العَقْلُ نِعْمَةٌ فَاحْفَظُوهُ 24/7/1443هـ
الحمدُ للهِ، أَحَلَّ لَنَا الطَّيباتِ وحرَّم علَينَا الْخَبَائِثَ، بِيَدِه الخَلقُ والشَّرْعُ وَالأَمْرُ، ابْتَلَى العِبَادَ فَأَسْعَدَ وَأَشْقَى، أَشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ تَعبُّدًا لَهُ وَرِقًّا، وَأَشْهدُ أَنَّ نَبيَّنا محمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَحْسَنُ النَّاس خُلُقًا وَأَقْوَمُهمْ خَلْقًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ، وَعلى آلِهِ الأَخْيَارِ وَأَصْحَابِهِ الأَبْرَارِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ وَإيمانٍ وَنَحْنُ مَعَهُمْ إلى يومِ القَرَارِ.
أَمَّا بَعْدُ. أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى وَتَأَمَّلُوا قَولَ الْمَولى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بني ادم وَحَمَلْنَـٰهُمْ في ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَـٰهُمْ منَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً .فَمِنْ تَكْرِيمِ اللهِ لَنَا أَنْ خَلَقَنَا في أَحْسَنِ تَقْويمٍ، وَكرَّمَنَا بِالعْقْلِ السَّلِيمِ الذي نُمَيِّزُ بِهِ النَّافِعَ مِنَ الضَّارِ وَالْخَيرَ مِنَ الشَّرِ, قَالَ الإمَامُ الْقُرْطُبِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيهِ: " التَّفْضِيلُ إنِّما هُوَ بِالعَقْلِ الذي هُوَ عُمْدَةُ التَّكْلِيفِ". فَللهِ الْحَمْدُ والْمِنَّةُ. لِذا فَقَدْ وجَّهنا دِينُنَا إلى الْمُحَافَظَةِ عَلَى عُقُولِنَا، وَأَمَرَنَا بِصِيَانَتِهَا وَحِمَايتِهَا عن كلِّ ما يُخلُّ بها أو يتسبَّبُ في إزالَتِهِا!
عِبَادَ اللهِ: اعْلَمُوا أَنَّهُ إذا حُفِظَ العَقْلُ مِنْ الشُّبُهَاتِ, وَسَيْطَرَةِ الشَّهَواتِ عَلَيهِ, حَافَظْنَا عَلَى بَقِيَّةِ الضَّرُورَاتِ الخَمْسِ التي هِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالعِرْضُ، والْمَالُ. نَعَمْ إذَا حَفِظْنَا الْعَقْلَ سَنَحْرِصُ قَطْعًا عَلَى إنْفَاقِ أَمْوَالِنَا فِيمَا شَرَعَ وَأَبَاحَهُ اللهُ لَنَا. وَنَتَوقَّفُ عَنْ دَفْعِ أَمْوَالِنَا عَنْ كُلِّ مَا يَضُرُّ بِدِينِنَا وَأَجْسَامِنَا وَمَصَالِحِنَا.
العَقْلُ يا عُقَلاءُ: جَوهَرَةٌ ثمينةٌ، نَحُوطُها بِالرِّعَايَةِ وَالْحِمَايَةِ؛ اعْتِرافَاً بِفَضْلِهِ، وَخَوفًا مِن ضَيَاعِهِ وَفَقْدِهِ. وَإذَا مَا أُهمِلَ العَقْلُ وَضَاعَ, انْحَرَافَ الْمَرْءُ, وَوَقَعَ في الرَّذَائِلِ وَالآثَامِ. وَسُبْحَانَ اللهِ, مَعَ تِلْكَ الحقِيقَةِ الرَّاسِخَةِ فَقَد أَبى بَعْضُ التَّائِهِينَ إلاَّ الانْحِطَاطَ إلى الذلَّةِ الْمَهَانَةِ والشَّمَاتَةِ، فَوَضَعُوا العَقْلَ تحتَ أَقْدَامِهِمْ، وَاتَّبَعُوا شَهَوَاتِهم، وَأَعْمَوا أَبْصَارَهُمْ, وَانْسَاقُوا خَلْفَ أَرَاذِلِ النَّاسِ, فَأَزَالُوا عُقُولَهمْ، في كَأْسَةِ خمرٍ، أَوْ جُرعَةِ مُخدِّرٍ، أَو اسْتِنْشَاقِ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ، فَانْسَلَخُوا مِن عَالَمِ الإنْسَانِيَّةِ، وَلَبِسُوا ثَوبَ الإجْرَامِ وَالبَهِيمِيِّةِ! فَكَثِيرًا مَا تُطالِعُنا وَسَائِلُ الإعْلامِ بِإحْبَاطِ رِجَالِ الأَمْنِ البَوَاسِلِ تَهرِيبَ كَميَّاتٍ مَهُولَةٍ مِن الْمُخدِّراتِ والْمُسْكِرَاتِ بِأَشْكَالِها وكَمِّياتِها, وَالقَبْضِ عَلى عَدَدٍ هَائِلٍ مِنَ الْمُوَاطِنِينَ وَالْمُقِيمِينَ مِمَّنْ بَاعُوا دِينَهُمْ وَأَهْلَهُمْ وَوَطَنَهُمْ بِثَمَنٍ بَخْسٍ.
فَيا تُرَى كَمْ سَتُفْسِدُ تِلْكَ الْمُخدِّراتُ والْمُسْكِرَاتُ مِنَ الشَّبابِ؟ وَكَمْ سَتَهْدِمُ مِنَ البُيُوتِ والأَفْرَادِ؟ يَا تُرَى مَنْ وَرَائَهَا؟ مَنْ هُمْ أَدَوَاتُها؟ مَنْهُم ضَحَايَاهُمْ؟ وَلِمَ التَّرْكِيزُ عَلى بِلادِنَا؟ فَجَزىَ اللهُ خيراً كُلَّ مَنْ نَصَحَ وَشَارَكَ, وَأَحْبَطَ وَأَخْبَرَ, وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْمِيَ بِلادَنَا وَشَبَابَنَا وَالْمُسْلِمِينَ عَنْ كُلِّ شَرٍّ وَمَكْرُوهٍ.
أيُّها الْمُؤمِنُونَ: ألا تَعْلَمُونَ أَنَّ آفَةَ والدُّولِ وَالْمُجَتَمَعَاتِ اليومَ هِيَ الْمُسْكِرَاتُ وَالْمُخدِّرَاتُ؟! لأَنَّها أُمُّ الْخَبَائِثِ, وَأَصْلُ الشُّرُورِ وَالنَّكَبَاتِ، وَهِيَ لُغْمٌ خَطِيرٌ، يُفْسِدُ الشُّعُوبَ والْقِيَمَ والأَخْلاقَ! أَلَمْ يَقُلْ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ . وَالْخَمْرُ حَفِظَكُمُ اللهُ هُو: كُلُّ مَا خَامَرَ العَقْلَ وَغَطَّاهُ أَيًّا كَانَ نَوْعُهُ وَاسْمُهُ وَجِسْمُهُ وَجِنْسُهُ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ الْهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ). وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ). وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (كلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبالِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: (عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ) أَو: (عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ). حَقَّاً إنِّها نُصُوصُ زَجْرٍ وَوَعِيدٍ, وَتَخْوِيفٍ وَتَهدِيدٍ! ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ . بَارَكَ اللهُ لَنَا في القُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَبِهَدْيِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ, وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِلمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إنِّهُ هُوَ الْوَلِيُّ الحَمِيدُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلهِ خَلَقَنَا فِي أَحْسَنِ تَقْويِمٍ وَهَدَانَا صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، أَشْهَد أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمُلْكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ, ابْتَلَى العِبَادَ فَأَسْعَدَ وَأَشْقَى، وَأَضَلَّ وَهَدَى, وَلا يَهْلِكُ عَلى اللهِ إلَّا هَالِكٌ سَلَكَ طَرِيقَ الضِّلالِ والرَّدَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الْمُحِبُّ النَّاصِحُ, والْبَرُّ الصَّادِقُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلى جِمِيعِ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلى دَرْبِهِمْ إلى يَومِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ. فَاتَّقُوا اللهَ يَا مُسْلِمُونَ وَخَافُوا اللهَ فِيمَا تَأْتُونَ وَتَذَرُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إنَّكُمْ يَومَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ توعَّدَ اللهُ جَلَّ وَعَلا مُتَعاطي الْخُمُورِ وَالْمُخدِّرَاتِ والْمُسْكِرَاتِ بِعُقُوبَاتٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَأُخْرَوِيَّةٍ، أَفْضَعُها الَّلعْنُ وَالطَّردُ مِن رَحْمَةِ اللهِ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:( أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَها وَحَامِلَهَا وِالْمَحْمُولَةَ إليهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَسَاقِيَهَا وَمُسْتَقِيَهَا). صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ، فَشَرِبَ، فَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ، فَشَرِبَ، فَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ، أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ». صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ.
حُقَّ لِرسولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يومَ أنْ لَعَنَ الْخَمْرَ بِأَشْكَالِها لِأنَّ نَتَائِجَهَا: اغْتِصَابٌ وَسَرِقَاتٌ, وَقَتْلٌ وَإجْرِامٌ, ونَصْبٌ واحتِيالٌ وَفَقْرٌ, وَأُسرٌ لا تَعْرِفُ إلَّا الرُّعْبَ وَالأَلَمَ؛ وتَفَكُّكٌ أُسَرِيٌّ ، وتَشرِيدٌ للأَطفَالِ وَالنِّسَاءِ، وَطَرْدٌ مِن الوَظِيفَةِ، وَفَشَلٌ دِرَاسِيٌّ وَضَيَاعٌ لِلمُسْتَقْبَلِ، وَاخْتِلالٌ في العَقْلِ، وَاكْتِئَابٌ وَهَمٌّ، وقَلَقٌ وَغَمٌّ، واللهِ إنَّها قَصَصٌ مُحزنَةٌ، ونِهايَاتٌ سَيئَةٌ، وَفَضِيحَةٌ في الدُّنيا وَعَذَابٌ في الآخِرَةِ لِمَنْ مَاتَ عَلى ذَلِكَ, وَفَوقَ ذلِكَ كلِّهِ ضَعْفُ إيمانٍ وُبْعدٌ عَنِ الرَّحيمِ الرَّحمانِ! وَصَدَقَ اللهُ حِينَ قَالَ: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
ألا فلتَعْلَمُوا: أنَّ من أعظَمِ أسبابِ انْتِشَارِ هَذا البَلاءِ, ضَعفُ الإيمانِ, وَقِلَّةُ الوَازِعِ الدِّينِيِّ, وَأَصْدِقَاءُ السُّوءِ. فَعَشَرَاتُ التَّائِبينَ يُصدِّرون قَصَصَهم: بِقَولِهم تَعرَّفتُ على قُرَنَاءِ السُّوءِ، وَقَالُوا خُذْ وَجرِّب مَجَّانَاً! وَإهْمَالُ الأَهْلِ وَسُوءُ التَّربيةِ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ انْتِشَارِ هَذا البَلاءِ، وَمَنْ أَرَادَ الدَّلِيلَ فَلْينظُرْ إلى شَبَابٍ وَنِسَاءٍ يَجُوبُونَ الشَّوارِعَ وَفِي الْمَقَاهِي في سَاعَاتٍ مُتأَخِّرَةٍ مِن الَّليلِ! بِلا حَسِيبٍ ولا رَقِيبٍ، وَهَكَذا تَبدَأُ النِّهايَةُ؟ وَمِنْ أَعْظَمِ أَسبَابِ انِتِشَارِهَا تَزينُ وَسَائِلُ الإعْلامِ، فَيَعرِضُونَ الفَنَّانِينَ السَّاقِطِينَ وَفي يَدِ أَحَدِهِمُ كَأْسُ خَمْرٍ أَو سِيجَارَةُ مُخَدِّرٍ, وَمِن الأَسْبَابِ الفَرَاغُ القَاتِلُ, وَالبَطَالَةُ الْمَقِيتَةُ لِكَثِيرٍ مِنْ شَبَابِنَا! وَبَعضُ العَمَالَةِ السَّائِبَةِ، سَبَبٌ في انْتِشَارِ الْمُسْكِرَاتِ وَالْمُخدِّراتِ لِرَغْبَتِهِمْ بِالأَمْوَالِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ!
أيُّها الكرام: وإنَّنَا لَنَدْعُ اللهَ بالتَّوفيقِ لِرِجَالِ مُكَافَحَةِ الْمُخدِّراتِ وَرِجَالِ الْهَيئَاتِ, وَمَنْ يُشارِكُهم مِن جِمْعِيَّاتٍ بِجِدِّ وَتَضْحِيَةٍ لِمُحارَبَةِ هذا الدَّاءِ، وَالقَبْضِ على الْمُجْرِمِينَ الْمُتَعَاطِينَ وَالْمُرَوِّجِينَ, جَعَلَ اللهُ عَمَلَهُمْ في مِيزَانِ حَسَنَاتِهمْ.
إخْوَانِي: إِنَّ الْمُبتَلَينَ بِالمُخَدِّرَاتِ والْمُسْكِرَاتِ مَرضَى يَحتَاجُونَ إِلى رِّعَايَةِ وَعِلاجِ، وَغَرقَى يَتَشَوَّفُونَ إِلى مُسَاعَدَةٍ وَإِنقَاذٍ، وَمِن ثَمَّ فَلا بُدَّ مِن فَتحِ القُلُوبِ لهم، بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَنَصِيحَةٍ مُخلِصَةٍ، وَأَسَالِيبَ مُنَوَّعَةٍ، كَمَا علينا أنْ نَدْعُوَ لهم بالْهِدَايَةِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ شَبَابَنَا، وَكُونُوا أَقوِيَاءَ بِدِينِكُم مُتَوَكِّلِينَ عَلَى رَبِّكُم، وانتَبِهُوا لأَنفُسِكُم وَاحفَظُوا أَغلَى مَا تَملِكُونَ. فاللهم أحفظ علينا دِينَنَا وأخلاقَنا، وعافِنَا في أنفسِنَا وأهلِينا، وقِنَا والمسلمينَ شرَّ هذه البلايا، ورُدَّ ضالَّ المسلمين إليك ردًّا جميلاً. اللهم احفظ بلادَنا وشبَابَنا وَنِسَاءَنا وَالْمُسلِمِينَ من كلِّ شرٍّ ومكروه. اللهم وفِّق ولاةَ أمرِنَا للقضاءِ على الفسادِ والْمُفْسِدِينَ وَاجَعَلْهُم لِشَرْعِكَ مُحَكِّمينَ. الَّلهُمَ قَوِّيِّ عَزَائِمَهُم عَلى الْحقِّ وَالْهُدَى وَالدِّينِ. وَانْصُرْ جُنُودَنَا وَاحْفَظْ حُدُودَنَا والْمُسْلِمِينَ أجْمَعِينَ. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النَّار. عباد اللهِ: اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.