• ×

07:52 مساءً , الخميس 24 جمادي الثاني 1446 / 26 ديسمبر 2024

جُمْعَةٌ وَعِيدٌ 1/10/1439هـ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
جُمْعَةٌ وَعِيدٌ 1/10/1439هـ
الحمدُ لله ذي المنِّ والعطاءِ،نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شَريكَ لَهُ تَفَضَّل على الصَّائِمينَ بِحُسْنِ الجَزَاءِ،ونشهدُ أنَّ نبينَا محمداً عبدُ الله ورسوله،إمامُ الحُنَفَاءِ،صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأوفياءِ،والتابعينَ وَمَن تَبِعَهُم بِإحسَانٍ مَا دَامَتِ الأَرْضُ والسَّمَاءُ,أمَّا بَعْدُ:فاتَّقُوا اللهَ يَا مُسلِمُونَ، واسْتَقِيمُوا على الطَّاعةِ،إلى أنْ تَقومَ السَّاعةُ.(واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ هنيئًا لِمَنْ وُفِّق للصِّيامِ والقِيامِ،هنيئًا للتَّائبينَ،فَكَمْ مِن تَائِبٍ قُبِلت تَوبتُهُ، ومُستَغفِرٍ مُحيَت حَوبَته، هَنِيئاً لَنَا جَمِيعَا بِقَولِ نَبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنبِّهِ).قُلُوبُنا يَا مُؤمِنُونَ بَينَ خَوفٍ وَرَجَاءٍ،وَأَلْسِنَتُنَا تَلْهَجُ بالدُّعاءِ أنْ يَتَقَبَّلَ اللهُ منَّا،و: (إنَّما يتقبلُ اللهُ من المُتَقينَ).هَا نَحنُ اليومَ ودَّعنَا رَمَضَانَ،ولا نَدرِي أَنَستَقبِلُهُ عَامَاً آخَرُ أَمْ أنَّ المَوتَ أَسبَقُ إِلينَا مِنهُ: إنْ كانَ هذا العَامَ أَعطَى مُهلَةً *** هَلْ يا تُرى فِي كُلِّ عَامٍ يُمهِلُ ؟ نَسألُ اللهَ أنْ يُعيدَه عَلينَا وعلى المُسْلِمِينَ فِي صِحَّةٍ وعَافِيةٍ وأَمْنٍ وأَمَانٍ وعَمَلٍ صَالِحٍ مَبرُورٍ. أيُّها المؤمنونَ: يَمتَازُ دِينُنا أنَّهُ دَائِمُ الصِّلَةِ باللهِ تَعَالى،لا يَنفكُّ المُسلِمُ عن ربِّهِ أبداً،قَالَ اللهُ تَعَالى:(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(.فَالصَّلواتُ المفْرُوضَةُ صِلةٌ بينَ العبدِ وربِّهِ،و:(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ).ولم يَقِفِ الارتباطُ بالخالقِ بالفَرَائِضِ فحسبُ؛بل حتى النَّوافِلَ ففي الحديثِ القدسيِّ أنَّ اللهَ يقولُ:"وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ".إخْوَانِي:لقد شَرَعَ لنا رَبُّنا أَعمَالاً تُمَاثِلُ الصِّيامَ والقِيامَ:(فَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ). وَقَالَ نَبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).فَهذهِ فَضَائِلُ تُشَجِّعُكَ على الاسْتِمْرَارِ في العَمَلِ، فَيَا مَنْ صُمْتُمْ وَأَحْسَنتُم:لازِمُوا مَا اعتَدُّتُم عَليهِ مِن الخَيرِ وَلا تَنْقَطِعُوا عنه،وَخُذُوا مِن العَمَل مَا تُطيقُون واثبتوا عليه ولو كان قَليلاً؛ فالقليلُ الدَّائِمُ يَنْمُو، والكثيرُ الشَّاقُّ يَنْقَطِعُ، قَالَ قَتَادَةُ رَحمَهُ اللهُ:(مَن اسْتَطَاعَ مِنْكُم ألاَّ يُبطِلَ عَمَلاً صَالِحَاً عَمِلَهُ بِعَمَلٍ سَيءٍ فَلْيفْعَلْ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ؛ فإنَّ الخَيرَ يَنْسَخُ الشَّرَّ، وإنَّ الشَّرَ يَنْسَخُ الخَيرَ، وإنَّ مِلاكَ الأَعمَالِ خَوَاتِيمُها).