• ×

05:19 صباحًا , الأحد 22 جمادي الأول 1446 / 24 نوفمبر 2024

حافِظُوا على حُصُونِكُمْ 7/4/1443هـ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

حافِظُوا على حُصُونِكُمْ 7/4/1443هـ إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وعلى آلهِ وَأصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإحسَانٍ إلى يومِ الدِّينِ أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(. عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ وَضَعَ إِسْلَامُنَا لأُسَرِنا ومُجْتَمَعاتِنَا حُصُوناً مَنِيعةً، لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَتِهَا؛ وَتَمَسُّكًا بِهَوِيَّتِهَا وَصِبْغَتِهَا التي صَبَغَهَا اللهُ عليها وَأَرَادَهُ مِنْهَا، فَمِنْ أَهَمِّها: أَنْ أَمَرَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ بِغَضِّ الْبَصَرِ؛ دَرْءً للرَّذِيلَةِ وَالْفَحْشَاءِ، وَحِفْظًا لِلفَرْجِ والرَّدَى. فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ). وَجَعَلَ الْقِوَامَةَ بِيَدِ الرِّجَالِ، وِقَايَةً لِأَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مِنَ الْنَّارِ وَالْأَغْلَاَلِ، فَقَالَ رَبُّ العِزَّةِ والجَلالِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ). وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» رَواهُ مُسْلِمٌ. عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ حُصُونِ الْفَضِيلَةِ: أَمْرُ الْمَرْأَةِ أَلَّا تُلَيِّنَ الْكَلَاَمَ مَعَ الأَجَانِبِ، بَلْ تَقُولُ قَوْلاً مَعْرُوفاً، وَأَنْ تَقَرَّ فِي بَيْتِهَا وَأَلَّا تَخْرُجَ مُتَبَرِّجَةً أَوْ مُتَطَيِّبَةً كَعَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُوْلَى، فَقَدْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ لِأُمَّهَاتِنَا الْعَفِيْفَاتِ الطَّاهِرَاتِ: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى). وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا). يا اللهُ أينَ هذهِ التَّوجِيهَاتُ الرَّبَّانِيةَ مَعَ مَا تَقُومُ بِهِ بَعْضُ نِسَاءِ الْمُسْلِمينَ مِنْ تَبَرُّجٍ وَسفُورٍ؟ ألا تُشَاهِدُونَ تَزَاحُمَ نِسَاءٍ فِي المَطَاعِمِ والجَلَسَاتِ؟ ألا يُحْزِنُكُمْ التِصَاقُ النِّسَاء بالرِّجَالِ في الأَسْواقِ والتَّجَمُّعَاتِ؟ إنَّهَا مَسْؤولِيَّتُنا جَمِيعًا! إنَّهُنَّ بَنَاتُنَا وَأَخَوَاتُنَا، وَنَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كلُّكم راعٍ، وكلُّكُم مسؤُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ، ومسؤُولٌ عن رعيَّتِهِ، والرجلُ راعٍ في أَهلِهِ، وهُوَ مُسؤُولٌ عن رعيَّتِهِ، والمرأةُ راعيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها، ومسؤُولةٌ عنْ رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ، وَمَسؤُولٌ عَن رَعيَّتِهِ". ألا فَلنَتَّقِي اللهَ تَعَالى وَلْنَقُمْ بِمَا أَوجَبَ اللهُ عَلينَا تُجَاهَ أَهْلِنَا وَمُجْتَمَعِنَا فَإنَّ الكُلَّ مَسْؤُولٌ، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} أي: بِمَا يَعمَلُونَهُ وَيَنْوُونَهُ سِرًّا، وَسَيُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ. أَيُّها الْمُؤمِنُونَ: وَمِنْ حُصُونِ الْفَضِيلَةِ: تَحْرِيمُ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْهُ، وَتَحْرِيمُ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بِلَا مَحْرَمٍ؛ إِمْعَانًا فِي الصَّوْنِ لَهَا، وَإبْعَادًا لِلتُّهْمَةِ عَنْهَا، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أنَّهُ سَمِعَ الْنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ"متفق عليه. ألا تَسْمَعُونَ: هَلْ رَأيتُمْ دِينَاً أَكْرَمَ الْمَرْأةَ وَصَانَهَا وَحَفِظَهَا وَحَافَظَ عَليهَا كَدِينِ الإسْلامِ؟ فَالَّلهُمَّ أَعِنَّا جَميعًا على أدَاء الأمَانَةِ، وَحَقِّ القِوَامَةِ والرِّعَايَةِ، أصْلِحْ لَنَا نِيَّاتِنَا وَذُرِيَّاتِنَا والْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ. وَبَارَكَ اللهُ لَنَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِسُنَّةِ الهَادِي الأمِينَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُؤمِنِينَ والْمُؤمِنَاتِ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخطبة الثانية: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ. أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: مِنْ حُصُونِ الْفَضِيلَةِ: أَمْرُ الْمَرْأَةِ بِالْحِجَابِ وَلُبْسِ الْجِلْبَابِ؛ صِيَانَةً لَهَا عَنِ الْأجَانِبِ الأَغْرَابِ، قَالَ الرَّبُّ فِي مُحْكَمِ الْكِتَابِ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). يا مُسْلِمُونَ: اسْتَمِعُوا بِقُلُوبِكُمْ إلى كَلامِ الإمَامِ النَّاصِحِ، العَاقِلِ الرَّاجِحِ، الشيخُ السَّعْدِيُّ، رَحْمَةُ اللهِ عَليهِ، وَهُوُ يُبْحِرُ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ وَيُبَيِّنُ مَضَامِينِهَا وَغَايَاتِهَا، يَقُولُ: هَذِهَ الآيَةُ، تُسَمَّى آيَةُ الْحِجَابِ، فَقَدْ أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ، أَنْ يَأَمُرَ النِّسَاءَ عُمُومًا، وَيَبْدَأَ بِزَوجَاتِهِ وَبَنَاتِهِ، لِأَنَّهُنَّ آكَدُ مِن غَيرِهِنَّ، وَلِأَنَّ الآمِرَ لِغَيرِهِ يَنْبَغِيَ عَليهِ أَنْ يَبْدَأَ بِأَهْلِهِ، قَبْلَ غَيرِهِمْ , وَالْجِلْبَابُ: مَا يَكُونُ فَوقَ ثِيَابِ الْمَرْأَةِ مِنْ مِلْحَفَةٍ وَخِمَارٍ وَرِدَاءٍ, يُغَطينَ بِهَا، وُجُوهَهُنَ وَصُدُورَهُنَّ. والْحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ، {أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} فَقَدْ دَلَّ عَلى وُجُودِ أَذِيَّةٍ، إنْ لَمْ يَحْتَجِبْنَ، فَإذَا لم يَحتَجِبْنَ، رَبَّمَا ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُنَّ غَيرَ عَفِيفَاتٍ، فَيَتَعَرَّضُ لَهُنَّ مَنْ في قَلْبِهِ مَرَضٌ، فَالاحْتِجَابُ حَاسِمٌ لِمَطَامِعِ الطَّامِعِينَ فِيهِنَّ. انتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ. عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ). وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ). أي مِنْ وَرَاءِ ساتِرٍ بَيْنَكُم وبَيْنَهُنَّ. فَالْجِلْبَابُ: مَا يُوضَعُ فَوْقَ الثِّيَابِ، فَتُغَطِّي بِهِ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ وَالْبَدَنَ كُلَّهُ وَهِيَ ما تُسَمَّى بِالعَبَاءَةِ. وَأَمَّا الْخِمَارُ: فَهُوَ مَا يُوضَعُ عَلَى الرَّأْسِ وُيْغَطِّي الجَيبَ وَهُوَ فَتْحَةُ الْعُنُقِ. أَيُّهَا الأَخُ الْمُؤمِنُ: وَمِنْ حُصُونِ الْفَضِيلَةِ: مَنْعُ الرِّجَالِ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ المَحَارِمِ، لِقَولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاء"؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أفَرَأيْتَ الحَمْوَ؟ يَعْنِي قَرِيبَ الزَّوْجِ، فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ:" الحَمْوُ المَوْتُ" متفق عليه. ألا فَاتَّقُوْا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَقِفُوا عَلَى دُرُوبِ الْفَضِيلَةِ، وَاحْذَرُوا مَزَالِقَ الرَّذِيلَةِ؛ )ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ الْصَّادِقِ الأَمِيْنِ، وَعَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَالتَابِعِينَ، وَالتَابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِيْنَ.اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ دِينَنَا وَعَقِيْدَتَنَا و بِلَادَنَا وَأخْلاقَنَا وَأَمْنَنَا بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيراً عَلَيْهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيْزُ.اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى والعَفَافَ وَالغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْوَبَاءِ وَالْغَلَاَءِ وَالرِّبَا والزِّنا، وَالزَّلَازِلِ وَالْمِحَنِ وَسُوءِ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن. واذكُرُوا اللهَ يذْكُرْكُمْ واشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ واللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.


 0  0  538
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 05:19 صباحًا الأحد 22 جمادي الأول 1446 / 24 نوفمبر 2024.