَّتَ اللهُ مَوضِعَ قَدَمَيْ إبراهيمَ لِيكُونَ آيةً وعبرَةً, فَلَمَّا فَرَغَ إبراهيمُ من البِنَاءِ جَاءَهُ جِبريلُ فَأَراهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّها ثُمَّ قَالَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ, قَال ومَا يُبلِّغُ صَوتِي؟ قالَ أذِّن وَعَلَينَا البَلاغُ! فَأسَمعَ اللهُ صوتَهُ مَا بَينَ السَّمَاءِ والأرضِ ومَن في الأَصلابِ والأرحامِ:(أفلا تَرونَ النَّاسَ يَجِيئُونَ مِن أَقصَى الأَرضِ يُلبُّونَ). وهكذا تَمَّ البناءُ, فكانَ قِبلَةً لِلمسلمينَ, قالَ اللهُ تَعَالى:(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ).أقولُ ما سمعتم واستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفور الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية: الحَمدُ للهِ حَقَّ حَمْدِه، أَشْهَدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ تَعظيمَاً لِمجدِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ إقْرَاراً لِحَقِّهِ, صَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أمَّا بعدُ. فيا عِبَادَ اللهِ التَزِمُوا تَقْوَى اللهِ تَعالى, فمن أعظَمِ مَقَاصِدِ الحجِّ أنَّهُ يُرَبِّينا على تَقوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ.
عِبَادَ اللهِ: تَستقبِلُ مَكَّةُ قَرِيبًا وُفُودَ الحَجِيجِ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللهُ تَعَالَى: (يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ). جَاءوا لِيُأَدُّوا خَامِسَ الأركانِ, طَامِعِينَ في تَكفيرِ الخَطَايَا وَبُلُوغِ الجِنَانِ. فَمَنْ دَخلَ مِنْهُم مَكَّةَ كَانَ آمِنَاً بِأمانِ اللهِ لها! لأنَّ مَنْ هَمَّ فيها بِظُلْمٍ أَذَاقَهُ اللهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ! فَكيفَ بِمن ظَلَمَ فيها وأَفْسَدَ؟ كيفَ بمن يَحتَالُ على الحُجَّاجِ والمعتَمِرينَ ويَأكُلُونَ حُقُوقَهم, ويَغُشُّونَهم في عُقُودِهم وَمُعَامَلاتِهِمْ!؟
عبادَ اللهِ: لقد بقيَ البيتُ بِحمدِ اللهِ شامِخَاً عزيزاً تَعَاقَبَتْهُ أُمَمٌ ودُولٌ حتى جَعَلَ اللهُ لِبلادِنا ووُلاتِنا شَرَفَ خِدْمَةَ الحرمينِ الشَّريفينِ, فكانَ مَصْدَرَ عزٍّ لها وَبَرَكَةٍ عليها, فَجَزَى اللهُ خيراً كلَّ مَنْ أَخْلَصَ وَبَنَى وَبَارَكَ في جُهُودِهِمْ,
يا مؤمنونَ: من قِصَّةِ بناءِ الكعبةِ يَتَبَيَّنُ امتِثَالُ الأَمرِ والعُبودِيَّةُ للهِ تَعَالى.
البيتُ العتِيقُ: يُذَكِّرُنا بِالْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ فقد آمَنَتْ أُمُّ اسْمَاعِيلَ واستَسلَمَت لأَمرِ اللهِ فَبَنَتْ رِجَالاً. بِنَاءُ الكعبةِ يَرْبِطُ النَّاسَ بِدينٍ واحدٍ وقبلَةٍ واحِدَةٍ, فَيزْدَادُونَ تآلُفاً واتِّحاداً وقوَّةً:(وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).
بِنَاءُ البَيتِ يُذَكِّرُنَا بِفَضْلِ الصَّلاةِ فِيهِ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ».
بِنَاءُ البَيتِ: يُذَكِّرُنَا بِوُجُوبِ تَعْظِيمِهِ وَتَحْرِيمِ الإلحادِ فيهِ بِأيِّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ ظَاهِرَةٍ أو خَفِيَّةٍ, وَأَنْ يُطَهَّرَ البَيتُ وَمَا حَولَهُ مِنْ الأَقْذَارِ، والأنْجَاسِ، وَمَظَاهِرِ الفِسْقِ، والْمُجُونِ.
عبادَ اللهِ: بِنَاءُ البَيتِ يُذَكِّرُنَا بِوُجُوبِ وَفَرْضِيَّةِ الحَجِّ إليهِ: ومن رحمةِ الله بِنَا أنَّ فَرْضَهُ مرَّةً وَاحِدَةً في العُمُرِ, والْمُتَأمِّلَ لحالِ إخوانٍ لنا لازالوا يُسوِّفونَ ويؤجِّلونَ لأعذارٍ وَاهِيَةٍ! فما دُمتَ مُستطيعاً فأدِّ ما افترض الله عليكَ, فأَنتَ تُؤَخِّرُ الحجَّ عاماً بعد عامٍ ولا تَدْري ما يَعرِضُ لكَ! فَنحنُ بِحمْدِ اللهِ بِأَمْنٍ وَغِنَى, وَقُربٍ وَتَسهِيلاتٍ, وَغيرُنا يَقُدُمُ مِنْ شَتَّى البِلادِ, وَرُبَّمَا يَدْفَعُ كُلَّ مَا يَملِكُ؟ فَبادِر بِأَدَاءِ ما افتَرَضَ اللهُ عليكَ, وَأَنْفِقْ وَلا تَبْخَلْ عَلى نَفْسِكَ وَأهْلِ بَيتِكَ فَاللهُ يَخْلِفُ عَليكَ خَيرًا وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ. فاللهم تقبل منا إنكَ أنت السميع العليم وتب علينا إنكَ أنت التوابُ الرحيمُ, اللهمَّ لا تَجعل الدُّنيا أَكبرَ هَمِّنا ولا مَبلَغَ عِلمِنَا، ولا تَجعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ والرَّخاءِ والاستقرارِ, وأصلحْ لنا وُلاتَنَا وهيئ لِهُم بِطَانةً صَالحةً نَاصِحَةً واجعلهم رَحمةً على رعاياهم. اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ. واغفر لنا ولِوالدينا والمسلمينَ أجمعينَ. ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .