خِتَامُ رَمَضَانْ 28/9/1443ه
ـ
الحمدُ لله على جَزِيلِ عَطَائِهِ, أَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ نَرجُوا بها النَّجاةَ يومَ لِقَائِهِ, وَأَشهدُ أنَّ محمدا عبدُ الله وَرَسُولُهُ الدَّاعي إلى جَنَّتِهِ وَمَرضَاتِهِ, صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وأَصْحَابِه وَأَتبَاعِهِ, أَمَّا بَعْدُ. فَاتَّقوا اللهَ القَائِلَ: أَيَّامًا مَعْدُودَات . فَتقوى اللهِ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ، ٍ بِالأَمْسِ أَقبَلَ مُشرقَ الْمِيلادِ شَهْرُ التُّقاةِ ومَوسِمُ العُبَّادِ
وَاليومَ شَدَّ إلى الرَّحِيلِ مَتَاعَهُ قد زوَّدَ الدُّنيا بخيرِ الزَّادِ.
فَالَّلهُمَّ لَكَ الحمْدُ عَلى صِحَّةِ الأَبْدَانِ, وَأَمْنِ الأَوطَانِ, وَسَعَةِ الأَرْزَاقِ, وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ. أَمْطَارٌ وَخَيْرَاتٌ وَأَجْواءٌ مُعْتَدِلَةٌ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَلَكَ الْشُّكْرُ.
فَسَلامٌ عليكَ يا رَمَضَانُ: فَهَنِيئًا لِمَن زَكتْ فِيهِ نَفْسُهُ، وَرَقَّ قَلبُهُ، وَتهذَّبَتْ أَخْلاقُهُ، وَعَظُمَت لِلخِيرِ رَغبتُهُ، هنيئًا لِمَنْ عَفَا عَنْهُ الكَرِيمُ، وَأَعْتَقَ رَقَبَتَهُ مِنْ النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ: بَعْضُ الصَّائِمينَ لا يَستَوعِبُ قُربَ انتِهاءِ رَمضَانَ إلَّا إذا تَحَدَّثْنَا عن زَكاةِ الفطْرِ والعيدِ، وَمَا علِمَ أنَّهُ واللهُ أَعْلَمُ أنَّ بَقِيَ يَومَانِ فَقَطْ! فَإلى مَتى التَّسويفُ والتَّغافُلُ؟
فَ مَنْ فَاتَهُ الزَّرْعُ في وَقْتِ البَذَارِ*فما تراه يحصـدُ إلا الْهَمَّ والنَّدَمَا.
أيُّها الصَّائِمُونَ: في تَودِيعِ رَمَضَانَ فُرصَةٌ للتَّأمُّل فَلَقَدْ عِشْنَا معَ القُرآنِ الكَريمِ تِلاوَةً وَتَدَبُّراً فَآمَنَّا وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ الحبْلُ وَالحيَاةُ, والنُّورُ والنَّجاةُ كَمَا وَصَفَهُ اللهُ بِقَولِهِ تَعَالى:(قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ*يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). فَهَلْ يَسُوغُ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ أن نَبْتَعِدَ عَنْ كِتَابِ ربِّنَا ونَتَّخِذَهُ وَرَاءَنَا ظِهرِيَّا! في الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:" تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ". يا مُسلِمُونَ: وأنتم تودِّعونَ شَهْرَ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ! أَيْقِنُوا أَنَّهُ لا صَلاحَ لِلأحْوَالِ وَلا اسْتِقْرَارَ لِلشُعوبِ إلاَّ بالتَّمسُّكِ بِالعَقِيدَةِ وَاتِّخَاذِ القُرْآنِ مَنْهَجًا، وَجَعْلِ العَدْلِ مَسلَكاً كَمَا قَالَ رَبُّنا: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
أيُّها الصَّائِمون: لَقَدْ بَاتَتْ مَسَاجِدُنَا في رَمَضَانِنَا هَذا مَلْئ بِالْمُصَلينَ وَبالدُّعَاءٍ والقُرْآنِ وَالذِّكْرِ, حَتَّى الْحَرَمَانِ الشَّرِيفَانِ لَمْ يَشْهَدَا زِحَامًا وَفَرَحًا بِفَكِّ الْحَظْرِ عَنْهُما كَمَا فِي رَمَضَانِنَا هَذاَ! نَعَم هذا دِينُ اللهِ وَهَذِهِ فِطْرَةُ الْمُسْلِمِينَ التي فَطَرَهُمُ اللهُ عَليهَا وَصَبَغَهُمْ بِهَا. (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) حَقًّا أَنْتَ يَا رَمَضَانُ مَدْرَسَةٌ عَظِيمَةٌ رَبَطَّتَ الصَّائِمَ بِصَلاتِه وَدِينِهِ, فَقَدْ فَرِحْنَا بِإخْوَانٍ لَنَا كَانُوا تَخلَّفُوا عن جَمَاعَتِنا بِتْنَا بِحمْدِ اللهِ نَرَاهم مَعَنَا رُكَّعًا سُجَّدا! فَرَبُّكَ يُخَاطِبُكَ بِقَولِهِ:(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا).
أيُّها الصَّائِمونَ: عَلَّمَنَا رَمَضَانُ أَنَّ في شَبَابِنَا خَيراً كثيراً فَعَشَرَاتُ الشَّبَابِ في الْمَسَاجِدِ معتَكِفُونَ. وَلِرَبَّهم سَاجِدونَ, قَد انقطَعُوا لِلْعِبَادَةِ رَغْمَ الصَّوارِفِ والْمُغْرِيَاتِ والْمُلْهِيَاتِ. فاحْرِصُوا عَلَيهِمْ فَهُمْ أمَلُ الأُمَّةِ وَعِزُّهَا وَتَاجُهَا فَلْنَحْرِصْ على تَرْبِيَتِهِمْ وَتَشْجِيعِهِمْ.
أيُّها الصَّائِمونَ: عَلَّمَنَا رَمَضَانُ الجودَ وَالبِرَّ والإحْسَانَ فَهذا مُتَصَدِّقٌ بِمَالِهِ, وَآخَرُ مُفَطِّرٌ لإخْوانِهِ, وَسَاعٍ عَلى الأَرَامِلِ والْمَسَاكِينِ! فَهَلْ نَدَعُ تِلْكَ الصِّفَاتِ العَالِيَةِ وَالأَخْلاقِ الحَمِيدَةِ؟ واللهُ يقولُ: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
أيُّها الصَّائِمُونَ: مَنْ اجْتَهَدَ بِالطَّاعَةِ فَلْيَحْمَدِ اللهِ عَلَيها وَلْيَزْدَدْ مِنْهَا وَلْيَسْأَلْ رَبَّهُ القَبُولَ فَإنِّما :(يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).ولَمَّا نَزَلَ قَولُ اللهِ تَعَالى:(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ). قَالَتْ أُمُّنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَهُمُ الذينَ يَشرَبُونَ الخمرَ وَيَسرِقُونَ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:" لا يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، ولَكنَّهم الذين يَصُومُون ويُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقونَ وَيَخَافُونَ ألاَّ يُقبَلَ منهم أُولَئِكَ الذين يُسارِعُونَ في الخَيراتِ". قَالَ عَليُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "كُونُوا لِقَبُولِ العَمَلِ أَشَدَّ اهْتِمَامًا مِنْكُمْ بِالعَمَلِ". فَالَّلهُمَّ تَقَبَّلْ منَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ, وَتُبْ عَلَينَا إنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية: الحمدُ للهِ الذي بِنَعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالحاتِ, أَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ واسِعُ العَطَايا وجَزِيلُ الهِبَاتِ, وأَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ الله وَرَسُولُهُ نَبيُّ الفَضَائِلِ وَالْمَكرُمَاتِ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْهُدَاةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يَومِ الْمَمَاتِ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ وَرَاقِبُوا ربَّكُمْ وَلا تَعْصُوهُ. وَارْجُوا رَبَّكُمْ وَلا تَكْفُرُوهُ, فَإنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ فِي هذا الشَّهْرِ الْمُبَاركِ فَزِدْ, وإنْ كُنْتَ قَدْ أَبْعَدتَّ فَعُدْ, فَأَقْبِل عَلى رَبِّكَ وَتَضَرَّعْ إليهِ وَتَقَرَّبْ مِنْهُ فَفِي الْوَقْتِ مُتَّسَعٌ, وَرَبُّنَا قَرِيبٌ كَرِيمٌ مُجيبٌ, وَأَبْشِرْ:(فَإنَّما الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ). ألا وَإنَّ أَعْظَمَ مَا تُودِّعُ بِهِ شَهْرَكَ: الإكْثَارُ مِنْ كَلِمَةِ التَّوحِيدِ وَالاسْتِغْفَارِ، فَقَد جَمَعَ اللهُ بَينَهُمَا بِقَولِهِ:(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ). وَبَعْدَ إتْمَامِ الصِّيَامِ يَقُولُ رَبُّنَا:(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).فَشَرعَ لَنَا رَبُّنَا زَكَاةَ الفِطْرِ عَلى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالحُرِّ وَالعَبْدِ صَاعًا مِن تَمْرٍ أَو صَاعًّا مِن شَعِيرٍ وَأَفْضَلُ وَقْتٍ لإخْرَاجِهَا صَبَاحُ العِيدِ، وَتَجوزُ قَبْلَهُ بِيَومٍ أَو يَومَينِ وَجَزَى اللهُ القَائِمِينَ عَلَى جَمْعِيَّةِ البِرِّ الخيريَّةِ, وجَمْعِيَّةِ فَائض فَهُمْ يَسْتَقْبِلُونَ زَكَاةَ الفِطْرِ وَيَقُومُونَ بِإيصَالِهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا, وَقَدْ سَهَّلُوا عَليكُمْ مَهَمَّةَ الشِّرَاءِ بِتَوكِيلِهِمْ عَبْرَ الْمَتَاجِرِ الإلكْتُرُونِيَّةِ. فَطِيبُوا بهَا نَفْسًا فَهِيَ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِن الَّلغْوِ وَالرَّفَثِ, وَإخْرَاجُهَا شُكْرٌ للهِ عَلى مَا أَنْعَمَ وَأَتَمَّ مِنَ الصِّيامِ, وَهِيَ إحْسَانٌ لِلفُقَراءِ وَالْمَسَاكِينِ وَإغْنَاءٍ لَهُمْ عَنْ السُّؤالِ.
أَيُّهَا الصَّائِمُونَ: اسْعَدُوا بِالعِيدِ فَعِيدُنَا شُكْرٌ للهِ وَفَرَحٌ بِفَضْلِهِ وَتَيْسِيرِهِ, فَيُسَنُّ لَكَ أَنْ تَفْرَحَ بِهِ وَأَنْ تُوسِّعَ عَلَى أَهْلِكَ وَأَولادِكَ، وَأَنْ تَتَجَمَّلَ بِلِبْسَ أَحْسَنَ لِبَاسَكَ، وَيُسَنَّ لَهُ الاغْتِسَالُ وَالتَّطيُّبُ وَأَكْلُ تَمَرَاتٍ وِتْرًا قَبْلَ خُرُوجِكَ لِلصَّلاةِ شُكْرًا للهِ وَامْتِثَالاً لأَمْرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
عِبَادَ اللهِ: احْضُرُوا صَلاةَ العِيدِ رِجَالًا وَنِسَاءً وُجُوبًا, حَتَّى النِّسَاءَ الحُيَّضُ أَمَرَهُنَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالخُرُوجِ لِصَلاةِ الْعِيدِ لِيَشْهَدْنَ الخَيرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى! فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا. (وَالْعَوَاتِقَ) هِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُمَ أَوْ قَارَبَتْ, أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج. (وَذَوَاتِ الْخُدُورِ) هُنَّ الأَبْكَارُ. والاسْتِدْلالَ بهذا الْحَدِيثِ عَلى وُجوبِ صَلاةِ العِيدِ مِن أَقْوَى الأدِلَّةِ. وَيَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهَا مِنْ غَيرِ عُذْرٍ. قَالَ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ صَلاةُ الْعِيدَينِ كَصَلاةِ الْجُمُعَةِ, وَيَلْزَمُ مَنْ فَاتَتْهُ أَنْ يَقْضِيَهَا رَكْعَتَينِ. قَالَ الشَّيْخُ ابنُ الْعُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: أَرَى أَنَّ صَلاةَ العِيدِ فَرْضُ عَينٍ، وَأَنَّهُ لا يجوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدَعُوهَا.
عِبَادَ اللهِ: قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فَقَدْ شَرَعَ لَنَا رَبُّنَا التَّكْبِيرَ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ لَيلَةَ العِيدِ إلى صَلاةِ العِيدِ. فَأَكْثِرُوا مِنَ التَّكْبِيرِ لَيلَةَ العِيدِ وَصَبَاحَهُ تَعْظِيمًا لِلهِ وَشُكْرًا لَهُ على هِدَايَتِهِ وَتَوفِيقِهِ، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: "حَقٌّ عَلى الْمُسْلِمِينَ إذَا رَأَوا هِلالَ شَوالٍ أَنْ يُكبِّروا". وَاْجْهَرُوا بِهِ في مَسَاجِدِكُمْ وَأَسْوَاقِكُمْ وَمَنَازلِكُمْ وَطُرُقَاتِكُمْ، وَلْتُكَبِّرَ النَّسَاءُ سِرًّا، وَلْيَقْصُرْ أَهْلُ الغَفْلَةِ عَن آلاتِ الطَّرَبِ وَالأَغَاني الْمَاجِنَةِ، وَلا يُكَدِّرُوا أَوقَاتَنَا الشَّريفَةَ بِمَزامِيرِ الشَّيَاطِينِ وَكَلامِ الفَاسِقِينَ. وَقَد تَقَرَّرَ إقَامَةُ صَلاةِ العِيدِ هُنَا بِإذْنِ اللهِ معَ كُلِّ الْمُصَلَّيَاتِ وَالْجَوامِعِ.
أَيُّهَا الصَّائِمُونَ: يَا مَنْ قُمْتُمْ، بُشْرَاكُمْ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ, وَعِتْقٌ وَغُفْرَانٌ؛ فَرَبُّنَا لا يُضَيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً، فَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللهِ، فَقَدْ قَالَ:" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ". ثُمَّ احْمَدوا اللهَ عَلى بُلُوغِ الْخِتَامِ، وَسَلُوهُ قَبُولَ القَولِ وَالعمَلِ, ولا تَمُنُّوا على اللهِ بالعمَلِ، بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ للإيمانِ, وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَولا أَنْ هَدَانَا اللهُ.
أيُّها الصَّائِمُ: بَادِرْ بِالتَّوبَةِ قَبْلَ الخِتَامِ وردِّد:(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).فَاللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ اشْرَحْ صُدُورَنَا لِطَاعَتِكَ وَأَعِنَّا عَلَى أَنْفُسِنَا الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا مِنْ عُتَقَاءِكَ من النَّار فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَريمِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا وَدُعَاءَنَا وَصَالِحَ أَعْمَالِنَا. اللهم اختم لنا شَهْرَ رَمَضَانَ بغفرانِكَ والعتقِ من نيرانِكَ. (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب)، (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).