بارك الله لنا في القرآنِ والسُّنَّةِ،ونفعنا بما فيهما من الآياتِ والحكمة،وَأَسْتَغِفرُ اللهَ فاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُو الغفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية: الحمدُ لله الكريمِ المنَّانِ،نشهدُ ألا إله إلا اللهُ وحده لا شريك لهُ:(يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ(.ونشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمْدَاً عبدُ اللهِ ورسولُه،صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ما تعاقَبَ الزَّمانُ.أمَّا بَعدُ: فعليكم بتقوى اللهِ سبحانه، ولزومِ طاعتِه في المَنشَطِ والمَكْرَهِ، والغَضَبِ والرِّضَا، ومنْ يَتِّقِ اللهَ يجعلْ له من أمرِهِ يُسرًاْ.أبشروا يا مَنْ صُمتُم وقَرَأتُم وَتَصَدَّقتم فلِعملِكم الصَّالحْ جَزَاءٌ في الدُّنيا وثوابٌ في الآخرةِ، قال تعالى:)مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً(.أَبْشِروا: فَثَوابُ طَاعَتكمِ ثَبَاتٌ في الدُّنيا عن مُضِلاَّتِ الفِتَنِ،وفي الآخِرَةِ حُسْنُ خِتامٍ على الإسلام.أَبشِروا فَجَزاءُ عَمَلِكُم الصَّالِحُ مودَّةٌ في قُلُوبِ المُؤمِنِينَ قال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا(.أبشروا: فجزاءُ عَمَلِكُمُ الصَّالِحُ تَفريجُ كُرُوبِكم وَتَيسِيرُ أُمُورِكم والرِّزقُ الواسعُ:(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).وفي الآخِرَةِ جَنَّةُ الخُلدِ ومُلْكٍ لا يَبْلَى.عباد اللهِ: لا قيمة لِطَاعةٍ دُونَ أن يكونَ لها أثرٌ مِنْ خَشيَةٍ أو تَقْوى! وما شُرعَ الصِّيامُ إلاَّ لِتَحقِيقِ التَّقوى! فَأينَ أَثَرُ رَمَضَانَ إذا هُجرَ القُرآنُ، وضُيِّعَتِ الصَّلاةُ وانتُهكت المُحَرَّمَاتُ؟! أَينَ أَثَرُ رَمَضَانَ إذا أُكِلَ الرِّبَا، وأُخِذَت أَموالُ النَّاسِ بِالبَاطِلِ؟! وتَحَايَلَ المُسلِمُ في بَيعِهِ وشرائِهِ، وَكَذَبَ في لَيلِهِ وَنَهَارِهِ؟ أَينَ أَثَرُ رَمَضَانَ إذا عَقَّ الولَدُ والِدَيهِ، وأَسَاءَ الزَّوجُ لِزَوجَتِهِ وأَولاَدِهِ؟
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ مَنِ الْمُسْلِمُ؟مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ،وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ».
عِبَاد الله:هَل مِن شُكرِ اللهِ تعالى أنْ يُختمَ رَمَضَانُ بِرَقَصَاتِ شَعبِيَّةٍ وطَبلٍ ومِزمَارٍ؟!فاللهُ تعالى لا يُرِيدُ منَّا عِبَادَاتٍ جَوفاءَ، بَلْ مِنْ وَرَائِها خَشْيَةً وتَقْوى! فاللهم تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ،وتب علينا إنَّك أنت التَّوابُ الرحيمُ.اللهم اجعل مستقبلنا خيراً من ماضينا. اللهم إنَّا نسألكَ الثَّباتَ على الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ والغنيمةَ من كلِّ بِرٍ والسلامةَ من كلِّ إثم والفوزَ بالجنة والنجاةَ من النَّار. اللهم ارزقنا الاستقامة على دِينِكَ اللهم وزدنا هدىً وصلاحاً وتوفيقَاً.اللهم اغفر لنا ولوالدينا وجميعِ المُسلِمينَ يا ربَّ العالمين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 0  0  1.0K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 07:52 مساءً الخميس 24 جمادي الثاني 1446 / 26 ديسمبر 2024.